نجلة حمود
تتكرر حالات التحرش بالنازحات السوريات في لبنان من قبل أقرباء لهن، أو من المجتمع المحلي المضيف، وحتى من قبل بعض ممثلي الجمعيات والمؤتمنين على توزيع الأموال والمساعدات على النازحين. التحرش الجنسي يتم بطرق مختلفة وتحت عناوين متعددة منها الحاجة، ومنها الترغيب والتهديد. وقد شاعت في الآونة الأخيرة أسماء فتيات تم التحرش بهن، كشرط لتأمين المساعدات الغذائية أو تأمين المأوى لهن. وذلك على نحو بدأ يترك آثاراً نفسية على العديد منهن، ممن أفادت المعلومات عن محاولاتهن الانتحار نظراً للواقع واحتجاجا على ظروف أدت إلى وجود حالات اضطرابية عديدة لديهن.
وإذا كانت محاولات الانتحار باءت بالفشل بعد التمكن من إسعافهن، لكنها تركت سلسلة تساؤلات حول مصير هؤلاء بعد تلقيهن العلاج وكيفية تأقلمهن مع واقعهن الجديد، وتحديدا لجهة الخوف من المجتمع الذي لا يتقبل مثل هذه الاضطرابات، ومن يحمي هؤلاء من تكرار هكذا تجارب، خصوصاً أن شيئا من الأسباب التي كانت دفعت بهن إلى الانتحار لم يتغير، وفق إفادات بعضهن.
ويعد تكرار تلك الظاهرة نتيجة طبيعية لواقع النزوح الذي يعاني من إشكاليات كثيرة، بدءا بالإقامة، وصولاً إلى تأمين الاحتياجات وما بينهما من تفاصيل تتعلق مباشرة بظروف هؤلاء الفتيات وعلاقتهن مع محيطهن اللبناني، إضافة إلى الاضطرابات النفسية التي تعاني منها نازحات فقدن أقرباء لهن أو أحد أبنائهن، وبينهن من فقدت كامل أفراد عائلتها في سوريا، أو بعضهن فقدن التواصل معها ولا يعرفن شيئا عن مصيرها.
كل تلك المشاكل المتعلقة بالنزوح والتي تخلفها الحروب، أدت إلى بروز ظاهرة الانتحار التي يبدو أنها تسجل أرقاما تستدعي الوقوف عندها وإن كان يتم التكتم الشديد حولها، وحول الإدلاء بأي تصريح بهذا الخصوص.
وكانت المعلومات تتحدث عن محاولة بعض النازحات الانتحار عبر تناول كميات كبيرة من الأدوية، أو السموم المخصصة للمزروعات. وجرت المباشرة بمعالجتهن في إحدى العيادات الخاصة في عكار بعدما كن وصلن إليها في وضع صحي مزر للغاية، إضافة إلى من تم إسعافهن في أحد مستشفيات المنطقة، حيث أجريت لهن الإسعافات الضرورية وغسيل معدة.
العيب واللفلفة
رهف أ. وريّان ع.، وأميرة ر.، ونسرين ف.، لسن الوحيدات اللواتي حاولن الانتحار وتم إنقاذ حياتهن، بل هناك أخريات لم يتم تسجيل أسمائهن لدواع شخصية بهدف إبقاء الموضوع طي الكتمان. وأضيفت سارة (19 عاما) أمس، إلى لائحة الفتيات اللواتي تعرضن للاغتصاب على يد شبان لبنانيين بعد خمسة أشهر على نزوحها من سوريا إلى إحدى البلدات اللبنانية، حيث كانت تقيم مع عائلتها. كتمت سارة بداية ما حدث معها ولم ترو لأهلها أي شيء، وذلك بعدما أقنعها أحد الشبان أنه سيتقدم لخطبتها. تقول سارة لقد «أقنعني بلقائه وعنذ ذهابي لرؤيته تفاجأت أن معه شابين آخرين وأقدم الثلاثة على اغتصابي مرة ثانية». لم تتحمل سارة وقع الصدمة وأخبرت عائلتها بالأمر، وبالطبع حاولت العائلة لفلفة الأمور، كما حاول الوالد التواصل مع أهالي الشبان فتمت إهانته وطرده. فاضطرت العائلة المكونة من فتاتين، إضافة الى الوالد والوالدة، إلى مغادرة البلدة والتوجه الى عكار، حيث قامت العائلة بنصب خيمة صغيرة في بلدة الكويخات.
ويؤكد مقربون من عائلة سارة «أن العائلة لا تتساهل بحق إبنتها ولكن في الوقت نفسه لا تتجرأ على الادعاء على من أقدم على ارتكاب الجريمة البشعة بحقها، كما يرفضون أن تقوم ابنتهم بطلب المساعدة والتحدث عما حدث معها في العلن». ويشير هؤلاء إلى أن «سارة تعيش اليوم على المهدئات وأدوية الأعصاب وذلك بعد إصابتها بنوبات عصبية وهستيرية أدت الى تأزم نفسيتها، وتدهور وضعها الصحي كثيراً».
وتشير مصادر متابعة إلى «قلق فعلي من تزايد هذه الحالات بعد تفاقم أوضاع النازحين السوريين، بعد نحو ثلاثة أعوام على بدء الأزمة السورية، إلى حد لم تعد معالجته ممكنة».
No comments:
Post a Comment