Pages

April 8, 2010

Assafir - Protection From Domestic Violence

تربية و طلاب
تاريخ العدد 08/04/2010 العدد 11560

الحماية من العنف الأسري بيـن الواقـع والمرتجـى ابراهيم اسامة العرب
العنف الأسري هو استعمال العنف في المنزل، سواء أكان عنفاً جسدياً أو نفسيا أو غير ذلك، يرتكبه أحد أفراد الأسرة أو الأقارب على فرد آخر في الأسرة، قد يكون ضد شريك أو شريكة الحياة أو ضد الأبناء أو ضد كبار السن، وعادة ما يكون الشخص العنيف أقوى جسدياً من الشخص الآخر. وقد ورد في تعريف العنف ضد المرأة في المادة الأولى من الإعلان العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة (/12/1993): العنف ضد النساء هو أي عنف مرتبط بنوع الجنس، يؤدي على الأرجح إلى وقوع ضرر جسدي أو جنسي أو نفسي أو معاناة للمرأة، بما في ذلك التهديد بمثل تلك الأفعال، والحرمان من الحرية قسراً أو تعسفاً والحرمان من الحرية قسراً أو تعسفاً، سواء حدث ذلك في مكان عام أو في الحياة الخاصة». أما العنف ضد الأطفال فيمكن تعريفه بأنه كل شكل من أشكال السلوك، المباشر أو غير المباشر، اللفظي أو غير اللفظي، الظاهر أو المستتر، المادي أو المعنوي، يرتب عليه إلحاق أذى أو ضرر أو سوء معاملة أو إساءة للأطفال، سواء أكان هذا الأذى جسدياً أم معنوياً أم عاطفيًا أم إهمالاً، وهذه السلوكيات تتعارض مع القيم الدينية والقوانين والمواثيق القومية والإقليمية والدولية. وقد أكدت اتفاقية حقوق الطفل التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في العام 1989، وبدأ العمل بها في 1990، على ضرورة وضع التدابير الكفيلة بإبعاد الطفل عن العنف، فجاء في المادة (19) منها: تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير التشريعية والإدارية الاجتماعية والتعليمية الملائمة لحماية الطفل من كل أشكال العنف أو الضرر أو الإساءة البدنية أو العقلية والإهمال أو المعاملة المنطوية على إهمال، وإساءة المعاملة أو الاستغلال، بما في ذلك الإساءة الجنسية. وأشكال العنف الممارس ضد الأطفال هي على الشكل الآتي: 1ـ الإيذاء البدني: وهو الإيذاء المتسبب في خطر عضوي مؤكد أو محتمل. 2ـ الإيذاء المعنوي: يتمثل في أشكال الرفض أو العزل التي يتعرض لها الطفل والمتسببة في إصابة نفسية شعورية. 3ـ الإيذاء الجنسي: إدماج الطفل في أنشطة جنسية غير قادرة على استيعابها أو غير مهيأ لها حسب تطوره. 4ـ استغلال الأطفال: استعمال الأطفال في العمل من أجل فائدة الآخرين. 5ـ إهمال الأطفال: الحرمان من جانب الشخص المكلف برعاية الطفل (الصحية، التعليمية، التغذية، الحماية، والظروف المعيشية الآمنة). 6ـ الإيذاء داخل المؤسسات: كل أشكال الإيذاء والإصابات التي تحدث في المؤسسات الخاصة والحكومية برعاية الأطفال. 7ـ الإيذاء داخل المجتمع: كل أشكال الحرمان المتسببة في معاناة الأطفال داخل المجتمع ومن قبله، واحتجاز الأطفال مع المجرمين الكبار. أما أشكال العنف الممارس ضد المرأة فهي الآتية: 1ـ العنف المعنوي النفسي: وهو أصعب مظاهر العنف ضد المرأة حيث إنه غير محسوس ولا ملموس ولا أثر واضح له ويكون نتيجة إهمال المرأة وذاتيتها واحتقارها وحرمانها من الحرية وهضم حق الاختيار (اختيار الزوج، الاختيار السياسي) وهو ما نلحظه في بعض الدول بنسب حادة ومزمنة حيث تحرم المرأة من حق التعليم والاستقلال الاقتصادي وولوج بعض الوظائف والحق السياسي (حق الانتخاب والترشح) وقد تصل في بعض البلدان إلى درجة تحريم سفرها وقيادتها للسيارة. هذه المظاهر وغيرها التي تحكم دون مقياس علمي بدونية المرأة وإلغاء ذاتيتها والحكم بقصورها أمام النظرة الذكورية التي تبيح للرجل حق السيطرة إنما تنعكس سلباً على نفسية المرأة بل تمارس عليها عنفا غير ملحوظ عينيا. 2ـ العنف الجسدي والجنسي: أو العنف البدني الجنسي وهو عكس سابقه يكون واضحا. ويترك آثارا بادية للعيان وتستخدم فيه أدوات مختلفة كما يأخذ أشكالا متعددة: (الركل، الضرب، الصفع، شد الشعر، التحرش الجنسي، سفاح القربى، هتك العرض، الخطف، الدعارة، الممارسات الجنسية الشاذة، الاغتصاب، الاغتصاب في إطار الزوجية، قتل الشرف، إحداث العاهات، الحرق وانتهاءً بالقتل). هذه الأنواع السابقة الذكر موجودة في مجتمعنا تشير إليها الدراسات وسجلات المحاكم والصحف. 3ـ العنف القانوني، أي العنف الذي تتعرض له المرأة بسبب القوانين خاصة في مواضيع الزواج، الطلاق، تعدد الأزواج، الحضانة، النفقة، الولاية، والإرث. وتكمن المشكلة بأن التشريعات في لبنان وإن كانت تعاقب على الإيذاء بمختلف أشكاله (خاصة قانون العقوبات) إلا أنها تنص على إجراءات وعقوبات غير ملائمة، ولا تأخذ بالاعتبار الجوانب الاجتماعية والنفسية والمعيشية، ولا ينكر أحد الآثار السلبية لهذا النوع من العقوبات على الأسرة في حالة حبس المعيل أو إلزامه بغرامة، وهي عقوبات قد تصيب في آثارها الأسرة بما فيه الضحية، إضافة إلى ما تتركه هذه العقوبة من آثار سلبية على العلاقات بين أفراد الأسرة مستقبلاً والشرخ الذي تحدثه في نفس الجاني وفي نفس الضحية، بل في نفس الاطفال. ولا تولي النصوص القانونية أهمية خاصة للإجراءات والتدابير الاحترازية والإصلاحية التي تمكن من معالجة الحالة والوقاية من تكراراها والتي تشكل حماية نافعة للضحايا. لذلك يجب العمل على أن لا يكون القانون الخاص لحماية المرأة أو الطفل من العنف الأسري في لبنان والذي يجري العمل على إقراره مجرد نظريات تُدرّس في القانون، بل يجب أن توضع آليات متابعة تدخل فعلاً حيز التطبيق. ويجب أن يتضمن تدابير احترازية وأوامر حماية كالأمر المؤقت الصادر عن قاضي محكمة البداية المختص للنظر في قضية عنف أسري منظورة أمامه بنا على الطلب وفي غياب المشتكى عليه. وأمر الحماية الصادر عن قاضي البداية المختص للنظر في قضية عنف أسري منظورة أمامه بناء على الطلب وفي غياب المشتكى عليه أو حضوره. ويجب أن يكون لكل ضحية أو شاهد أو عضو في الأسرة وللقائمين على تقديم الخدمات الطبية من القطاعين العام والخاص ولمراكز تقديم المساعدة لضحايا العنف الأسري، تقديم بلاغ أو إخبار شكوى العنف الأسري، إلى الادعاء العام أو أمام المحكمة مباشرة. ويجب أن يلتزم الموظفون المكلفون بإنفاذ مضمون القوانين وخاصة مديريات وأفراد الأمن العام المختصون بالاستجابة الفورية للبلاغات المتعلقة بإساءة المعاملة والاستجابة الفورية لطلب المساعدة والحماية والانتقال إلى مكان وقوع العنف الأسري المدعى به. كما يجب أن يحتوي أمر الحماية الصادر عن المحكمة منع المعتدي من التسبب في مزيد من الضرر للمعنف أو لأقاربه أو للأشخاص الذين يقدمون له المساعدة، وتكليف المعتدي بمغادرة مسكن الأسرة وترك محتوياته وموجوداته المعدة لاستخدام الأسرة فيه وبمواصلة دفع الإيجار أو أقساط المسكن وبدفع نفقة للمعنف ومن يقيم معه من أفراد الأسرة ومن في حكمهم ممن تجب عليه نفقتهم قانونياً أو تعاقدياً، كما يجب تمكين المعنف من استخدام الأجهزة والمعدات وموجودات المنزل وسيارة الأسرة. ويجب أن تراقب الشرطة والمحاكم الامتثال لأوامر الحماية والأوامر الاحترازية ويجب أن تشكل مخالفة هذه الأوامر جريمة جنائية تؤدي إلى الإحالة للمحاكمة بتهمة الامتناع عن تنفيذ قرارات قضائية ومؤدى ذلك الحكم على المعتدي بالغرامة والسجن المقررة قانوناً. كما يجب النص على تعويضات مدنية إضافة إلى الاجراءات والعقوبات الجزائية، وأن تترافق هذه الإجراءات مع توفير خدمات شاملة بما فيها الخدمات العاجلة لضحايا العنف وإساءة المعاملة، وبرامج الدعم لتلبية الاحتياجات الخاصة للضحايا من برامج استشارية وعلاجية وتعليمية أو تثقيفية للضحايا وللمعتدين أيضاً، وكذلك برامج مساعدة تكفل المساهمة في زيادة وعي المجتمع بخطر العنف الأسري ومضاره، وبرامج تدريب لزيادة قدرة الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون في هذا المجال مع زيادة عدد الموظفات لتقديم أقصى قدر من المساعدة والتفهم لخصوصية العنف المنزلي وحاجة الضحايا الماسة للمساعدة والعمل بسرعة وفعالية. كما لا بد من إحاطة المعنف علماً بالمسائل المتصلة برعاية الأطفال وبالدعم والأمان الاقتصادي لضحايا العنف الأسري من خلال وضع قواعد توجيهية لأوامر الحماية تراعي احتياجات الضحايا المختلفة وتعيين مستشارين وخبراء متخصصين لمساعدة الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين والقضاة للتعامل بصورة مناسبة مع الضحايا ومساعدتهم لإعادة تأهيل المعتدين وتدريبهم وتهيئتهم لعدم التكرار.

No comments:

Post a Comment