"هيومن رايتس واتش": القانون المدني الاختياري لضمان عدم التمييز ضد المرأة
قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" إن "قوانين الأحوال الشخصية القائمة على الديانة في لبنان تميز ضد المرأة عبر جميع الطوائف الدينية ولا تضمن لها حقوقها الأساسية. وذكرت في تقرير حصلت عليه "النهار" ان "في لبنان 15 قانوناً منفصلاً للأحوال الشخصية لطوائفه المعترف بها، في غياب قانون مدني لتنظيم مسائل مثل الطلاق أو حقوق الملكية أو رعاية الأطفال. وتدار تلك القوانين من خلال محاكم دينية مستقلة بغير إشراف حكومي يذكر، وكثيراً ما تصدر أحكاماً تنتهك الحقوق الإنسانية للمرأة".
واعتبر التقرير المؤلف من 114 صفحة، بعنوان "لا حماية ولا مساواة: حقوق المرأة في قوانين الأحوال الشخصية اللبنانية"، أن "قوانين الأحوال الشخصية عبر جميع الطوائف تنصب الحواجز أمام النساء أكثر من الرجال الراغبين في إنهاء زيجات تعسة أو مسيئة، أو في بدء إجراءات الطلاق، أو ضمان حقوقهن المتعلقة بالأطفال بعد الطلاق، أو تأمين حقوقهن المالية من زوج سابق. كما تنتهك تلك القوانين حقوق الأطفال، ولا سيما ضرورة أخذ مصالحهم الفضلى في الاعتبار في أي قرارات قضائية تتعلق بمصيرهم".
وقال نائب مدير قسم الشرق الأوسط في "هيومن رايتس ووتش" نديم حوري: "تلقى المرأة معاملة جائرة، ولا تحظى حقوقها وأمنها بأي حماية. وقد بات تبني قانون مدني اختياري للزواج، إضافة إلى الإصلاحات المطلوبة بشدة في قوانين الأحوال الشخصية والمحاكم الدينية القائمة، ضرورة مستحقة منذ وقت طويل".
وحلّلت "هيومن رايتس ووتش" 447 حكماً قضائياً حديثاً أصدرتها محاكم دينية وأجرت مقابلات مع محامين وقضاة واختصاصيين اجتماعيين وناشطين ونساء خضن معارك الطلاق. وقد راجعت "هيومن رايتس ووتش" 243 من قضايا الطلاق ووجدت تمييزاً ممنهجاً ضد المرأة.
وقالت سبع من النساء الـ27 اللواتي أجرت معهن هيومن رايتس ووتش المقابلات وكن راغبات في إنهاء زيجاتهن، إنهن لم يلجأن الى المحاكم الدينية لطلب الطلاق، لعدم امتلاكهن القدرة المالية على تحمل تكاليف إجراءات المحاكم أو خشية فقدان حراسة أطفالهن.
وعند مراجعة 101 من قرارات المحاكم المسيحية والإسلامية والدرزية، وجدت "هيومن رايتس ووتش" أنه رغم قيام القضاة في أغلب الأحيان بتطبيق سن حضانة الأم بغير التفات إلى ما يمثل مصلحة الطفل الفضلى، أظهر بعض القضاة، وخصوصا في المحاكم المسيحية والسنية لاحقاً، الاستعداد لإيلاء الاعتبار لذلك العامل. لكن المحاكم الدينية نادراً ما كانت تنظر في سلوك الأب عند الفصل في قضايا الحضانة، بينما كانت تدقق في سلوك المرأة، ونتج من هذا رفع احتمالات إسقاط الحضانة عن المرأة أكثر منها عن الأب.
ورأى التقرير "أن منظومة الأحوال الشخصية اللبنانية الراهنة تنتهك حقوق المرأة الإنسانية، بما فيها الحق في عدم التمييز، والمساواة عند الزواج وعند حله، والحق في السلامة البدنية وفي الصحة. وجميع هذه الحقوق مكفولة بموجب العديد من المعاهدات الدولية الحقوقية التي صدق عليها لبنان. وبموجب القانون الدولي يحق للأطفال كافة إيلاء مصلحتهم الفضلى الاعتبار الأول في جميع القرارات التي تتخذها هيئات رسمية وتمس مصلحتهم".
وناشدت المنظمة "البرلمان اللبناني تبني قانون مدني اختياري يضمن حقوقاً متساوية لجميع اللبنانيين الراغبين في الزواج بموجبه. وعلى الحكومة ممارسة إشراف على المحاكم والسلطات الدينية لضمان امتثالها للالتزامات الحقوقية وتوفيقها مع التزامات لبنان الحقوقية الدولية، بما يضمن للنساء والرجال حقوقاً متساوية في جميع قضايا الأحوال الشخصية".
No comments:
Post a Comment