المدارس الرسمية للمعوقين: لماذا تأتون إلينا؟
التلامذة ذوو الاحتياجات الخاصة غير مرحب بهم في معظم المدارس الرسمية. فتأمين مقعد لهم لا يعني أنهم يتعلمون، لغياب الفريق المتخصص لمساندتهم والتقنيات والوسائل لتكييفهم
فاتن الحاج
السؤال الأول الذي تسمعه الجهات المعنية بمتابعة تعليم ذوي الاحتياجات الخاصة من معظم مديري المدارس الرسمية: «لماذا تأتون بهم إلينا؟ خذوهم إلى مراكز متخصصة». هذا ما قاله، أمس مشاركون في المؤتمر الذي نظمته الجمعية الوطنية لحقوق ذوي الإعاقة والمكتب الإقليمي لليونسكو.
«أسباب الرفض قد تكون شخصية، «أي إن المديرين أو المعلمين ما بدن يوجعوا راسن وأحياناً يكون لديهم موقف معادي للتلامذة المختلفين فيعملون على تطفيشهم»، تقول الاختصاصية النفسية في منتدى المعوقين في طرابلس ثروت شمسين. وتروي كيف رسمت إحدى المعلمات أحد التلامذة المعوقين جسدياً على ورقة تجسد إعاقته وعلقتها على اللوح وباتت تنادي عليه باسمه كلما أخطأ، ما ترك لديه شعوراً بالنقمة، على حد قول شمسين.
بالنسبة إلى دنيا أسومة، مسؤولة برنامج الدمج والمساندة في دار الأيتام الإسلامية لا تكمن المشكلة في الترحيب بالتلامذة ذوي الاحتياجات الخاصة فحسب «إذ قد نصادف مديراً مرناً ليس لديه أي خلفية مسبقة ويبدي رغبة في استقبال التلامذة، لكنه لا يملك فريقاً متخصصاً ليساعدهم، فهو لا يكف عن رفع سماعة التلفون لاستشارتنا بكل صغيرة وكبيرة ما يضع عقبات كثيرة أمام التعليم».
تعليم ذوي
الاحتياجات ينتهي بانتهاء تمويل المشاريع
اللافت ما تتحدث عنه هناء سالم من الجمعية اللبنانية لتثلث الصبغية 21 (المونغول) لجهة خلق جزيرة داخل الصف، أي إنّ المدرسة قد تهتم بتأمين معلم مساند للتلميذ المعوق، إلاّ أنّه يُعزل عن باقي التلامذة، ولا يعود المعلم الأساسي في الصف يعرف عنه شيئاً، «فأين الدمج في ذلك؟».
يتفق رئيس الجمعية المنظمة نواف كبارة ورئيسة التربية المختصة في المركز التربوي للبحوث والإنماء مرتا تابت على أن وزارة التربية يجب أن تكون المرجع لتعليم ذوي الاحتياجات الخاصة، لا وزارة الشؤون الاجتماعية. فالأخيرة اتخذت أخيراً قراراً باعطاء كومبيوتر أو تابليت لكل مكفوف بعد قيام زيارات ميدانية إلى المدارس.
في المقابل، تقول تابت إنّ غياب دائرة معنية بذوي الاحتياجات الخاصة في وزارة التربية لا يسمح بمتابعة «مصير التلامذة الذين نؤمن لهم مقاعد، فلا نعرف ما إذا كان يجري تقبلهم وخصوصاً أننا نسمع عن ذوي تلامذة يسحبون أبناءهم من المدرسة بسبب وجود معوقين فيها. وليست هناك معلومات ثابتة عما إذا كانوا ينجحون أو يتسربون، ومن هو المعلم الذي يهتم بهم وما إذا كان مؤهلاً للقيام بهذه المهمة وهل المناهج والمدارس مكيفة لتمكين وصولهم، وماذا عن بدعة الإعفاء من إجراء الامتحانات الرسمية التي توصد الأبواب أمامهم بسبب عدم حيازتهم البكالوريا اللبنانية. أموال المنظمات الدولية التي تُرصد لتعليم ذوي الاحتياجات الخاصة تنتهي، كما تقول، بانتهاء المشاريع. هذا ما حصل بالضبط مع مشروع تهيئة 5 مدارس رسمية نموذجية لدمج ذوي الإعاقة، «خلصوا المصاري وما قيّمنا النتائج». برأي تابت، يجب ألّا يكون هناك مسار تعليمي نظامي واحد لهؤلاء، بل أن تُفتح مسارات متعددة فتفصّل المناهج على قياس التلامذة لا العكس، كل بحسب قدراته، ولا سيما أن هؤلاء قابلون للتعلم بدرجات مختلفة.
تابت قالت للمشاركين من القطاع الخاص: «ليس لدينا في المركز اختصاصيون، أنتم ستكونون شركاءنا، انتم المرجع».
أما المدير العام للتربية فادي يرق فبرر تقصير وزارة التربية تجاه ذوي الاحتياجات الخاصة بقلة التمويل وبالعجز عن امكانبة توحيد جهود الجهات المعنية، سواء كانت رسمية أم خاصة، بشأن هدف محدد ومدروس مالياً وبشريا يمكن تنفيذه ومن ثم الانتقال إلى هدف آخر.
No comments:
Post a Comment