حال جفاف المياه الجوفية في البقاع دون زراعة موسم «اللقيسة»، هذه السنة. المزارعون الذين يعانون أصلا مشاكل عديدة، أبرزها أزمة التصريف، وجدوا أنفسهم أمام مشكلة إضافية أطاحت المواسم التي ينتظرونها كمداخيل رئيسية لهم خلال فصل الشتاء
رامح حمية
"لم تشهد المنطقة جفافا في المياه السطحية والجوفية، كما شهدته هذه السنة. الجفاف هذا العام قاسٍ وكارثي". هذا هو لسان غالبية المزارعين البقاعيين الذين يعانون جفافا في عشرات الآبار الارتوازية في قرى شرق بعلبك، فضلا عن تدنّي مستوى المياه الجوفية في آبار أخرى.
فقد حالَ جفاف المياه الجوفية في البقاع دون زراعة مواسم "اللقيسة" (الصيفية ـ الخريفية) كالباذنجان وأنواع من الخضار كـ "الزهرة" والملفوف والفاصوليا والفليفلة والحرّ، فضلا عن البطاطا "اللقيسة"، التي تمتد زراعتها من بداية شهر آب حتى منتصف شهر تشرين الثاني، ويحتاج الدونم إلى ما لا يقل عن 8 عدادين مياه بالبخاخات (أكثر من 50 يوماً من الري).
عدد كبير من المزارعين سحبوا "غطّاسات" آبارهم الارتوازية ومشاريعهم المائية بعد جفاف مياهها، فيما البعض الآخر لجأ إلى إنزالها أكثر بعد تدني مستوى المياه الجوفية. حسن شومان، أحد مزارعي بلدة سرعين، تخلى عن زراعة البطاطا "اللقيسة" هذا العام بعدما جفت مياه البئرين اللتين كانتا تعدان "السند" لري مزروعاته.
أزمة جفاف آبار المياه وتدني منسوبها، طاولت أيضا ً سهل بلدة دورس، ووضعت المزارعين أمام خيارين لا ثالث لهما، إما التخلي عن زراعة الخضار والبطاطا اللقيسة، وإما الإكتفاء بمساحات محدودة تتناسب مع ما تبقّى من مياه في تلك الآبار. يؤكد علي عثمان، احد المزارعين في دورس ـ بعلبك، أن منسوب المياه الجوفية تدنى بنسبة 40% عن منسوبها الطبيعي، ما فرض على المزارعين كلفة إنتاج كبيرة، "فعند توافر المياه، تشغّل الغطّاسات في الآبار ساعة واحدة كافية لبخاخات الحقل بأكمله، أما عند انخفاض منسوب المياه الجوفية، فيتطلب ري الحقل من 8 إلى 10 ساعات".
اقترنت أزمة
الجفاف مع مشاكل سوء التصريف
بين سهل بلدتي حوش بردى وكفردان في غرب بعلبك، يرابض حسن زعيتر بالقرب من غرفة المولد الكهربائي الذي يزود مضخة البئر الارتوازي بالتيار الكهربائي، يقول "شو بدنا نعمل بدنا نسقي الرزق، وناطرين حتى ما تخلص المياه ويحترق الغطاس مثل المرة الماضية".
تعد الزراعات اللقيسة من الزراعات التي يعوّل عليها المزارعون البقاعيون، كمواسم منتجة عند بداية فصل الشتاء ومتطلباته. وتتنوع الزراعات اللقيسة بين الخضار من ملفوف وقنبيط (الزهرة) والخيار واللوبيا واللفت والحر والفليفلة بالإضافة إلى البطاطا.
اليوم، اقترنت أزمة الجفاف مع مشاكل سوء التصريف، والمواسم الكاسدة التي تركت غالبيتها على الأشجار، كالدراق واللوز والتفاح والخوخ. يقول عثمان ان "غياب السوق التصرفية وإقفال السوق العراقية بالكامل، وبقاء المنفذ البحري المحدود التصريف، جميعها عوامل "لم تعالجها الدولة برغم زياراتنا المتكررة لوزير الزراعة أكرم شهيب"، مضيفاً أن "الدولة تقف مكتوفة الأيدي ازاء الازمة، حتى ان قرار وقف الاستيراد من سوريا لم يطبق كما يجب، اذ اغرقت السوق بالعنب السوري وبسعر الف ليرة للكيلو، وسط تخوف مزارعي العنب من كارثة مقبلة عليهم، مع استمرار تدفق العنب السوري وبسعر اقل بـ 500 ليرة من سعر كيلو العنب في السوق اللبناني".
لكن إذا كان غالبية مزارعي البقاع يعانون ازمة الجفاف فإن عددا منهم لا يعير اهتماما للأمر بأكمله، كيف ذلك؟
على طول نهر الليطاني تكثر الحفر المحاذية للمجرى، التي تنقل إليها المياه الآسنة من المجرى الذي ترفده شبكات الصرف الصحي من قرى في شرق وغرب بعلبك. بعد جمع المياه الآسنة في تلك الحفر يجري شفطها بمضخات ضخمة لري المزروعات. لم تنفع حتى اليوم الحملات الأمنية والبيئية في مواجهة ومكافحة ري عدد من المزارعين لمزروعاتهم بالمياه المبتذلة، إذ لا يزال عدد من المزارعين على طول المجرى من العلاق في بعلبك، وحتى بلدات قب الياس وبرالياس، يتنافسون في شفط المياه من مجرى الليطاني وإغراق حقولهم بها، دون أي رادع صحي أو حسيب قانوني وامني، بذريعة "شح المياه وضرورة الإعتماد على هذه المياه الآسنة".
Source & Link : Al Akhbar
No comments:
Post a Comment