«زلزال» العدالة في لاهاي غرّمتها 10 آلاف يورو والادعاء يطلب تشديد الحكم
المحكمة تدين خياط بجرم عرقلة سير العدالة
صلاح تقي الدين
عقدت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان أمس في لاهاي برئاسة القاضي الناظر في قضايا التحقير وإعاقة سير العدالة نيكولا ليتييري، جلسة مخصصة للنطق بالحكم ضد نائبة رئيس مجلس ادارة قناة «الجديد« الزميلة كرمى خياط، حيث خلص الحكم إلى تثبيت إدانتها بجرم عرقلة سير العدالة وتغريمها مبلغ عشرة آلاف يورو تسدّد بالكامل قبل الثلاثين من تشرين الأول المقبل.
وبدأت الجلسة بالاستماع إلى مرافعات وكيلي الادعاء والدفاع حيث قام صديق المحكمة للادعاء المحامي كينيث سكوت بالتاكيد على مضمون الاتهام الموجه إلى خياط طالباً التشدّد في العقوبة بحقها على أن لا تقل عن السجن لمدة عام وغرامة بقيمة 100 ألف يورو، فيما طلب وكيل الدفاع عن خياط المحامي كرم خان منح موكلته الأسباب التخفيفية باعتبار أن الإدانة بحد ذاتها عقوبة قاسية بحقها، معتبراً ان مثول موكلته أمام المحكمة دليل كاف «على حسن نيتها، وعدم وجود نوايا لديها بتقويض سير العدالة أو تحقير المحكمة».
وفي ما يلي النص الحرفي لوقائع الجلسة:
... (لا ترجمة(
القاضي نيكولا ليتييري: بعد الاستماع الى الفريقين سوف ارفع الجلسة للمذاكرة وسوف اصدر قراري بتحديد العقوبة في تمام الساعة الخامسة من بعد الظهر. ونبدا الآن بسماع مذكرات صديق المحكمة.
امينة سيسوفيتش (محامية شركة «الجديد« والتلفزيون): شكرا حضرة القاضي.
ليتييري: نسيت ان اذكر ان هناك طلب التنازل عن حضور السيدة الخياط.
كريم خان (محامي شركة «الجديد« والتلفزيون): نعم.
سيسوفيتش: شكرا . قبل ان ابدأ بمذكرتنا اود ان اشير الى بعض المسائل التمهيدية واذ يذكر الادعاء بأحكام المادة 171 أ حيث يساعد الفرقاء غرفة الدرجة الاولى والقاضي على تحديد العقوبة الملائمة، فان الادعاء يأسف لعدم قدرته على تقديم مساعدة اكبر للقاضي نظرا الى ان عملية تحديد العقوبة التي امرت بها المحكمة فيما يتعلق بالوقت الممنوح للفرقاء للاعداد لهذه الجلسة، ونظرا لعدم توفر مذكرات خطية او ادلة تتعلق بتحديد العقوبة مما حدّ من قدرتنا على تقديم مساعدة اكبر للغرفة. ومن جهة اخرى يشير الادعاء بقلق الى غياب المتهمة عن جلسة تحديد العقوبة رغم ان المادة 171 تنص على التالي: «تتلى العقوبة بحضور المتهم عندما يكون ذلك ممكنا«. نحن نفهم عبارة عندما يكون ذلك ممكنا الى انها تشير بشكل اساسي الى المحكمات الغيابية وليس الى القضايا التي سبق فيها للمتهم ان مثل امام المحكمة ونحن في الادعاء نعتبر ان وجود المتهم او الشخص المدان في جلسة تحديد العقوبة تخدم مصلحة العدالة، فحضور المتهم مهم للحرص على احقاق العدالة. ان تحديد العقوبة والعقوبة بحد ذاتها، انما قد نصت عليهما المواد في النظام الاساسي للمحكمة تحديدا المادة 24 والمواد من قواعد الاجراء والاثبات، وتحديدا المادة 60 مكرر ياء والمادتين 171 و172. فاجتهادات القانون الجنائي الدولي متناسقة في كافة المحاكم ومفادها ان العقوبة في قضية التحقير انما هي، لا بل يجب ان تكون العقوبة والردع. في قضايا التحقير في يوغوسلافيا في قضيتي يوفيتش وهاتمن، وفي الاقتباس لقضايا ماريا فيتش وريفيتش، اعتبرت غرفة الدرجة الاولى ان المتهمين المذنبين بنشر مقتطفات من افادات شهود يتمتعون بالحماية ونشر اسمائهم وامتنعوا عن الالتزام بالامر لازالة تلك المعلومات المنشورة. واعتبرت الغرفة ان العوامل الاهم التي ينبغي مراعاتها عند تحديد العقوبة الملائمة، انما هي خطورة جرم التحقير والحاجة الى ردع القرار بأي اسلوب، والتي ينبغي مراعاتها عند تحديد العقوبة الملائمة في هذه القضية انما هي خطورة جرم التحقير والحاجة الى ردع التكرار باي سلوك مشابه لخطورة الجريمة. ان الاجتهادات الحالية في مجال القانون الجنائي الدولي تتفق في جرم التحقير المتعلق بأي نوع من ترهيب الشهود او عرقلة الشهود او حماية سلامتهم، انما يعتبر تدخلا خطيرا في سير العدالة. كما ان الاجتهادات في مجال القانون الدولي تتلائم وتتفق في الحاجة الى حماية سلطة المحكمة والاوامر الصادرة عنها والقدرة في توفير تدابير حماية فعالة، وان اي سلوك يعرض هذه القدرة للخطر، انما يجب ان يردع وان هذه الطريقة والمتعمدة والمحسوبة لضرب عرض الحائط بهذا الامر، امر خطير يقوض من سلطة المحكمة في قضية بلاستيش وفي قضية شيشل، وهي ايضا قضية تحقير ثالثة امام محكمة يوغوسلافيا اعتبرت غرفة الدرجة الاولى ان الطريقة المتعمدة التي تم انتهاك تدابير الحماية التي اصدرتها الغرفة في قضية شيشل، انما تشكل تدخلا فادحا في سير العدالة.
واعتبرت الغرفة ايضا ان النشر الالكتروني للكتاب وتوزيعه يزيد من مجال الكشف، وبالتالي يزيد من خطورة انتهاك الاوامر الصادرة عن غرفة الدرجة الاولى في قضية شيشل في قضية كاميرا امام المحكمة الخاصة بسيراليون، اعتبرت غرفة الدرجة الأولى انه عند التعامل مع مسألة حماية الشهود والمتضررين فهذه المحكمة اشارت مرارا وتكرارا ان جمهورية سيراليون انما هي كناية عن مجتمع صغير والناس يعرفون بعضهم بعضا ويتعرفون على بعضهم بسهولة مما يزيد من خطورة الاعتداء على شهود محتملين وعلى المتضررين وعلى عائلاتهم في حال تم التعرف عليهم من قبل المتهمين .....
والآن أدعوكم حضرة القاضي الى النظر الى الفقرات 2 و3 و4 و12 وهي البينة p79 . ان قاضي الاجراءات التمهيدية قد سعى الى ضمان احترام القرارات الثلاثة التي صدرت من أجل صون قرارات المدعي العام وحماية الشهود، ونحن ندعوكم حضرة الرئيس الى استمزاج الاجتهادات ذات الصلة المتعلقة بانتهاك الاوامر، فانتهاك أي أمر انما يحبط سلطة المحكمة وثقة الرأي العام وقدرة المحكمة على فرض الاوامر الصادرة. ان اي افعال وسلوك كالتي هي في القضية انما يجب ان تردع وتمنع، وفي كل حكم تقريبا تكون الحاجة الى حماية ثقة الرأي العام امرا جوهريا، ولهذا الهدف اقتبس ما ورد في حكم ماريا فيتتش ورابيتش في العاشر من آذار مارس 2006 في محكمة يوغوسلافيا.
اقتبس: «ان اي سلوك متعمد من شأنه ان يؤدي الى خطر حقيقي يطال ثقة الرأي العام في قدرة المحكمة على منح تدابير الحماية، انما يعتبر تدخلا خطيرا في سير العدالة فثقة الرأي العام والجمهور في فعالية تلك الاوامر انما هي اساسية لضمان نجاح عمل المحكمة« نهاية الاقتباس. ان صديق المحكمة للادعاء يرغب في لفت انتباه المحكمة الى عنصر آخر مهم يتعلق بخطورة الجريمة والسياق الذي ارتكبت فيه هذه الجريمة. حضرة القاضي ان حماية الشهود والمتضررين وحماية المعلومات السرية، انما هي مسألة جدلية للغاية فمنذ نهاية قضية الادعاء في نهاية شهر نيسان من هذا العام فان مكتب المدعي العام حتى الثامن عشر من ايلول سبتمبر من هذا العام كان قد تقدم باحد عشر طلبا لمنح تدابير حماية تتعلق باثنين وثلاثين شاهدا ومن اجل تبرير الحاجة لمنح تدابير حماية تقدم مكتب المدعي العام في كل من الطلبات الاحد عشر بالجملة التالية: «ان الوضع السياسي والامني والاقليمي السائد في لبنان انما هو جزء اساسي من مخاوف الشهود على امنهم». بالاضافة الى ذلك بعض الاشخاص في لبنان سعوا الى عرقلة عمل المحكمة تحديدا في ما يتعلق بالشهود، والجدير بالذكر في هذه القضية ان السيدة الخياط قدمت حلقات ضمن بثها على تلفزيون «الجديد« في شهر آب 2012 لفترة 4 ايام...
(تقطع في الصوت)
... ان المحكمة في الفقرة 175 من القرار وجدت ان السيدة الخياط اغفلت عمدا الامر الصادر في 10 آب 2012 من خلال الامتناع عن ازالة مضون تلك الحلقات من موقع «الجديد« على شبكة الانترنت وقناة يوتيوب التابعة لـ «الجديد« وصفحة «الجديد« في موقع فايسبوك. ونحن نعتبر ان هذا الكم من النشر الالكتروني والتوزيع زاد من خطورة الكشف، مما زاد من خطورة انتهاك الامر. هذا النشر والتوزيع حصل في مجتمع صغير نسبيا مما جعله عاملا مشددا في الاجتهادات ذات الصلة. فلبنان من حيث التركيبة السكانية يشابه جمهورية سيراليون من حيث عدد السكان، اي اقل من ستة ملايين شخص. ان هذا التحدي والتغاضي الكاملين لاوامر المحكمة انما يجب ان يردع ويمنع. ويرى الادعاء ان الحكم في الفقرتين 139 و140 يستنتج ان صديق المحكمة لم يثبت ان الحلقات كانت متوفرة على موقع يوتيوب الخاص بتلفزيون «الجديد« بعد العاشر من آب 2012، وبالتالي ما من ادلة في السجلات التي تشير الى توافر هذه الحلقات، وصديق المحكمة لم يثبت ان الحلقات كانت متوفرة على صفحة فايسبوك الخاصة بتلفزيون «الجديد« بعد العاشر من آب 2012، ولكن لغايات تحديد العقوبة، نذكّر بالوقائع المتفق عليها بين الدفاع والادعاء وهي جزء من سجلات هذه الاجراءات. نزّل تلفزيون «الجديد« وخزّن حلقات شهود المحكمة الدولية التي بثت على تلفزيون «الجديد« في 6 و7 و19 آب 2012 من خلال تضمين شرائط الفيديو من قناة يوتيوب الخاصة بتلفزيون «الجديد«، وهذا يعني حضرة القاضي ان شرائط الفيديو التي كانت متوافرة على موقع «الجديد« الالكتروني كانت شرائط فيديو قد ظهرت على موقع يوتيوب، وان الشاشة التي نراها على الموقع الالكتروني لتفلزيون «الجديد« هي الشاشة التي تظهر على قناة يوتيوب، وتستطيعون ان تروا هذا الامر في الصفحة 2 و3 من البينة p15، وبالتالي شرائط الفيديو لم تكن لتتوافر على الموقع الالكتروني لـ «الجديد« من دون توافرها في الوقت نفسه على قناة «الجديد«، وهذه مسألة وافق عليها الدفاع ايضاً. بالاضافة الى ذلك، ثمة الواقعة المتفق عليها رقم 22 والتي تشير الى العمليات الاجرائية الموحدة لتفلزيون «الجديد« بالاضافة الى خطة العمل، وان الصفحة الخاصة بقناة «الجديد« كانت قد نشرت حتى فترة محددة من الزمن الروابط الى حلقات الشهود في المحكمة الدولية التي بثت في 6 و7 و9 و10 آب 2012 على تلفزيون «الجديد«. كما ان صديق المحكمة للادعاء يود أن يشير الى الفقرة 144 من الحكم، كما وان انواع المنصات المعنية والمدة المحددة لبقاء الحلقات على شبكة الإنترنت غير أساسية للتهم ولكنها مرتبطة بخطورة السلوك. ونحن نعتبر حضرة القاضي وبالاستناد الى نتائج الحكم، ان سلوك المتهمة يعد انتهاكا خطيرا للامر وذات خطورة شديدة، وبالتالي لا بد ان نتبع الاجتهاد من ناحية العقاب والردع كما..... وان القرارات التي صدرت عن المحكمة غير ملزمة للاعلام اللبناني من الجهة القانونية، وان المرجعية القانونية الوحيدة هي الاعلام اللبناني. وفي رسالة من السيدة مي حبلي نيابة عن تلفزيون «الجديد« بتاريخ 9-8-2012 نعلمكم برفضنا التام لمضمون كتاب المحكمة وان مطالبات المحكمة غير قانونية وغير محقة ونلتزم بمقررات تصدر على السلطات اللبنانية المختصة وللاحكام القضائية الملزمة، ونحن نعتقد انه من الجدير للذكر هنا ان السيدة قد تنازلت عن حقها بحضور جلسة الحكم والاهم من هذا الامر انها غائبة عن المحكمة، في هذه القضية ان الظروف التالية تعتبر ذات الصلة وينبغي اخذها بعين الاعتبار. السيدة الخياط تملك 10 % من شركة تلفزيون «الجديد« وفي الواقع هي وغيرها من افراد اسرة الخياط يتحكمون بـ50% من اسهم الشركة. رأسمال الشركة يصل الى حوالي 20 مليون دولار اميركي وفي الوقت الذي يهم الامر الذي يحل محل قرار الاتهام كانت السيدة خياط نائبة مديرة قسم الاخبار والبرامج السياسية في تلفزيون «الجديد« وهي حاليا نائبة مدير تلفزيون «الجديد«، وبالتالي هي الشخص الثاني في هرمية الشركة، وبالتالي مما لاشك فيه السيدة خياط تتمتع بصلاحيات.
نعتبر ان الغرامة التي ستفرض يجب ان تتناسب مع الظروف الشخصية للشخص المدان وبحسب ما اقرت به في المقابلة التي تحمل رقم البينة 173، هي كانت مسؤولة عن مضمون الاخبار وتحمل مسؤولية التحقيقات واعداد الفقرات.
في الفقرات 147 و148 اعتبرت السيدة خياط مسؤولة عن اعداد وانتاج هذه الحلقات، وبما ان كل مضمون الحلقات التي تبث على شاشة التلفزيون ينشر ايضا على شبكة الانتزنت، تعتبر خياط مسؤولة عن نشر هذه الحلقات على شبكة الانترنت، وكان بامكانها ازالة هذه المعلومات عن شبكة الانترنت، الا انها تخلفت عن القيام بذلك. ان السيدة الخياط كانت مشاركة في عملية اعداد الحلقات وانتاجها ونشرها كما اقرت واكدت ذلك في المقابلة مع رامي الامين، ونحن اشرنا الى ذلك في مذكرتنا الختامية وفي الوقائع غير المتنازع عليها 56 و80. واخيرا حضرة القاضي ان المنشور الخاص بشركة تحسين خياط، يشير الى ان تلفزيون «الجديد« من اكثر التلفزيونات التي تحظى بنسبة مشاهدين عالية في لبنان والعالم العربي، ونحن نتوقع من عملاق اعلامي بهذا الحجم ان يتحلى بمزيد من المسؤولية وان يلتزم بحدود القانون، وللاسف لم يحصل ذلك. فالسيدة الخياط وهي الشخص المسؤول مباشرة عن انتاج ونشر هذه الحلقات، اعربت عن عدم مراعاة كاملة للشهود والخطر المحتمل الذي تعرضوا له هم وعائلاتهم، فجلّ ما كانت تهتم به هو تحقيق هذا السبق الصحافي الكبير على شاشة «الجديد«. لم تعرب السيدة خياط عن اي ندم لتصرفاتها الجرمية، بل على العكس بينت عن عجرفة ونصبت نفسها فوق القانون، لعل كلمات السيدة خياط نفسها خلال المرافعات الختامية تظهر هذا السلوك المتعجرف. بالاستناد الى مذكراتنا القانونية اتقدم بالقول ان العقوبة المناسبة الوحيدة على افعال السيدة الخياط وسلوكها هي بفرض عقوبة سجن بسنة واحدة والغرامة القصوى وقدرها 100 الف يورو.
(تقطع في الصوت)
خان: شكرا حضر القاضي ما استمعنا اليه هذا الصباح من قبل المحامي المعاون الذي يمثل صديق المحكمة للادعاء انما هو يشير الى التفكير الخاطئ وانعدام الاسس القانونية التي شابت دور الادعاء في هذه القضية. حضرة القاضي ان هذه القضية من قبل الادعاء انما هي فاشلة، فقلب هذه القضية قد تلاشى، وعندما قال زميلي الموقر هذا الصباح، عندما قال في مواجهة الاستنتاجات التي توصل اليها القاضي قال ان هذه القضية لا تزال قضية بالغة الخطورة. فهذا المحامي الذي يتمتع بخبرة في هذا القانون الجنائي الدولي، انما لا
No comments:
Post a Comment