The Lebanese Center for Human Rights (CLDH) is a local non-profit, non-partisan Lebanese human rights organization in Beirut that was established by the Franco-Lebanese Movement SOLIDA (Support for Lebanese Detained Arbitrarily) in 2006. SOLIDA has been active since 1996 in the struggle against arbitrary detention, enforced disappearance and the impunity of those perpetrating gross human violations.

Search This Blog

May 18, 2015

Al-Akhbar - GSO & the Rights of Domestic Workers, May 18, 2015



أتعهّد بألّا أحب طوال فترة عملي!




يبدو أن المديرية العامة للأمن العام «تستمتع» في تعذيب الفئات المهمشة. تتدخل في ما لا يعنيها دائماً، فتقرر التصدي لمثليي الجنس وانتهاك خصوصياتهم، لأن «سلوكهم غير سويّ» مثلما حصل في قضية حمام الآغا، وتقرر أيضاً أنها تريد ترحيل أولاد العمال الأجانب، ذوي الدخل الضعيف فقط، لتفاجئنا لاحقاً بالقرار الأقوى - إلى اليوم -: إمّا العمل، وإما الحب! فالعامل والعاملة لا يستطيعان أن يجمعا بين العمل والحب

إيفا الشوفي 

تعتقد المديرية العامة للأمن العام أنها تملك صلاحية التحكم بحياة الأشخاص، خصوصاً إذا كانوا أجانب ينتمون إلى الفئتين الثالثة والرابعة، أي ذوي الدخل الضعيف، الفقراء. نهاية العام الفائت ارتأت المديرية أنها لا تريد تجديد إقامات أولاد العاملات في الخدمة المنزلية، فهؤلاء بنظرها أتوا ليعملوا، لا ليحبوا أو ليبنوا عائلة.

في الفترة نفسها، واستكمالاً للقرار السابق، ورد إلى كتّاب العدل تعميم من وزارة العدل مبنيّ على كتاب من المدير العام للأمن العام، يطلب فيه «إضافة فقرة إلى نص التعهد بالمسؤولية المنظم لديهم عند استقدام أو نقل كفالة أي عامل أجنبي أو عربي يؤكد بموجبها المستدعي أنه لا يوجد أي علاقة زواج أو ارتباط من أي نوع كان تربط العامل العربي أو الأجنبي بأي شخص عربي أو أجنبي مقيم على الأراضي اللبنانية. ويتعهد بموجبه في حال تبين لاحقاً وجود أي علاقة زواج مراجعة الأمن العام بعد تأمين تذكرة سفر بغية ترحليه إلى بلاده». لم تعد تريد المديرية حرمان العمال أولادهم فقط، بل تخطّت هذا الأمر لتقول لهم بوقاحة: ممنوعٌ عليكم الحب أو الارتباط أو إقامة أي علاقات طوال فترة وجودكم في لبنان. فالعمل، أو بالأحرى الاستعباد، في هذا البلد الظالم يتطلب التضحية بالعواطف وكل الجوانب الإنسانية أيضاً.
لكن ماذا يعني أن نمنع الناس من الحب؟ هل باستطاعة شخص ما أن يتعهّد بألا يحب طوال فترة عمله؟ يتعامل الأمن العام مع هؤلاء الناس بوصفهم «سلعاً» أو «آلات». يمنعهم من أبسط حقوقهم، ويجرّدهم من إنسانيتهم، مخالفاً بذلك المواثيق الدولية والدستور ومرسخاً نظام الكفالة الاستعبادي والعنصري.

تفسير الأمن العام

تفسّر المديرية باختصار شديد هذا التعميم، فيقول المسؤول الإعلامي في الأمن العام العميد نبيل حنون إنه «تدبير احترازي، لأن هذه الفئة لا تتوافر لديها البيئة العائلية الصالحة لتربية طفل، ففي حال إنجاب العاملة طفلاً، أين سيعيش؟ لدى الكفيل؟ لذلك عندما يتبيّن وجود أي علاقة، تُرحَّل العاملة». إذاً، بحسب المصادر الرسمية، فالمديرية حريصة جداً على توافر البيئة العائلية الصالحة لتربية أطفال العاملات. لذلك، قررت أن الحل الأفضل هو منعهنّ إطلاقاً من الحب والارتباط والزواج وإنجاب الأطفال.
يؤكد المحامي نزار صاغية أنه «ليس من صلاحيات الأمن العام إطلاقاً تحديد البيئة المناسبة لتربية الأطفال. هناك حقوق أساسية ملازمة للشخص لا يمكن أي جهة تجريده منها، مثل الحق في الحب والعاطفة والزواج وتكوين أسرة». يضيف صاغية أن قرار الأمن العام يعني «أنهم يُقرون علناً أنّ هؤلاء العمال ليسوا بشراً، بل هم سلع يجب استغلالها. لبنان يرتكب خطأً فادحاً لحقوق الإنسان بهذا القرار، إذ يخل باتفاقيتين أساسيتين هما الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري والإعلان العالمي لحقوق الإنسان اللذين ينصّان على مناهضة العنصرية والاستعباد».
تؤكد رئيسة مجلس الكتّاب العدل ريموند بشور لـ»الأخبار» أنّ «المجلس يرفض أي قرار يمسّ بحقوق الإنسان، ولن يسكت عن هذا الموضوع، لذلك سنراجع الأمن العام ووزارة العدل من أجل إلغاء هذا التعميم الذي أثبت أن هناك استحالة لتطبيقه. إلا أنه في الوقت نفسه يُعدّ هذا التعميم ملزماً لكتّاب العدل ولا يمكن الامتناع عن تطبيقه إلا بقرار من وزارة العدل». تلفت بشور إلى أن «هناك كتّاب عدل لم يضيفوا هذا البند ورفض الأمن العام قبول الطلبات، وفي المقابل هناك طلبات قُبلت من دون هذا البند». وتعلن بشور أن المجلس في صدد الإعداد لبروتوكول تعاون مع الأمن العام، من ضمنه أخذ رأي استشاري مسبق في النصوص التي يُطلب فيها توقيع كتّاب العدل.

مذكرة اعتراضية

بحسب الكتاب المقدّم من المفكرة القانونية وعدد من الجمعيات إلى وزارة العدل في 13 أيار من أجل إلغاء التعميم 1778، فإن هذا التعميم يفرض على صاحب العمل أن يكون معاوناً للأمن العام في ثلاث مهمات هي مراقبة خصوصيات العاملة، منعها من إقامة روابط عائلية أو عاطفية في لبنان تجنباً لترحيلها ولخسارة الأموال التي صرفها لاستقدامها، وأخيراً أن يتحول الكفيل إلى مخبر للأمن العام بشأن أي أفعال من هذا القبيل.
يتعارض هذا التعميم مع عدد كبير من الحقوق والمبادئ القانونية والاتفاقيات التي فصّلتها المفكرة في كتابها. فقد صدّق لبنان على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والميثاق العربي لحقوق الإنسان التي تحظر جميعها استرقاق الأشخاص واستعبادهم. لذلك، إن «مراقبة تحركات فرد ما وضبط محيطه الطبيعي والنفسي، والتدابير المتخذة لمنع أو ثني أي محاولة فرار، كما الاستعانة بالقوة والتهديد باستعمالها والمطالبة بحقوق حصرية والمعاملة القاسية ومراقبة وضبط العلاقات الجنسية والسخرة»، تشكل بحسب المحكمة الجنائية الخاصة بيوغوسلافيا ممارسات تقع في خانة الاستعباد. بناءً عليه، يمكن اعتبار هذا التعميم «من الممارسات التي تحجب عن الإنسان أحد أهم حقوقه وخصائصه، لتعتبر أن وظيفته الوحيدة هي العمل وتجعل منه امتداداً لأداة أو لآلة عمل».
كذلك يتعارض التعميم مع حظر التدخل التعسفي في الحياة الخاصة والحق في الزواج وتأسيس أسرة الذي يُعتبر من الحريات الاساسية، إضافة إلى أن حظر التدخل في الحياة الخاصة مصون في الدستور بموجب المادتين 8 و14. هنا، يأتي التعميم «بمثابة تكليف لأصحاب العمل بالتحري واستباحة حياة العاملة الخاصة» التي لا تقتصر على الزواج، بل تتعدى «أي علاقة ارتباط من أي نوع كان».
يخالف التعميم أيضاً مبدأ حظر إبعاد الأجنبي المقيم بصفة قانونية من دون سند قانوني، إذ يربط التعميم «إبعاد العامل الأجنبي بمجرد وجود علاقة زواج تربطه بشخص مقيم في لبنان، جاعلاً من هذا الأمر مسألة أمن قومي». إضافة إلى ذلك، يخالف التعميم حق الأجنبي المقرر إبعاده في الدفاع عن نفسه، إذ إن «كلمة صاحب العمل في تبليغه عن وجود علاقة تكفي حسبما يظهر من التعميم لترحيل العاملة من دون اشتراط تقديم أي براهين إضافية ومن دون تمكينها من الدفاع عن نفسها وخارج أي آلية قضائية».
ينطبق هذا التعميم على الفئتين الثالثة والرابعة من الأجراء الأجانب، وبذلك يميّز بينهم وبين العمال الأجانب الموجودين في لبنان على أساس نوع العمل، ما يشكل مخالفة لمبدأ عدم التمييز بين الأشخاص الموجودين في الوضعية القانونية نفسها. يوصلنا هذا الأمر إلى مخالفة فاضحة للمعاهدة الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، ومخالفة لواجب الدولة بتعزيز الاحترام الشامل والفعلي لحقوق الإنسان وحرياته. أخيراً، يشكّل هذا التعميم خرق لمبادئ قانون العمل «إذ يعطي صاحب العمل امتيازاً حقيقياً بحيث يتولى دور الرقيب على خصوصيات العامل في أي وقت وخارج أوقات العمل وبأوضاع لا تمت إلى رابطة العمل بصلة».
إن خطورة هذا التعميم، بحسب كتاب المفكرة، لا تكمن فقط في انتهاك الحقوق الأساسية للإنسان من قبل الدولة، بل يعمّمها على المواطنين من أصحاب العمل إلى الكتّاب العدل، بما يؤسس لضرب الحقوق والحريات بنحو أوسع.


الأمن العام يحدد مصير رينوكا اليوم



تُعدّ رينوكا آرانغاني إحدى المتضررات الأكثر شهرة من قرار الأمن العام الأول بترحيل أولاد العاملات، وعدم تجديد إقاماتهم. بسبب جرأتها في التصدي لقرار الأمن العام اعتُقلت رينوكا وزوجها عبر استدراجهما، فبقيا في سجن العدلية حتى 22 نيسان الى ان اصدر القاضي جاد معلوف قراراً بإخلاء سبيلهما على ان يراجعا الأمن العام خلال شهر. تتوجه اليوم رينوكا وزوجها لتجديد اقامتهما، وبحسب مسؤولة قسم الأبحاث والمناصرة في مؤسسة «انسان» رولا حماتي، لم يطلب الأمن العام من رينوكا وزوجها إحضار الكفيل، كما هي الإجراءات الاعتيادية للتجديد، كذلك لم يطلب المبلغ المحدد لتجديد الإقامة، لذلك هناك تخوّف من الّا تكون القصة من أجل التجديد، بل لترحيل العائلة. وقد وجّه مدير مؤسسة «إنسان» شارل جورج نصرالله رسالة «لطيفة جداً» الى المدير العامّ للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، شكره فيها «إذا قرأ وإذا عدل» لتجديد إقامة العائلة. يتوجه نصرالله الى ابراهيم بقوله «ان لقراركم في بت قضية هذه العائلة رمزية كبرى»، وكأننا نستجدي الأمن العام كي يلتزم القانون ولا يخالف المواثيق الدولية بدلا من الفرض عليه التزام القوانين!
ترى حماتي أنّ «الإيجابية» في الرسالة تدخل ضمن نطاق تشجيع الامن العام على اتخاذ القرار الصحيح «لا نريد افتراض سوء النية مسبقاً. نريد أن نقول للأمن العام إن المجتمع الدولي عبر منظماته يراقب ما يحصل، كما أننا لا نريد أن نُضرّ بالعائلة، لذلك نفضّل التعامل بإيجابية مع الأمن العام لتسهيل الأمور على رينوكا».

No comments:

Post a Comment

Archives