مؤتمر نقابي يرفض التقسيط وفرض الضرائب... ويلوّح بالعودة إلى الشارع
«التنسيق» تمهل الحكومة عشرة أيام لإحالة السلسلة الى مجلس النواب
عماد الزغبي
خرجت «هيئة التنسيق النقابية» بموقف موحّد، في أعقاب المؤتمر النقابي للأساتذة والمعلمين وموظفي الإدارة العامة، تحت عنوان «سلسلة الرواتب مدخل للإصلاح الإداري والتربوي»، تمثّل بتوجيه الدعوة لمجلس الوزراء لإحالة السلسلة الى مجلس النواب في مهلة الأيام العشرة المقبلة، من دون تقسيط، ومع تعديل للدرجات وإنصاف المتقاعدين والمتعاقدين، والأجراء، ومن دون ضرائب على المواطنين أصحاب الدخل المحدود. ولوّحت بالعودة للنزول الى الشارع إضرابا واعتصاما في حال لم تحل السلسلة.
خصص المؤتمر النقابي، لعرض مخاطر تقسيط السلسلة على أربع سنوات، والمفعول الرجعي حتى العام 2018، لكن الحضور فاق توقعات المنظمين، ما أضطرهم الى نقل المؤتمر من القاعة الجانبية لقصر الأونيسكو، الى القاعة الرئيس، التي غصّت بممثلي النقابات، والموظفين والمعلمين والأساتذة، مع مشاركة لافتة من رئيس ونائب رئيس رابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية حميد الحكم وشربل كفوري.
والمؤتمر الذي كان موجها إلى ممثلي الروابط ومجالس المندوبين ضمن مكوّنات هيئة التنسيق، حضره حشد من المعلمين في القطاعين العام والخاص، بعد التسريبات الأخيرة عن السلسلة، والسنوات الطويلة المخصصة لتقسيطها، بحيث يضيع مفعولها قبل أن تصل الى جيوب الموظفين والمعلمين، في ظل الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية، التي تعيشها البلاد والخوف من ضياع المكاسب التي تحققت.
وهذا التخوف عبّر عنه الخبير الاقتصادي كمال حمدان، في مداخلة مطولة، ركّز فيها على ثلاث نقاط أساسية وهي: المكاسب التي حققتها هيئة التنسيق، والمحاذير أو المخاطر التي لا تزال تحيط بالمكاسب، ومسؤولية هيئة التنسيق في الحفاظ على ما حققته وتعميم العمل النقابي.
ونوّه بالمكاسب التي حققتها هيئة التنسيق في إقرار السلسلة ووصفها بالكبيرة جدا، بعد الفجوة الكبيرة التي حدثت منذ أخر تصحيح للرواتب في العام 1996، و«إن كانت زيادة الـ200 ألف ليرة في العام 2008 قد عوّضت إلى حد ما خسره القطاع العام طوال 12 عاما». وأجرى مقارنة بين موظفي القطاع العام والخاص الذين حصلوا على أكثر من تعديل على أجورهم منذ العام 1996.
ورأى حمدان أن الحركة النقابية أفرغت من محتواها بعد اتفاق الطائف، وفي تسعينيات القرن الماضي، وأصبح الاتحاد العمالي «احتياط يستخدم في إطار التجاذب بين القوى السياسية»، ونوّه بدور الموظفين الذين انتفضوا.
وسجّل تمايزا بين إدارة هيئة التنسيق لمعركتها من أجل السلسلة، والمفاوضات التي أدارها الاتحاد العمالي، والتي كانت عبارة عن مساومات، «وجب معها إعادة البحث في تشكيل حركة نقابية عمالية».
واعتبر أن المعركة ما زالت مفتوحة على موضوع التقسيط، وعدّد خطران، الأول يتزامن مع افتراض ضمني لدى من طرح التقسيط أن الأجور ستبقى ثابتة للعام 2016، والثاني عدم وجود ضمانات لتسويق السلسلة في مجلس النواب.
وأعرب عن خشيته من عدم التمكن من تأمين الإرادات المطلوبة، وتوجه الى الحضور داعيا الى الالتفاف حول حركتهم النقابية، لمواجهة المخاطر.
وسأل رئيس «رابطة اساتذة التعليم الثانوي» حنا غريب عن علاقة أرباب العمل بسلسلة القطاع العام، «طالما هم قادرون بلمح البصر على رفع الأسعار من دون رقيب أو حسيب، فالتحريض على السلسلة هذه غايته، فهم يرفضون خفض نسب أرباحهم من الريوع المصرفية والعقارية التي يحققون».
ورأى أن الحكومة من جهتها ليست مقصِّرة، «تلاحظون كيف تستخدم السلسلة حجة وغطاء لإقرار زيادات ضريبية على المواطنين لتحريضهم ضد الموظفين، بينما هي في الحقيقة تحاول خفض عجز موازنتها على حساب الموظفين والمواطنين جرّاء الفساد وهدر المال العام وسوء سياساتها المالية».
وأعلن الرفض المطلق لـ«فرض ضرائب على ذوي الدخل المحدود لتغطية تكاليف السلسلة». ودعا الشعب اللبناني للتحرك ضد هذا التوجّه، فـ«كما نتحرك من اجل حقنا بالسلسلة نتحرك أيضا بنفس القوة والعزيمة ضد هذا النوع من الضرائب التي يستهدفنا جميعا والذي يجعل من مشروع السلسلة كمن يعطي بيد ويأخذ باليد الأخرى».
ودعا غريب للبقاء على أهبة الاستعداد والجهوزية الكاملة لمواجهة الهجمة المضادة على السلسلة لتجريدها من قيمتها الإصلاحية والمادية، مؤكدا أن الرد سيكون فورياً: إضرابا واعتصاما وتظاهرا إذا لم يجر إحالة السلسلة الى المجلس النيابي في مهلة الايام العشر المقبلة.
واعتبر رئيس «رابطة التعليم الأساسي» محمود أيوب أن سد عجز الموازنة لا يكون بحرمان أصحاب الدخل المحدود من حقوقهم، ولا بتحويل الوظيفة إلى أعمال سخرة، إنما يكون بانتزاع الأملاك البحرية والنهرية من سالبيها، وبإلزام الشركات والمصارف الكبرى دفع الضرائب على أرباحها الحقيقية لا الوهمية.
وقال: «باسم عشرات آلاف المعلمين إن السلسلة حق لنا كاملة، ولن نقبل بتقسيطها المجحف والمذل، كما لن نقبل الالتفاف على حقوق المتقاعدين والمتعاقدين والأجراء... وإن باعنا لطويل في التصدي وفي التصعيد بشكل حضاري وراق».
وعرض رئيس «رابطة موظفي الإدارة العامة» محمود حيدر للوعود والاتفاقات التي جرت حتى أقرار السلسلة، مؤكدا أن إقرارها في المجلس النيابي يشكّل مدخلا ضروريا وملحّا لتأمين رواتب للموظفين تتلاءم مع أوضاعهم المعيشية والحياتية الصعبة.
وأوضح أن ما تطالب هيئة التنسيق به الحكومة، هو بإحالة السلسلة الى مجلس النواب، وإلا فإن الموظفين والأساتذة والمعلمين سيضطرون للعودة إلى اعتماد أشكال التصعيد كافة، لأن الوضع أصبح لا يطاق.
وحمّل الذين وافقوا على السلسلة من المسؤولين، مسؤولية إلغائها في المجلس النيابي، وأعلن رفضه زيادة قيمة المحسومات التقاعدية من ستة الى ثمانية في المئة، وطالب بإعادة احتساب التعويض العائلي على اساس 75 في المئة من الحد الأدنى الجديد للأجور والنقل على أثنين في المئة منه، والمعاش التقاعدي على أساس مئة في المئة من الراتب الأخير للموظف.
وتوجه نقيب المعلمين في المدارس الخاصة نعمه محفوض إلى الهيئات الاقتصادية بالقول: «تقولون إن السلسلة ستأخذ البلد إلى الانهيار... لو أنه أرفق هذا القول بأن هناك سرقات وأن البحر يبلّط وأن هناك محسوبيات لفهمنا موقفكم». ورأى أن كلام الهيئات الاقتصادية لا يمت للعلم بصلة، لأن الضرائب تطال مصالح بعضهم، «لذلك يرفضون السلسلة».
ولفت إلى وجود دراسة علمية تشير إلى أن ردم البحر يعود على خزنة الدولة بثمانية ملايين ونصف مليون دولار «لذلك ترفض الهيئات الاقتصادية فرض ضرائب عليها». وخاطب الهيئات الاقتصادية قائلا: «نحن شركاء في الوطن، ودوركم لا ننكره، لكن الدورة الاقتصادية لا تكتمل من دوننا».
وبالنسبة الى الحكومة، أعرب عن شعور بأن هيئة التنسيق تتعامل مع ثلاثين وزيرا، مسمّيا عددا من الوزراء من الذين وقفوا ضد السلسلة، وقال: «إما يلتزم الوزراء بالسلسلة كما تم الاتفاق عليها، أو فليستقيلوا».
وأكد محفوض أن نقابة المعلمين لا يمكن أن تحل محل لجان الأهل في المدارس الخاصة، ودعاها لأن تكون رقيبا على الأقساط المدرسية، مشيرا إلى أن عددا من هذه المدارس رفعت أقساطها في العام الماضي بين 500 ألف ومليون ليرة، بحجة الدرجات الأربع التي لم نقبضها بعد، والآن يلوحون بزيادة بين مليون ومليوني ليرة على سلسلة لم تقر، وإن أقرت ستكون بدءا من نيسان العام المقبل، أي أننا لن نقبض شيئا في الأشهر التسعة الأولى.
وأشار الى أن هيئة التنسيق يمكن أن تقبل بتقسيط السلسلة على 18 شهرا مراعاة لوضع البلد، وأكثر من ذلك لن نقبل.
واختتم المؤتمر بكلمة لعريف الحفل نائب رئيس رابطة التعليم الأساسي كامل شيا بالدعوة على أمل اللقاء في ساحات النضال.
عماد الزغبي
No comments:
Post a Comment