The Lebanese Center for Human Rights (CLDH) is a local non-profit, non-partisan Lebanese human rights organization in Beirut that was established by the Franco-Lebanese Movement SOLIDA (Support for Lebanese Detained Arbitrarily) in 2006. SOLIDA has been active since 1996 in the struggle against arbitrary detention, enforced disappearance and the impunity of those perpetrating gross human violations.

Search This Blog

May 11, 2016

Al-Akhbar - Zina Dakkash graduated prisoners from isolation psychological sanitarium, May 11, 2016



زينة دكاش بين سجنين... يا صبرك يا «جوهر»




منى مرعي




لدى دخول باحة سجن رومية الثلاثية الزوايا، حيث تتدلى من طاقات المباني الثلاث قمصان وبناطيل ملونّة مربوطة بحبل سميك عامودي، يحس المرء أنه جزء من لوحة سوريالية. إلى اليسار، باب حديدي كتب فوقه «المركز اللبناني للعلاج بالدراما ــ كاتارسيس».

داخل المركز، شيّد مسرح وقاعة كواليس بامكانات متواضعة جداً. على أحد الحيطان، رسم متقن لحمار اسمه «جوهر» رسمه السجناء أنفسهم. «جوهر في مهب الريح» هو عنوان العرض الثالث للعلاج بالدراما من توقيع الممثلة والمخرجة زينة دكاش (راجع المقال أدناه).

السجناء أنفسهم حددوا عنوان العرض اثر تمرين مسرحي: طلبت منهم دكاش اختيار حيوانٍ يحظى بتقديرهم ومحبتهم. كانت المفاجأة أن الحمار كان أكثر الحيوانات احتراماً لدى الفئتين اللتين تعالجهما دكاش: فئة المرضى النفسيين، وفئة المحكومين. هؤلاء تماهوا مع جوهر: العناد، الانتظار، الصبر، وعدم معرفة المصير أصبحت صفاتهم. أحبوا جوهر وناشدوا ألا يصبحوا في مهب الريح.

هذا العرض الذي يشكل جزءاً من مشروع «قصّة منسييّن خلف القضبان» المُنفذ من قبل «كاتارسيس» بدعم من الاتحاد الأوروبي، يؤديه 40 سجيناً في رومية، وتتخلله مشاهد فيديو لسجناء المبنى الاحترازي الذي يعرف بالمبنى الأزرق ويضم ٤٠ مريضاً نفسياً. يركز العرض على حكايا المرضى النفسيين في المبنى الاحترازي، وهم ضحايا لقوانين جائرة ومجحفة، ولا يغفل بعض قصص المحكومين بالإعدام والمؤبد في تعرضهم لظلم القوانين والمجتمع.

ترى دكاش أنّ عنوان العرض لا ينم عن تشاؤم بقدر ما ينم عن واقع. لذا، يجهد «كاتارسيس» في توسيع نطاق عمله ليشمل ضمن مشروع «منسيون خلف القضبان» أربعة مُخرَجات أساسية: دراسة تبحث في مدى انتشار الاضطرابات النفسية الشديدة لدى السجناء في سجنَي بعبدا ورومية، وتظهر ارتفاع نسبة انتشار الأمراض النفسية في السجون مقارنة مع عموم السكان، ومسرحية «جوهر في مهب الريح» التي يؤديها السجناء في رومية (منهم مرضى)، ودراسة قانونية تتضمن مقارنة بين القانون الحالي في لبنان والقوانين المعتمدة في دُول أخرى (تُنشر في أيار/مايو 2016)، واقتراح مسودّة مشروع قانون سنداً للدراستين المذكورتين آنفاً.

اشتغلت دكاش عرضها على النحو التالي: كانت تقوم بجلساتها العلاجية مع المرضى النفسيين. تصوّرهم أو تجري مقابلات معهم وتعرضها على السجناء الآخرين المحكوم بعضهم بالمؤبد، وبعضهم الآخر بالإعدام (وهنالك أيضاً من لم يصدر حكم بحقهم).




عرض يضيء على

سجناء المبنى

الاحترازي الذي يضم ٤٠ مريضاً نفسياً




يقول أحمد (حكم بـ٢٢ سنة) إنّ مصيبته هانت حين رأى فيديوهات المرضى النفسيين وشعر بالخوف في آن. كثيرون ممن دخلوا السجن ولم يعانوا قبلاً من أمراض نفسية، أصيبوا بها بعد دخولهم السجن. كان السؤال الذي يتبادر إلى ذهنه: «كيف أحافظ على نفسي؟ كيف أحمي نفسي؟». يكمن الجواب عند فوزي (٢٣ سنة حكم) الذي قبع في المبنى الأزرق سبع سنوات، وخرج بعد جهود بسيطة كان يقوم بها. بالنسبة إليه، الإصابة بمرض نفسي داخل السجن، أمر ناتج عن الصدمة التي يختبرها السجين إبان دخوله حيث يجد نفسه مجرداً من كل حقوقه وعنفوانه. منهم من لا يستطيع تخطي الصدمة وتقبل الواقع، وهذا ما جرى معه. كان فوزي يعيش على المهدئات. شهد على وفاة 12 سجيناً أمام عينيه نتيجة الإهمال. إهمال العائلة. إهمال السجن. قرر فوزي أن يخرج نفسه من هذا الواقع. «ما بقى بدي عيش تحت الأدوية»، فاستعاض عن المهدئات بممارسة الرياضة، والقراءة، وكتابة الشعر، وسماع الموسيقى. يجسد فوزي شخصية مرعي شوك، المريض في المبنى الاحترازي. طوال سبع سنوات سكن فيها فوزي مع مرعي شوك، لم يتجاوز عدد الكلمات التي نطق بها العشر. في إحدى اللحظات، شعر فوزي أنه ومرعي شوك الشخص نفسه. لذا قرر العمل على تجسيد شخصية مرعي كي لا يبقى مجهولاً، لربما يتنبه أحد لوجوده ويتحرك لمساعدته.

أما السجين عودة فيلعب دور فاطمة، السجينة التي تعاني بدورها من مرض نفسي أدى إلى ارتكابها جريمة قتل وإيداعها سجن بعبدا الذي لا يخصص مبنى للمرضى النفسيين، مما يزيد معاناة هؤلاء. تعد حالة فاطمة من الحالات القليلة التي تمكنت فيها سجينة تعاني من مرض نفسي من الخروج من السجن بعد قضائها ١١ عاماً في بعبدا. عند انتهائه من قراءة مونولوجه، كان وجه عودة مفعماً بالخجل كطفل يغني أغنية للمرة الأولى أمام صديقاته البنات. وكسائر المسجونين، وجد فرناندو (سجين برازيلي الجنسية) في تلك التجربة وسيلة أعادت لهم الحياة. يقول «كل شيء بات مختلفاً». يوافقه الرأي أمين (محكوم بالإعدام): «كلنا لدينا أوجاع لن تتسّع لها الدفاتر والكتب. لا القضاء أنصفنا ولا السجن. المسرحية هي جسر يحمل قصتنا للرأي العام وينقل أصواتنا التي كتمت».

«جوهر في مهب الريح» كناية عن مشاهد عدة مرفقة بشاشة نرى عبرها مقاطع فيديو لمرضى المبنى الأزرق. بعض تلك المشاهد راقص (تدريب على الرقص بيار خضرا) فيما كتب معظم نصوص العرض السجناء تحت اشراف دكاش التي ساعدها في الإخراج كل من نزهة حرب، وروزي كيفتجيان. ترى دكاش أنّ المشاهد تشبه في نمط تركيبها ونصوصها الممتلئة عبثيةً، رأس المريض النفسي المشتت. العرض هو نتيجة عمل لم يتوقف في العلاج بالدراما. بين ٢٠٠٩، ٢٠١٢ و٢٠١٦، كانت الجلسات العلاجية مستمرة. ولحسن الحظ، معظم من عمل مع زينة في «١٢ رجل غاضب» (2009) خرج من السجن ولم يبق سوى يوسف الذي يلعب أحد أدوار «جوهر في مهب الريح». لعب الاستحسان الذي لاقاه «١٢ رجل غاضب» دوراً أساسياً في استكمال العمل رغم أن معظمهم خرج من السجن وبقيت زينة داخله، ورغم كل الصعوبات اللوجستية التي قد تواجهها أثناء عملها. صعوبة أخرى تعانيها دكاش هي عدم قدرتها أحياناً على استكمال علاجها الدرامي بسبب صدور بعض الأحكام بحق بعض المسجونين ونقلهم إلى سجون أخرى حيث لا تتوافر جلسات علاج بالدراما. كما أنه في أي لحظة، هي مهددة على الصعيد الفني والتقني أن يتركها ممثل درّبته لأشهر على العرض. تعرف دكاش جيداً أنها تنشط في مكان مستحيل في غياب الضمانات. مع ذلك، لا يتسرب اليأس إلى الفريق الذي يعمل بكل الجهود المتاحة لتحسين ظروف عيش السجناء في رومية.

«جوهر في مهب الريح»: أيام 11/12/18/19/28 أيار (مايو) ــ سجن رومية ـ للحجز: 03/162573

________________________________________

المادة ٢٣٢

تنص المادة ٢٣٢ من قانون العقوبات اللبناني على ما يلي: «من ثبت اقترافه جناية أو جنحة مقصودة ]...[ وقضي بعدم مسؤوليته بسبب فقدانه العقل حُجز بموجب فقرة خاصة من حكم التبرئة في مأوى احترازي (...) ويستمر الحجز إلى أن يثبت شفاء المجنون بقرار تصدره المحكمة». إلى أن يثبت الشفاء. هنا تكمن الطامة الكبرى. المريض النفسي لا يشفى. سنداً للأبحاث العلمية المعاصرة، المريض النفسي تصبح حالته مستقرة: وبالتالي، كلمة واحدة في غير مكانها في القانون اللبناني كفيلة بقبوع السجناء إلى أبد الآبدين في المبنى الاحترازي. كما أن نسبة افادة المحكومين بالإعدام أو المؤبد من قانون خفض العقوبات رقم ٤٦٣ محدودة جداً وفق ما تظهره الإحصاءات وهي لا تتعدى ٢.٩٪ على مدى السنوات الست الماضية.

No comments:

Post a Comment

Archives