الثلاثاء 9 شباط 2010 العدد – 1040
عدل
سجون النساء مؤبّد ولو ليوم واحد
سجون النساء تمتدّ الى خلف قضبانها (هيثم الموسوي)
حين تخرج نساء من السجن يواجهن صعوبات كبيرة، خطواتهن نحو الحرية تمثّل بداية لمعاناة جديدة أبطالها الأهل والمجتمع. كثيرات يتمنّين العودة إلى الزنازين لأنّها «أرحم»، وأُخريات يحاربن ويعملن لتحقيق استقلاليّتهن
زينب زعيتر
«إذا كان السجن للرجال... فهو حتماً مقبرة للنساء» تقول ندى (33 عاماً)، وهي تبتلع حبّة مهدئ للأعصاب، تشعل السيجارة في يد مرتجفة، تطفئها بسرعة وتلعن الحياة. تتحدث ندى بمزاجية، تتوقّف فجأةً عن الكلام، وبعد صمت دقائق تعود إلى متابعة الحديث. تروي قصتها بأسى «كنت على علاقة بشخص لمدة ثلاث سنوات، وعدني خلالها بالزواج، كنت في تلك الفترة أعمل في مشغل للخياطة، وكان يأخذ أكثر من نصف راتبي». رفضت ندى إقامة علاقة «غير شرعية» مع حبيبها، فما كان منه إلّا أن وضع لها مخدّراً في العصير «فأغتصبني ووجدت نفسي في اليوم التالي مرميّة على شاطىء البحر».
غيّر الحبيب مكان إقامته، بحثت عنه طويلاً، وعندما وجدته طلبت منه الزواج، وهددته باللجوء إلى القضاء، عندها أخذ ندى «إلى الشقة التي انتقل إليها، وهناك وجدت مجموعة من الرجال والنساء يتعاطون المخدرات ويمارسون الدعارة، وقبل أن أخرج من الشقّة دخلت مجموعة من مكتب الآداب في قوى الأمن الداخلي، وأخذت كل الموجودين»، كانت ندى بينهم، بقيت في السجن ستة شهور إلى أن «أفرج عني بتدخل الواسطة».
انتشر الخبر في المنطقة حيث تسكن ندى، ونُسجت حولها الأحاديث، فقررت عدم الرجوع إلى المنزل، تقول «كنت أعيش في بيئة محافظة، وأعرف أن الناس هناك سيلعنونني ويلعنون أهلي مئة مرة كل يوم».
قبعت ندى خلف القضبان بسبب «قضية أخلاقية»، ولذنب لم تقترفه، لكن «المشوار» لم ينته عند هذه الحلقة، تعرّفت الفتاة عن طريق الصدفة إلى امرأة «تعمل في أحد الملاهي الليلية، علّمتني الرقص الشرقي، وكانت مهنتي الجديدة. رفضني أهلي ولم يرحمني المجتمع، فاخترت هذا الطريق، كان الوضع المالي لعائلتي متردّياً جداً، فأبي رجل سكّير، وأمّي تعمل مقابل مبلغ بسيط، بدأت أرسل المال إليهما فرفضا في المرة الأولى، وبعدها خصّصت لهما راتباً شهرياً. عدت إلى المنزل بعد ثلاث سنوات تائبة، أعاني مرضاً في الأعصاب، وما زلت أخضع للعلاج إلى اليوم. قبلني أهلي لأنّني عدت وفي جيبي أموال طائلة. لم أنزل إلى الشارع إلّا بعد خمسة شهور من عودتي إلى المنزل، وكلّما مررت على الرصيف سمعت أصواتاً تردّد: إجت الرقّاصة. تدهورت حالتي الصحية كثيراً».
عند هذا الحد تتوقّف ندى عن الكلام، تتمتم وهي تغادر مقعدها «يا ريت بقيت بالسجن هونيك أرحم»، تتمسّك برفيقها الوحيد، أنيسها الذي لا يفارقها، وهو كيس مليء بالدواء «كنت أنسى دائماً أين أضعه، فعلّقته في رقبتي».
دلال (20 عاماً) هي أيضاً تمنّت العودة إلى السجن، رغم أنها تذكر بألمٍ اللحظة التي دخلت خلالها إلى الزنزانة. تزوّجت «خطيفة» بشاب يكبرها بعام. قرّرا قضاء عطلة نهاية الأسبوع في قرية الزوج في البقاع، وفي طريقهما إليها أوقفتهما دورية درك. بعد التفتيش عثر رجالها في حقيبة دلال على كمية صغيرة من المخدّرات.
بعد توقيف دلال وزوجها، عرفت الفتاة أنه مطلوب للعدالة بتهمة الاتجار بالمخدّرات. مكثت الزوجة الشابة عشرة أيام في السجن، وأُطلق سراحها منه فور كشف حقيقة نشاط الزوج، وبيّن التحقيق أنها لم تكن على علم بأن زوجها وضع المخدرات في حقيبتها.
براءة دلال لم تعنِ الكثير لأقاربها وجيرانها وأبناء المنطقة التي عاشت فيها، فبدأوا يشكّكون في براءتها. لجأت دلال إلى بيت خالتها، بعدما رفض أهلها عودتها إلى المنزل، لا لأنّها أُوقفت في السجن بل لأنّها تزوجت دون علمهم وموافقتهم. لم تطل الإقامة عند الخالة، بعد سبعة شهور عادت دلال إلى منزل ذويها، وقد سمعتهم مراراً يقولون «يا ريتها ماتت قبل ما تعمل عملتا».
«النساء هنّ الفئة المستضعفة في المجتمع، فكيف إذا كانت المرأة خارجة من السجن؟» تقول شارلوت طانيوس، منسّقة مشروع «نساء وأحداث على خلاف مع القانون» في الحركة الاجتماعية، هي تنظر بأسف إلى وضع المرأة في المجتمع بعد الخروج من السجن. الصعوبة الأبرز التي تواجه هؤلاء النساء تكمن في إعادة بناء العلاقة مع الأهل، وفي مرتبة ثانية يمكن الحديث عن مشكلة الدخول إلى سوق العمل. تقول طانيوس «لا أحد يستطيع أن يضمن عدم عودة السجينة مرةً أخرى إلى السجن، إذا لم تلقَ احتضاناً من عائلتها، ولم يتقبّلها المجتمع لتندمج فيه»، وتشدّد على أن «للسجينات حقّاً أساسيّاً بالتأهيل وإعادة الاندماج في المجتمع بعد الخروج من السجن، وهذا مما تقوم به مجموعة من الجمعيات والمنظمات غير الحكومية التي تعمل في لبنان، ومن بينها الحركة الاجتماعية».
تساعد البرامج التي تقدمها الجمعيات الخارجات من السجن، على رسم خطة مستقبلية على المستوى الاجتماعي والتعليمي والمهني، كخطوة أساسية لاستقلاليّتهن وإعادة اندماجهن.
اتُّهمت بقتل زوجها وبعد خمس سنوات قضتها في السجن ظهرت براءتها، فحملتها بيدها سلاحاً لتواجه به المجتمع بعد خروجها من السجن. ليلى (46 عاماً) تأكّدت خلال السنوات التي قضتها في السجن أنّها ستخرج إلى الحرية يوماً، وذلك رغم قناعتها بأنّها ستواجه مصاعب كثيرة بعد السجن.
الصعوبة الأبرز التي تواجه الخارجات من السجن تكمن في إعادة بناء العلاقة مع الأهل
حرمت عائلة الزوج المتوفى ليلى رؤية ولديها، أمّا عائلتها، فوقفت بجانبها ولم تتخلَ عنها، غير أنّ وضع الأهل المادي كان متردّياً جداً، فلم يزوروها بانتظام، ولم يستطيعوا توفير المال الذي تحتاج إليه في السجن لبعض الحاجيات الخاصة. خرجت ليلى بعد ظهور براءتها، وقد وجدت نفسها مضطرة إلى خوض «معركة» جديدة، معركة في وجه المجتمع، وقد تسلّحت بالإرادة والثقة بالنفس.
تأكيد براءة ليلى خفّف كثيراً من الضغوط في محيطها الاجتماعي، لكن ذلك لم يمنع نظرات مليئة بالشك، نظرات حاصرت المرأة لتوصل إليها فكرة دارت في رؤوس البعض «إنّها وإن حصلت على البراءة، فإّن سنوات السجن كفيلة بأن تجعل منها امرأة عدائية من الأفضل تجنّبها».
كان التحدي الأول بالنسبة إلى ليلى يتمثّل في تأكيد حقها في رؤية ولديها، وهي لم تطالب يوماً بحضانتهما، لأن وضعها المادّي لم يسمح لها بتوفير مسكن لائق لهما، كما أنها لن تتمكّن من دفع أقساطهما المدرسية. تدخّل نشطاء من الحركة الاجتماعية وبعض الأهل والأقارب، فسُمح لليلى برؤية الولدين. وكانت المرأة قد تابعت دورات نظمتها الجمعيات في سجن بربر الخازن في بيروت، فتعلّمت التزيين النسائي والطهو. بمساعدة الحركة الاجتماعية تمكّنت ليلى بعد خروجها من السجن من البحث عن عمل، فهي تطهو الطعام وتقدّمه إلى جانب الحلويات المنزلية إلى بعض العائلات مقابل المال.
________________________________________
برامج للاندماج الاجتماعي والتدريب المهني
تعدّد شارلوت طانيوس برامج التوعية التي تنظّمها الحركة الاجتماعية لنزيلات السجون وهي «برنامج تدريب مهني لتنمية القدرات والمواهب الفردية للاندماج في سوق العمل، ودورات تعليمية كمحو الأمية واللغات الأجنبية والكمبيوتر، ودورات تدريب مهني على كلّ من مهن التزيين والخياطة والتطريز، تعيد ثقة السجينة بنفسها لأنّها تشعر بأنّها تقوم بعمل منتج». تنظّم الحركة برامج تأهيل اجتماعي، هي عبارة عن جلسات يقدّمها اختصاصيون اجتماعيون ونفسانيون لتبادل الخبرات الحياتية، ولمناقشة مواضيع السجناء ومساعدتهم على التفكير في الدور الذي سيؤدّونه بعد الخروج من السجن، إضافةً إلى برامج مرافقة فردية لكل سجينة. في الحركة الاجتماعية، يبقى المساعدون الاجتماعيون على التواصل مع السيدات بعد خروجهن من السجن، فيسعون أولاً إلى العمل على إعادة اندماج السجينة داخل العائلة. وتعمل الحركة أيضاً على مساعدة السجينات السابقات على البحث عن عمل. تلفت طانيوس إلى أن «محامي الحركة يتابعون ملفات السجينات» حتى بعد خروجهن من السجن.
The Lebanese Center for Human Rights (CLDH) is a local non-profit, non-partisan Lebanese human rights organization in Beirut that was established by the Franco-Lebanese Movement SOLIDA (Support for Lebanese Detained Arbitrarily) in 2006. SOLIDA has been active since 1996 in the struggle against arbitrary detention, enforced disappearance and the impunity of those perpetrating gross human violations.
Search This Blog
Labels
Special Tribunal for Lebanon
Detention cases
Judiciary and Prison System
Enforced Disappearance
Women's rights
Kidnappings
ESC Rights
Environment
Non Palestinian refugees and Migrants
Public Freedoms
Palestinian Rights
Military Court
NGOs
Children rights
Torture
Minorities Rights
CLDH in the press
health
Human Rights Defenders
Death Penalty
Lebanese detained in Syria
disabled rights
Political rights
Displaced
LGBT
Racism
Right to life
February 9, 2010
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
Archives
-
▼
2010
(4682)
-
▼
February
(356)
- February 26, 2010 - PRESS RELEASE: 30th Anniversar...
- Daily Star - Isf Arrests Man Suspected Of Spying ...
- Almustaqbal - Detainees From Fateh El Islam
- Almustaqbal - Detainee In Case Of Ron Araad
- L' Orient Le Jour - Signature du protocole de nett...
- L' Orient Le Jour - Un écologiste présente un rapp...
- L' Orient Le Jour - L’ambassadeur d’Espagne examin...
- Daily Star - Spain Wraps Up Effort To Clean Up 2...
- Almustaqbal - Climate Change
- Almustaqbal - Spain Wraps Up Effort To Clean Up ...
- Aliwaa - Report About Environment.
- L' Orient Le Jour - Municipales : le RD place le C...
- Assafir - Municipal Elections Draft Law
- February 26, 2010 - Naharnet - Cassese report
- L' Orient Le Jour - Quatorze ONG se mobilisent
- L' Orient Le Jour - Quand le Liban opte pour le re...
- 100226 Annahar - 14 Ngos Calling For Returned 23...
- Assafir - The Campaign My Nationality
- Alanwar - National Commission For Lebanese Women
- Almustaqbal - National Commission For Lebanese W...
- L' Orient Le Jour - Abi Nasr critique les promote...
- Daily Star - The Campaign My Nationality
- Aliwaa - Disability Rights
- Alanwar - Disability Rights
- Daily Star - Prosecutor Indicts 3 Men With Spyin...
- Almustaqbal - Military, Declares Valid The Trial ...
- February 25, 2010 - Al Mustaqbal - Lebanon: The Ab...
- Almustaqbal - Environment
- February 25, 2010 - The Daily Star - Committee dem...
- Annahar - EMHRN the Independence & Impartiality of...
- L'Orient Le Jour - Vote des émigrés : le consulat...
- Daily Star - Journalists Fund Accepting Applicat...
- Daily Star - House Doomed Prospects For Lower Vo...
- February 25, 2010 - Annahar - President of the STL
- February 25, 2010 - Alakhbar - Children from Gaza ...
- February 25, 2010 - Aliwaa - France supports STL
- Daily Star - Palestinian Principles Committee La...
- Annahar - Shahed Report About Palestinian Refugees
- Alhayat - Work In Palestinian Refugees Camps
- Alanwar - N C For Leb Woman
- February 25, 2010 - Daily Star - Is Bellemare slow...
- February 25, 2010 - The Namibian - United Nations ...
- February 25, 2010 - L'Orient le jour - Sarkozy réa...
- L'orient Le Jour - Un rapport du CLDH dénonce la ...
- Daily Star - Prisons Crowded To Twice Their Capacity
- Assafir - Cldh Report Lebanese Prisons And Humani...
- February 24, 2010 - L'Orient le Jour - Mali: A Fre...
- L'orient Le Jour - LeLe LEP plaide pour une « str...
- Daily Star - Japan Donates $56,350 For Nabatieh ...
- Annahar - Un Israel Environ Prob In Jieh
- L'Orient Le Jour - Berry aurait proposé que le vot...
- Daily Star - Sleiman Hopeful Voting Age Pitch Wil...
- February 24, 2010 - Naharnet - Syria asks Lebanese...
- February 24, 2010 - L'Orient le jour - La justice ...
- Almustaqbal - The Civil Rights Of Refugees
- February 24, 2010 - Alakhbar - Jamil Sayyed case
- Alakhbar - Unrwa & Conditions Of Palestinian Refu...
- Almustaqbal - Working Women
- L'Orient Le Jour - Afeiche lors d’un hommage : « ...
- L'Orient Le Jour - Femmes et nationalité : des mi...
- Assafir - Ruwad Frontiers Condemns Forced Deporta...
- February 24, 2010 - Naharnet - Sarkozy to Hariri: ...
- February 24, 2010 - Naharnet - Syria Threatens to ...
- Almustaqbal - Fatah Al-islam' Trial
- February 23, 2010 - Al Anwar - Lebanon family of I...
- Alakhbar - Ministry Of Environment & Environmenta...
- February 19,2010 - Daily Star Lebanon Mahmoud Rafe...
- February 19,2010 - assafir Paris Georges Abdullah ...
- February 19,2010 - almustaqbal Lebanon mahmoud raf...
- February 19,2010 - alakhbar Lebanon prisoner began...
- February 18,2010 - L'orient le jour Lebanon Impris...
- February 18,2010 - Daily Star Lebanon Judge charge...
- February 18,2010 - almustaqbal Lebanon Penalty for...
- February 18,2010 - alhayat Lebanon Restart victims...
- L'orient Le Jour - Les moins de 21 ans ne voteron...
- Daily Star - Parliament Fails To Lower Voting Age
- Daily Star - Two Newspapers Fined For Press Viol...
- Daily Star - Protesters Urge Mps To Lower Voting...
- February 18,2010 - alakhbar France detainee Georg...
- Assafir - Drop The Project To Reduce The Voting Age
- Annahar - Two Newspapers Fined For Press Violations
- February 17,2010 - almustaqbal Lebanon Military i...
- Almustaqbal - Sit-in For The Civilian Electoral R...
- February 19,2010 - L'orient le jour Lebanon Mahmou...
- February 23, 2010 - Naharnet - 300-Strong Security...
- Assafir - Palestinian Commission For The Defense ...
- Alakhbar - Unrwa Visit Schools In North
- Alakhbar - Phro Rights Of Palestinian Refugees
- Daily Star - Sidon Youth Perform For Children Ri...
- Aliwaa - The Lebanese Association For The Blind ...
- February 22, 2010 - The Daily Star - Sleiman urges...
- Daily Star - Ngo Stresses Need For Environmental...
- Almustaqbal - Environmental Project For The Green...
- Naharnet - Voting Age Bill Will Not Pass In Parl...
- L'Orient Le Jour - Wadih el-Asmar interdit d’entré...
- L'orient Le Jour - Vote à 18 ans : c’est partie r...
- Daily Star - Voting Age Reform.
- Daily Star - Mps Unlikely To Support Voting Age R...
- Daily Star - Time To Vote For Democracy
- Annahar - Palestinians Refugees Camps
-
▼
February
(356)

No comments:
Post a Comment