الهويّة الوطنيّة للأطفال الفلسطينيين في مُخيّمات لبنان: من حقنا أن تكون لنا هويّة ما هو الوطن؟ ليس سؤالاً تجيب عليه وتمضي.. إنه حياتك وقضيتكَ
محمود زيات
تواعدوا على اللقاء، فجاؤوا من كل المخيمات الفلسطينية، من الرشيدية والبرج الشمالي.. عين الحلوة والمية ومية في الجنوب، من البداوي ونهر البارد في الشمال، ومن مخيمات بيروت، ليجتمعوا وسط فسحة في الهواء الطلق، وليعرضوا افكارهم وهواجسهم ومفهومهم.. بحثا عن الهوية الوطنية التي ضيًعتها الامم و«ثورات» القتل والتدمير والمجازر بحق الاطفال في كل الساحات.
في باحة مركز معروف سعد الثقافي في صيدا، عرضوا ما كتبوه من افكار ورسومات عن فلسطين الوطن الضائع، الذي سمعوا عنه من الاباء والاجداد، وعن المخيم الذي يعيشون فيه في ظروف لا يعيشها اي من اطفال العالم، قالوا : بكل فخر.. هويتي فلسطينية، بطاقة هويتي معطرة برائحة الزيتون، فلنعبر سويا عن هويتنا الذاتية، انا صفية انور او نوفل فلسطينية من حيفا لاجئة بلبنان بس ساكنة بمخيم عين الحلوة، انا اسمي اسماء اسماعيل فلسطينية من قضاء عكا لاجئة في لبنان بس ساكنة بمخيم عين الحلوة، اسمي آلاء وليد يوسف انا من فلسطين بس ساكنة بمخيم نهر البارد، اسمي حلا حليحل.. دعاء.. محمود.. عثمان.
ضمن مشروع «هويتي.. عنواني»، الذي نظمته جمعية النجدة الاجتماعية الفلسطينية وبالشراكة مع Christian aid والحركة الاجتماعية اللبنانية، شارك عشرات الاطفال الفلسطينيون من 12 مخيما في لبنان، في حفل «المواطنة والهوية الذاتية»، تم خلاله عرض خلاصة ما تناوله برنامج الهوية، الذي جرى على مدى الاسبوعين الماضيين، وطرح الاطفال افكارهم عن فلسطين وهمومهم داخل المخيمات في لبنان.
} التمسك بالعودة..
وبحياة كريمة داخل المخيم }
وتقول منسقة برنامج التربية والدعم النفسي الاجتماعي في جمعية النجدة الاجتماعية الفلسطينية في لبنان انتصار ابو سالم، ان مشروع الهوية الذاتية الذي يتم بالشراكة بين الجمعية والحركة الاجتماعية اللبنانية، يهدف الى خلق علاقات تواصل ومناصرة بين الاطفال الفلسطينيين في الشتات وفي الداخل الفلسطيني من جهة، وبين الاطفال الفلسطينيين والاطفال اللبنانيين من جهة اخرى، من اجل حماية الطفل، وقد تم اختيار من موضوع الحماية المواطنة، وركزنا على الهوية الوطنية التي تحكي عن الانتماء، انتماء الاطفال الفلسطينيين المشاركين في هذا المشروع، وتنمية الثقافة لديهم للتمسك بحقهم في العودة الى ديارهم في فلسطين.
وتلفت الى ان 156 طفلا من فئة عمرية من 8 الى 16 سنة، التقوا في مشروع واحد، جاؤوا من كافة المخيمات الفلسطينية في لبنان، وتوزعوا على خمس مجموعات بحثت في اهم احتياجاتهم وهمومهم خلال حياتهم داخل المخيمات، ومن اهمها الوضع الامني في المخيمات التي يقيمون فيها وعن الهوية الذاتية، حيث لوحظ ان هناك العديد من الاطفال لا يعرفون عن الهوية سوى البطاقة الزرقاء «بطاقة اللاجىء» التي تمنحها وكالة غوث اللاجئين الانروا التابعة للامم المتحدة، والمشروع اكد انهم باتوا يميزون عن الهوية الوطنية من خلال الانتماء الى وطن، وهوية اللاجىء، وشكلت مجموعات من 12 مخيما في لبنان شارك فيها 80 طفلا، عملوا على تلقي تدريب على تنمية المهارات الجماعية والكثير من المهارات التي تمكنهم من ان يصبحوا قادة، ثم يتواصل هؤلاء مع مجموعات من اطفال المخيمات لنقل ما تلقوه من تدريب، ووجدنا تفاعلا واضحا لدى الاطفال المشاركين، الذين اجروا بحوثا عن قضايا عديدة حول البيئة والصحة والهوية الذاتية، اضافة الى بحث عن الوضع الامني في مخيم عين الحلوة، نظرا لما يشكله هذا الملف من عبء نفسي وجسدي، وهي ابحاث مبدئية، سيعملون على تطويرها توسيعها لتكون شاملة يمكن الاستفادة منها، وهم طرحوا تساؤلات للنقاش.
} فلتان السلاح واحداث عين الحلوة..
قلق وهلع للاطفال }
وعلى هامش المؤتمر الذي طرحت فيه خلاصة ونتائج المشروع، اقيم معرض لما انتجه الاطفال المشاركون، وتقول المدربة الاجتماعية في مركز التدعيم النفسي للاطفال منى عيسى المعرض يشكل انتاجية ما استفاد مته الاطفال، والمعرض يشكل مادة جامعة لكل الاطفال الفلسطينيين الموزعين على 12 مخيما في لبنان، وهو من اعمال الاطفال الذين عكسوا رؤياهم للهوية الوطنية الفلسطينية ولمفهومهم لوطنهم فلسطين، اضافة الى هواجسهم المتعلقة بالهوية، وركزوا على مفهومهم للوطن الذين يعيشون خارجه، وملف الحقوق الاجتماعية للاجئين الفلسطيينين في لبنان، من خلال المطالبة بتحسين واقعهم المعيشي والحياتي، وتدلل الاعمال على مدى وعي الطفل الفلسطيني لقضيته وتعلقهم بارضهم، من خلال الرسوم والاشغال التي انجزوها وهي حملت افكارهم وحلمهم بالعودة الى وطنهم، لكن الظروف الاجتماعية التي يعيشون فيها داخل المخيمات، احتلت حيزا هاما في تفكيرهم.
وتشير الى ان مجموعة الاطفال من مخيم عين الحلوة، ركزت على القلق النفسي لديهم من خلال طرح مشكلة الاحداث الامنية التي يشهدها المخيم، بصورة مستمرة، وبعض الرسومات طالبت الجهات المسؤولة في المخيم بالعمل سريعا لنزع السلاح من المسلحين وجعل المخيم واحة امان، وقال ان هؤلاء الاطفال عانوا وما زالوا من الاحداث الامنية الجارية في المخيم، واحتلت الاحداث الامنية في مخيم عين الحلوة حيزا عاما في افكار الاطفال، سيما اطفال المخيم، فكتبوا يقولون «اطلاق النار في مخيم عين الحلوة يؤذي طفولتنا.. نطلب من اللجنة الامنية داخل المخيم معاقبة من يطلق النار وسحب السلاح»، اضافة الى دعوات لاعطاء اللاجئين الفلسطينيين حقوقا مدنية وصحية واجتماعية. وقد شكلت هذه الاحداث قلقا دائما وازمة نفسية لدى البعض، خاصة ان في ذاكرة الاطفال العديد من مشاهد الاحداث الامنية في المخيم، وهم يتحدثون عن اصابات لحقت بالاطفال والنساء جراء هذه الاحداث، اضافة الى ظهور حالات ضغط نفسي ومرض السكري الناتجة عن الخوف والهلع.
No comments:
Post a Comment