Pages

April 9, 2010

April 9,2010 - Annahar - Theater play in Roumieh Prison 12 angry lebanese.doc

الجمعة 09 نيسان 2010 - السنة 77 - العدد 24010
تربية وشباب
عصفت الريح في سجن رومية مع زينة دكاش
عصفت الريح في سجن رومية وركضنا في كل الاتجاهات، نحن وهم، تبادلنا الاسئلة والالعاب والمعلومات والفضاء الواحد والزمان والمكان. وعندما عدنا الى كراسينا تنبهت انني بعد قليل سأطلع الى الضوء، الى الحرية ام هم فلا.. فبعضهم القليل يمضي خلف القضبان عقوبة على جرم ارتكبه نحو 60 في المئة ينتظرون في سجن الاهمال والنسيان منذ سنوات ربما ان يتكرم القضاء اللبناني ويحاكمهم على ما فعلوه او لم يفعلوا.
في الباحة الداخلية لسجن رومية مشهد مضحك مبك للمناشف والاقمشة المزركشة الكثيرة الالوان والاشكال المعلقة على نوافذ المبنى.
فمساحة كل من الغرف متران بمئة وستين سنتيمترا مع ذلك تضم خمسة مساجين واغراضهم، لان السجن تم بناؤه ليتسع لألف 1000 سجين وليس لنحو اربعة الاف كما هي الحال اليوم.
استقبلتنا المخرجة زينة دكاش وعدد من المساجين في قاعة كبيرة للتمارين المسرحية زينت جدرانها شعارات: "العين بالعين ويصبح العالم اعمى "لغاندي، و"العدالة من دون قوة ضعيفة، والقوة من دون عدالة طغيان" لبليز باسكال، وصورة كبيرة لمن شاركوا دكاش في العمل المسرحي "12 لبناني غاضب" الذي حصد فيلمه الوثائقي جوائز عالمية والجلسة التي حضرناها تندرج في مشروع "العلاج بالدراما في السجن، منصة فنية جديدة" الذي ينفذه "كتارسيس" المركز اللبناني للعلاج بالدراما، تديره تنفيذيا زينة دكاش وتموله السفارة الايطالية بالتعاون مع وزارتي العدل والداخلية.
السفيرة البريطانية فرانسيس غاي، والسفيرة النروجية اودليز نورهاين، واربع صحافيات، كنا ضيفات الشرف، ومعنا الام جنفياف التي غالبا ما تحضر لمتابعة احوال المساجين. لعبنا مع المساجين في تمارين مسرحية ادارتها دكاش، "لاننا باللعب يمكننا التعبير كما نريد". وكما الاولاد يلعبون لعبة الحرب ليحتقروا الواقع، هكذا فعل المساجين مع المخرجة العصامية زينة دكاش. فمن اللعب استمدوا القوة لتحويل الغريزة الاجرامية، التي تقوى بالقمع، لعبا في اطار المسرح، لان الانسان يحارب غريزته بتحويل قوتها شيئا صالحا للمجتمع.
"الريح بتعصف" عنوان التمرين الاول ومن خلاله تعرفنا بعضنا على بعض بالركض داخل القاعة والطلب الى مجموعة معينة يجمعها شيء تبديل الاماكن، ومن يبق في الوسط يطلب أمرا آخر، وهكذا دواليك: "الريح بتعصف على من يعارضون الحصار على قطاع غزة". وهكذا ركضنا لتبديل الاماكن ومعنا السفيرتان، ثم "الريح بتعصف على من يعتقد انه داخل السجن ظلما" و"الريح بتعصف على تجار المخدرات، على سرقة السيارات، على المتهمين بالاعدام"، وغيرها من الطلبات.
ثم انتقلنا الى التمرين الثاني: اسئلة ثلاثة طرحتها دكاش، اين كنت منذ خمس سنوات واين انت اليوم واين ستكون بعد خمس سنوات؟ "الحرية اكذب كذبة عرفها التاريخ لا حرية في الداخل ولا في الخارج، فنحن مسجونون في ضلوعنا" هكذا اختصر واقعه احد السجناء، ومنهم من تمنى على السفيرتين مساعدته، وابو عبدو اشاد بالدور الذي تلعبه المرأة. هو كاره النساء، واستنتج من تجربة السجن ان جميع من سألوا عنه نساء والجمعيات التي اهتمت به تتولى ادارتها نساء.
عدد لا بأس به من المساجين اعتقد انه سيبقى في السجن، "مع هيك دولة وهيك قانون صعب تكون في الخارج". احدهم رأى انه سيكون مدفونا فوق والدته، وآخر اعتبر انه "هيك مجتمع فاسد بدو انسان فاسد" ولن يقلع عن تجارة المخدرات حتى لو عاد مرارا الى السجن. وقال زميله: "هناك 35 الف مطلوب اين ستضعهم الدولة اذا قبضت عليهم؟" وآخر يقول: "الحبس لا بيطعمي ولا بيأهّل، وعلى شو انحبسنا؟"، ومنهم من تمنى ان يكون في الخارج ليؤسس عائلة، وغير اللبنانيين تمنوا العودة الى الوطن، لكنهم اجمعوا كلهم على انهم اليوم بفضل ما تقدمه زينة من خلال المسرح باتوا اشخاصا افضل، لأنهم شعروا انهم كسائر البشر، ورغبتهم كبيرة في المشاركة في العمل الاجتماعي.
والتمرين الثالث قضى بأن يطرح الحاضرون اسئلة على المساجين، وكانت السفيرة البريطانية تريد ان تطلع اكثر على اوضاع السجن لتعرف كيف يمكن المساعدة. واعترفت لاحقا بانها تعلمت الكثير من السجناء، وقد زارت العديد من السجون في العالم، لكن لا شيء يشبه هذا السجن اكتظاظا، وبعض السجناء اطلعها على وضعية النوم بتمثيل المشهد، وآخرون اشتكوا من غياب الرعاية الصحية والدواء. والتمارين كسرت قيود الصمت وحررت المساجين من حزنهم وان للحظات، وجعلتهم يطلقون العنان لمطالبهم ويشرحون معاناتهم منفسين عن حقدهم، وبعضهم ليصرخ توبته وحقه في الفرصة الثانية. وهكذا بالفن والمسرح واللعب شعروا انهم احرار، وعبروا عن رغباتهم الدفينة، واطلقوا العنان للريح لتعصف في امانيهم، لعلها تعصف ليس على نزلاء رومية وحدهم، بل على من هم في الخارج في السجن الكبير يتمتعون باوهام الحرية وسرابها، فيما هم اسرى غرائزهم والشهوات وعبدة السلطة والمال.
رلى معوض

No comments:

Post a Comment