Pages

March 8, 2014

As-Safir - Violence makes the children away from playing the role of mother, March 08, 2014



مادونا سمعان 

لا تتوانى الفتيات الصغيرات عن لعب «بيت بيوت»، اللعبة التي تتوارثها الأجيال، حتى في ملعب المدرسة.
يوزعن الأدوار في ما بينهن. فتلك هي الأم وتلك هي الطفلة-التلميذة، وهذه هي المعلمة والأخرى صاحبة المتجر التي تبيع الثياب والحلي، والأهم من ذلك أدوات التجميل. تحاول الصغيرات الاستفادة من الدقائق القليلة المتاحة أمامهن لتقليد الكبار. يستخدمن العبارات نفسها التي تستخدمها أمهاتهن. فتقول «الأم» لرفيقتها التي تلعب دور «الابنة»: «يا ماما عجلي تأخرنا، أوصلك إلى المدرسة لألحق موعدي عند الاستيتسيان». تضحك الفتيات ثم تبدأ «المعلمة» بإعطاء الدرس لـ«الابنة»: «سكتوا والا قصاص للجميع».
تختار الفتيات أسماء جديدة لهن. فـ«الأم» اختارت لنفسها اسم سناء. ومن هي سناء؟ تجيب أنها خالتها التي تحبّها جداً و«هي جميلة، وتعمل في شركة كبيرة وتشتري لي الهدايا دائماً». بينما أسمت «المعلمة» نفسها «مهي»، وهو اسم معلّمتها للغة الفرنسية التي تحبّها كثيراً. وبقيت الطفلة على اسمها ريما، وهي مجتهدة وتمتلك كل الصفات الحميدة، وفق الدور في اللعبة.
تشير الناظرة في تلك المدرسة الرسمية إلى أن «غالبية الفتيات بين سنّ الرابعة والسابعة يلهين في لعبة بيت بيوت حتى ولو كان وقت الفرصة قليلاً»، وتلفت إلى أن جميعهن يتحدثن عن الثياب والنزهات والشعر والتجميل و«لا يثيرهن حديث أكثر من استعادة أحداث حفلة عرس».
ولأن الأوضاع الاقتصادية لهؤلاء شبه معدمة، «قلة منهن تروين عن نشاطات خاصة أو نزهات عائلية، بل تتحدثن عن لقاءات عائلية وزيارات الجيران وغيرها».
من غير المعروف كم هو عمر لعبة «بيت بيوت» وكم ستعمّر بعد، لكنّها تبقى اللعبة الأشهر التي لا تستهوي الفتيات فقط بل الصبية أيضاً. وتكمن أهميتها وفق العديد من مواقع الصحة النفسية عبر الانترنت في أنها تكشف كيفية تواصل الطفل أو الطفلة مع مجتمعه الصغير، وكيفية ترجمته للمواقف والعادات وأساليب التعامل الخاصة بكل بيت. وأكثر، فهي تحدد نظرة الطفل أو الطفلة لدور كل من أمّه وأبيه، وبالتالي لدور المرأة والرجل.
هكذا، لاحظت ميرنا وهي أم لطفلة عمرها سبع سنوات أن ابنتها ما عادت تريد لعب دور المرأة المتزوجة، على الرغم من أنه كان الأحب لديها حين كانت تلتقي وأبناء الجيران أو بنات خالتها. وروت «مرّ أكثر من شهر وأنا ألاحظ أن ابنتي لا تريد أن تكون المرأة المتزوجة في بيت بيوت. حتى أنها في إحدى المرات قررت أن لديها ابناً ولكن من دون زوج. تكرر الموقف أكثر من مرّة حتى سألتها. لماذا لا تريدين زوجاً لك. وقد ظننت أنها بدأت تدخل مرحلة الخجل. لكني صعقت حين ردّت: لشو ليضربني؟»
أقسمت ميرنا ان زوجها من النوع العصري «الذي يحترم المرأة ويشاركني حتى في الأعمال المنزلية، وهو لا يتأخر في إعداد المفاجآت لي ولأفراد العائلة. وذهلت من موقف ابنتي، علماً بأني لم ألحظ أي تبديل في علاقتها بوالدها الذي تحبّه كثيراً».
واجهت الأم ابنتها بسيل من الأسئلة لتكتشف أن الصغيرة تأثرت بالأخبار التي بثتها محطات التلفزة حول قتل منال عاصي وكريستال أبو شقرا. وروت لامها انها لاتريد زوجاً «بل أولاد فقط» لربما ضربها وقتلها.
اليوم، تعتبر ميرنا أنها مهما حاولت صقل صورة المرأة بنظر ابنتها، فهناك إعلام يشوهها في معظم الأحيان. وتضيف: «مرة تريد ابنتي أن تكون هيفا ومرة أخرى لا تريد أن تتزوج بسبب الضرب. وهذا كلّه بسبب الإعلام الذي لا ينقل إلا صورة المرأة المعنفة أو الجميلة التي ترقص وتغني».
تلفت الاختصاصية في علم النفس العيادي صوفيا معماري إلى أن الولد يتماهى في الغالب مع الأشخاص الذين يحبّهم، ولا سيما الأم، وبالتالي يقلّدهم. وليس كارثياً أن يتمحور لعب الفتيات حول زيارة مصففي الشعر والتزيين أو حول شراء الفساتين، لأنهن يحاولن تقليد الأمور الجميلة والتي تفرح أمهاتهن. لكن في المقابل، ومن خلال مراقبة كلامهم وتصرّفاتهم، يمكن تصحيح صورة الأنوثة لهم. من هنا، ترشيد الأهل ضرورة ومتابعة كل ما يشاهدونه عبر التلفزيون والانترنت مهم جداً.
فلو عرفت الأم أن ابنتها ستتأثر بما تعرّضت له المعنفات أكثر من وضعها مع زوجها في البيت، لما كانت سمحت لها بمشاهدته أو على الأقل وضعت إطاراً للقصة يريح الصغيرة من هواجسها.

No comments:

Post a Comment