ماذا يعرف اللبنانيون عن ازمة اللاجئين السودانيين
"نحنا لاجئين هون" قد تكون هذه العبارة التي انتشرت قبل فترة على مواقع التواصل الاجتماعي تنطبق على قضية اللاجئين السودانيين في لبنان، قضية تتجدد كل عام مع عائلات حرمت في الفترة الاخيرة من ابسط حقوقها الانسانية، بعد اعتصامهم امام مبنى مفوضية الامم المتحدة في الجناح.
"أريد فقط أن أغادر لبنان، إلى أيّ بلد آخر يحترم حقوق الإنسان"، عبارة يكررها معظم اللاجئين امام المبنى بعد معاملتهم بأبشع اساليب العنصرية من منع استعمال المراحيض، والاعتداء عليهم من قبل موظفي الامن، حتى وصل الامر الى تهديد احد "نواطير" الابنية المجاورة باستدعاء القوى الامنية له في حال استمر في تقديم الماء للمعتصمين!.
روايات قد لا نراها الا في الافلام الهوليوودية عن العنصرية لذوي البشرة الداكنة، ولكن تلك الافلام تطبق في لبنان. فبعد تهميش المجتمع لهم واعتبارهم "دون المستوى" ها هي المعاملة ذاتها تتكرر وبأساليب اصعب لتصل الامور الى استعمال اللاجئين لأحدى الاراضي المجاورة "لحمام عمومي" لا يستطيع احد الاقتراب منها نظراً للرائحة والحشرات المنتشرة، ولكن ليس في اليد حيلة.
فصل "جندري"
وفي زيارة للاجئين تستقبلك النسوة على مداخل المفوضية، فيما الرجال تمّ فصلهم عن النساء في محاولة للضغط النفسي عليهم حسب تعبير اللاجئين. وعلى مدخل المفوضية موظفون ومواكب اممية تدخل وتخرج ولا احد يكترث لبعض النساء والاطفال المتواجدين امام المفوضية. بينما ترى زينب وهي احدى اللاجئات ان المعاملة تتحسن حسب الزائر فأمام الاعلام يتبع الموظفون اساليب "حضارية" مع بعضنا ولكن تلك الحضارة تصبح "حقارة" مع ذهاب الاعلام حسب تعبيرها.
ومن لاجئ لآخر قصص تحكي معاناة من لحظة هربهم من الحرب في السودان وصولاً الى الحرب غير المعلنة عليهم بداية من المجتمع اللبناني وصولاً الى الامن المولج حماية مبنى المفوضية. فأحمد يفترش مع ابنه الأرض منفصلاً عن زوجته التي وجدت بالرصيف المقابل مكاناً للنوم استكمالاً للإعتصام المفتوح. ولدى سؤال زوجته عن كيفية تدبير امورهم اليومية تشرح بغصة كيف تنشر ثيابها على الحائط وكيف يقدم لهم بعض المتمولين مساعدات انسانية من مأكل ومشرب، ومع بدء موسم الشتاء اضطر بعض المعتصمين الى مغادرة الاعتصام نظراً لتواجد بعض الاطفال ومن قرر البقاء قام بوضع "شادر" للحماية من الامطار ولكم تخيل المنظر مع انتشار بعض النفايات بالقرب منهم.
اعتداء بالضرب
يشير اللاجئون إلى أن موظفي المفوضية استمعوا إلى مطالبهم في الأيام الأولى لتحركهم، إلا أنهم لم يتلقوا أية وعود جديدة لتحسين ظروفهم أو مساعدتهم، بل على العكس، كان الرد على حد قولهم: "الاعتصام لا بقدم ولا بأخر". لا بل ان الوعود بالمساعدة تحولت الى نقمة بعد الاعتداء عليهم بحسب احدهم في العاشر من الشهر الماضي وهو يملك تقريراً طبياً بذلك وفيديو قام بتصويره شخص يعمل بالقرب من مبنى المفوضية. ويضيف اللاجئ ان الاعتداء عليهم جاء في يوم اجازة اي ان احدا من موظفي المفوضية لم يكن متواجدا حينها فقام احد الحراس بالضرب وشتم النساء .وطالبوا موظفي المفوضية بعرض تسجيل كاميرات المراقبة. فالمعتدي معروف للجميع. واضاف انه "تم امرنا من قبل العناصر الامنية بإزالة أغراضنا بحجة انه ينفذ قرار المفوضية وعند الطلب من رجل الامن اظهار القرار قام بالتعدي عليهم ورمي الاغراض من امام مبنى المفوضية".
الناطقة باسم المفوضية دانا سليمان اشارت في حديثها الى "البلد" أنّ المفوضية طلبت من المعتصمين غير المعترف بهم كلاجئين حسب اتفاقية العام 1951 الخاصة بوضع اللاجئين، طلب منهم إخلاء الباحة سلمياً، معتبرةً ان اذا وجد شريط فيديو يظهر اعتداء رجال امن المفوضية على المعتصمين فليتقدموا به الى المفوضية ويعرض وسيحاسب كل مقصر او مخل بالقانون،. واضافت ان معظم المعتصمين ليسوا بلاجئين وتقدموا بطلب لجوء وتم رفضهم لأنه لا يتطابق وتعريف اللاجئ. ولفتت الى ان المفوضية شرحت لهم نظام المفوضية وما هي الامور التي لا تنطبق عليهم ولا يمكن للمفوضية اعطاء المزيد من الدعم لهم. اما بالنسبة لطالبي التوطين، فالمفوضية بحسب سليمان يتم العمل على عدد منهم ويتم درس ملفاتهم، ولا يمكن استقبال الجميع لأن هناك عددا محددا مسموحا به ولا يمكن تجاوزه.
واضافت سليمان ان الاعتصام ليس هناك اعتراض عليه من قبل المفوضية ويجب ان يتم الاضاءة على ملفهم لأنها ازمة انسانية بالدرجة الأولى. وحول الاعتداء على بعض المعتصمين في الاسابيع الماضية رأت سليمان ان المعتصمين كانوا يعيقون عمل المفوضية فطلب منهم مغادرة المدخل بطريقة سلمية، "فهدف المفوضية حماية اللاجئين ولا يمكن الاعتداء عليهم واذا قام احد الموظفين بالاعتداء عليهم فسيتم محاسبته فوراً".
حمام عمومي
وعن ازمة "الحمام العمومي" ومنعهم من استعمال مراحيض المفوضية اشارت سليمان ان لا علم لها بهذه المسألة ولا معلومات لديها عن هذه المسألة. مضيفة ان الاولاد يدخلون الى المفوضية ويلهون في الداخل دون اي اعتراض من احد. وفي ما يخص أغلاق الملف للاجئ رأت سليمان أنّ "إغلاق الملف يعني أن بعد دراسة ملف طلب اللجوء المقدّم وإجراء مقابلة مع المعني يتم تحديد ما إذا كانت تنطبق صفة اللاجئ على مقدّم الطلب".
كلام سليمان ترفضه هند فتقول ان زوجها لاجئ وتنتهي صلاحية اوراقه اواخر العام الجاري، ويحق له الدخول والحصول على مساعدات ولكن هذا الامر لا يحصل، وفي كل مرة يقال ان المفوضية تعمل على حل الأزمة، وتم الاعتداء على الرجال في يوم الاجازة، على عكس كلام موظفة المفوضية بأنه يسمح له الاعتصام.
ولدى السؤال عن دور السفارة السودانية اشار المعتصمون الى انهم معارضون للحكومة السودانية وان اي اعتراض يقدم لهم قد يرحلون الى السودان مجدداً، معتبرين ان المعاملة تحسنت قليلاً في يومين فقط لأن لبنان يستضيف حقوق الانسان والسلام العالمي وبعض المشاركين في المؤتمر قد شاهد المعتصمين امام المفوضية ولكن لا يتغير شيء.
ويشير احد المعتصمين ان اوراقه تحتاج الى تجديد منذ العام 2010 وإنه يخضع منذ ذلك الحين لتأجيل مستمر، ما تسبب بسجن العديد منهم بالاضافة الى ان هناك العديد من الاطفال لا يمكنهم دخول المدارس او الاستشفاء. هذا عدا ان الكثير منهم قد اغلق ملفه بدون تبرير واصبح وجوده في لبنان غير قانوني، ولكن يتم تجاهل "وضعهم" من قبل بعض العناصر الامنية من باب الحسنة لا اكثر، بينما الامم المتحدة والتي يجب عليها ان تراعي ظروفهم تقوم بالاعتداء والشتم وطلب القوى الامنية بحسب احد المعتصمين.
ليست تلك القسوة إلا القليل مما يتعرض له اللاجئون من أبناء الجالية السودانية في لبنان، حيث يتمسكون بقضيتهم خصوصاً ان العديد منهم يعتبر لاجئا بحسب قوانين المفوضية، فيما البعض الاخر وضعه غير قانوني ولكن لا يمكنه العودة الى بلده خوفاً من الحرب المشتعلة هناك، وكل ما يطالبون به هو انصافهم ومعاملتهم كبشر او ترحيلهم بعيداً عن لبنان.
No comments:
Post a Comment