Pages

March 12, 2011

Assafir - From the experiences of a fighter who lived the civil war - March 12, 2011

من تجارب مناضلة عاشت الحرب الأهلية: «إسقاط النظام الطائفي مسؤولية جماعية»

كتابات دَونّت أمس على الكورنيش في بيروت (أ ف ب )
وقفت شابة اسمها أوغاريت يونان، بعد عام واحد من الاجتياح الإسرائيلي لبيروت في العام 1982، أمام ثمانين شخصية اجتمعت لتأسيس «المؤتمر الدائم للعلمانيين في لبنان»، بمبادرة من المطران العلماني غريغوار حداد، واقترحت - باسم مجموعة علمانية - برنامجاً متكاملاً من أجل نضال لاعنفي بوجه النظام الطائفي.
كانت المجموعة، آنذاك، صورة لـ«ثورة شباب على الطائفية»، تسعى لتحقيق ما ناضلت لأجله، غير أن القاعة التي حضنت المجموعة والعلمانيين، قصفتها مقاتلات العدو الإسرائيلي، فانطفأت الشرارة واندثر المؤتمر، واستكمل بعض العلمانيين مسيرتهم إلى يومنا هذا.
يوم أمس، جلست يونان في قاعة «نقابة الصحافة»، مقترحةً «بدائل للبنان لاطائفي.. نحو الدولة المواطنية»، مستذكرة حقبة الثمانينيات الطائفية، عندما قامت بتدريب المجموعة الأولى على «كتاب تاريخ من خارج الطائفية»، في العام 1988، واكتشف المتدربون حينها العبارات الطائفية في الكتب. في ذاك اليوم، بكت إحدى معلمات التاريخ، شعوراً منها بأنها متواطئة في تقسيم الوطن إلى طوائف.
بدا أمس، من اللحظة الأولى، أن الكاتبة والمناضلة، أرادت أن تقول للشباب اللبناني الذي يسعى لإسقاط النظام الطائفي، ان ثمة تجارب متراكمة لجيل وُلد في حرب أهلية طائفية، لا يمكنهم أن يتجاهلوها.
لم تنطلق يونان من منطق التبجح، بل فتحت كوة صغيرة في الباب الذي دخلت منه في حديثها، لتقول بين السطور حيناً، وبأسلوب مباشر حيناًَ آخر، ان العمل على إسقاط النظام الطائفي ليس بأمر جديد. قالت إنه أشبه بعملية انتقال، فيه الكثير من المسؤولية الجماعية.
من الكوة الصغيرة، سألت مؤسسَة «الهيئة اللبنانية للحقوق المدنية»: «ما هي نظرتنا لما يُسمى بتغيير النظام الطائفي؟ هل هي نظرة إلغاء، أم نظرة انقلاب، أم انها تدمير للوجود؟»، ثم أجابت قائلة: «يجب أن تكون نظرة تعديل في الدستور، واختيار مطالب، وتحسينات تضمن التطمين والاطمئنان للطوائف، وبناء دولة مواطنة متكاملة».
وحاذرت المناضلة، أكثر من مرة، إقحام نفسها في صورة السيدة التي تريد توجيه النصائح للشباب، أبناء الجيل الجديد الذي لم يدخل في حقل التجارب الطائفية القديمة، والمجرّد من الخبرات، ممررة أكثر من رسالة «متواضعة» مفادها: «أنا لا أنظّر. ثمة خبرة اكتسبتها في مجال محاربة الطائفية سلمياً، وهذه أبرز نتائجها».
كانت نتائج عامة إلى حد ما، غير أنها حملت عصارات تجربة طويلة: «نحن على درب البناء لا الإلغاء. نريد استكمال بناء الدولة المواطنية، وتغيير كل الأعراف والأسس التي تتعارض مع المفاهيم والمواد الدستورية والقوانين. الدولة المواطنية تعيد تنظيم أسس البلد، وتضع كل أمر في مكانه، وتعطي لكل ذي حق حقه».
رمت الكاتبة ثلاثة أسئلة بوجه الحضور: «من يجب أن يفتح الدرب أمام الآخر للبناء والاستمرار؟ الطوائف أم الدولة؟ الفكرة الطائفية أم الفكرة المواطنية؟»، قبل أن ترمي إجابتها: «لم يعد الأمر خاضعاً للآراء والتحليلات، فالمسألة هي مسألة حياة أو موت لبلدنا لبنان».
وإلى يومنا هذا، برأي المناضلة، فإن فلسفة الفكرة الطائفية بنت «الخاص» لكل من مكوناتها، طوائف ومذاهب، وعملت باستمرار على «تغذيته» والمحافظة على مكتسباته. وكلما نجحت في بناء «الخاص»، صارت أقوى، وبدا معها جلياً ضعف مشاركة أبناء البلد الواحد.
توغلت المناضلة بالعناوين العامة، شيئاً فشيئاً، لتفندها بصورة أوضح: «نظام الفكرة الطائفية قام على أساس منع بناء الشراكة، وليس فقط على بناء الخاص بكل طائفة. وهو أمر منطقي برأي أصحاب الفكرة الطائفية، حيث بناء الشراكة هو مصدر إضعافها، ومقتلها أيضاً، وبناء الطائفية هو مقتل بناء دولة مواطنية».
أضافت: «اقتراحي للطوائف أن تتصرف كمواطنين لبنانيين وكمؤسسات لبنانية، فتقوم بواجبها الوطني، وتعطي من تلقاء نفسها للدولة. أقترح أن تتوجه نحو الدولة، لا بوجه مسيرة الدولة. وأن تسألها كيف وماذا ينبغي تقديمه كي نستكمل بناء الدولة»، محذرة من أن لبنان كدولة، لن ينهض إلا من خلال توجه المواطنين نحو الدولة المواطنية.
«من أين، وكيف نبدأ؟» سألت الكاتبة، التي ناضلت في مسيرتها مع الكاتب وليد صليبي منذ سنوات عجاف. سألت، وفي «جعبتها» النضالية أجزاء من الإجابة، قالت عنها بصراحة انها ليست خطة متكاملة: «تنقية الدستور. ووضع كتاب ومنهج خاص بالتنشئة المواطنية، وبديل عن التعليم الديني الإلزامي. واعتماد كتاب تاريخي تربوي موحد. وانجاز قانون لبناني للأحوال الشخصية. وتأسيس تراث الشراكة في لبنان».
أمس، شرحت مناضلة حاربت الطائفية بوسائل سلمية، وسعت لإرساء مفهوم التعليم غير الطائفي في البلد، عن بدائل غير طائفية للبنان. قالت ما عندها بأقل من ساعة، موجهة رسالة واضحة للشباب اللبناني. وبعد يونان، ثمة مناضلون كثر، سيبعثون برسائلهم، بشتى الطرق... على أمل تنفيذها. 

No comments:

Post a Comment