الأربعاء 23 كانون الأول 2009 - السنة 77 - العدد 23911
مناطق
ردّ لجميل السيد حول قضية الاستنابات
جاءنا من المكتب الاعلامي للواء الركن جميل السيد البيان الآتي:
"نشرت صحيفتكم الكريمة أخيراً مقالتين للصحافية السيدة روزانا بومنصف حول موضوع الاستنابات القضائية السورية في دعوى اللواء الركن جميل السيد لدى قاضي التحقيق الأول في دمشق ضد شهود الزور السوريين وشركائهم من لبنانيين وعرب وأجانب. ولما كانت المقالات المذكورة قد تضمنت بعض التحليلات والاستنتاجات التي تستوجب التوضيح، فإن المكتب الاعلامي للواء الركن جميل السيد يرجو من صحيفتكم الكريمة نشر التوضيحات التالية عملاً بحق الرد القانوني، شاكرين لكم حسن التجاوب في نشره كاملاً:
أولاً: بالنسبة الى ظروف تقديم الدعوى في دمشق، فانه من الثابت اعلامياً لدى الجميع بأن اللواء الركن جميل السيد لم يقدم دعواه في دمشق الا بعدما تنصل القضاء اللبناني ثم المحكمة الدولية من صلاحيتهما في ملاحقة شهود الزور في ملف الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وذلك على رغم المناشدات العلنية المتكررة التي وجهها اللواء السيد في مؤتمراته الصحافية على مدى ستة أشهر منذ تحريره في 29/4/2009 ولكن دون جدوى، مما اقتضى التحرك في اتجاه القضاء السوري الذي تسمح المادة 20 من قانونه الجزائي بملاحقة المواطنين السوريين في حال ارتكابهم جرائم خارج سوريا، وفي حال كان لهؤلاء شركاء من جنسيات اخرى، فانهم يلاحقون كشركاء كما هي الحال في كل قوانين العالم ولبنان.
ثانياً: بالنسبة الى توقيت الدعوى فانه جرى تقديمها في دمشق في تاريخ 15/10/2009 وذلك قبل ان يكون هنالك زيارة للعاهل السعودي الملك عبدالله لسوريا، وقبل ان يتم التوافق حول حكومة الوحدة الوطنية في لبنان، حيث كان البلد لا يزال في عز الازمة الحكومية، ولم يكن هنالك بعد أي حديث عن زيارة مرتقبة للرئيس سعد الحريري لدمشق او للمدعي العام الدولي دانيال بلمار لبيروت...
ثالثاً: أما بالنسبة الى توقيت الاستنابات القضائية، وهي عبارة عن مذكرات دعوة شخصية للمدعى عليهم للحضور امام قاضي تحقيق دمشق لاستجوابهم، وهي ليست حالياً مذكرات توقيف، فانها قد وقعت من قاضي التحقيق في تاريخ 23/11/2009 وأحيلت مباشرة على مدعي عام التمييز القاضي سعيد ميرزا، حيث استلمها واطلع عليها في تاريخ 26/ 11/ 2009، بعد مرور شهر ونصف من تقديم الدعوى، كما قام القاضي ميرزا باطلاع السلطات السياسية المعنية عليها. وايضاً في هذا التاريخ لم يكن هنالك أي حديث او تداول عن زيارة الرئيس الحريري او القاضي بلمار لكل من دمشق وبيروت.
رابعاً: منذ استلامها في 26/11/2009، "نامت" المذكرات السورية في ادراج مدعي عام التمييز القاضي سعيد ميرزا لمدة عشرة ايام حتى تاريخ 6/12/2009، وهي الفترة التي تشكلت خلالها حكومة الرئيس سعد الحريري، وجرى خلالها أيضاً اعداد البيان الوزاري واقراره في مجلس الوزراء، في حين ان الاعلام اللبناني كله كان غافلاً عن وصول تلك المذكرات السورية، وبحيث ان اياً من السلطات السياسية والقضائية التي اطلعت عليها لم تظهر تجاه تلك المذكرات اي احتجاج او اعتراض.
خامساً: نتيجة لمرور عشرة ايام على اخفاء المذكرات السورية والتكتم عنها لدى القاضي ميرزا، فقد بادر اللواء السيد الى الاعلان عنها يوم الاحد في 6/12/2009 كي لا تتزامن لاحقاً مع زيارة الرئيس سعد الحريري المرتقبة لدمشق او مع عودته منها، نتيجة التأخير الذي تعمده القاضي ميرزا، والذي ما ان سمع هذا الاعلان حتى بادر في اليوم نفسه الى نفي استلامه تلك المذكرات او إطلاعه عليها في حين انها كانت لديه منذ اكثر من عشرة أيام.
سادساً: أثار نفي القاضي ميرزا ومراجع سياسية اخرى جواً من البلبلة في تاريخ 6 و7/12/2009، الى ان جاءت نسخة عن تلك الاستنابات عبر وزارة الخارجية بالطرق الديبلوماسية، وبدأت عندها مختلف التحليلات والاسنتاجات التي تعترض على توقيتها وتربطها اما بزيارة الرئيس الحريري لدمشق او بزيارة القاضي بلمار لبيروت، في حين ان تلك الاستنابات كانت موجودة لدى القاضي ميرزا منذ 26/11/2009، اي قبل عيد الاضحى وقبل حصول الحكومة على ثقة المجلس النيابي، وقبل اي حديث عن تلك الزيارات المنوّه عنها اعلاه.
سابعاً: ان الوقائع اعلاه تثبت، من دون ادنى شك، بأن ورود الاستنابات القضائية السورية، اي مذكرات الدعوة للاستجواب، لم تكن لا من أجل الضغط على زيارة الرئيس الحريري ولا من أجل المقايضة من القاضي بلمار والمحكمة الدولية، وبالتالي، ومهما جرى الالحاح على التحليل والاستنتاج بأنها مرتبطة بدعوى سياسية وليس شخصية، فأن اقصر طريق لإثبات بطلان تلك التحليلات والاستناجات، انه بامكان اللواء السيد وحده، اليوم وقبل الغد، ان يتنازل عن دعواه فوراً بمجرد اعتراف المعنيين بمسؤولياتهم وبالحقوق المعنوية والشخصية التي اضرّوا بها من خلال شهود الزور والتسبب باعتقاله السياسي والتعسفي. فالدعوى المذكورة لم تطلبها دمشق بل رميت على دمشق، بفعل اقفال ابواب المراجعة القضائية اللبنانية والدولية امام اللواء السيد، ويكفي مثلاً ان تسترجع المحكمة الدولية صلاحيتها في محاسبة شهود الزور حتى ينقل اللواء السيد الدعوى اليها في اقل من اربع وعشرين ساعة.
ثامناً: أما القول بأن الاستنابات وتوقيتها قد اربكت حلفاء سوريا وان تبريراتهم كانت ركيكة وغير مقنعة، فذلك بحد ذاته خير دليل بأن الدعوى كانت شخصية وغير سياسية، وبالتالي فقد فوجئ حلفاء دمشق بها كما فوجئ غيرهم، حتى ان بعضهم تبرع للوساطة بخصوصها في حين ان البعض الآخر انتقدها.
تاسعاً: اما من حيث الطعن بقانونية الدعوى والاستنابات بحسب ما ورد في المقالات المذكورة، فان الادعاء في سوريا على شهود زور سوريين وشركاء لبنانيين هو أمر قانوني تماماً، كادعاء مواطن سوري في لبنان على شهود زور لبنانيين وشركاء سوريين لهم في سوريا. وأما التذرع بوقوع جريمة شهادة الزور على الاراضي اللبنانية، وبالتالي حصرية صلاحية القضاء اللبناني فيها، فان جريمة شهود الزور حصل قسم منها على الاراضي اللبنانية وقسم آخر في سوريا وقسم ثالث في السعودية وقسم رابع في اسبانيا وقسم خامس في فرنسا...
وبالتالي فيحق للواء السيد قانوناً أن يدّعي عليهم في اي من الامكنة الواردة اعلاه، وهو ما يجري تحضيره حالياً، بدليل مثلاً ان ديتليف ميليس والسفير السابق جوني عبده قد ارتكبا فعلتهما ضد اللواء السيد في لبنان، في حين وافق القضاء الفرنسي على ملاحقتهما في فرنسا. وهذه أخيراً وزيرة خارجية اسرائيل، ارتكبت جريمتها في غزة وتتم ملاحقتها في بريطانيا. وهذا ايضاً مدعي عام برلين تتم ملاحقته في فرنسا في حين لم يثر ذلك اعتراضات المانية.
عاشراً: اما بالنسبة الى قانونية الاستنابات، التي اعود وأكرر انها مذكرات دعوة للاستجواب في دمشق وليست حتى الآن مذكرات توقيف، وبالتالي يحق لاصحابها الدخول والخروج من سوريا حالياً دون اعتراض، فان اتفاق التعاون القضائي اللبناني السوري واضح تماماً لجهة ان طريقة التبليغ اما ان تتم مباشرة الى مدعي عام لبنان او بالطرق الديبلوماسية. واما بالنسبة الى الادعاءات بالحصانات المحلية، فان الحصانة في بلد ما هي قرار سيادي في البلد نفسه ولا تمتد الى بلدان اخرى، حيث الحصانة العالمية الوحيدة المعترف بها بين الدول هي الحصانة الديبلوماسية وهي لا تنطبق على اي من الاشخاص المستدعين الى دمشق للاستجواب.
فحصانة النائب او الوزير او القاضي او الضابط او غيره في سوريا او لبنان او فرنسا او الصين هي حصانة محصورة في بلده، ولا تقوم عند ارتكابه جريمة خارج بلاده او جريمة تحاسبه عليها القوانين في بلاد اخرى، تماماً كعدم وجود حصانة لوزيرة خارجية اسرائيل تسيبي ليفني في بريطانيا مؤخراً حتى ولو كانت عضواً في المجلس النيابي الاسرائيلي ورئيسة لكتلة نيابية.
احد عشر: ومع الشكر سلفاً على نشر هذا الرد كاملاً توخياً للوضوح والدقة حيال الرأي العام، فان السؤال الذي يطرح نفسه ازاء كل تلك التحليلات والاستنتاجات المغلوطة، هو: هل كان مطلوباً من سوريا ان ترفض دعوى اللواء السيد لديها، وان تنضم بالتالي الى حماية شهود الزور السوريين وشركائهم، كما فعل القضاء اللبناني والمحكمة الدولية، حتى تثبت سوريا لبعض اللبنانيين ان قضاءها غير مسيس؟ نعم ان رفض سوريا لدعوى اللواء السيد كان سيكون تسييساً بامتياز، اما قبولها على نحو ما ذكرت اعلاه، فهو اقرار من القضاء السوري بوجود حق شخصي للواء السيد في هذه القضية، ويعود اليه وحده حق التنازل عنه او التصرف به. واذا كان القضاء اللبناني والمحكمة الدولية قد دفنوا رؤوسهم في الرمال عن شهود الزور الذين اقرت المحكمة الدولية بوجودهم في قضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، فربما ان القدر يريد ان يتم إنصاف الرئيس الشهيد نفسه على أيدي الذين اتُّهموا زوراً باغتياله، ومنهم نحن، وبالطبع سوريا".
No comments:
Post a Comment