ما خلص اليه حكم الحاكم المنفرد الجزائي في بيروت القاضي غسان الخوري امس، بابطال التعقبات عن هنيبعل القذافي وتبرئته من جرم تحقير القضاء والقدح والذم بحق المحقق العدلي في جريمة اخفاء الامام موسى الصدر ورفيقيه، أثار ردود فعل رافضة لما آل اليه»الحكم الابتر» بحسب وصف وكيل عائلة الامام موسى الصدر المحامي شادي حسين، الذي اعتبر في بيان له ان»مجلس القضاء الاعلى والتفتيش القضائي مطالبان بمساءلة القاضي الخوري عن سبب اصداره هذا الحكم»، مستغربا «الا يقوم القاضي بواجبه في ادانة فعل تحقير وتهديد زملائه».
وفيما وصف البعض الحكم بانه «جريء»، رأى القاضي الخوري في حيثياته ان المادة 186 اصول محاكمات جزائية، والتي تعطي القاضي المنفرد، سلطة النظر بالظروف والوقائع التي لازمت الجريمة المدعى بها، والتي من شأنها ان تؤثر في وصفها دون التقيد بالوصف المعطى للفعل من اي مرجع آخر، وبالتالي نكون امام وقائع محددة في محضر المحقق العدلي يقتضي اعطاؤها الوصف القانوني الصحيح، على ضوء التحقيقات الجارية امام المحكمة في جلسة علنية، دون التقيد بالوصف المعطى من قبل المحقق العدلي والنيابة العامة.
واشار الى انه اثناء جلسة التحقيق امام المحقق العدلي، طلب المدعى عليه هنيبعل القذافي اخلاء سبيله، وقد ذكر بأنه «مخطوف» وذلك بحضور وكيل النائب السابق حسن يعقوب الملاحق قضائياً بقضية خطفه، وان المحقق العدلي القاضي حمادة قام بالجواب على ذلك وفقاً لما اورده المدعى عليه والشاهد الملازم اول جان وهبة في باب الوقائع. وان المدعى عليه حينها رفع اصبعه متوجهاً للقاضي بأنه يعرف الطريقة التي يخلى سبيله فيها.
واعتبر الخوري ان لكل فريق في التحقيق وسائل يمكن ممارستها، فللمحقق ان يستعمل وسائل اثارة مشروعة بوجه المستجوب للوصول الى غاية مشروعة، لا سيما على ضوء ملاحقة المدعى عليه بجرم كتم معلومات، الا ان ذلك يخلق في المقابل حقوقاً للمدعى عليه قائمة على حقه المشروع في الدفاع امام القضاء.
ولفت الى ان قانون العقوبات اللبناني في المادة 417 منه، اعطى حماية للملاحق امام القضاء، بحيث لا يترتب دعوى ذم أو قدح على الخطب التي تلفظ عن نية حسنة، وفي حدود الحق المشروع للمدعى عليه في الدفاع امام القضاء، وبالتالي فان خلاف ذلك يكون بتوافر النية التامة في تهديد القاضي وتحقيره وليس النية المفترضة في الدفاع.
واكثر من ذلك، فان ما ذكره المدعى عليه من انه «مخطوف» لا يمكن فصله عن الملاحقة القائمة أمام القضاء بجرم خطفه من قبل فريق من الادعاء، وبالتالي ان النية الحسنة مقدّرة هنا، فضلاً عن ان الشاهد الملازم أول وهبي اشار بإفادته المبرزة في المحضر المحال الينا من النيابة العامة التميزية، الى ان المدعى عليه ذكر بأنه «مخطوف» بعد ان «علم» بوجود وكيل النائب السابق حسن يعقوب الملاحق بجرم خطفه، وانه يقتضي ان يكون هو المدعي في تلك الدعوى.
اما لجهة رفع اصبعه وقوله بمعرفة الطريقة التي يخلى سبيله بها، فلا يمكن الأخذ بها كعبارة تهديد لقاض يتولى مهمة تحقيق عدلي، اذ يمكن ان تحمل امكانية التفسير بعدة اوجه، وما يعزز ذلك، الطرق القانونية التي سلكها المدعى عليه ووكيله في المراجعة امام محكمة التمييز وفقاً لما ورد في اقوال الجهة المدعى عليها. بالإضافة الى ما ذكره الشاهد الملازم اول وهبه بأنه لا يعتقد ان كلام المدعى عليه امام المحقق العدلي كان تهديداً فضلاً عن قول المدعى عليه بأنه لم يقصد من ذلك التهديد والاهانة وحيث نكون بالتالي أمام كلام صادر عن المدعى عليه في معرض ممارسة حقه المشروع في الدفاع وان النية الحسنة مقدّر وجودها، مما يحول دون قيام دعوى الذم والقدح بحسب المادة 417 عقوبات.
وفي ما خصّ ادعاء النيابة العامة الاستئنافية، الذي تناول ايضا الجرم المنصوص عنه في المادة 386 عقوبات والذي يفرض اقدام المدعى عليه على الذم بالمحاكم بإحدى وسائل النشر المحددة في المادة 209 عقوبات وقد استندت النيابة العامة الى اما اعتبره المحقق العدلي، في اقوال المدعى عليه استهزاءً بالقضاء، اعتبر القاضي الخوري ان هذا الجرم يفرض توافر ادلة كافية على ارتكابه، ولا يصح القول به قياساً او تسلسلاً بمجرد الادعاء بذم احد القضاة. كما لم يثبت لنا بأدلة كافية، انه تم التطرق في الكلام الحاصل في جلسة التحقيق، الى المحاكم أو القضاء اللبناني بشكل عام، من المدعى عليه، بعد التوقيف بمضمون الوقائع المادية المحددة من المحقق العدلي، وبأقوال الشهود المحامين من وكلاء الجهة المدعية في قضية الصدر شادي حسين وطارق الحجار واديب بويز، بالإضافة الى الشاهد الملازم اول وما ورد في افادته المرفقة بالمحضر المرسل من النائب العام التميزي، والمنظم من رئيس شعبة المعلومات في مديرية قوى الأمن الداخلي.
Source & Link : Al Mustaqbal-
No comments:
Post a Comment