أهالي المفقودين: نريد بنك DNA
إيفا الشوفي
جميع من يرتاد حديقة جبران خليل جبران الواقعة أمام مبنى الإسكوا يعرف أمينة، ماري، جانيت، محمود وغيرهم. يرى الحزن في وجوههم مع بارقة أمل صغيرة تكسر قلق هذا الانتظار الذي بلغ عشرات السنين. قد يكون المفقود أخاً، أباً، زوجاً أو ابناً، اختطف من منزله أو من الشارع ولم يعد.
قضية واحدة يتشاركها الجميع، ويناضلون من أجلها. قضية حرية مسلوبة قسراً من أشخاص وقعوا ضحية الحرب وما زالوا وعائلاتهم يعانون تبعاتها، بينما زعماء هذه الحرب عفوا عن أنفسهم وحافظوا على مواقعهم كحكام لهذا البلد. بعد انتظار طويل أصبح الأهالي يتعاملون مع القضية بواقعية قاسية «نعلم أن البعض منهم مات، نريد رفاتهم. أمّا الذين ما زالوا على قيد الحياة، فنريدهم بيننا».
تبقى مطالب لجنة أهالي المخطوفين والمفقودين في لبنان ولجنة «دعم المعتقلين والمنفيّين اللبنانيين ــــ سوليد»، نفسها منذ عام 1996. مطلب بسيط يدعو إلى إنشاء بنك معلومات للحمض النووي لأهالي المفقودين، للحفاظ على المعلومات بهدف التعرف إلى الضحايا فيما بعد، إلاّ أن الدولة تماطل وتتهرب دائماً تحت حجة «حماية السلم الأهلي». طوى مجرمو الحرب هذه الصفحة، وعفوا عن أنفسهم وعن جرائمهم وقرروا متابعة الحياة كأن شيئاً لم يكن، أمّا الـ17000 مفقود، فليسوا مهمين في حساباتهم. المباشرة في إجراء فحوص الحمض النووي لإقامة بنك معلومات أمرٌ سهل من جميع النواحي. يؤكّد النائب غسان مخيبر أنّ تكلفة المشروع زهيدة، وأن الدولة قادرة على تغطية النفقات وتملك جميع التقنيات، كما انها تُجري هذه الفحوص لأهالي ضحايا حوادث الطائرات التي حصلت أخيراً. كذلك فإن هذا المشروع لا يحتاج إلى تنظيم تشريعي، لأن الخطف والإخفاء القسري جريمة تعاقب عليها المادة 569 من قانون العقوبات. إقامة بنك المعلومات يعزّز عمل القضاء، إذ إنّه من وجهة نظر التحقيق الجنائي فإن أخذ هذه العينات يُعدّ حفاظاً على أدلة عن جرائم وقعت على الأراضي اللبنانية أو خارجها. وبالتالي يلفت مخيبر إلى أن «المطلوب من النيابة العامة التمييزية، وبالنظر إلى الخشية من فقدان الأدلة بسبب وفاة الأهل، أن تصدر قراراً لتنظيم أخذ عينات الحمض النووي من جميع أهالي المفقودين»، لكن ما يحتاج إلى قانون صادر عن مجلس النواب، ويجري العمل عليه باقتراحين حالياً، هو نظام لحماية سرية المعلومات الناتجة عن بنك المعلومات، ومسائل مرتبطة بكيفية استعماله في المحاكمات والتحقيقات الجنائية.
غسان مخيبر:
كلفة اخذ العينات زهيدة والدولة تملك جميع التقنيات
بهذا الصدد يقول مخيبر إن «هناك اقتراحين مقدمين في هذه القضية: اقتراح القانون الأول قدمه (مخيبر) والنائب زياد القادري، والاقتراح الثاني قدمه النائب حكمت ديب، ويجري العمل على دمجهما في نص واحد من أجل التسريع به في اللجان، كما أن مشروع قانون إنشاء بنك للمعلومات أصبح امام الهيئة العامة، بعدما درسته لجنة الإدارة والعدل ولجنة الصحة». الاقتراحان المقرر دمجهما ينصّان على إنشاء هيئة وطنية مستقلة لحل قضية المفقودين، يكون لديها كافة الصلاحيات لمتابعة وإجراء التحقيقات ووضع آلية متكاملة، ويؤكدان على مجموعة حقوق اساسية، أبرزها حق الأهالي في معرفة مصير المفقودين، إلاّ أن عدم إقرار هذا القانون أو التأخر في إقراره، لا يمنع إطلاقاً إنشاء بنك معلومات لأن «حق الأهالي بمعرفة مصير المفقودين هو حق كرّسه قرار مجلس شورى الدولة الصادر في 4 آذار 2014، ويعطي الحق للأهالي بالاطلاع على نتائج التحقيقات الرسمية التي أجرتها الحكومة اللبنانية عام 2000».
رئيس لجنة «سوليد» غازي عاد أعلن في مؤتمر صحافي عقدته لجنة أهالي اللبنانيين المعتقلين في السجون السورية أن «موضوع إجراء فحوص الحمض النووي هو الإجراء الأبسط والأسهل في عملية البحث عن مصير المفقودين وضحايا الإخفاء القسري، وهو خطوة اساسية في عملية التعرف على الضحايا». الخطوة العملية الوحيدة التي قامت بها الدولة كانت بالتفاوض مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر من أجل توقيع مذكرة تفاهم للتعاون على جمع عينات الحمض النووي، لكن بعد مرور سنتين على صياغة تفاصيل التفاهم، لم توقّع الدولة هذه المذكرة. تطالب سوليد «وزير الداخلية بالمبادرة إلى الاتصال بقوى الأمن الداخلي وإصدار الأمر بالبدء بأخذ العينات». وتشرح رئيسة لجنة أهالي المخطوفين وداد حلواني أنّ «هيئة القضايا في وزارة العدل تقدّمت بتاريخ 6 أيار 2014، بطلب لإعادة المحاكمة ووقف تنفيذ قرار مجلس شورى الدولة بحجة تهديد السلم الأهلي، إلا أن مجلس الشورى رد طلبها، وأكّد على موقفه تجاه الأهالي بتسلّم نسخة عن تقرير اللجنة بالكامل دون أي تقييد او استثناء او شرط، لكن الدولة حتى اليوم لم تنفّذ القرار لذلك يجري الإعداد لحملة ضغط واسعة في الشهر المقبل من أجل تسليم التقرير».
No comments:
Post a Comment