لم يرضخ رئيس المحكمة العسكرية العميد الركن حسين عبدالله لـــــــ «ضغوط» الشيخ احمد الاسير ووكلاء الدفاع عنه على حد سواء، بعد عرقلة السير بمحاكمات «احداث عبرا» المعلّقة منذ اكثر من عام بسبب مطلبهم البّت بالاخبار الذين تقدموا به حول «مَن اطلق الرصاصة الاولى في تلك الاحداث».
ففي الجلسة الثانية له التي يرأسها رئيس «العسكرية» منذ تسلمه مهامه الجديدة في هذا الملف، اعلن ان المحكمة قررت «في ضوء تمنّع وكلاء الاسير عن حضور الجلسات، تسطير كتاب الى نقابة المحامين في بيروت لأخذ العلم واتخاذ ما يلزم»، رامياً بذلك الكرة في ملعب النقابة لوضع حدّ لهذه المسألة التي حوّلت «انصار» الاسير من المتهمين معه في الملف «اسرى« والبالغ عددهم 33 بينهم 20 موقوفاً.
ولم يكن قرار المحكمة هو الوحيد الذي اخرج جلسات محاكمة الاسير من رتابتها، فوكيل عدد من المتهمين المحامي محمد المراد تقدم بطلب لفصل ملف الاسير عن باقي المتهمين وقدّم بهذا الخصوص مطالعة قانونية خلص بنتيجتها الى اعتبار ان من حق المتهمين المطالبة بالعدالة خصوصاً وانه مضى على توقيفهم اربع سنوات من دون محاكمة. كما تقدم المحامي محمود صباغ بطلب مماثل وتبناه باقي المحامين.
وحده الفلسطيني محمد صلاح ابدى رفضه لطلب وكيله المحامي المراد وهو صرح من قفص الاتهام بانه يطالب ايضا بالتحقيق حول الاخبار المذكور لانهم «هم من افتعلوا معركة عبرا» في اشارة منه الى عناصر سرايا المقاومة. وقد دفع هذا الموقف المتهم الى اعلان وكيله المحامي المراد اعتزال وكالته عنه. وصلاح هو المتهم نفسه الذي اعلن في جلسة سابقة بانه «مستعد للبقاء عشر سنوات في السجن من دون محاكمة ارضاء للاسير».
وكان لممثل النيابة العامة القاضي هاني حلمي الحجار رأي في مسألة فصل الدعوى حين اكد ان النيابة العامة ستبدي رأيها انطلاقاً من حرصها على تسهيل الامر وليس عرقلته. اما بشأن الإخبار فكشف الحجار بان النيابة العامة احالته منذ اسبوع الى احد الاجهزة الامنية للتحقيق فيه معتبراً بان هذا الامر منفصل عن مسار المحاكمة. وايّده في ذلك رئيس المحكمة مؤكداً ان «هذا الملف يعني المحكمة اكثر من اي ملف اخر ولن نألو جهداً في السير به ووصوله الى خواتمه»، علماً انه سقط للجيش في تلك المعركة 20 شهيداً بينهم ضباط فضلاً عن سقوط عشرات الجرحى من العسكريين.
في بداية الجلسة نادى رئيس المحكمة على الاسير، فتقدم الاخير بخطوات ثقيلة من قوس المحكمة، ثم سأله عن سبب عدم حضور وكلائه؟ فأجاب الاسير بعد ان «اخذ وقته» لــــــ «يتذكّر» اسماءهم: هم ما زالوا على موقفهم، يستنكفون الى حين البت بالاخبار وحتى تحقيق العدالة «. وردّ رئيس المحكمة بان تحقيق العدالة يأتي من السير بالمحاكمة وليس عرقلتها في ظل وجود متهمين اخرين في الملف».
ولم يتأخر الاسير هذه المرة في الاجابة ليقول بانه سبق «لنا وتمنينا فصل قضيتي كي لا تحصل عرقلة».
ولكن كيف للمحكمة ان تفصل الملف وانت أساسه؟- سأل رئيس المحكمة الاسير الذي قال: ليُبتّ اذاً بالإخبار».
هنا تدخل ممثل النيابة العامة القاضي هاني حلمي الحجار ليوضح للاسير ان «المماطلة تتطلب حجة فيما الإخبار قد احيل منذ اسبوع بعد ان كلفت النيابة العامة جهازاً امنياً للتحقيق فيه وهذا الامر منفصل عن مسار المحاكمة». وتوجه الى الاسير قائلا: «بلِغ وكلاءك بذلك فيبدو انهم لا يعلمون بذلك».
وكان توضيح ايضاً من رئيس المحكمة للاسير ان لا علاقة للإخبار بمسار المحاكمة على ان تتم محاكمة المتورطين في حال توصل التحقيق الى نتيجة بذلك.
وانتقل الاسير فجأة الى موضوع آخر شاكياً من وضعه باكرا في شاحنة السوق يوم المحاكمة وانتظاره فيها مكبل اليدين ومعصوب العينين الى حين بدء الجلسة وهو مريض. واوضح له رئيس المحكمة ان هذه المسألة من صلاحية السجون وبالتالي النيابة العامة انما عندما يصل الى مقر المحكمة فستتم معالجة الامر.
ثم طلب المحامي محمد المراد الكلام فقال إن جوهر العدالة هو السرعة بالمحاكمة، مشيراً الى ان المادة 501 من قانون اصول المحاكمات المدني قد تحدثت عن جواز فصل الخصومة او ضمها اذا كان من شأن ذلك التسهيل في سرعة المحاكمة وقد سبق للمحكمة ان فصلت في هذا الملف نفسه نتيجة توقيف الاسير. ولفت المراد ان موقف وكلاء الاسير في عدم حضور الجلسات وبمعزل عما اذا كان قانونياً ام لا، فانه يعوق المحاكمة في ضوء وجود متهمين موقوفين منذ اربع سنوات. وتابع المراد يقول: اننا بتنا اسرى السيد الاسير ومن حق باقي المتهمين ان يطلبوا العدالة، فلا جلسات تسير ولا اخلاءات سبيل تحصل».
وانتهى المراد الى طلب فصل ملف الاسير عن باقي المتهمين خصوصا وان المحكمة حريصة على حقوق الدفاع وحسن تطبيق القانون في ضوء ثبوت العرقلة.
ورأى ممثل النيابة العامة من جهته بان موضوع عرقلة الجلسات هو نقاش دائم ونحن كنيابة عامة سنبدي رأينا بطلب الفصل ولسنا نتهرب من مسؤولياتنا مؤكدا إن العرقلة لم تأت يوماً من النيابة العامة او من المحكمة.
واكد رئيس «العسكرية» إن المحكمة لن تبقى على هذه الوتيرة وقد قابل في مكتبه وكلاء الدفاع عن الاسير الذين لديهم اهداف من موقفهم وربما احد هذه الاهداف هو الفصل الذي تطالبون به، انما هذا الامر يتطلب دراسة قانونية.
ثم حسم رئيس المحكمة هذا الجدل ليعلن انه «في ضوء تمنّع وكلاء الدفاع عن الاسير عن الحضور قررت المحكمة تسطير كتاب الى نقابة المحامين في بيروت لاخذ العلم ولاتخاذ ما يلزم، وارجاء الجلسة الى العاشر من كانون الثاني المقبل للبت بطلب فصل الدعوى.
وكان المحامي محمود صباغ بوكالته عن سبعة متهمين في الملف قد تقدم بطلب فصل مماثل لطلب المراد مشيرا الى الضرر اللاحق بموكليه جراء ارجاء الجلسات بفعل استنكاف وكلاء الدفاع عن الاسير عن الحضور مذكّرا في طلبه بالقرار الذي سبق ان اصدرته المحكمة والذي قضى بتفريع ملفات دعاوى تأميناً لحسن سير العدالة ولسرعة البت بها.
وتبنى باقي المحامين هتاف وهبة وندى شمص وهالة حمزة وزينة المصري طلب المحاميين المراد وصباغ.
في المقابل، كان من المتوقع ان يستجوب قاضي التحقيق في بيروت فريد عجيب الشيخ الاسير امس في الشكوى المباشرة المقدمة من هلال حمود ضده بجرم محاولة القتل التي احيلت الى بيروت لاسباب امنية، غير ان تزامن موعد الجلسة مع جلسة محاكمة الاسير امام المحكمة حال دون سوقه الى دائرة القاضي عجيب الذي حدد جلسة جديدة لاستجوابه في الرابع والعشرين من الجاري.
Source & Link : Al Mustaqbal
No comments:
Post a Comment