سمار الترك - لاهاي <مفهوم وعناصر القرار الاتهامي> كان حاضراً خلال <المؤتمر القانوني العربي لدراسة المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، في لاهاي، وذلك من خلال المداخلات والنقاشات التي شارك فيها كبار رجال القانون العرب الذي حرصوا على اعطاء هذا الموضوع حيّزاً كبيراً من النقاش نظراً لأهميته وعلاقته القانونية بالمحكمة·
ومن يتابع مجريات هذه القضية، يلحظ من خلال قراءته للصحف والمجلات والمقالات ووسائل الاعلام المرئية انه لم ير أو يسمع مصطلحاً واحداً بشأن ما يصدره المدعي العام الدولي في المحكمة الخاصة بلبنان نتيجة تحقيقاته· والملاحظ بشكل واضح ان هناك خلطاً ومزجا بين الاجراءات والاصول الجزائية المتبعة والمتعارف عليها لدى القضاء اللبناني وتلك الاجراءات والاصول المتبعة لدى المحكمة الخاصة بلبنان في مراحلها كافة، وكذلك في موضوع الادلة والبيانات والعناصر المتكاملة في تثبيت التهم· ونظراً لأهمية هذه القضية التقت <اللـواء> خلال المؤتمر الذي عقد في لاهاي المحامي محمد المراد، العضو السابق في مجلس نقابة المحامين في طرابلس (لبنان)، فكان حوارا سلطنا خلاله الضوء على مفهوم وعناصر لائحة الاتهام توخيا لاستعمال المفردات والمصطلحات القانونية وتأكيداً على القيمة القانونية للائحة الاتهام· وفيما يلي نص الحوار: المفهوم الصحيح للتسمية { بداية كيف تقرأ المصطلح الدقيق والمفهوم الصحيح للتسمية؟ - بعد مراجعة النصوص التي ترعى المحكمة الخاصة بلبنان يتبين ان نظام المحكمة الخاصة بلبنان يطغى عليه الطابع الانغلو ? ساكسوني مقابل الطابع الفرنكو ? لاتيني المعتمد في لبنان مع مزج بين النظامين الاجرائيين في حالات معينة حيث لم يعتمد نظام المحلفين واستعيض عنه بنظام القضاة المهنيين وذلك بالنسبة الى الهيئات الثلاث التي تؤلف المحكمة، والتي تتمثل: 1- قاضي الاجراءات التمهيدية عوضاً عن هيئة المحلفين الكبرى Grand Jury (عدد اعضائها ما بين 12 عضواً على الاقل وغالباً من 23 محلفاً) ويديرها قاضي محترف وهي تختص بتلقي الشكاوى وسماع البيانات المقدمة من المراجع الرسمية (محققون ? ضباط عدليون ? اطباء شرعيون ? خبراء اختصاصيون··) باستثناء الشهود الذين يعوّل المدعي العام على شهادتهم، وتقرر هذه الهيئة صحة لوائح الاتهام اذا اقتنعت بتوافر الاسباب الكافية لقابلية سماع الدعوى خلال محاكمة علنية او تقرير رفضها او احياناً تطلب التوسع في التحقيق··· متبعة ارشادات المحكمة لجهة الامور القانونية وسير الاجراءات امامها· وهكذا يصبح قاضي الاجراءات التمهيدية صاحب الصلاحية والاختصاص بدلاً من هيئة المحلفين الكبرى· 2- المحكمة الابتدائية المؤلفة من ثلاثة قضاة مهنيين عوضاً عن هيئة محلفين بادارة قاضي مهني· 3- المحكمة الاستئنافية المؤلفة من خمسة قضاة مهنيين· الا ان الترجمة والتعريب في النصوص، اي النص الانكليزي والنص العربي والنص الفرنسي أحدثت إلتباساً تاماً· حيث نجد في النص العربي عبارة <قرار اتهام> بينما وردت في النص الفرنسي عبارة Act d`acusation وهي ترجمة صحيحة في اللغتين اذ ان العبارتين تؤديان المعنى نفسه والمدلول القانوني عينه· اي ان قرار الاتهام في النظام اللبناني يتماثل الى حد بعيد مع Act d`acusation في النظام الفرنكو ? لاتيني· ولكن العبارة في النص الانكليزي Indictment يصح تعريبها بـ : لائحة اتهام وليس قرار اتهام ولا قرار ظني· وهذه المسألة انما ترمز الى نظام اصول محاكمات النظام الانغلو ? ساكسوني المتبع في الولايات المتحدة وسواها من الدول وكذلك في المحاكم الجزائية الدولية المختلف تماماً عن النظامين الفرنكو ? لاتيني واللبناني لان هذا الاخير يعتمد الاجراء الاستقصائي او التحقيقي بينما يرتكز النظام الانغلو ? ساكسوني على وجاهية الاجراءات· وعليه، فمن البديهي ان يظهر الفرق شاسعاً بين مصطلح قرار الاتهام في لبنان وفرنسا ولائحة الاتهام لدى المحكمة الخاصة بلبنان· النتائج المترتبة { ماذا عن النتائج التي تترتب على قرار الاتهام؟ - لا شك ان هناك فرقاً شاسعاً بين قرار الاتهام ولائحة الاتهام وبخاصة لجهة مفاعيل كل منهما· فقرار الاتهام هو قرار صادر عن قاضٍ حولت النيابة العامة اليه <ادعاء ما> ضع يده على القضية ويباشر هو بدوره في التحقيقات التي يراها مناسبة بغية اتخاذ قرار يرمي الى اصدار قرار ظني وهو قرار قابل للاستئناف امام الهيئة الاتهامية المؤلفة من غرفة مدنية لدى محكمة الاستئناف وفي بعض الاحيان للنقض امام محكمة التمييز· ولدى صدور القرار الظني عن قاضي التحقيق ترفع الاوراق بالاساس او بنتيجة الاستئناف امام الهيئة الاتهامية التي تصدر بدورها قراراً اتهامياً بعد دراسة الملف اما بتصدق القرار الظني الصادر عن قاضي التحقيق واما بفسخ هذا القرار مغيّرة وصف الجناية المنسوبة الى المدعى عليه سواء باعتبارها جنحة يعاقب عليها بموجب مواد مختلفة عن تلك التي اعتمدها قاضي التحقيق وهناك احتمال آخر هو منع المحكمة عن المدعى عليه ويكون هذا القرار بدوره قابلاً للنقض في بعض الاحيان امام محكمة التمييز· وبعد هذه المراحل والتحقيقات كافة نكون امام مضبطة الاتهام ذات حجية تخلق قرينة بالنسبة الى الوقائع والتحقيقات المضبوطة· نتائج لائحة الاتهام { ماذا عن نتائج لائحة الاتهام؟ - ان ما هو متبع لدى المحكمة الخاصة بلبنان وبخلاف القرار الاتهامي هو أن لائحة الاتهام تصدر عن المدعي العام الذي يعرضها متى استكملت عناصرها امام قاضي الاجراءات التمهيدية الذي يعود له ان يقدر مدى انطباق هذا الادعاء على المواد القانونية والاصول المتبعة وبالتالي مدى قابلية هذا الادعاء لتحال الدعوى امام المحكمة فتضع يدها على القضية، واذا ما راى قاضي الاجراءات التمهيدية ان الادعاء هذا يفتقر الى المصداقية او الى الادلة الكافية لتجعل لائحة الاتهام قابلة لسماع الدعوى امام المحكمة المختصة حيث يطلب من المدعي العام تأييد اسباب الادانة كافة او بعض منها بادلة اضافية من شأنها ان تضفي على الادعاء مصداقية كافية لجعله مسموعاً في محاكمة علنية كما يحدث ايضاً ان يعيد لائحة الاتهام الى المدعي العام مفيداً اياه ان شروط تحويل الاوراق لسماعها في محاكمة علنية غير متوفرة اطلاقاً عندها تتوقف الاجراءات الى ان ياتي المدعي العام بلائحة اتهام اخرى مستندة الى ركائز اخرى· ولكن اذا رأى قاضي الاجراءات التمهيدية ان لائحة الاتهام المقدمة من المدعي العام تتمتع بشروط كافية تسمح بالدعوى لمحاكمة علنية فيطلب عندها من المحكمة تعيين جلسة علنية ليصار الى بدء المحاكمات هذا فضلاً عن الكثير من الفروقات بين سلطة وصلاحية الادعاء العام ومكتب الدفاع امام المحكمة الخاصة بلبنان وبين سلطة الادعاء العام والدفاع امام القضاء اللبناني سواء بالنسبة لاثبات الوقائع والادلة والتقارير وغير ذلك من عناصر الادانة وكذلك الاستقصاء والتحري اثناء المحاكمة لكشف الجريمة مستعيناً بالسلطات الدولية وللدفاع ايضاً صلاحية استدعاء الشهود وكشف المستندات والادلة من هنا جاءت اهمية التفريق والتمييز بين قرار الاتهام ولائحة الاتهام· { برأيك ما هي الخلاصة؟ - الخلاصة اننا امام لائحة اتهام وليس قرار اتهام كما ان هناك ثمة تبايناً بين الاجراءات المتبعة لدى المحكمة الخاصة بلبنان والاصول الجزائية المرعية في لبنان وان اكثر ما يتناوله الاعلام حالياً يفتقد الى الدقة القانونية فتطلق الاستنتاجات وتتخذ المواقف من المحكمة من دون معرفة فعلية بمجرياتها ولا بنتائج كل اجراء تتخذه· { ختاماً، ماذا عن عناصر لائحة الاتهام؟ - تتضمن لائحة الاتهام المصدقة من قاضي الاجراءات التمهيدية: 1- اسم المتهم والمعلومات الشخصية عنه (المادة 68/ من قواعد الاجراءات والاثبات) من اسم المتهم وشهرته وتاريخ ولادته واسمي والديه ورقم قيده ومحل اقامته وجنسيته· 2- تعليل لائحة الاتهام من قاضي الاجراءات التمهيدية بكل تهمة من التهم بعد عرض واضح للوقائع (المادة 68/ من قواعد الاجراءات والاثبات) وتفنيداً للأدلة على ارتباط الجريمة بفعل المتهم من اقرار وشهود وتقارير فنية وعلمية ومخبرية ومستندات وافادات وتسجيلات وسجلات ووثائق ومعلومات المقدمة من المدعي العام الدولي ومن الادلة التي يجمعها قاضي الاجراءات التمهيدية بصفة استثنائية بما في ذلك شهادة الشهود الذين لم تكشف هويتهم (المادتان 92 و93 قواعد الاجراءات والاثبات)· 3- اعطاء الوصف القانوني المطابق لكل تهمة من التهم المنسوبة الى المتهم التي تنطبق عليه المواد القانونية بحسب الوقائع المؤيدة والمعززة بالادلة المطلوبة والمتوفرة· 4- توقيع قاضي الاجراءات التمهيدية بالمصادقة على لائحة الاتهام وتاريخ ذلك· 5- اعلان لائحة الاتهام بعد تصديقها من قبل قاضي الاجراءتت التمهيدية (المادة 73/ مع مراعاة المادة 74/ من قواعد الاجراءات والاثبات) وابلاغ لائحة الاتهام من المتهم بحسب الاصول المنصوص عليها في المادة 76/ قواعد اجراءات واثبات·
|
No comments:
Post a Comment