جلسة للمحكمة الدولية ناقشت العناصر التأسيسية للقرار الإتهامي
الإتجاه نحو تطبيق قانون العقوبات اللبناني في المحاكمة المنتظرة
عقدت أمس المحكمة الدولية الخاصة بلبنان لمحاكمة المتورطين في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه في 14 شباط 2005 جلستها التقنية الثانية المخصصة لتعريف العناصر التأسيسية للقرار الاتهامي وحسم الجدل القانوني حول عدد من النقاط من بينها تعريف الأعمال الإرهابية، تعريف المؤامرة، تعريف جريمة القتل ومحاولة القتل قصداً، أشكال المسؤولية الجرمية وإمكان إعطاء الفعل ذاته أكثر من وصف واحد ووجوب الجمع بين الجرائم أو الاختيار فيما بينها·
الجلسة التي ترأسها القاضي أنطونيو كاسيزي، رئيس المحكمة، بحضور القاضيين اللبنانيين رالف رياشي وعفيف شمس الدين، والتي عقدت في مقر المحكمة في ضاحية لاهاي، لايشندام، في هولندا، عند التاسعة صباحاً بتوقيت هولندا، افتتحها القاضي كاسيزي قائلاً: <إن هذه الجلسة تمثل لحظة مهمة في حياة المحكمة> و<من مصلحة كل لبنان والمجتمع الدولي برمته أن تتقدم هذه العملية بثبات وسرعة>، خاصة أن القانون اللبناني لا يمتلك أدوات للتعامل مع أشكال من المسؤولية الجرمية، ومنها مسؤولية الرئيس· وكانت الجلسة تقرر عقدها بناء لطلب قاضي الاجراءات التمهيدية في المحكمة دانيال فرانسين الذي يتولى دراسة وتأكيد القرارالاتهامي الذي كان رفعه إليه المدعي العام في المحكمة القاضي دانيال بلمار، في 17 كانون الثاني الماضي، ويهدف فرانسين من هذه الجلسة تحديد ما اذا كانت المحكمة الخاصة بلبنان ستستند الى قانون العقوبات اللبناني الذي تعتمد عليه المحكمة في قانونها الاساسي او الى القانون الدولي، او انها ستحاول دمج القانونين معا لتعريف مفاهيم جرائم الارهاب والتآمر والقتل المتعمد مع سبق الإصرار والترصد ومحاولة الاغتيال التي تشكل العناصر التأسيسية للقرار الاتهامي، والذي نوقش امس في الجلسة المنعقدة تمهيداً لان تصدر غرفة الاستئناف قرارها في الموضوع في جلسة علنية تعقد في 16 شباط الجاري، لتحدد فيها القانون الذي ينبغي تطبيقه من قبل المحكمة، التي تعتبر اول محكمة دولية تكلف النظر في ملف اعتبره مجلس الامن الدولي جريمة ارهابية تقرر على اثره تشكيل المحكمة الدولية الخاصة في لبنان· بلمار ومكتب الادعاء وفي مداخلة للمدعي العام في المحكمة القاضي دانيال بلمار، عن القانون الذي ينبغي الارتكاز اليه في محاكمة المتهمين، قال: <ان العناصر المكونة لمفهوم الارهاب واردة في القانون اللبناني ولا ثغرات فيها تقتضي اللجوء إلى القانون الدولي، خاصة انه لا يوجد تعريف في القانون الدولي للجريمة الإرهابية يتفق عليه الجميع، موضحاً أن القانون اللبناني وبالتحديد قانون العقوبات اللبناني واضح في تعريف الجريمة الإرهابية ولا داع للجوء إلى غيره من القوانين>· ورأى مكتب الادعاء العام أن الإرهاب يمكن تعريفه بانه القصد بخلق حالة ذعر، لافتاً إلى أن قانون العقوبات اللبناني يُحدّد بشكل واضح أن لا داعي للنظر إلى نوايا أخرى، وليس هناك من حاجة للتوسع في الوسائل التي تؤدي إلى إيجاد حالة من الذعر، وان القانون اللبناني ليس بحاجة إلى التوضيح من خلال الرجوع إلى القانون الدولي أو غيره· وأوضح القاضي بيلمار أن الجلسة مخصصة لحسم مفهوم الجريمة الإرهابية وتعريف الإرهاب والقانون الذي سيطبق في أعمال المحكمة، مشيراً إلى تقنيتها وانها لن تلمح إلى أية أسماء أو اتهامات واردة في القرار الاتهامي الذي هو سري للغاية، وقليلة هي الجهات التي اطلعت عليه ولن تكون الخطوة الأولى للتعريف بما سيؤول إليه القرار· مكتب الدفاع من جهته، اكد مكتب في مناقشته للأمور المطروحة ان القرار الاتهامي ما زال سرياً موضحاً انه لن يحل محل فرق محامي الدفاع، معرباً عن موافقته على ضرورة تطبيق القانون اللبناني في هذه القضية· ورأى مكتب الادعاء انه بمجرد ان تضع متفجرة في مكان ما ولم يتعرض أي شخص للضرر منها، فهذا الامر لا يهدف بالضرورة الى خلق الهلع والذعر· مشيراً الى <أنه قد يكون هناك عناصر أخرى تشبه الارهاب، لكن القصد منها لا يكون كذلك>· ودعا الى النظر الى السمة الرئاسية لتعريف الارهاب، وشرح أن <الارهاب يمكن تعريفه من خلال القصد بخلق حالة ذعر وقانون العقوبات يحدد في شكل واضح أن لا داعي للنظر الى نيات أخرى ولسنا في حاجة للتوسع في الوسائل التي تؤدي الى ايجاد حالة من الذعر>· وقال من جهته رئيس مكتب الدفاع في المحكمة الخاصة بلبنان المحامي الفرنسي فرنسوا رو للقضاء <نؤيد في هذه النقطة مكتب المدعي العام بالقول <عليكم ايها السادة تطبيق قانون العقوبات اللبناني>· واضاف: <هذا ما كان من المنوي القيام به في البداية>· ويحدد قانون العقوبات اللبناني الاعمال الارهابية بأنها <جميع الافعال التي ترمي الى ايجاد حالة ذعر وترتكب بوسائل كالادوات المتفجرة والمواد الملتهبة والمنتجات السامة او المحرقة والعوامل الوبائية او المكروبية التي من شأنها ان تحدث خطراً عاماً>· ورأى مكتب الدفاع ان العدالة هي عمل يهدف الى تحقيق التوازن، وهو امر من شأن اي قانون، مؤكداً سعيه الى التوفيق بين امن المتهمين من خلال القوانين المطبقة والعناصر المكونة للجرم· واوضح المكتب انه يهدف الى ايجاد فسحة تسمح للمتهمين المحتملين والمحامين الموكلين للدفاع عنهم تقديم حججهم وعرض الحقائق· وذلك يتطلب احترام حق المتهم باعتماد الاستراتيجية التي يقررها، وبأن يُثبت خلال محاكمتهم عكس ما يقوله مكتب الادعاء· وهذا يسمح لفرق الدفاع المقبلة بأن تعترض على شرعية بعض النصوص التي تعتمدها المحكمة الخاصة بلبنان، وحتى الاعتراض على شرعية المؤسسة برمتها· قائد فريق المحاكمة واعتبر قائد فريق المحاكمة إكهارد ويتهوف، في كلمة ألقاها في الجلسة أن <العمل الإجرامي المشترك لا يتعارض مع القانون اللبناني وكان متوافرا عند ارتكاب جريمة اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية الراحل رفيق الحريري>· ورأى أن لا شيء يمنع تطبيق مبدأ العمل الإجرامي المشترك هنا ويجب أيضاً تطبيق القصد الإحتمالي في هذا الإطار· القاضي رالف رياشي وفي مداخلة أثناء المناقشات أكد نائب رئيس المحكمة الدولية الخاصة بلبنان القاضي اللبناني رالف رياشي أن القانون اللبناني لا يفترض أن يكون هناك إتفاق بين شخصين أو أكثر أحدهم يعرف الآخر لتنفيذ مؤامرة ما أو جريمة ما، فقد يكون المتآمر لا يعرف المتآمر في المؤامرة نفسه· وقد فضت المحكمة جلستها العلنية بعد المداخلات التي قدمت من الفرقاء جميعاً وبعد أن سلم مكتب الإدعاء العام ملاحظاته على الأسئلة التي حددها القاضي كاسيزي والتي كان اثارها القاضي فرانسين، كما سلم مكتب الدفاع ملاحظاته، على أن تعطي المحكمة قرارها النهائي في المواضيع المطروحة في جلسة علنية حددها القاضي كاسيزي يوم الأربعاء في 14 شباط الجاري·
|
No comments:
Post a Comment