عكار: النازحون يشتكون والمنظمات ترد "كفى تهويلاً"
لم تصل الاصابات بأمراض جلدية بين صفوف النازحين السوريين في عكار الى حدود الكارثة كما تؤكد المعطيات على الارض، الاّ انّ الواقع الصحي والاجتماعي نتيجة الضغط الرهيب للنزوح وتأثيراته يشي بما قد يكون أخطر في ظل صرخات كثيرة وتحذيرات من تفشي المزيد من الامراض الجلدية المعدية.
لا يزال يتكشف المزيد من الامراض الجلدية بين صفوف النازحين السوريين في أكثر من بلدة عكارية، معها لا صدى لكل الصرخات التحذيرية، فيعود الحديث القديم الجديد عن إصابات بأمراض معدية لدى تجمعات النازحين السوريين في عكار وهو الأمر الذي ما فتئت المراجع البلدية والمعنية من التحذير منه مع إطلالة الصيف، خصوصاً أن هذه التجمعات والمخيمات المنتشرة في عكار تفتقر لشروط السلامة الصحية والبيئية والاجتماعية.
خربة داوود
ومؤخراً انتشر حديث عن تفشي الإصابات بأمراض جلدية بين النازحين في قرية خربة داوود، ارتفعت معها أصوات النازحين وشكواهم من تراجع التقديمات المختلفة التي كانوا يحصلون عليها سابقاً من ادوات للنظافة وسلل خاصة للاطفال، وذلك بعد تقليص المؤسسات الدولية والمنظمات المعنية حجم المساعدات العينية في ظل استمرار تدفق النازحين. ومن خلال المتابعة الميدانية لرصد الحالات المعنية تبين انّ ما سُجل لغاية اليوم من اصابات لا يخرج عن اطار العائلة الواحدة أصابت حالات فردية لدى عائلتين، فلم ترق الى مستوى الكارثة حيث تمت المعالجة من خلال فرق الصليب الأحمر. ذلك لا يعني التقليل من خطورة الحالات آنفة الذكر، فالمعالجات الآنية والحلول السريعة لمشكلة كبرى بهذا الحجم لا تكفي، حيث المسألة باتت تحتاج الى خطة طوارئ على مستوى الوزارات المعنية لمعالجة آثار النزوح وسلبياته من مختلف المجالات.
ومما لا شك فيه انّ اوضاع اللاجئين ليست كما كانت الحال عليه سابقاً لجهة تضاؤل حجم المساعدات من قبل المنظمات والجهات الدولية التي كانت معنية بالأمر خصوصاً الجانب الصحي منه والمساعدات المتعلقة بمواد النظافة وغيرها إضافة إلى كون المخيمات مركبة بطريقة عشوائية وتجاورها الحمامات والحفر الصحية التي تفاقم المشاكل الصحية والبيئية.
الكواشرة والسهل
ونستكمل الجولة على مخيمات النزوح في بلدات الكواشرة وخريبة الجندي وسهل عكار والتي تضم أعداداً كبيرة من اللاجئين السوريين، حيث نتأكد من خلال المتابعة الميدانية عدم تسجيل اصابات بأمراض معدية وما شاكل، يؤكد ذلك ايضاً رئيس بلدية الكواشرة مصطفى خضر "لا وجود لحالات أو إصابات حتى الآن والأمور طبيعية لكن التخوف يبقى قائماً نظراً لضغط النزوح وتراجع التقديمات الصحية". وناشد خضر كما مختلف ابناء المناطق العكارية وزير الصحة وائل أبو فاعور "لتنظيم حملات تلقيح ومضاعفة المساعدات في صفوف النازحين لأن هناك دوراً على الوزارة من المفترض أن تؤديه".
شكاوى النازحين
ولا تخلو الجولات من مجموعة شكاوى نقلها النازحون تمحورت حول الشكوى من نقص المساعدات الصحية والعينية لاسيما سلال النظافة التي كانت تقدم شهرياً، اضافة الى شكوى من تراجع التقديمات المالية الشهرية، وشكاوى بالجملة من التلوث الحاصل للمياه المخصصة للشرب والنظافة العامة. فكيف ترد المنظمات؟، حاولنا استطلاع رأي أكثر من منظمة عاملة تحت لواء مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في عكار، فأكدت لنا مصادرها انه لم يحصل توقيف مطلق للمساعدات كما يدعي النازحون وأن هذا الأمر فيه مبالغة وتهويل. مضيفة إن أعداد النازحين التي تتدفق إلى عكار باستمرار تجعل من إمكانية تغطية كل الحالات والتعامل معها أمراً شبه مستحيل خصوصاً بعد أن تم تخفيض ميزانيات هذه المنظمات لهذا العام من مصادرها التمويلية. وتتابع المصادر "كنا نتعامل في السابق مع 100 ألف نازح واليوم بتنا نتعامل مع مليون، وهذا ضغط كبير في ظل غياب وزارة الصحة وتركها للموضوع على عاتقنا"، فمن هنا أصبح التركيز على مناطق أكثر من مناطق حسب عدد النازحين وحسب الحاجات والأولويات ولكن لم يحصل توقيف للمساعدات بشكل كامل. وتضيف المصادر بأن ما تم تداوله بشأن حالات الإصابات بأمراض جلدية يُعتبر أمراً طبيعياً في مثل هذه الأيام وقد حصلت بين اللبنانيين الذين يعيشون بظروف حياتية أفضل ربما وليس فقط بين السوريين اللاجئين "ونحن سوف نعمل على قدر استطاعتنا ولا يجوز كل هذا التهويل لأنه لولا وجودنا لكانت الأمور في عكار أشبه بكوارث بشرية على كل المستويات".
تراجع التقديمات العينية
وأما عن أسباب تراجع التقديمات العينية من سلال نظافة وغيرها فإن مصادر على اطلاع بالموضوع "ردت الأمر إلى النازحين أنفسهم الذين كانوا يحصلون على هذه السلل وبعدها يقومون ببيعها لدى المحال بنصف سعرها وعندما وصلت الأخبار إلى من يتولى تقديم هذه المساعدات من جهات دولية وعربية قاموا بتوقيف هذه المساعدات" حسبما تقول هذه المصادر.
جدري الماء وفطريات
وترجح مصادر طبية لـ"صدى البلد "أن ما تم اكتشافه من حالات إصابات جلدية في خربة داوود قد يكون مرض "جدري الماء" وهو طبيعي في هكذا طقس وفي مثل هذه الأيام من السنة خصوصاً لدى تجمعات كبيرة لنازحين يعيشون في ظروف صحية واجتماعية وانسانية صعبة بطبيعة الحال وينبغي أن تتحرك وزارة الصحة بحملات تلقيح ومعاينات مستمرة بوجود حالات أو عدمها". وفي هذا الاطار تعتبر مصادر المنظمات المعنية والمتواجدة بالمنطقة ان "الأمر فيه تهويل وتكبير للقضية غير معروفة الدوافع معتبرة أنها تقوم بكل ما يمكنها ضمن ما تسمح به ميزانياتها".
وتبدو مشاكل النازحين إلى تفاقم ومعاناة اللبنانيين أيضاً من جراء تضخم النزوح والضغط البشري والاجتماعي الهائل الذي فاق كل القدرات. لا حلول في الافق في ظل غياب السعي الجدي الى ايجاد حلول جذرية أصبحت عبئاً من الصعب تحمل تبعاته.
No comments:
Post a Comment