الخميس 4 شباط 2010 العدد – 1036
عدل
الخارجون من السجن أحرار ولكن...
التّحرّر من قضبان السجن لا يعني التّمتّع بحياة طبيعية (هيثم الموسوي)
يبدي الخارجون من السجن حماسة لإيجاد فرصة عمل، يعتقدون أنهم يثبتون من خلالها توبتهم عن خطأ ارتكبوه ونفذوا العقوبة التي يستحقونها من خلال العيش في السجن... لكنّ السجل العدلي يُذكّر بالخطأ ويمنع احتمالات العيش الكريم
محمد نزال
ينتظرون بفارغ الصبر لحظة خروجهم من السجن. يتشوّقون إلى يوم تطأ فيه أقدامهم أرضاً خارج القضبان، فهم أكثر من يعرف قيمة الحرية، بعدما فقدوها لسنين في عتمات الزنازين. السجناء، الذين يدمغهم المجتمع بـ«العار» فيظل يلاحقهم، حتى ولو تابوا وأصبحوا مواطنين «صالحين».
في لبنان، سكن كثيرون غرف السجون لسنين، ثم غادروها عاقدين العزم على عدم العودة إليها، ليكتشفوا أنهم غادروا السجن الصغير ليرتموا في أحضان «السجن الكبير»، وفق ما يرون، ووفق ما تؤكده قصصهم، يشعرون بأنهم صاروا أسرى «سجن الحياة والمجتمع والأنظمة».
قبل 3 سنوات، خرج حبيب (34 عاماً) من السجن، بعدما قضى خلف قضبان رومية مدّة سنتين، منفّذاً عقوبته على جرم شراء دراجات نارية مسروقة، قبل أكثر من 14 عاماً، حيث لم يكن قد أكمل العشرين من عمره. ظلّ الشاب متهرّباً من تنفيذ الحكم، لاعتقاده أنه «ظالم» ولا يستحقه، لكن لم يطل هروبه، أوقف ونفّذ العقوبة.
قبل توقيفه، كان حبيب يعمل في أحد المطاعم ضمن فريق مكلف بتوصيل الطلبات إلى الزبائن. بعد تنفيذ الحكم، أراد العودة إلى عمله الأول لكي «يكسب رزقه بعرق جبينه، وتمحى من البال ذكريات الأيام الماضية».
تمكّن حبيب من استعادة وظيفته، وتعرّف لاحقاً إلى فتاة أحبّها واتفقا على الزواج. تقدم من ذويها طالباً يدها، قبلوا به لأنه يمتلك «كل المواصفات المطلوبة لزوج المستقبل»، لكنهم رفضوه بعد مدّة، وكذلك فعلت الفتاة، بعدما عرفوا أنه سجين سابق.
يقول حبيب «كانت إحدى الصدمات الكثيرة التي عشتها. ففي كل يوم أشعر بأني ملاحق وبأن العيون كلها متوجهة نحوي. لا أدري ماذا أفعل، كيف أثبت للناس أن توبتي حقيقية، وأن ما فعلته سابقاً كان من أعمال طيش المراهقة. بتّ أشعر بأن لعنة السجن سترافقني إلى قبري». تدمع عينا الشاب وهو يتحدث عن آخر معاناته. فبعدما أصدرت الدولة قراراً بمنع سير الدراجات النارية، بعد الساعة 6 مساءً، شملت الاستثناءات العاملين في خدمة توصيل الطلبات لدى المطاعم، على أن يستحصل على ترخيص خاص من وزارة الداخلية والبلديات. قدّم حبيب المستندات اللازمة لطلب الترخيص إلى أحد فروع «ليبان بوست»، ومن ضمنها بيان سجله العدلي المدوّن عليه عقوبته السابقة. بعد نحو أسبوعين، رُفض طلبه، وعندما جهد في البحث عن السبب، تبيّن له أنه «لعنة السجن من جديد». قال له مدير المطعم الذي يعمل فيه «عليك أن تحصل على الترخيص، وإلا فلن يمكنك الاستمرار بالعمل لدينا». بحثت «الأخبار» في قضية الشاب مع الجهات المختصة، فتبيّن أن المعنيين يعرفون أنه قد أنهى عقوبته، وبرّر مسؤول أمني رفيع قرار رفض طلب حبيب بالقول «هؤلاء (أي السجناء السابقون) لا يتوبون. كيف نعطي ترخيصاً له بالسير وهو سجين سابق في هذه القضية؟».
استند المسؤول إلى حكمه على «النيّات»، دون التنبه إلى سلوك حبيب الجديد. ولكن كيف للمسؤول أن يعرف أن السجناء «لا يتوبون»؟، لا يمكن الحصول على إجابة عن هذا السؤال. وهنا يعلّق قانوني بأننا إزاء «جولة أخرى من جولات التباين بين مفهوم الأمن ومفهوم العدالة».
خليل (32 عاماً) دخل السجن بجرم تعاطي المخدرات، قضى عقوبته وخرج «إلى الحرية». لكن لون هذه التهمة ظلّ مدموغاً على بيان سجله العدلي.
بتّ أشعر بأن لعنة السجن سترافقني إلى قبري
منذ خمس سنوات لم يتوقف خليل عن قصد المؤسسات والشركات طلباً للعمل، رغم أن طلبات التوظيف تُرفض لكونه «متعاطياً سابقاً للمخدرات». يقول خليل «أشعر بالذل في كل مرة أقدّم فيها أوراقي للعمل. ينظر المدير من خلف مكتبه إلى سجلي العدلي ويقرأ تهمتي السابقة. بعضهم يعلّلون الرفض بأسباب مختلفة، فيما يصارحني البعض الآخر بالسبب. كيف أثبت لهم أني أقلعت عن تعاطي المخدرات، كيف؟».
حبيب وخليل تحلّيا بالصبر، وهما ماضيان في قرار عدم العودة إلى الوراء، أملاً ببعض من الرحمة أو حتى التفهّم من قبل البعض يوماً ما. أما حسين (39 عاماً) فلم يكن صبوراً. بعد مرور عام على خروجه من السجن عاد إليه مضطراً. رفضه أبناء مجتمعه، وابتعد عنه أقرب المقرّبين، كأنه «جرثومة معدية» على حد وصف أحد أصدقائه «المخلصين»، الذي يشهد على سعي صديقه لـ«البقاء في السليم». عاد حسين إلى السرقة، بعدما عجز عن إيجاد عمل يكون فيه مقبولاً كما هو. حرّكته «النقمة» ليسرق من جديد وفي وضح النهار، كأنه كان يريد من القوى الأمنية أن توقفه، وتعيده إلى المكان الذي قضى فيه 5 سنوات، فهناك ربما لا يشعر بالغربة الموحشة، ولا بإذلال الآخرين له.
________________________________________
المساجين هم «شغل أيدي» المسؤولين
تصبح المخالفات التي يرتكبها المواطن «وصمة» مدوّنة في سجله العدلي، فتصعّب عليه مواصلة حياته بطريقة طبيعية. هكذا ينظر مقرر لجنة حقوق الإنسان النائب غسان مخيبر إلى السجل العدلي وما له من تبعات. أما في المعالجة، فقد رأى مخيبر في حديث مع «الأخبار» أن الحلّ الجدي للمعاناة يبدأ من السجن، «حيث يجب أن يكون هناك تأهيل مناسب لكل سجين، لكي يتمكن عند خروجه من الانخراط مجدداً في المجتمع». يعترف مخيبر بأن اهتمام الدولة بالسجون «غير موجود»، ولذلك فإن بعض المسؤولين، قبل عامة الناس، لا يثقون بالسجين السابق «لأنه شغل أيديهم، فهم يعرفون ماذا لديهم، في ظل غياب التأهيل». ويراهن مخيبر على المؤسسات غير الحكومية، التي لدى بعضها برامج لتأهيل السجون، ولكن «يجب على الدولة أن ترعى وتدعم، بل وتتبنّى هذه البرامج».
________________________________________
السجل العدلي
كل من ارتكب جناية ونفّذ عقوبته، تبقى مدونة على سجله العدلي مدّة 7 سنوات. أما في الجنحة، فتبقى مدونة مدّة 3 سنوات، بحسب ما ينص عليه القانون. هذه «الوصمة» لا تُزال تلقائياً، بل يجب على صاحبها، بعد انقضاء المدة، أن يتقدم بطلب «رد اعتبار» لإزالة الحكم المدوّن، أو ما يسمى «تنظيف السجل العدلي»، شرط عدم معاقبته خلال المدّة المذكورة بالحبس أو بعقوبة أشد. هناك نوعان من السجل العدلي، أحدهما أزرق اللون، والثاني أصفر. الأول يعطيه مكتب السجل العدلي للمواطن على طلبه، أما الثاني فلا يُعطى إلا بناءً على طلب من القضاء حصراً. ويشير أحد المسؤولين الأمنيين إلى أن مكاتب السجل العدل في مختلف المناطق تصدر نحو 1400 سجل يومياً. وفي السياق، لفت النائب غسان مخيبر إلى إمكان «تعديل بعض المواد القانونية لتقليل المدة اللازمة لإزالة الأحكام عن السجل العدلي».
The Lebanese Center for Human Rights (CLDH) is a local non-profit, non-partisan Lebanese human rights organization in Beirut that was established by the Franco-Lebanese Movement SOLIDA (Support for Lebanese Detained Arbitrarily) in 2006. SOLIDA has been active since 1996 in the struggle against arbitrary detention, enforced disappearance and the impunity of those perpetrating gross human violations.
Search This Blog
Labels
Special Tribunal for Lebanon
Detention cases
Judiciary and Prison System
Enforced Disappearance
Women's rights
Kidnappings
ESC Rights
Environment
Non Palestinian refugees and Migrants
Public Freedoms
Palestinian Rights
Military Court
NGOs
Children rights
Torture
Minorities Rights
CLDH in the press
health
Human Rights Defenders
Death Penalty
Lebanese detained in Syria
disabled rights
Political rights
Displaced
LGBT
Racism
Right to life
February 10, 2010
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
Archives
-
▼
2010
(4682)
-
▼
February
(356)
- February 26, 2010 - PRESS RELEASE: 30th Anniversar...
- Daily Star - Isf Arrests Man Suspected Of Spying ...
- Almustaqbal - Detainees From Fateh El Islam
- Almustaqbal - Detainee In Case Of Ron Araad
- L' Orient Le Jour - Signature du protocole de nett...
- L' Orient Le Jour - Un écologiste présente un rapp...
- L' Orient Le Jour - L’ambassadeur d’Espagne examin...
- Daily Star - Spain Wraps Up Effort To Clean Up 2...
- Almustaqbal - Climate Change
- Almustaqbal - Spain Wraps Up Effort To Clean Up ...
- Aliwaa - Report About Environment.
- L' Orient Le Jour - Municipales : le RD place le C...
- Assafir - Municipal Elections Draft Law
- February 26, 2010 - Naharnet - Cassese report
- L' Orient Le Jour - Quatorze ONG se mobilisent
- L' Orient Le Jour - Quand le Liban opte pour le re...
- 100226 Annahar - 14 Ngos Calling For Returned 23...
- Assafir - The Campaign My Nationality
- Alanwar - National Commission For Lebanese Women
- Almustaqbal - National Commission For Lebanese W...
- L' Orient Le Jour - Abi Nasr critique les promote...
- Daily Star - The Campaign My Nationality
- Aliwaa - Disability Rights
- Alanwar - Disability Rights
- Daily Star - Prosecutor Indicts 3 Men With Spyin...
- Almustaqbal - Military, Declares Valid The Trial ...
- February 25, 2010 - Al Mustaqbal - Lebanon: The Ab...
- Almustaqbal - Environment
- February 25, 2010 - The Daily Star - Committee dem...
- Annahar - EMHRN the Independence & Impartiality of...
- L'Orient Le Jour - Vote des émigrés : le consulat...
- Daily Star - Journalists Fund Accepting Applicat...
- Daily Star - House Doomed Prospects For Lower Vo...
- February 25, 2010 - Annahar - President of the STL
- February 25, 2010 - Alakhbar - Children from Gaza ...
- February 25, 2010 - Aliwaa - France supports STL
- Daily Star - Palestinian Principles Committee La...
- Annahar - Shahed Report About Palestinian Refugees
- Alhayat - Work In Palestinian Refugees Camps
- Alanwar - N C For Leb Woman
- February 25, 2010 - Daily Star - Is Bellemare slow...
- February 25, 2010 - The Namibian - United Nations ...
- February 25, 2010 - L'Orient le jour - Sarkozy réa...
- L'orient Le Jour - Un rapport du CLDH dénonce la ...
- Daily Star - Prisons Crowded To Twice Their Capacity
- Assafir - Cldh Report Lebanese Prisons And Humani...
- February 24, 2010 - L'Orient le Jour - Mali: A Fre...
- L'orient Le Jour - LeLe LEP plaide pour une « str...
- Daily Star - Japan Donates $56,350 For Nabatieh ...
- Annahar - Un Israel Environ Prob In Jieh
- L'Orient Le Jour - Berry aurait proposé que le vot...
- Daily Star - Sleiman Hopeful Voting Age Pitch Wil...
- February 24, 2010 - Naharnet - Syria asks Lebanese...
- February 24, 2010 - L'Orient le jour - La justice ...
- Almustaqbal - The Civil Rights Of Refugees
- February 24, 2010 - Alakhbar - Jamil Sayyed case
- Alakhbar - Unrwa & Conditions Of Palestinian Refu...
- Almustaqbal - Working Women
- L'Orient Le Jour - Afeiche lors d’un hommage : « ...
- L'Orient Le Jour - Femmes et nationalité : des mi...
- Assafir - Ruwad Frontiers Condemns Forced Deporta...
- February 24, 2010 - Naharnet - Sarkozy to Hariri: ...
- February 24, 2010 - Naharnet - Syria Threatens to ...
- Almustaqbal - Fatah Al-islam' Trial
- February 23, 2010 - Al Anwar - Lebanon family of I...
- Alakhbar - Ministry Of Environment & Environmenta...
- February 19,2010 - Daily Star Lebanon Mahmoud Rafe...
- February 19,2010 - assafir Paris Georges Abdullah ...
- February 19,2010 - almustaqbal Lebanon mahmoud raf...
- February 19,2010 - alakhbar Lebanon prisoner began...
- February 18,2010 - L'orient le jour Lebanon Impris...
- February 18,2010 - Daily Star Lebanon Judge charge...
- February 18,2010 - almustaqbal Lebanon Penalty for...
- February 18,2010 - alhayat Lebanon Restart victims...
- L'orient Le Jour - Les moins de 21 ans ne voteron...
- Daily Star - Parliament Fails To Lower Voting Age
- Daily Star - Two Newspapers Fined For Press Viol...
- Daily Star - Protesters Urge Mps To Lower Voting...
- February 18,2010 - alakhbar France detainee Georg...
- Assafir - Drop The Project To Reduce The Voting Age
- Annahar - Two Newspapers Fined For Press Violations
- February 17,2010 - almustaqbal Lebanon Military i...
- Almustaqbal - Sit-in For The Civilian Electoral R...
- February 19,2010 - L'orient le jour Lebanon Mahmou...
- February 23, 2010 - Naharnet - 300-Strong Security...
- Assafir - Palestinian Commission For The Defense ...
- Alakhbar - Unrwa Visit Schools In North
- Alakhbar - Phro Rights Of Palestinian Refugees
- Daily Star - Sidon Youth Perform For Children Ri...
- Aliwaa - The Lebanese Association For The Blind ...
- February 22, 2010 - The Daily Star - Sleiman urges...
- Daily Star - Ngo Stresses Need For Environmental...
- Almustaqbal - Environmental Project For The Green...
- Naharnet - Voting Age Bill Will Not Pass In Parl...
- L'Orient Le Jour - Wadih el-Asmar interdit d’entré...
- L'orient Le Jour - Vote à 18 ans : c’est partie r...
- Daily Star - Voting Age Reform.
- Daily Star - Mps Unlikely To Support Voting Age R...
- Daily Star - Time To Vote For Democracy
- Annahar - Palestinians Refugees Camps
-
▼
February
(356)

No comments:
Post a Comment