لجنة متابعة تعلن قريباً لتشكيل الملف القانوني والإنساني
مجزرة التبانة: نحو محاكمة دولية للنظام السوري
في جريمة بحق الإنسانية لا تسقط بالتقادم
في جريمة بحق الإنسانية لا تسقط بالتقادم
المستقبل - الثلاثاء 8 كانون الثاني 2008 - العدد 2841 - شؤون لبنانية - صفحة 7
أحمد الأيوبي (*)
مع تصاعد موجة التوتير التي أطلقها الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله، وارتفاع أصوات توابعه من جبهات وأحزاب، يصبح ضرورياً تذكير بعض من ارتفعت عقيرتهم دفاعاً عن وليد المعلم ونصرالله، وبالخصوص منهم يتلطون بلافتات إسلامية، ببعض صفحات سوداء، كانوا جزءاً من لوحتها، وهي وإن أسقطها قانون العفو بعد الحرب الأهلية، فهي تبقى جريمة بحق الإنسانية لا تسقط بالتقادم ولا بمرور الزمن..
لا بأس في هذه الأوقات العصيبة التي تتعالى فيها أصوات استعادة السيطرة السورية على لبنان أن نذكر هؤلاء بما جرى قبل إحدى عشرة سنة، في محلة التبانة بطرابلس..
فقد مرت في الأيام الأخيرة من العام المنصرم الذكرى السنوية الحادية والعشرين لارتكاب النظام السوري مجزرة التبانة التي وقع ضحيتها ما يتجاوز الستمئة مواطن لبناني، بينهم عشرات الأطفال والنساء والشيوخ.. حيث سجل التاريخ مشاهد مروّعة، كان من بينها تخيير الام بين حياة زوجها وطفلها.
اليوم وبعد مرور ما يزيد عن العشرين عاماً، لم تبلسم جراح الضحايا ولم تعالج الجراح النفسية العميقة التي خلفتها تلك المجزرة، التي فرض النظام السوري الصمت المطبق عليها، يعود شبح واقعة التبانة ليحلق فوق رؤوس المجرمين وفوق رؤوس حلفاء النظام الذين يرتضون الوقوف على جماجم أبناء جلدتهم بعد أن كانوا ضحايا مغامراتهم وحروبهم وإماراتهم.
الزمان..الساحة: استعادة لحظات الرعب
بعد حصار وحشي وقصف وتدمير.. قامت به مع "حلفائها" دخلت القوات السورية مدينة طرابلس في خريف سنة 1985 بعد اتفاق رعته إيران، بين ما تبقى من "حركة التوحيد الإسلامي" وبين القيادة السورية.
في 9 شباط من العام 1986 وقعت جريمة اغتيال الشهيد خليل عكاوي (أبو عربي)، في خطوة مهدت لارتكاب احدى أفظع المجازر التي شهدها لبنان في 19 كانون الأول 1986، في شارع العجم وشارع ستاركو وساحة الأسمر امتداداً إلى آخر سوق الخضار، حيث منزل خليل عكاوي (أبو عربي).
في هذا المربع ارتكب الذين تلطوا بالعروبة احدى أبشع الجرائم التي تعرض لها شعب لبنان العربي. مئات من أبناء محلة التبانة أخرجوا من منازلهم عنوة، ومنهم من رماه المجرمون من النوافذ إلى الطرقات ليكملوا إزهاق الأرواح.
خلال ثماني ساعات من الرعب تم ارتكاب مئات عمليات القتل والتصفية بالرصاص والفؤوس وحراب البنادق، وشهدت اغتصاب عشرات الحرائر من الفتيات والنساء الطاهرات.
قتل الرجال والأطفال أمام أعين أمهاتهم وزوجاتهم بحقد قل مثيله. ومنعت الأسر من البكاء على الضحايا ومن العزاء، فضلاً عن التشييع وإتمام المراسم الدينية. فلم يسمح للأهالي بأخذ الجثث لتكفينها والصلاة عليها، ولم يجرؤ الكثيرون حتى على الإشارة إلى أبنائهم خوفاً من تعرضهم لمسلسل القتل الرهيب.
ليست الوحيدة
لم تكن جريمة التبانة المجزرة الوحيدة التي ارتكبها النظام السوري واتخذت وضعية الاعتداء على الإنسانية، بل إننا نذكر الرأي العام اللبناني بواقعتين هامتين لا يمكن تجاهلهما: الأولى: اختطاف مئات اللبنانيين وزجهم في السجون السورية من دون العودة إلى الدولة اللبنانية، مع انتهاك حقوقهم الإنسانية، ولا يزال هذا الملف مفتوحاً على مصراعيه، ولا يزال النظام السوري يمارس حقده من خلاله على مواطنين لبنانيين من مختلف الطوائف والمناطق..
الثانية: قصف المئات من ضباط وجنود الجيش اللبناني لدى اقتحام القصر الجمهوري لاعتقال العماد ميشال عون، وسقوط العشرات منهم بين شهيد وجريح، حيث لا تزال الأرض التي سقطوا عليها تنبت رفاتهم، ولا يزال بعض أهلهم في حرقة المصير المجهول لفلذات أكبادهم.
كسر حاجز الصمت
وطيلة عشرين سنة هي عمر الوجود السوري في لبنان، حظر على الناس وعلى وسائل الإعلام التطرق إلى هذه الجريمة، ومنذ خروج جيش النظام من بلدنا إثر اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، تتواصل عمليات الإجرام قتلاً وتفجيراً، وبقيت جدران الخوف والإرهاب تسيطر على الكثير من مفاصل واقعنا السياسي والإعلامي.
إلا أن هذا العام شهد كسراً أولياً لجدار الصمت، وبدأت رحلة استعادة الحق المعنوي والمادي، من نظام لا يؤمن بأي حق من حقوق الانسان.
نحو محاكمة دولية للنظام السوري
لقد خطونا خطوة هامة عندما تقدم عدد من الهيئات السياسية لإحياء الذكرى السنوية الحادية والعشرين للمجزرة عبر بيانات وملصقات ومشاركات إعلامية، أفسحت في المجال لها قناة أخبار المستقبل، وتتجه الجهود لتشكيل فريق عمل مشترك بين عدد من مؤسسات المجتمع المدني ومؤسسات حقوق الإنسان ورجال القانون والهيئات الإسلامية والناشطين في مجال العلاقات الدولية، لبدء تشكيل ملف نتقدم به إلى الهيئات الدولية، تمهيداً لمحاكمة النظام السوري على ارتكابه مجزرة التبانة، باعتبارها جريمة ضد الإنسانية لا تسقط بالتقادم ومرور الزمن، وعلى طريق تحقيق هذا الهدف، لا بد من وضع جملة مطالب تفصيلية، يمكن إيجازها بالآتي:
ـ دعوة المؤسسات القانونية والحقوقية والمنظمات المعنية بحقوق الإنسان إلى أخذ دورها والمباشرة بالتحقيق في مجزرة التبانة والتوجه بها وفق القنوات المعتمدة نحو محاكمة دولية للمسؤولين عنها.
ـ تحديد المسؤولية القانونية للنظام السوري بضباطه الأمنيين والعسكريين ومسؤوليه السياسيين وتحميلهم تبعات أفعالهم السياسية والميدانية.
ـ حصر عدد الشهداء والجرحى والمتضررين من المجزرة التي ارتكبها النظام السوري في محلة التبانة بتاريخ 19/12/1986، وإعداد الدراسات اللازمة لتأمين التعويضات المحقة لهم ولعائلاتهم.
ـ مطالبة الدولة اللبنانية بإحالة ملف مجزرة التبانة إلى المجلس العدلي ومساندة موقف هيئة المتابعة لهذا الملف محلياً وعربياً ودولياً.
ـ دعوة الحقوقيين الراغبين في المساهمة بجهودهم القانونية وخبراتهم إلى التنسيق مع اللجنة التي ستشكل ويعلن عنها في الأيام الآتية، خدمة للأهداف الإنسانية والقانونية والسياسية، الدافعة لتحريك هذا الملف.
ـ دعوة كل من يمتلك معلومات أو صوراً أو وثائق لوضعها بين يدي لجنة المتابعة.
ماذا يقول المتحالفون مع النظام السوري
إزاء هذه التطلعات، برز سؤال ملح يفرض نفسه على اتباع النظام السوري، وخاصة أولئك المتسترين بالعمل الإسلامي، عما سيقولونه لأهالي ضحايا مجزرة التبانة وهم الغارقون في تنفيذ مخططات هذا النظام على المستويات السياسية والأمنية؟ وهل يصنفون ضحايا هذه المجزرة على أنهم شهداء، في وقت يلهثون فيه وراء استغلال شعار المقاومة ودماء شهداء "الجماعة الإسلامية" وبعض الحركات الإسلامية الاخرى. أم انهم سيعتبرون هؤلاء الضحايا مجرد "زمرة من الزعران ذهبت في حالها" كما روجت آلة إعلام النظام السوري بعد ارتكاب تلك الجريمة؟
ماذا يقول رئيس "جبهة العمل الإسلامي" فتحي يكن والرئيس عمر كرامي والشيخ بلال شعبان والشيخ هاشم منقارة والشيخ مصطفى ملص في ضحايا مجزرة التبانة، هل سيمنحونهم لقب الشهادة أم يرمونهم بما رماهم به النظام السوري؟
نعتقد أن الجواب على هذا التساؤل أكثر من ضروري في الوقت الذي يتحرك فيه الجناح العسكري لجبهة العمل للقيام بإحصاء عائلات شهداء المقاومة الإسلامية، قبل أن يستولي "حزب الله" عليها، ويبدأ بتوزيع بعض المؤن عليها، لأن مثل هذه المتاجرات تسقط حتماً أمام الازدواجية الفاضحة لهؤلاء المتسترين بالعمل الإسلامي.
التحديات المتوقعة
لا شك أن ملفاً كمجزرة التبانة ملف ثقيل، يخضع للكثير من العوائق المحلية التي تخيف البعض، ولكننا نؤكد أن إحياء هذه الذكرى والتحرك لمتابعة القضية، لا ينبع من رغبة في إثارة أي إشكال محلي، وإن كانت الحقيقة توجع من تواطأ أو شارك أو سكت، ولن يتجه نحو أي شكل من أشكال الخلاف المذهبي أو الطائفي، إنما الغاية هي كسر حاجز الصمت الذي فرضته الوصاية السورية طيلة فترة وجودها في لبنان، مانعة أهالي الضحايا حتى من العزاء، وواضعة أمام الإعلام حواجز المنع وخطوطاً حمراً سقطت مع رحيل آخر جندي للنظام السوري، وصولاً إلى تحصيل حقوق الضحايا المادية والمعنوية.
وإذا كان بعض النجباء قد سارعوا إلى ضخ عشرات ملايين الليرات اللبنانية لثني بعض المعنيين عن التجاوب مع تحريك هذا الملف، فإننا نعتقد أن مثل هذه الممارسات لن تجدي نفعاً، لأن الدم سيغلب سيف الظلم ولو بعد حين.
(*) رئيس "حركة الحرية والتنمية في لبنان"
لا بأس في هذه الأوقات العصيبة التي تتعالى فيها أصوات استعادة السيطرة السورية على لبنان أن نذكر هؤلاء بما جرى قبل إحدى عشرة سنة، في محلة التبانة بطرابلس..
فقد مرت في الأيام الأخيرة من العام المنصرم الذكرى السنوية الحادية والعشرين لارتكاب النظام السوري مجزرة التبانة التي وقع ضحيتها ما يتجاوز الستمئة مواطن لبناني، بينهم عشرات الأطفال والنساء والشيوخ.. حيث سجل التاريخ مشاهد مروّعة، كان من بينها تخيير الام بين حياة زوجها وطفلها.
اليوم وبعد مرور ما يزيد عن العشرين عاماً، لم تبلسم جراح الضحايا ولم تعالج الجراح النفسية العميقة التي خلفتها تلك المجزرة، التي فرض النظام السوري الصمت المطبق عليها، يعود شبح واقعة التبانة ليحلق فوق رؤوس المجرمين وفوق رؤوس حلفاء النظام الذين يرتضون الوقوف على جماجم أبناء جلدتهم بعد أن كانوا ضحايا مغامراتهم وحروبهم وإماراتهم.
الزمان..الساحة: استعادة لحظات الرعب
بعد حصار وحشي وقصف وتدمير.. قامت به مع "حلفائها" دخلت القوات السورية مدينة طرابلس في خريف سنة 1985 بعد اتفاق رعته إيران، بين ما تبقى من "حركة التوحيد الإسلامي" وبين القيادة السورية.
في 9 شباط من العام 1986 وقعت جريمة اغتيال الشهيد خليل عكاوي (أبو عربي)، في خطوة مهدت لارتكاب احدى أفظع المجازر التي شهدها لبنان في 19 كانون الأول 1986، في شارع العجم وشارع ستاركو وساحة الأسمر امتداداً إلى آخر سوق الخضار، حيث منزل خليل عكاوي (أبو عربي).
في هذا المربع ارتكب الذين تلطوا بالعروبة احدى أبشع الجرائم التي تعرض لها شعب لبنان العربي. مئات من أبناء محلة التبانة أخرجوا من منازلهم عنوة، ومنهم من رماه المجرمون من النوافذ إلى الطرقات ليكملوا إزهاق الأرواح.
خلال ثماني ساعات من الرعب تم ارتكاب مئات عمليات القتل والتصفية بالرصاص والفؤوس وحراب البنادق، وشهدت اغتصاب عشرات الحرائر من الفتيات والنساء الطاهرات.
قتل الرجال والأطفال أمام أعين أمهاتهم وزوجاتهم بحقد قل مثيله. ومنعت الأسر من البكاء على الضحايا ومن العزاء، فضلاً عن التشييع وإتمام المراسم الدينية. فلم يسمح للأهالي بأخذ الجثث لتكفينها والصلاة عليها، ولم يجرؤ الكثيرون حتى على الإشارة إلى أبنائهم خوفاً من تعرضهم لمسلسل القتل الرهيب.
ليست الوحيدة
لم تكن جريمة التبانة المجزرة الوحيدة التي ارتكبها النظام السوري واتخذت وضعية الاعتداء على الإنسانية، بل إننا نذكر الرأي العام اللبناني بواقعتين هامتين لا يمكن تجاهلهما: الأولى: اختطاف مئات اللبنانيين وزجهم في السجون السورية من دون العودة إلى الدولة اللبنانية، مع انتهاك حقوقهم الإنسانية، ولا يزال هذا الملف مفتوحاً على مصراعيه، ولا يزال النظام السوري يمارس حقده من خلاله على مواطنين لبنانيين من مختلف الطوائف والمناطق..
الثانية: قصف المئات من ضباط وجنود الجيش اللبناني لدى اقتحام القصر الجمهوري لاعتقال العماد ميشال عون، وسقوط العشرات منهم بين شهيد وجريح، حيث لا تزال الأرض التي سقطوا عليها تنبت رفاتهم، ولا يزال بعض أهلهم في حرقة المصير المجهول لفلذات أكبادهم.
كسر حاجز الصمت
وطيلة عشرين سنة هي عمر الوجود السوري في لبنان، حظر على الناس وعلى وسائل الإعلام التطرق إلى هذه الجريمة، ومنذ خروج جيش النظام من بلدنا إثر اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، تتواصل عمليات الإجرام قتلاً وتفجيراً، وبقيت جدران الخوف والإرهاب تسيطر على الكثير من مفاصل واقعنا السياسي والإعلامي.
إلا أن هذا العام شهد كسراً أولياً لجدار الصمت، وبدأت رحلة استعادة الحق المعنوي والمادي، من نظام لا يؤمن بأي حق من حقوق الانسان.
نحو محاكمة دولية للنظام السوري
لقد خطونا خطوة هامة عندما تقدم عدد من الهيئات السياسية لإحياء الذكرى السنوية الحادية والعشرين للمجزرة عبر بيانات وملصقات ومشاركات إعلامية، أفسحت في المجال لها قناة أخبار المستقبل، وتتجه الجهود لتشكيل فريق عمل مشترك بين عدد من مؤسسات المجتمع المدني ومؤسسات حقوق الإنسان ورجال القانون والهيئات الإسلامية والناشطين في مجال العلاقات الدولية، لبدء تشكيل ملف نتقدم به إلى الهيئات الدولية، تمهيداً لمحاكمة النظام السوري على ارتكابه مجزرة التبانة، باعتبارها جريمة ضد الإنسانية لا تسقط بالتقادم ومرور الزمن، وعلى طريق تحقيق هذا الهدف، لا بد من وضع جملة مطالب تفصيلية، يمكن إيجازها بالآتي:
ـ دعوة المؤسسات القانونية والحقوقية والمنظمات المعنية بحقوق الإنسان إلى أخذ دورها والمباشرة بالتحقيق في مجزرة التبانة والتوجه بها وفق القنوات المعتمدة نحو محاكمة دولية للمسؤولين عنها.
ـ تحديد المسؤولية القانونية للنظام السوري بضباطه الأمنيين والعسكريين ومسؤوليه السياسيين وتحميلهم تبعات أفعالهم السياسية والميدانية.
ـ حصر عدد الشهداء والجرحى والمتضررين من المجزرة التي ارتكبها النظام السوري في محلة التبانة بتاريخ 19/12/1986، وإعداد الدراسات اللازمة لتأمين التعويضات المحقة لهم ولعائلاتهم.
ـ مطالبة الدولة اللبنانية بإحالة ملف مجزرة التبانة إلى المجلس العدلي ومساندة موقف هيئة المتابعة لهذا الملف محلياً وعربياً ودولياً.
ـ دعوة الحقوقيين الراغبين في المساهمة بجهودهم القانونية وخبراتهم إلى التنسيق مع اللجنة التي ستشكل ويعلن عنها في الأيام الآتية، خدمة للأهداف الإنسانية والقانونية والسياسية، الدافعة لتحريك هذا الملف.
ـ دعوة كل من يمتلك معلومات أو صوراً أو وثائق لوضعها بين يدي لجنة المتابعة.
ماذا يقول المتحالفون مع النظام السوري
إزاء هذه التطلعات، برز سؤال ملح يفرض نفسه على اتباع النظام السوري، وخاصة أولئك المتسترين بالعمل الإسلامي، عما سيقولونه لأهالي ضحايا مجزرة التبانة وهم الغارقون في تنفيذ مخططات هذا النظام على المستويات السياسية والأمنية؟ وهل يصنفون ضحايا هذه المجزرة على أنهم شهداء، في وقت يلهثون فيه وراء استغلال شعار المقاومة ودماء شهداء "الجماعة الإسلامية" وبعض الحركات الإسلامية الاخرى. أم انهم سيعتبرون هؤلاء الضحايا مجرد "زمرة من الزعران ذهبت في حالها" كما روجت آلة إعلام النظام السوري بعد ارتكاب تلك الجريمة؟
ماذا يقول رئيس "جبهة العمل الإسلامي" فتحي يكن والرئيس عمر كرامي والشيخ بلال شعبان والشيخ هاشم منقارة والشيخ مصطفى ملص في ضحايا مجزرة التبانة، هل سيمنحونهم لقب الشهادة أم يرمونهم بما رماهم به النظام السوري؟
نعتقد أن الجواب على هذا التساؤل أكثر من ضروري في الوقت الذي يتحرك فيه الجناح العسكري لجبهة العمل للقيام بإحصاء عائلات شهداء المقاومة الإسلامية، قبل أن يستولي "حزب الله" عليها، ويبدأ بتوزيع بعض المؤن عليها، لأن مثل هذه المتاجرات تسقط حتماً أمام الازدواجية الفاضحة لهؤلاء المتسترين بالعمل الإسلامي.
التحديات المتوقعة
لا شك أن ملفاً كمجزرة التبانة ملف ثقيل، يخضع للكثير من العوائق المحلية التي تخيف البعض، ولكننا نؤكد أن إحياء هذه الذكرى والتحرك لمتابعة القضية، لا ينبع من رغبة في إثارة أي إشكال محلي، وإن كانت الحقيقة توجع من تواطأ أو شارك أو سكت، ولن يتجه نحو أي شكل من أشكال الخلاف المذهبي أو الطائفي، إنما الغاية هي كسر حاجز الصمت الذي فرضته الوصاية السورية طيلة فترة وجودها في لبنان، مانعة أهالي الضحايا حتى من العزاء، وواضعة أمام الإعلام حواجز المنع وخطوطاً حمراً سقطت مع رحيل آخر جندي للنظام السوري، وصولاً إلى تحصيل حقوق الضحايا المادية والمعنوية.
وإذا كان بعض النجباء قد سارعوا إلى ضخ عشرات ملايين الليرات اللبنانية لثني بعض المعنيين عن التجاوب مع تحريك هذا الملف، فإننا نعتقد أن مثل هذه الممارسات لن تجدي نفعاً، لأن الدم سيغلب سيف الظلم ولو بعد حين.
(*) رئيس "حركة الحرية والتنمية في لبنان"
No comments:
Post a Comment