كارلا خطّار
يعود 8 آذار وتعود المرأة لتطلّ من على منبره، هذا العام حاملة راية الثورة وفاعلة في التحرير. وفيما تتابع الجمعيات النسائية سعيها لاحقاق حقوق المرأة في النصوص القانونية ، اخترقت هي الصمت وقادت الثورات علّها تغير ما في النفوس تجاهها. تغيير عوّلت عليه منظمة الامم المتحدة التي وصفت في دراساتها الاخيرة القرن 21 ب "قرن المرأة" بحيث سيكون لها الكلمة الفصل في الإدارة والسياسة، لأنها الاكثر قدرة على التحمّل والانضباط والتنظيم.
الثورات التي شكلت المرأة اللبنانية النموذج الامثل لقيادتها في العام 2005، فنزلت الى ساحة الحرية وسارت في طرقات لبنان مفتتحة ثورة الأرز ومدافعة عن المحكمة الدولية ذارفة الدموع على اخ وابن وزوج فقدته في سلسلة الاغتيالات السياسية. هي التي قادت التظاهرات وآخرها يوم الاحد الماضي منطلقة من ضريح الرئيس شهيد رفيق الحريري، ولن يهدأ لها بال الا بعد ان تحقق مرادها وتحرّر وطنها من كل خطر قد يهدّدها وعائلتها. ومن لبنان الى العالم العربي، سلكت المرأة العربية المسيرة نفسها في تونس ومصر وليبيا واليمن وصولاً الى ايران حيث اشعلت الثورة بواسطة الانترنت لتجمع اكبر عدد ممكن من النساء والطالبات اللواتي وقفن الى جانب الرجل ليغيروا معاً التاريخ. أثبتت المراة حجمها ودورها عبر الانترنت والفايسبوك وتويتر والمدونات ثم ترجمت جهودها عبر الإعلام الحديث في ساحات الحرية وثورات الاستقلالات الجديدة فكانت الناشطة التي صنعت الحدث.
اشعل استشهاد الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط 2005 الثورة. في تلك اللحظة قلبت المرأة اللبنانية كل المفاهيم والادعاءات التي اتهمتها بالخمول وعدم الاكتراث، فتخطت مفهوم المصلحة الشخصية لتعبر ببعد نظرها الى مصلحة عائلتها وبالتالي مصلحة الوطن الكبير. جريمة الاغتيال وما تبعها من سلسلة اغتيالات سياسية، فرضت على المرأة الام والزوجة والاخت والجدة والمراهقة والطالبة ان تعلن الثورة وتصرخ "لأ" كل اشكال الاجرام والارهاب والوصاية التي خنقت البلد وسدّت على ابنائه منافذ العيش الكريم لسنين طوال.
من العام 2005 الى العام 2011 لم تيأس المرأة اللبنانية من مطالبتها بالحق، بل حافظت على مبدئها وأعادت رصّ صفوفها وكان الرجل داعماً لها حتى ولو لم يرافقها، فسارت يوم الاحد الماضي ضمن سلسلة بشرية نسائية من ضريح الرئيس رفيق الحريري في وسط بيروت إلى مكان جريمة الاغتيال في السان جورج تحت شعار "معرفة القاتل وحماية المحكمة الخاصة بلبنان." فبعدما نزلت الى الشارع مطالبة برفض الوصاية السياسية على لبنان، عادت ونزلت مجدداً لترفض وصاية السلاح وتصرّ على ان المضي بالمحكمة الدولية هو السبيل الوحيد لكشف القاتل الذي استباح أمن بلدها على مدى سنوات. وشارك في التحرّك الذي رفعت فيه صور الرئيس الشهيد رفيق الحريري والرئيس سعد الحريري، عدد من قريبات شهداء عمليات الاغتيال وزوجاتهن وبناتهن، واطلقت دعوات لمساندة المرأة اللبنانية في تحركاتها الوطنية ومحاسبة المجرمين الذين سلخوا عنهن اقرب المقربين.. أخاً ووالداً وجداً. ولأجل ان تنعم بحياة حرة وسليمة آمنت المرأة اللبنانية بالقضية وستعود الى ساحة الحرية في 14 آذار المقبل قاطعة حواجز ومراحل رسمت خارطة التاريخ الجديد للبنان.
العربية.. إلكترونية واستقلالية
No comments:
Post a Comment