يُفترض بالصيادين الذين يقدّر عددهم في لبنان بما يزيد على 500 ألف صياد أن ينتظروا صدور قرار عن وزير البيئة بفتح موسم الصيد الذي كان من المفترض أن يصدر في ١٥ أيلول الحالي، لكن التأخر في عمل المجلس الأعلى للصيد يترك الباب مفتوحاً أمام الصيد العشوائي المفتوح في جميع المواسم
بسام القنطار
شهد اجتماع المجلس الأعلى للصيد البري، الأسبوع الماضي، مناقشات حادة بين أعضائه بعدما طرح على جدول الأعمال بند تعديل لائحة الطيور والحيوانات المسموح بصيدها، وطلب إلغاء طائر الحجل منها لكونه طائراً مقيماً غير عابر للحدود وليس مضرّاً بالزراعة أو بالتوازن البيئي. وفي حين دافع أصحاب هذا الطرح عنه بشدة، رأى فريق آخر أن طرحه يهدف إلى عرقلة إطلاق موسم الصيد لعام ٢٠١٢، الذي يفترض أن يصدر بقرار عن المجلس بناءً على توصية من وزير البيئة ناظم الخوري، وذلك بعد أن يستكمل المجلس إصدار المراسيم التطبيقية والقرارات التنظيمية للقانون رقم 580 المتعلق بالصيد البري. ولقد خلصت النقاشات إلى التصويت على إبقاء الحجل في لائحة الطيور المسموح بصيدها.
ويمنع الصيد في لبنان بناءً على قرار مجلس الوزراء الرقم ٣٧ الصادر عام ١٩٩٧، لكن الصيد العشوائي إلى تزايد في جميع المواسم والفصول، ويندر أن يجري اعتقال صياد في لبنان من قبل القوى الأمنية، علماً بأن إحصاءً غير رسمي صدر عام ٢٠٠٩ أظهر أن لبنان يستهلك سنوياً ما يزيد على ٢٥ مليون طلقة صيد، تنتج حوالى ٦٠٠ طن من الرصاص.
استحقاق جدي ينتظر الوزير الخوري في حال اتخذ قراراً بفتح موسم الصيد. فمرسوم بوليصة التأمين الإلزامي للصياد أرسل حديثاً إلى مجلس شورى الدولة، رغم أن المسوّدة الأولى لهذا المرسوم صدرت في عهد الوزير الأسبق طوني كرم! كما أن مرسوم الطابع المالي الذي يفترض أن يلصق على رخصة الصيد لم يصدر بعد عن وزير المال. ورغم أن نوادي الرماية باتت جاهزة لإجراء امتحانات للصيادين، فإن عددها القليل ووجود غالبيتها في جبل لبنان يجعلها غير قابلة من الناحية اللوجستية لاستيعاب الأعداد الكبيرة من الصيادين الراغبين في التقدم إلى الامتحانات. وبالتالي، فإن الدعوة إلى فتح موسم الصيد هذا العام الذي يفترض أن يبدأ من ١٥ أيلول الحالي باتت شبه مستحيلة. وعلمت «الأخبار» أن الوزير الخوري بصدد عقد مؤتمر صحافي قريباً يعلن فيه إنجاز المراسيم التنظيمية، ويدعو خلاله الصيادين إلى التقدم لإجراء الامتحان، على أن يفتح موسم الصيد في أيلول عام ٢٠١٣.
ويؤكد المدير التنفيذي لجمعية حماية الطبيعة في لبنان أسعد سرحال، الذي يمثل الجمعيات البيئية في المجلس الأعلى للصيد البري، أن الجمعيات البيئية يجب ألا تعرقل قرار فتح موسم الصيد، لأنه المدخل الوحيد لضبط عمليات الصيد العشوائي المستمرة في لبنان على مدار العام.
ويلفت سرحال إلى أن مشروع حماية الطيور المهاجرة، الذي ينفذّه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في وزارة البيئة بالتعاون مع جمعية حماية الطبيعة في لبنان، استكمل إنجاز الدليل المتعلق بأنواع الطيور المسموح صيدها. ويتضمن هذا الدليل شرحاً مفصّلاً لهذه الطرائد مع أسمائها العلمية والمحلية، وهو ثمرة عمل امتد لسنوات طويلة.
سرحال تساءل في حديث إلى «الأخبار» عن المغزى من طرح تعديل لائحة الطيور والحيوانات المسموح بصيدها وكمياتها، لجهة إلغاء طائر الحجل. وأكد أن فئة محددة من الصيادين تتعقّب هذا الطائر لاصطياده، وهو ليس على لائحة الطيور المهددة بالانقراض، كما أن صيده صعب للغاية، فهو يفضّل الجري على الطيران، لكنه عند الشعور بالخطر يطير بعيداً، وله قدرة كبيرة على التخفي والتمويه، ويجيد المباغتة بين الصخور والأحراج، يساعده في ذلك لونه البني الذي لا يختلف عن لون البيئة المحيطة. وأضاف: «الأولوية بالنسبة لنا منع الصيد العشوائي (الصيد بالدبق، والأنوار الكاشفة، والشباك... إلخ) وهذا الأمر يحتاج إلى جهد مشترك بين القوى الأمنية وحراس الغابات والمحميات الطبيعية والشرطة البلدية».
ويلفت سرحال إلى أن الدليل تميّز بالتوسّع في توصيف وشرح الطرائد المسموح بصيدها، والتي وصلت إلى ١٦ طريدة يمكن فقط الصياد أن يصطادها، إضافة إلى تحديد الكمية المسموح باصطيادها. وأمل سرحال أن يتم تحديد الأماكن المسموح بالصيد فيها في القرار الذي سيصدر عن وزارة البيئة، لأن من المستحيل أن يتمكن حراس الأحراج والشرطة البلدية والقوى الأمنية من ضبط عملية الصيد على جميع الأراضي اللبنانية، في حين يوجد العديد من المناطق، وهي معروفة جيداً من قبل الصيادين، التي تتميز بأنها منطقة عبور للطيور المسموح بصيدها.
بدوره، يلفت مدير مشروع الطيور المهاجرة في وزارة البيئة سليم حمادة، إلى أن المستفيد الأول من فوضى الصيد العشوائي هو تجار السلاح والخرطوش وتجار لحوم الطيور البرية، وفتح موسم الصيد بطريقة قانونية سيسمح بتفعيل عمل الضابطة العدلية المكلفة بتطبيق قانون الصيد بعدما غابت لسنوات عن القيام بمهماتها وتذرعها بالأوضاع الأمنية في لبنان.
كلام حماد جاء خلال ورشة عمل «عن حالة الطيور في لبنان» التي أقامها المشروع الأسبوع الماضي وحضرها عدد من الجمعيات البيئية المهتمة. ولقد شهدت الورشة نقاشات واسعة حول موضوع فتح موسم الصيد، وخلصت إلى التوصية بضرورة مراعاة الأنظمة العامة وعدم فتح موسم الصيد إلا بعد استكمال الخطوات التنظيمية، ولا سيما تدريب الصيادين على أنواع الطرائد المسموح بصيدها وحيازتهم رخصة صيد صادرة عن نواد مرخصة.
بدورها أكدت ممثلة وزارة البيئة في الورشة رشا كنج أنه يعود حق تنظيم محاضر ضبط للمخالفين إلى قوى الأمن الداخلي وحراس الأحراج والصيد التابعين لوزارة الزراعة، وحراس المحميات الطبيعية ضمن نطاق المحميات، ولقد خضع هؤلاء خلال الشهرين الماضيين لورش تدريب لكي يتمكنوا من التمييز بين أنواع الطيور عند قيامهم بمهمّاتهم وضبط المخالفات.
No comments:
Post a Comment