في إحدى القرى البقاعية وجدت ندى نفسها (14 عاماً) وحيدة، سُلبت منها طفولتها وأصبحت أماً لولد تكاد تنسى ملامحه بعد ان منعت من رؤيته. تزوجت ندى في سن الثانية عشرة، هربت من المدرسة مع شاب في التاسعة عشرة من عمره، بعد ان غرر بها وأقنعها ان ما يقومان به هو صحيح. لم تمر على زواجها اشهر حتى تحول الى مأساة، حملت، وولدت طفلها، في غضون سنة واحدة، وبعدها ما لبثت ان تطلقت بعد معاناة كبيرة مع زوجها العاطل عن العمل وذويه. السيناريو نفسه يتكرر من قاصر الى أخرى ليتغير فقط اسمها، والطريقة التي تغادر بها منزل اهلها. فليس هناك من فارق بين ندى، إيفا، غافيوتا، فاطمة وغيرهن، النتيجة واحدة، فتاة تدمر طفولتها وحياتها، ليصبح تزويج القاصرات جهلا يولد من رحم المجتمع.
أطلقت "الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية" و"معهد الدراسات النسائية في العالم العربي" في الجامعة اللبنانية الاميركية LAU، لمناسبة "اليوم العالمي للمرأة"، "الحملة الوطنية لحماية القاصرات من الزواج المبكر"، في أوروين هول في الجامعة.
حضرت الحفل نائبة رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية رندة نبيه بري ممثلة الرئيسة السيدة الأولى وفاء ميشال سليمان، السيدة لمى تمام سلام، ووزيرة المهجرين أليس شبطيني، مديرة "الوكالة الوطنية للاعلام" لور سليمان صعب ممثلة وزير الاعلام رمزي جريج وعدد من النواب. وحضر أيضا ممثلون عن قيادات الجيش والأمن العام والأمن الداخلي، راعي ابرشية جبيل المارونية المطران ميشال عون، نقيبا المحررين الياس عون والصحافة محمد البعلبكي. ومن الجامعة حضر رئيسها الدكتور جوزف جبرا والدكتورة اليز سالم ومديرون ومهتمون.
وألقت بري كلمة اللبنانية الاولى مؤكدة خلالها ان "التصدي لظاهرة زواج القاصرات لا يجب ان يكون تصديا لحق كرسته بعض الشرائع والاعراف انما هو تصد للنتائج المترتبة عن مثل هذا النوع من الزواج لأنه يشكل انتهاكا لحقوق الفتاة ويؤثر على صحتها الجسدية والنفسية، ويؤثر على تحصيلها العلمي وحياتها الاجتماعية".
وطالبت الدولة "بسن قانون يكرس حماية المرأة والفتيات والاطفال من الازواج ضعاف النفوس الذين يمارسون شتى أنواع العنف، وباحترام الاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الطفل الدولية (1989) وعهد حقوق الطفل في الإسلام الصادر عن منظمة المؤتمر الإسلامي (2004)".
وبدوره لفت جبرا الى ان لقاء اليوم هو نتاج إصرار من الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية ومعهد الدراسات النسائية في العالم العربي في الجامعة، للبحث في موضوع يؤرق المعنيين، متابعاً "عنيت زواج القاصرات، وكيفية حمايتهن من الزواج المبكر الذي من شأنه، أن يؤدي الى تطويق حق القاصرات في التمتع بحقوقهن الثقافية والاجتماعية وتكوين شخصياتهن، قبل الاقحام بهن في ما لا طاقة لهن على حمله".
وعدّد أمين سر الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية فادي كرم العناوين الأساسية لنشاطات الحملة :
أولا: العمل على "استصدار قانون" يمنع زواج القاصرات أو أقله يؤمن التأكيد عبر القضاء المدني على أهلية القاصرات للزواج من كامل النواحي.
ثانيا: القيام "بحملة ضغط" بغية إبرام الدولة اللبنانية للاتفاقية الدولية الخاصة "بالرضى بالزواج والحد الأدنى لسن الزواج وتسجيل عقود الزواج".
ثالثا: العمل على "تشديد العقوبات" على كل زوج يتعدى على زوجته القاصرة.
رابعا: "متابعة النضال" لأجل صدور قانون العنف الأسري ووضعه موضع التنفيذ".
ومن جهتها أعلنت مديرة منظمة "كفى عنف واستغلال" زويا روحانا ان "الزواج أو التزويج المبكر يمثل انتهاكا فاضحا لحقوق الطفل والطفلة على حد سواء، إلا أنه أكثر شيوعا لدى الفتيات وأشد تأثيرا على حيواتهن".
من ندى الى إيفا غزال أولى الضحايا التي تفجر معها ملف تزويج القاصرات حيث لم تعتبر إلا "رهنا" حصل عليه الدائن من والدها المديون. الى غافيوتا صالح ضحية اخرى للخطف القسري على يد زوج عمتها الذي تمّ توقيفه بعد عشرين يوما من ارتكابه جريمته، بعد ان سجل فيديو للفتاة زعمت فيه انها اختارت هذا الطريق. وصولاً الى فاطمة القرحاني ابنة الحادية عشرة عاماً التي تم اختطافها من منزل والديها بهدف الزواج، من قبل الشاب محمود صلاح الدين من بلدة فنيدق. وحاولت عائلة القرحاني مناشدة الدولة والقضاء للعمل على استرجاع الفتاة ولكن كل المحاولات لم تجدِ نفعاً. فلم يجد والد فاطمة حلاً سوى الرضوخ الى المصالحة سائلاً نفسه والمجتمع في كل مناسبة "هل تدرك طفلة في الحادية عشرة معنى الزواج في هذا العمر؟".
وبهذه السرعة ازدادت ظاهرة زواج القاصرات في لبنان في الآونة الأخيرة، وفشلت الدولة حتى الساعة في منعها او الحد منها ما يطرح علامات استفهام عدّة تمر بالقانون وصولاً الى تطبيق رجال الدين للشرع فمنهم من يحرم زواج قاصر ومنهم من يحلله لأسباب عدّة.
تحمل المسؤولية
وفي حديث خاص لـ "صدى البلد" اعتبرت العضو في التجمع النسائي الديمقراطي اللبناني في البقاع رولا زعيتر ان زواج القاصرات شائع جداً في البقاع، وهذا النوع كان متفشياً جداً في لبنان بين العامين 1990 و2000، إلا انه سرعان ما اختفى على حساب توعية العائلات الى ضرورة تعليم الفتيات، والى حقهن في التمتع بطفولتهن بعيداً عن إجبارهن على تحمل المسؤولية باكراً.
ولفتت الى ان "ما ساهم في إعادة إحياء هذه الظاهرة هو الفقر والعوز، كما انعدام الثقافة، فكل هذه العوامل جعلت الأهل يستسهلون في الاستغناء عن اي فرد من العائلة للتخفيف من الأعباء المادية، والفرصة الأنسب تكمن في تزويج الفتيات بين التاسعة والثالثة عشرة من عمرهن". واضافت "هناك من يبيعون بناتهم مقابل مبالغ مالية ممكن الا تتخطى الـ 1000دولار، ويقدمون لانفسهم وللمجتمع أعذارا دينية".
مجرد خدعة
كما اشارت زعيتر الى انه خصوصاً في قرى البقاع وعكار "يصعد بعض المشايخ الى المنابر طالبين من الأهل تزويج القاصر متى بلغت، وفي كل فرصة يشددون على الأمر بحجة ان الشرع يجيز ذلك حتى اصبح رائجاً جداً ومحللا من قبلهم". وتتابع "فيما رجال دين آخرون متنورون وعقلانيون لا يوافقون على هذا الرأي مشددين على ان نسبة الطلاق باتت عالية جداً في المجتمع، خصوصاً في هذه الحالات".
وعن كيفية حصول الزواج قالت زعيتر انه "في معظم الأحيان يتم إغراء الفتاة بخطوبة لمدّة شهرين تقريباً، يقدم فيها العريس للعروس كل ما كانت محرومة منه، لتظن ان الزواج هو كناية عن سروال جديد، وقميص براق، مجوهرات، ونزهات، لتصبح هي بنفسها من تريد ان تخرج من كنفها العائلي الفقير الى عالم آخر جديد وجميل. وحين تتزوج تكتشف ان كل هذه الأمور مجرد خدعة وان الزواج الحقيقي هو مسؤولية وقضايا من الصعب على طفلة ان تتحملها، فهي فقط تحتاج الى ان تعيش طفولتها كباقي الأطفال، فكيف تكون ناضجة وقابلة ان تكون زوجة واأمّا؟".
انعدام وجود قانون
في القانون رأت المحامية في منظمة كفى ليلى عواضة ان المشكلة الأساسية تكمن في انعدام وجود قانون موحد للأحوال الشخصية، فلكل طائفة من الطوائف الـ 18 الحق باعتماد النظام الذي تراه مناسبا لأسسها الدينية في ما يخص الزواج. وتابعت "ليس هناك اي نص قانوني يحدد سن الزواج للفتاة او للرجل ورجال الدين المسلمون يربطون سن الزواج بعلامات البلوغ لدى الفتاة، وقسم منهم يعتبر ان موافقة ولي الأمر ليست امراً ضرورياً فيما يرفض آخرون تزويج اي فتاة لم تبلغ سن الرشد".
ولفتت الى ان هذا امر معيب فالصيغة يجب ان تكون في يد الدولة التي عليها ان تمنع زواج القاصرات، وعلى الطوائف ان تكون تحت سقف الدولة وليس العكس ، فبالتالي على الدولة ان تأخذ المبادرة وترفع سن الزواج الى الثامنة عشرة.
عقود غير شرعية
وروت عواضة ان "عدداً كبيراً من الزيجات اليوم يتم من دون موافقة ولي امر الفتاة وخارج المحاكم الشرعية، ليبرم العقد عند الشيخ، ولكن المفارقة ان عددا كبيرا من الشبان يرفضون في ما بعد توثيق هذا الزواج في المحكمة، التي لا تعترف إلا بالعقود الموثقة من قبلها. فهنا تقع وحدها الفتاة ضحية وما من احد يحاسب المشايخ الذين يقومون بهكذا اعمال، لتكتفي المحاكم الشرعية بعدم الاعتراف بهم كرجال دين فقط".
فيما تسعى جمعيات المجتمع المدني الى تضافر الجهود من اجل نشر حملة للحد من هذه الظاهرة عبر التوعية على إظهار مخاطر الزواج المبكر والتي اثبتت التجارب ان نساء عدّة عانين منه، حيث حرمن من حقوقهن. فالمادة 483 من قانون العقوبات تنص على ان كل رجل دين يعقد زواجَ قاصر يحاكم بموجب هذه المادة بمخالفة مالية تتراوح بين الـ100 الف والـ 500 الف ليرة، ولكن هذه المادة لا تطبق. ما يؤكد ان في لبنان زواج القاصرات امر لا يعاقب عليه قانون الدولة الاختياري بل قانون الطوائف الإلزامي.
أطلقت "الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية" و"معهد الدراسات النسائية في العالم العربي" في الجامعة اللبنانية الاميركية LAU، لمناسبة "اليوم العالمي للمرأة"، "الحملة الوطنية لحماية القاصرات من الزواج المبكر"، في أوروين هول في الجامعة.
حضرت الحفل نائبة رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية رندة نبيه بري ممثلة الرئيسة السيدة الأولى وفاء ميشال سليمان، السيدة لمى تمام سلام، ووزيرة المهجرين أليس شبطيني، مديرة "الوكالة الوطنية للاعلام" لور سليمان صعب ممثلة وزير الاعلام رمزي جريج وعدد من النواب. وحضر أيضا ممثلون عن قيادات الجيش والأمن العام والأمن الداخلي، راعي ابرشية جبيل المارونية المطران ميشال عون، نقيبا المحررين الياس عون والصحافة محمد البعلبكي. ومن الجامعة حضر رئيسها الدكتور جوزف جبرا والدكتورة اليز سالم ومديرون ومهتمون.
وألقت بري كلمة اللبنانية الاولى مؤكدة خلالها ان "التصدي لظاهرة زواج القاصرات لا يجب ان يكون تصديا لحق كرسته بعض الشرائع والاعراف انما هو تصد للنتائج المترتبة عن مثل هذا النوع من الزواج لأنه يشكل انتهاكا لحقوق الفتاة ويؤثر على صحتها الجسدية والنفسية، ويؤثر على تحصيلها العلمي وحياتها الاجتماعية".
وطالبت الدولة "بسن قانون يكرس حماية المرأة والفتيات والاطفال من الازواج ضعاف النفوس الذين يمارسون شتى أنواع العنف، وباحترام الاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الطفل الدولية (1989) وعهد حقوق الطفل في الإسلام الصادر عن منظمة المؤتمر الإسلامي (2004)".
وبدوره لفت جبرا الى ان لقاء اليوم هو نتاج إصرار من الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية ومعهد الدراسات النسائية في العالم العربي في الجامعة، للبحث في موضوع يؤرق المعنيين، متابعاً "عنيت زواج القاصرات، وكيفية حمايتهن من الزواج المبكر الذي من شأنه، أن يؤدي الى تطويق حق القاصرات في التمتع بحقوقهن الثقافية والاجتماعية وتكوين شخصياتهن، قبل الاقحام بهن في ما لا طاقة لهن على حمله".
وعدّد أمين سر الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية فادي كرم العناوين الأساسية لنشاطات الحملة :
أولا: العمل على "استصدار قانون" يمنع زواج القاصرات أو أقله يؤمن التأكيد عبر القضاء المدني على أهلية القاصرات للزواج من كامل النواحي.
ثانيا: القيام "بحملة ضغط" بغية إبرام الدولة اللبنانية للاتفاقية الدولية الخاصة "بالرضى بالزواج والحد الأدنى لسن الزواج وتسجيل عقود الزواج".
ثالثا: العمل على "تشديد العقوبات" على كل زوج يتعدى على زوجته القاصرة.
رابعا: "متابعة النضال" لأجل صدور قانون العنف الأسري ووضعه موضع التنفيذ".
ومن جهتها أعلنت مديرة منظمة "كفى عنف واستغلال" زويا روحانا ان "الزواج أو التزويج المبكر يمثل انتهاكا فاضحا لحقوق الطفل والطفلة على حد سواء، إلا أنه أكثر شيوعا لدى الفتيات وأشد تأثيرا على حيواتهن".
من ندى الى إيفا غزال أولى الضحايا التي تفجر معها ملف تزويج القاصرات حيث لم تعتبر إلا "رهنا" حصل عليه الدائن من والدها المديون. الى غافيوتا صالح ضحية اخرى للخطف القسري على يد زوج عمتها الذي تمّ توقيفه بعد عشرين يوما من ارتكابه جريمته، بعد ان سجل فيديو للفتاة زعمت فيه انها اختارت هذا الطريق. وصولاً الى فاطمة القرحاني ابنة الحادية عشرة عاماً التي تم اختطافها من منزل والديها بهدف الزواج، من قبل الشاب محمود صلاح الدين من بلدة فنيدق. وحاولت عائلة القرحاني مناشدة الدولة والقضاء للعمل على استرجاع الفتاة ولكن كل المحاولات لم تجدِ نفعاً. فلم يجد والد فاطمة حلاً سوى الرضوخ الى المصالحة سائلاً نفسه والمجتمع في كل مناسبة "هل تدرك طفلة في الحادية عشرة معنى الزواج في هذا العمر؟".
وبهذه السرعة ازدادت ظاهرة زواج القاصرات في لبنان في الآونة الأخيرة، وفشلت الدولة حتى الساعة في منعها او الحد منها ما يطرح علامات استفهام عدّة تمر بالقانون وصولاً الى تطبيق رجال الدين للشرع فمنهم من يحرم زواج قاصر ومنهم من يحلله لأسباب عدّة.
تحمل المسؤولية
وفي حديث خاص لـ "صدى البلد" اعتبرت العضو في التجمع النسائي الديمقراطي اللبناني في البقاع رولا زعيتر ان زواج القاصرات شائع جداً في البقاع، وهذا النوع كان متفشياً جداً في لبنان بين العامين 1990 و2000، إلا انه سرعان ما اختفى على حساب توعية العائلات الى ضرورة تعليم الفتيات، والى حقهن في التمتع بطفولتهن بعيداً عن إجبارهن على تحمل المسؤولية باكراً.
ولفتت الى ان "ما ساهم في إعادة إحياء هذه الظاهرة هو الفقر والعوز، كما انعدام الثقافة، فكل هذه العوامل جعلت الأهل يستسهلون في الاستغناء عن اي فرد من العائلة للتخفيف من الأعباء المادية، والفرصة الأنسب تكمن في تزويج الفتيات بين التاسعة والثالثة عشرة من عمرهن". واضافت "هناك من يبيعون بناتهم مقابل مبالغ مالية ممكن الا تتخطى الـ 1000دولار، ويقدمون لانفسهم وللمجتمع أعذارا دينية".
مجرد خدعة
كما اشارت زعيتر الى انه خصوصاً في قرى البقاع وعكار "يصعد بعض المشايخ الى المنابر طالبين من الأهل تزويج القاصر متى بلغت، وفي كل فرصة يشددون على الأمر بحجة ان الشرع يجيز ذلك حتى اصبح رائجاً جداً ومحللا من قبلهم". وتتابع "فيما رجال دين آخرون متنورون وعقلانيون لا يوافقون على هذا الرأي مشددين على ان نسبة الطلاق باتت عالية جداً في المجتمع، خصوصاً في هذه الحالات".
وعن كيفية حصول الزواج قالت زعيتر انه "في معظم الأحيان يتم إغراء الفتاة بخطوبة لمدّة شهرين تقريباً، يقدم فيها العريس للعروس كل ما كانت محرومة منه، لتظن ان الزواج هو كناية عن سروال جديد، وقميص براق، مجوهرات، ونزهات، لتصبح هي بنفسها من تريد ان تخرج من كنفها العائلي الفقير الى عالم آخر جديد وجميل. وحين تتزوج تكتشف ان كل هذه الأمور مجرد خدعة وان الزواج الحقيقي هو مسؤولية وقضايا من الصعب على طفلة ان تتحملها، فهي فقط تحتاج الى ان تعيش طفولتها كباقي الأطفال، فكيف تكون ناضجة وقابلة ان تكون زوجة واأمّا؟".
انعدام وجود قانون
في القانون رأت المحامية في منظمة كفى ليلى عواضة ان المشكلة الأساسية تكمن في انعدام وجود قانون موحد للأحوال الشخصية، فلكل طائفة من الطوائف الـ 18 الحق باعتماد النظام الذي تراه مناسبا لأسسها الدينية في ما يخص الزواج. وتابعت "ليس هناك اي نص قانوني يحدد سن الزواج للفتاة او للرجل ورجال الدين المسلمون يربطون سن الزواج بعلامات البلوغ لدى الفتاة، وقسم منهم يعتبر ان موافقة ولي الأمر ليست امراً ضرورياً فيما يرفض آخرون تزويج اي فتاة لم تبلغ سن الرشد".
ولفتت الى ان هذا امر معيب فالصيغة يجب ان تكون في يد الدولة التي عليها ان تمنع زواج القاصرات، وعلى الطوائف ان تكون تحت سقف الدولة وليس العكس ، فبالتالي على الدولة ان تأخذ المبادرة وترفع سن الزواج الى الثامنة عشرة.
عقود غير شرعية
وروت عواضة ان "عدداً كبيراً من الزيجات اليوم يتم من دون موافقة ولي امر الفتاة وخارج المحاكم الشرعية، ليبرم العقد عند الشيخ، ولكن المفارقة ان عددا كبيرا من الشبان يرفضون في ما بعد توثيق هذا الزواج في المحكمة، التي لا تعترف إلا بالعقود الموثقة من قبلها. فهنا تقع وحدها الفتاة ضحية وما من احد يحاسب المشايخ الذين يقومون بهكذا اعمال، لتكتفي المحاكم الشرعية بعدم الاعتراف بهم كرجال دين فقط".
فيما تسعى جمعيات المجتمع المدني الى تضافر الجهود من اجل نشر حملة للحد من هذه الظاهرة عبر التوعية على إظهار مخاطر الزواج المبكر والتي اثبتت التجارب ان نساء عدّة عانين منه، حيث حرمن من حقوقهن. فالمادة 483 من قانون العقوبات تنص على ان كل رجل دين يعقد زواجَ قاصر يحاكم بموجب هذه المادة بمخالفة مالية تتراوح بين الـ100 الف والـ 500 الف ليرة، ولكن هذه المادة لا تطبق. ما يؤكد ان في لبنان زواج القاصرات امر لا يعاقب عليه قانون الدولة الاختياري بل قانون الطوائف الإلزامي.
No comments:
Post a Comment