نستهل كتابنا بالتهنئة على انتخابكم رئيسا للبلاد، آملين أن يكتب للبنان في عهدكم انطلاق ورشة تعيد تكوين الأسس المتينة لقيامة الدولة الحقيقية، المستقلة والعادلة.
فخامة الرئيس، لقد استمعنا بتمعن إلى خطاب قسمكم، ثم إلى الكلمة التي خاطبتم بها الجماهير التي أتت نهار أمس إلى القصر الجمهوري لتهنئتكم. الخلاصة أن العهد رفع راية الدولة والشعب. وأن الاهتمامات الأساسية ستتمحور حول بناء الدولة القوية من جهة، ومن جهة أخرى معالجة الأزمات الاقتصادية والمعيشية ... بما يكفل للبنانيين التنعم بحياة كريمة في وطن يحفظ سلامتهم ويحترم كراماتهم.
فخامة الرئيس، نحن لا ننتمي إلى التيار الوطني الحر، ولا إلى أي تيار أوحزب. نحن تشكلنا كطائفة من هذا الشعب تشبهه بتنوعه وأطيافه. فنحن من كل الطوائف والمذاهب والمناطق والمهن.. ومعنا أشخاص من كل المقيمين على الأراضي اللبنانية خلال سنوات الحرب. لكن طائفتنا غير معترف بها رسميا كباقي طوائف لبنان.
أنتم تعلمون أن عمر مأساتنا من عمر الحرب. أنه انقضى 41 عاما عليها والجرح ما زال ينزف ولم يندمل!
أنتم تعلمون أن ما يزيد قضية المفقودين والمخفيين قسريا تعقيدا، إلى جانب غياب الإرادة السياسية الرسمية على مدار العهود والحكومات التي تعاقبت خلال سنوات ما بعد الحرب، هو تعدد الجهات المسؤولة عن عمليات الخطف والإخفاء.. لكننا، كهيئتين تمثلان أهالي هؤلاء الضحايا، لم نميز يوما بين مفقود أو مخف قسريا وآخر، فكلاهما مجهول الإقامة والمصير، له عائلة تتلوع من طول انتظار لعودته، ولها الحق بمعرفة الخبر اليقين عنه.
فخامة الرئيس، أن طائفتنا ليس لديها مرجعية سياسية أو دينية. وأنها منذ تشكلها لم ولن تتوجه إلا إلى الدولة، ولا تنتظر إلا من الدولة....
أنتم تعلمون أن قضيتنا لا تسيل حصصا طائفية وبالتالي ليس لها حل طائفي... فالمفقود والمخفي قسريا ليس له طائفة. إما تبحث عنه كمواطن، إما لا تبحث عنه.
البعض يقول: لهذا السبب، ليس هناك حل لقضيتكم... نحن نقول أن حل قضيتنا قد يشكل خشبة الخلاص لكي تعود وتنبعث دولتنا بدلا من أن يستمر نهشها من الداخل والخارج.
فخامة الرئيس، في خطابكم نهار الأحد لفتنا كلامكم " في ناس فقدوا، عنا ناس مفقودين من جيشنا، من أحبائنا العسكريين ما بيسوا ما نذكرن...". تعاطفتم وقدمتم محبة لكل أم وزوجة وعائلة لديها مفقود.. وأنهيتم "بدنا نكمل حياتنا مع الأحياء وبدنا نبني المستقبل".
فخامة الرئيس، لا نخفي عنكم فرحا انتابنا، بالتأكيد ليس لأن لديكم مفقودين مثلنا - فنحن لا نتمنى ذلك حتى لألد أعدائنا - بل لأنكم عرفتم طعم ووجع الفقدان. ومن الطبيعي، وأنتم تتبوأون اليوم سدة الرئاسة الأولى، أن يكون حل هذه القضية نصب أعينكم وفي سلم أولويات برنامجكم واهتماماتكم .
فخامة الرئيس، نحن نريد فقط أن تبحث الدولة عن ذوينا لأنهم أولادها. نحن لا نريد إلا معرفة الحقيقة عن مصيرهم. نحن لا نطالب بأكثر من ذلك، لكننا لا نستطيع أن نقبل بأقل...وثقوا يا فخامة الرئيس أنه مع تحقق ذلك، ستزول طائفتنا تلقائيا، فنعود إلى الحياة الطبيعية لنساهم معكم في بناء المستقبل".
Source & Link : Al Balad
No comments:
Post a Comment