عماد الدين رائف
فيما تتجه مؤشرات السياحة بأشكالها التقليدية في لبنان سلباً، سنة بعد أخرى، وفي ظل غياب الاستقرار الأمني من جهة، وعزوف نسبة من السيّاح الأجانب عن زيارة بلادنا، تأتي مبادرة إطلاق الدليل السياحي «إكو ليبانون»، للتوجه إلى المواطن اللبناني وضمن إمكانياته، بهدف حثه على السياحة الداخلية بشقيها البيئي والريفي. ويظهر أنه بالإمكان الإفادة من مضافات الأديرة والبيوت، ومراكز الاستقبال، وأماكن أخرى للمبيت، والتمتع برحلات بيئية بكلفة مادية مقبولة.
الدليل الذي يصدر بدعم من وزارة السياحة، ويطلق مساء اليوم، ضمن نشاطات «معرض هوريكا»، في مجمع «بيال»، أتى نتيجة جهود نائب رئيس نقابة الأدلاء السياحيين الدكتورة نور فرّا حداد، مع مجموعة من التقنيين. ويمكن القول إنه الأكثر شمولاً والأغزر في المعلومات، في مجال السياحات البيئية والطبيعية والقروية. وهو يرافق المواطن من بيته إلى المكان المقصود، ويزوده بمختلف المعلومات المطلوبة للاستجمام، أو الاستمتاع برحلته، مع إرشادات تحول دون التعدي على البيئة.
تشير حداد، إلى إمكانية تعزيز «السياحة بدعم التنمية المستدامة والمجتمعات المحلية. فالدليل وسيلة للتعرف على غنى مناطق وقرى مختلفة في لبنان». كثيرون من المواطنين لا يعرفون الإمكانيات المتوفرة للسياحة الريفية والبيئية، وإلى من يتوجهون بالاستفسارات، وما هي المعلومات المطلوبة لتنظيم رحلة، وما هي المرافق التي يمكنهم زيارتها. وكثيرون يعتقدون أن تلك الزيارات مكلفة، وهي ليست بمتناول أيديهم، إلا أن تلك المعلومات وغيرها الكثير، يجدها قارئ الدليل بأدق التفاصيل، وبمستويات مختلفة.
حداد حاصلة على دكتوراه في الأنثروبولوجيا الدينية، باحثة منتسبة إلى «المعهد الفرنسي للشرق الوسط»، وتعلم في «جامعة القديس يوسف» وفي «الجامعة الأميركية للعلومِ والتكنولوجيا». وهي حفيدة فيكتور صوما، مؤسس «نادي لبنان - خطوات»، أول ناد للمشي في الجبال في لبنان. وتكمن أهمية الدليل الذي أعدته، في تقديم المعلومة بشكل سلس وسهل، مع إرشادات سياحية، حيث ترافق أقسامه الستة شخصية كرتونية للبناني قروي يرتدي زياً شعبياً، يتغير مع تغير مواضيع الدليل. وتظهر الملاحظات والإرشادات مستوى الجهد المبذول في سبيل إخراجها مكثفة وهادفة، وبعدد محدود من الكلمات.
تقول حداد: «نصدر الدليل لتشجيع السياحة الداخلية، وهو يزود اللبنانيين بمعلومات بشأن التجول، والأفكار المتعلقة بتنظيم رحلة إلى مختلف أرجاء الوطن»، وتشرح عن فكرة تقسيم الدليل إلى أقسام ملونة، فهو من القطع الصغير بحيث يسهل حمله واستخدامه. ويخصص اللون الأخضر فيه للسياحة البيئية من الرياضة الجبلية إلى تسلق الجبال، والتنقيب في المغاور، والتجول بواسطة الدراجات الهوائية، ورياضة التزلج الصيفي. أما القسم الأزرق فللمياه من البحر إلى الأنهر والبحيرات، ورياضاتها. القسم الأبيض للرياضات الثلجية، ويشرح بالتفصيل عن محطات التزلج الست. القسم النبيذي يلوّن الجزء الأكبر من الدليل، وهو مخصص للسياحة الريفية، ويهدف إلى تعميم المعلومات عن القرى ومواسمها وما تتميز به كل واحدة منها، شارحاً عن معاصر الزيتون، ومشاغل الحرفيات، والزجاج، والفخاريات وغيرها. أما القسم البرتقالي ففيه جميع المعلومات والإرشادات المتعلقة بتنظيم الرحلات والمحميات الطبيعية، ويقدم أفكاراً عن مشاريع ونشاطات بيئية مختلفة. والقسم الأخير الأصفر، فيه المواقع الالكترونية السياحية والجمعيات الأهلية المعنية بالسياحة الريفية.
في الدليل لفتات لطيفة، بشأن المهرجانات القروية الموسمية، ومهرجانات القطاف، والقرى المتخصصة بأنواع من الأطعمة دون غيرها، والمطاعم المتفاوتة الأحجام التي تقدم الأكلات المحلية. وتلفت حداد إلى أن أسماء المحال والمؤسسات وأرقامها وعناوينها، ليست إعلانات، فالدليل لم يتقاض أي مقابل من تلك المؤسسات، وقد تكفلت وزارة السياحة بتغطية نفقات إعداده وإصداره. والدليل يصدر باللغة الإنكليزية ليصل إلى أكبر عدد من القراء. وسيكون نواة مشروع مستدام، حيث يتم العمل على نقله إلى العربية والفرنسية، ثم تحويله إلى تطبيق الكتروني تزود به الهواتف الذكية، بما يضمن سهولة استخدامه والبحث فيه، وإضافة التحديثات عليه.
No comments:
Post a Comment