فعلها رئيس المحكمة العسكرية الدائمة العميد الركن حسين عبدالله، ومضى أمس في محاكمة الشيخ أحمد الأسير ومَن معه من الموقوفين في ملف «أحداث عبرا»، منهياً بذلك مرحلة مهمة من المحاكمة، مرحلة الاستجوابات التي تعثرت منذ توقيف الأسير في 15 آب من العام 2015 الذي أعقبه تعطيل للجلسات بفعل استنكاف وكلائه عن الحضور لعدم البت بإخبارات تقدموا بها حول «مَن أطلق الرصاصة الأولى في تلك الأحداث»، محّدداً السادس عشر من أيار المقبل جلسة للمرافعات والنطق بالحكم في حادثة «حصلت على مستوى الوطن»، وفق تعبيره.
كل شيء في قاعة المحكمة العسكرية الدائمة أمس كان يدّل على أن المحكمة مصممّة على إنفاذ قرارها السابق بالسير بالمحاكمة بعد تعيين محامٍ عسكري للدفاع عن الأسير، فاصطف سبعة ضباط من المحامين العسكريين برتبتي نقيب ورائد (ستة من الجيش وواحد من قوى الأمن الداخلي) في المقاعد الأمامية المخصصة للمحامين مزوّدين، كلٌ واحد منهم، بنسخة عن القرار الاتهامي في «أحداث عبرا». وأُحضر الأسير الى المقعد «المخصص له» والموقوفين التسعة عشر الى قفص الاتهام. ومثّلت ثلاث محاميات فقط هن عليا شلحة وهتاف وهبي وهالة حمزة موكليهم بعد انسحاب المحامية زينة المصري لرفض المحكمة استئخار المحاكمة لحين البت بالإخبار الذي تقدمت به بمعزل عن إخبار وكلاء الأسير، والمحامي محمد الدهيبي بعد رفض طلبه الاستمهال للاطلاع على الملف.
وبدءاً من الأسير قررت المحكمة تعيين محامٍ عسكري عنه برتبة رائد رغم رفض الأخير توكيل أي محام أعقبه التزامه بالصمت على 22 واقعة تتضمن أبرز ما ورد في اعترافاته الأولية، بدءاً من نشأته وصولاً الى دعمه الثورة السورية فأحداث عبرا الى انتقاله الى بحنين، لتكر من بعده «سبحة» تعيين المحامين العسكريين عن كل من الموقوفين الذين لم يحضر وكلاؤهم وهم المتهمون ابراهيم سليمان، حسان تابت، خالد عامر، عدنان البابا، محمد وهبي، محمد صلاح، فضل مصطفى، أحمد قبلاوي، محمد الأسدي، محمد علاء المغربي، حسن بلال الزعتري وربيع النقوزي الذي طالب في نهاية الجلسة بـ«استرجاع دراجته الهوائية التي ضبطها الجيش أثناء توقيفه» واصفاً نفسه بأنه«مجنون». وتولى «الدفاع» عن هؤلاء أربعة ضباط بتكليف من الرئاسة.
ومع إعلان المحكمة تكليف محامٍ عسكري للدفاع عنه، بادر الأخير الى رفض تعيين أي محامٍ بمعزل عن وكلائه الأصليين وقال: «اعتبر قراركم ضد حقوقي واستمرار حرب الإلغاء التي شنّت علي بمؤامرة كبيرة وأرفض أن يدافع عني أي محام لأن المنطق غير موجود في ذلك». وتوجه الى رئيس المحكمة قائلاً: «أنت المحامي وأنت المدعي وأنت القاضي».
وردّ رئيس المحكمة بأن أربع سنوات مرت على هذه القضية و«لن ننتظر أي محام للسير بها فهي حادثة على مستوى الوطن»، موضحاً أن المحكمة لا علاقة لها بالإخبار، ليعود الأسير ويعتبر أن «عدم البت بالإخبار هو أكبر دليل ساطع على أن هناك مؤامرة ضدي».
وقبل الشروع باستجواب الأسير، سجّل نقاش بين المحامية زينة المصري قبل انسحابها وممثل النيابة العامة القاضي هاني حلمي الحجار الذي اعتبر أن الإخبارات باتت «كإبريق الزيت»، مشيراً الى »«أن ثمة جزءاً من الاستعراضات في هذه المحاكمة تحت عنوان التلازم بالإخبارات والمحاكمة وطلبات الاستئخار». وأوضح الحجار أنه لا يوجد تلازم بين الخبارات والمحاكمة لافتاً الى أنه بحسب المادة 79 من قانون أصول المحاكمات الجزائية فإنه في حال وجود شبهة على أشخاص فإن ذلك لا ينفي التهمة عن الأشخاص الماثلين أمام المحكمة، طالباً بالنتيجة رد أي ادلاءات بهذا الخصوص لعدم توافر الشروط القانونية ومتابعة التحقيقات.
وبعد تلاوة القرار الاتهامي سئل الأسير عما ورد في إفادته الأولية التي اعتبرتها المحكمة شاملة وواضحة ودقيقة فردّ: «اعتبر هذه المحاكمة سياسية والتزم الصمت». وبالفعل لم يجب الأسير أو يعلق على ما ورد في تلك الإفادة التي أعاد رئيس المحكمة على مدى ساعة تلاوتها على مسمعه، إنما اكتفى تارة بالابتسام خصوصاً عندما سئل عن التخطيط للمشروع الإرهابي، وطوراً بفرك يديه والالتفات نحو «موكله» الذي كان ينظر اليه بنوع من الاستهزاء.
حتى أن الأسير لم يجب لدى سؤال الرئاسة عما إذا كان لديه ما يقوله، وجاء الصمت نفسه لدى سؤال ممثل النيابة العامة، حول من الذي أطلق الرصاصة الأولى موضوع الإخبار، لكن أصواتاً علت من قفص الاتهام قائلة: هم سرايا المقاومة.
بعدها استكملت المحكمة استجواب باقي الموقوفين فالتزم كل من محمد علاء المغربي ومحمد وهبي وفضل مصطفى وأحمد قبلاوي ومحمد صلاح الصمت علماً أنه جرى استجوابهم من قبل الهيئة السابقة قبل توقيف الأسير، وذهب المتهم محمد صطيف الى اعتبار أن «أصحاب العلاقة برّا» قاصداً بذلك حزب الله وسرايا المقاومة، فيما صرح محمد صلاح قائلاً: «قبل توقيف الشيخ (الأسير) كنت أقول إن من شارك في المعركة هم سرايا المقاومة وحزب الله والآن ما زلت أقول وسأبقى أقول إنهم هم من شاركوا الى حين إحضارهم وعلى رأسهم حسن نصر الله (الأمين العام لحزب الله)».
يُذكر أن الجلسة التي حضرها وكيل أهالي شهداء عبرا المحامي زياد البيطار وعدد من الأهالي، تزامنت مع اعتصام نفذته عائلات الموقوفين أمام المحكمة العسكرية.
Source & Link : al Mustaqbal
No comments:
Post a Comment