الاثنين 7 كانون الأول 2009 العدد – 990
عدل
41 سنة من الحرمان العلاجي لسجين مريض في رومية!
41 سنة قضاها في السجن حتى الآن رجل مريض عقلياً حاول قتل والديه عام 1968، وخلال هذه المدة بقي المحكوم بلا علاج. المحكمة تدخّلت أخيراً
خالد سليمان
أعادت محكمة الجنايات في بيروت المؤلفة من الرئيسة هيلانة اسكندر وعضوية المستشارَين وليد القاضي وهاني عبد المنعم الحجار الأمل إلى ذوي المحكوم، المريض ب. م. بإعادة إطلاق علاجه. فالسجين أمضى حتى اليوم 41 سنة بعد إدانته بجناية محاولة قتل والديه عام 1968 عمداً. وقرّرت المحكمة يومها حجز حرية ب. م. الذي تبين لها أنه يعاني اضطرابات نفسية مرضيّة حادّة، في مأوى احترازي «إلى حين شفائه». لكن المحكمة لم تُعد مراجعة الملف إلا مطلع العام الحالي، إثر تقدم شقيقه بواسطة أحد المحامين بالطلب إلى محكمة الجنايات تعيين لجنة طبية لوضع تقرير عن حالة المريض المحكوم الراهنة، وعمّا إذا كان لا يزال بحاجة إلى تمديد احتجازه في المأوى الاحترازي في السجن المركزي في رومية.
تم تعيين لجنة طبية لوضع تقرير عن حالة المريض المحكوم الراهنة
المحكمة قررت الاستجابة للطلب، وعينت لجنة طبية من ثلاثة أطباء نفسيين لوضع تقرير عن حالة السجين العقلية والنفسية والصحية، حيث أفادت اللجنة بأن الموقوف لم يُعالَج على نحو فاعل، إذ إن الأدوية التي يتناولها غير كافية، فضلاً عن عدم متابعته باستمرار من جهاز طبي تخصصي منذ دخوله السجن، فلا وجود لتقارير أو وصفات طبية دورية أو معاينات من مختصين بالأمراض العقلية والنفسية. وخلصت اللجنة إلى القول إن الموقوف يعاني مرض «الفصام الزوراني» ويترافق ذلك مع أعراض شخصية زورية منذ سن مبكرة، وهو يحتاج إلى متابعة طبية تخصصية، لأنّ مرضه مزمن وغير قابل للشفاء. وخلصت المحكمة إلى أن الوضع الحالي للمحكوم قد يسبّب خطراً على نفسه وعلى محيطه، ويفترض نقله إلى مستشفى تخصصي في الأمراض العقلية والنفسية يخضع فيه لعلاج مستمر وفعّال ويُبَتّ في وقت لاحق إمكان إطلاق سراحه.
المحكمة لم تكتفِ بتقرير الخبرة الطبية، بل استمعت إلى المحكوم الذي طلب إخراجه من السجن بعدما أوضح أنه يقيم مع مساجين آخرين يشبهون حالته في «البيت الازرق» (كما يُطلَق على المأوى الاحترازي) في سجن رومية. كذلك استمعت المحكمة إلى أعضاء اللجنة الطبية، كلٌّ على حدة، فأكدوا مضمون التقرير، وأجمعوا على وجوب نقل الموقوف من السجن إلى مستشفى مختص وأنه «لا يكفي إرسال طبيب مختص لمعالجته في سجن رومية» لأن العلاج يتطلب في مثل هذه الحالات فريقاً طبياً متخصصاً من ممرضين يُحسنون التعامل معه على نحو عملي وفعال، ويراقبون مدى تناوله الدواء ومدى فاعلية هذا الدواء لجهة سلوكه مع الآخرين.
وقضت المحكمة بأنّ بقاء ب. م. محجوزاً في المبنى الأزرق في سجن رومية بدون تلقي العلاج اللازم والفعّال لمرضه يُبقي وضعه المرَضي على حاله ولن يتحسن، ما يعني واقعاً حجزه مؤبداً. يمثّل ذلك مخالفة واضحة لنصّ المادة 232 من قانون العقوبات التي نصت على أنه «مَن ثبت اقترافه جناية أو جنحة مقصودة عقابها الحبس سنتين وقُضي بعدم مسؤوليته بسبب فقدانه العقل حُجز بموجب فقرة خاصة في حكم التبرئة في مأوى احترازي ويستمر الحجز إلى أن يثبت شفاؤه بقرار تصدره المحكمة التي قضت بالحجز». وأضافت المحكمة أن عدم وجود مأوى احترازي لوضع المحجوزين سنداً للمادة 232 عقوبات ريثما يثبت شفاؤهم لا يمنع هذه المحكمة، وهي المؤتمنة على حرية وحقوق الشخص المحجوز بقرار منه، من إيجاد بديل لهذا المأوى يقوم مقامه لتطبيق النص القانوني الذي يوجب عليه التثبت من شفاء المحجوز ومما إذا كان إطلاق سراحه يمثّل خطراً على نفسه والمجتمع. وقضت بنقل الموقوف إلى مستشفى الأمراض العقلية في دير الصليب ليُعالَج تحت إشراف الدكتورة ر. ك. على أن تزوِّد هذه الأخيرة المحكمة تقارير كل ثلاثة أشهر عن وضعه الصحي والنفسي ليُصار بعد ذلك إلى اتخاذ الإجراء المناسب.
No comments:
Post a Comment