هل يطوّق التحرك الشعبي نفسه؟
حبيب معلوف
أعرب عدد كبير من المتابعين البيئيين أمس عن استغرابهم من قيام بعض المجموعات الشبابيّة باقتحام وزارة البيئة، في حين أنّ وزير البيئة تنحّى عن رئاسة لجنة ملف النفايات موضع الشكوى والأزمة.
واعتبرت المصادر أنّه من سخرية القدر: «أن يعين محمد المشنوق وزيراً للبيئة من دون ان يكون له أي علاقة بملفاتها، في حين أنّ من يحاول إخراجه من الوزارة اليوم هم ممن لا شأن لهم بالبيئة أيضا!».
ومن سخرية القدر أيضا إعادة وزير بيئة العام 1997 أكرم شهيب، وهو الذي وضع الخطة الطارئة وانتهت مفاعيلها بالأزمة الحالية، ليرأس لجنة النفايات ويستبدلها بخطة طارئة جديدة يفترض أن تبصر النور في الأيام القليلة المقبلة!
وتساءلت المصادر عن معنى مطالبة الوزير بالاستقالة في وقت يعرف الجميع أن مجلس الوزراء مجتمعا، بالإضافة الى الحكومات السابقة والمتعاقبة، هي المسؤولة عن عدم إيجاد حلول جذرية للقضايا البيئية المتعددة في لبنان ومن بينها ملف النفايات.
ومن المعروف أيضا أن كل الحكومات المتعاقبة لم تستبدل الخطة الطارئة التي وضعت العام 1997 بأي خطة مستدامة مبنية على استراتيجية وعلى قوانين ومراسيم تنظيمية واضحة تمنح الحكومات والوزارات والبلديات مهام محددة لمعالجة القضيّة جدّيا.
ويبدو أن حال الفوضى السياسية، وضياع المعايير التي تتحمل مسؤوليتها الطبقة السياسية المسيطرة على مقدرات البلاد، وبعدما فشلت في انتخاب رئيس للبلاد، وفي إجراء انتخابات نيابية، وفي الاتفاق على جدول أعمال لمجلس وزراء... يبدو أنّ حال الفوضى هذه قد انتقلت إلى الشارع والحراك المدني بعدما مرّت بالإعلام، لا سيما المرئي منه.
وفي الإطار نفسه، سألت الكثير من المجموعات المتحمسة للحراك الشعبي المطلبي والضاغط والمحقّ، عن مدى التنسيق والتوافق على التحركات، وعن الأهداف من كل تحرك أو موقف. كما تخوفت من أن تؤدي عمليّة تطويق وزارة البيئة غير المفهومة، الى تطويق للحراك نفسه، فإذا لبى وزير البيئة مطلب المعتصمين واستقال فلن يتغيّر شيء في الوصول الى حلول لقضية النفايات، لا سيما أنه اعتكف عن إدارة هذا الملف أصلا، بعد فشله بالطبع.
وما كان يتعيّن توظيف الدعم والزخم الشعبيين اللذين شهدهما يوم السبت الماضي بممر من ممرات مقرّ وزارة البيئة، بل بمطالب أكثر عمقا وشمولية.
شهيّب يعدّ مقترحات...
في المقلب الآخر، بدأ وزير الزراعة أكرم شهيب الإعداد لمقترحاته، عبر دعوة لجنة من الخبراء للتداول في الحلول التقنية المتوفّرة، وهو يحضّر اليوم الأربعاء للقاء مع الجمعيات البيئية والهيئات الأكاديمية وأصحاب الاختصاص والخبرة للاستماع الى طروحاتهم.
وعلمت «السفير» ان التوجه هو للخروج بخطة تدمج بين الحلول الاستراتيجية والمستدامة والحلول الطارئة.
وفي ما يتعلّق بالضغوط من أجل استقالة الوزير محمد المشنوق، نقلت مصادر رئيس الحكومة تمّام سلام عنه رفضه لاستقالة الأخير وقوله إنّه «لن يقدم استقالة وزير البيئة هدية، ومن الظلم رمي المسؤولية عليه بأزمة تعود إلى سنين، وتملّص القوى السياسية كافّة من المساهمة في معالجتها». كما اعتبر جنبلاط عبر «تويتر» ان احتلال مكتب وزير البيئة ليس الحل لمعالجة قضية النفايات والمطالب الأخرى.
وخلال ما كان يحصل من هرج ومرج أمام وزارة البيئة وداخل قاعاتها، تمّت قرصنة موقع الوزارة عبر الانترنت، وتمّ تعطيله تماما عن العمل وأُلغي عن الشبكة.
وفي طرابلس، نظمت حملة «بيكفي» اعتصاما أمام سرايا المدينة دعما للمعتصمين في وزارة البيئة بمشاركة جمعيات شباب السلم الأهلي وبيت الآداب والعلوم ونشطاء من المجتمع المدني.
ورفع المعتصمون لافتات تطالب باستقالة وزير البيئة ومحاسبة الفاسدين. كما أطلقوا هتافات تندد بقمع المعتصمين وتطالب بتحقيق شفاف حول التجاوزات الامنية. كما أُلقيت كلمات أكّدت دعم مطالب حملة «طلعة ريحتكم» وأعلنت عن رفض تحويل كل من عكار وطرابلس الى مكب للنفايات.
التأثير الصحيّ
تسلّم الرئيس سلام من وزير الصحة وائل أبو فاعور، تقريرا تحليليا عن أوضاع النفايات في الأقضية كافّة وتأثيرها على الصحّة العامّة.
وأشار أبو فاعور بعد الاجتماع إلى «ان نظام الترصد الوبائي في وزارة الصحة لا يشير حتى اللحظة الى أي ارتفاع ملحوظ لأي من الأمراض المنقولة بواسطة الحشرات والقوارض وتلوث الأيدي. لكن تبين للهندسة الصحية وأطباء الأقضية في الوزارة لدى الكشف على كل الأقضية والقرى اللبنانية أن النفايات موجودة في الطرق عشوائيا وبين المطاعم والأحياء السكنية، ما يؤدي الى تبعثر الفضلات واجتذاب الحشرات والقوارض وارتشاح الفضلات السائلة الى جوف الأرض وانبعاث غازات خطرة على الإنسان».
وحذر من مغبة استمرار هذا الوضع ووجوب معالجته في أسرع وقت ممكن.
No comments:
Post a Comment