The Lebanese Center for Human Rights (CLDH) is a local non-profit, non-partisan Lebanese human rights organization in Beirut that was established by the Franco-Lebanese Movement SOLIDA (Support for Lebanese Detained Arbitrarily) in 2006. SOLIDA has been active since 1996 in the struggle against arbitrary detention, enforced disappearance and the impunity of those perpetrating gross human violations.

Search This Blog

October 9, 2015

Al-Joumhouria - Arrests, Injuries as Police Fire Tear Gas, Water Cannons at Martyrs Square Protesters, October 09, 2015

بيروت ساحة مواجهة... حجارة وقنابل وخراطيم مياه


تحوّل وسط بيروت الى ساحة خراب ودمار، بعدما دخل مندسون الى تظاهرة الحراك المدني وإعتدوا على الأملاك الخاصة والقوى الأمنيّة ضاربين كعادتهم مطالب الناس المحقّة وحارفين التظاهرة عن مسارها، ما يطرح علامات إستفهام عن المكان الذي قد يذهب اليه الشارع، خصوصاً أنّ الشغب يبدو منظماً وأنّ قوى تُحرّكه لأهداف تخريبيّة.
عاشت بيروت ساعات من الصدامات بين القوى الأمنية والمتظاهرين استُعملت فيها كلّ أدوات المواجهة، وبدا أنّ هناك قراراً أمنياً حازماً بمنع الاقتراب من المؤسسات الرسمية، وخصوصاً مجلس النواب، فانفجَر الوضع مواجهات استمرّت إلى ساعات متأخّرة من الليل.


لم يؤثّر تأجيل الحوار على الحراك المدني الذي كان قد دعا إلى التظاهر مساء أمس ضدّ الطبقة السياسية، وللمطالبة بالمحاسبة، بل إنّ عدمَ توصّل المتحاورين إلى حلّ للأزمات السياسية، وعلى رأسها انتخاب رئيس للجمهورية وإعادة انتظام عمل المؤسسات، مترافقاً مع عدم إيجاد حلّ لمشكلة النفايات التي فجّرت الغضبَ الشعبي، زاد من اندفاعة الحراك وقدرته على الحشد والمواجهة. وعلى هذا الأساس ساد المنطق الآتي: «طالما إنّ الطبقة السياسية موجودة ولا تقدّم حلولاً، فإنّ التظاهر والحراك موجود ومستمرّ وسيضغط أكثر وأكثر مع تقدّم الأيام».


بدأت هادئة... و«وِلعت»


بدأت الحشود بالتوافد إلى ساحة الشهداء منذ الخامسة عصراً، في وقتٍ أصرّت حملة «بدنا نحاسب» على التظاهر أمام السراي الحكومي مطالبةً باستقالة وزير البيئة محمد المشنوق، ومحاسبة الفاسدين في الدولة، وقد حملَ بعض المتظاهرين لافتات تتضامن مع انتفاضة الشعب الفلسطييني». سارت «بدنا نحاسب» من أمام السراي، وتلاقت مع حملة «حراك الجبل» وحركات أخرى عند تقاطع مسجد محمد الأمين، وتوجَّه الجميع الى ساحة الشهداء.


الأجواء بدت هادئة، لا أحد يفكّر بافتعال إشكالات، مطالب الناس تتكرّر مع كلّ تظاهرة، «بدنا ماي»، «بدنا كهربا»، «بدنا سلسلة»، ولائحة طويلة من المطالب المحقّة التي أرهقت الشعب اللبناني وألغَت الطبقة الوسطى ووضعتها عند خطّ الفقر، وقد دخلَ مطلب جديد على الساحة، ففي تظاهرة 29 آب أخذ مطلب «بدنا بحر ببعلبك» رهجه، وتناقله اللبنانيون بسرعة البرق، ليحلّ مكانه مطلب جدّي يعاني منه كلّ بعلبكيّ وبقاعيّ وهو «بدنا أمن ببعلبك». وككلّ تظاهرة تحضر الأغاني الحماسيّة والثوريّة، وتعلو الصيحات الداعية الى إسقاط النظام، لكنّ التوضيح ضروريّ من المنظّمين وهو «إسقاط النظام الفاسد» وليس النظام كنظام، والذي يفتقده لبنان، وتحلّ مكانه شريعة الغاب، ويأكل القويّ الضعيف، نتيجة انهيار منظومة العدالة الاجتماعيّة.


لم يرُق للمتظاهرين الجدار الإسمنتي الذي وضعته القوى الأمنية عند مدخل ساحة النجمة من جهة جريدة «النهار»، إذ وصفوه بـ»جدار برلين» الذي فصَل الإلمانيّتين، وقد رفعته السلطة السياسية حسب تعبيرهم لـ»فصل الشعب عن مجلس نوّابه، بعدما سرَقوا حقّه في الانتخاب ومدّد النواب لأنفسهم من دون العودة إلى اللبنانيين».


الخطوة الأولى كانت تسَلّق الجدار، وهنا علَت التحذيرات من أنّ متسلّقيه معرّضون للسقوط في حال استخدمت القوى الأمنية خراطيم المياه التي تقدّمت لحظة اقترابهم منه، وكأنّ الجميع كان يَعلم أنّ مواجهةً ستقع.


خرق الجدار


حاولَ بعض الشبّان ومن بينهم وارف سليمان فكَّ الشريط الشائك الذي وضِع وراء الحائط، واستخدموا أيديَهم بادئ الأمر على رغم أنّه مؤذٍ، وفي هذه الأثناء كان عناصر الأمن يراقبون، من ثمّ استنجد المعتصمون بـ«القداديح» لتذويب رابط البلاستيك الذي يربط الشريط الشائك بالحواجز الحديدية، وما هي إلّا دقائق، حتى نجحوا في إزالة أوّل عارضة حديدية فحَملوها، ورموها إلى الخلف، من ثمّ أزالوا الحواجز، وأصبحوا على تماس مباشر مع القوى الأمنية، وتدفّقَ نحو ثلاثين شابّاً خلف الجدار الإسمنتي، فاستخدَمت القوى الأمنية خراطيمَ المياه والقنابل المسيلة للدموع لإبعادهم.


ظنَّ المتظاهرون أنّ المياه والقنابل ستُستخدَم لبرهة ومن أجل إبعادهم إلى الخلف، ولم يعلموا أنّها بداية مسلسل طويل، وكرٍّ وفرّ ومواجهات لم تنتهِ حتى منتصف الليل. إبتعَد المتظاهرون وتفرّقوا في اتّجاه مسجد محمّد الأمين، ومنهم من اختبَأ داخل المباني المجاورة، لكن كل هذه الحمايات لم تمنع المياه والقنابل من الوصول إليهم.


إستعادت بيروت لحظات المواجهات، وبدت ساحة الشهداء كأنّها ساحة حرب حقيقية، طرفاها متظاهرون نزلوا بمطالب محقّة ولم يعرفوا أنّ الأمور ستنحدر إلى هكذا مواجهات، وعناصر قوى الأمن تقوم بواجباتها في حماية الاستقرار والمؤسسات العامة وأملاك الناس، وهم جزء من الشعب المظلوم الذي تكويه صعوبة الحياة في بلدٍ حَكمه الفساد والهدر والبطالة.


إمتدّت المواجهة ساعات طويلة، لم تهدأ فيها خراطيم المياه التي غمرَت قسماً كبيراً من ساحة الشهداء، وكانت القنابل المسيلة للدموع تضيء السماء قبل أن تنزلَ على الأرض وتفوح منها روائح وغازات خانقة، فيما وقف المتظاهرون يتحدّون المياه، ويطلقون المفرقعات النارية، خصوصاً أنّ المواجهات اشتدّت بعد الساعة الثامنة مساءً، حيث رشقَ الشباب القوى الأمنية بالحجارة. في وقتٍ سقط عدد كبير من الجرحى في صفوف الأمن، فيما نَقل الصليب الأحمر عشرات المواطنين الذين عانوا من حالات اختناق، واعتقِل عدد من الشباب.


شغب الليل


ومع تطوّر الأوضاع، دخلت عناصر مشاغبة على الخطّ، بينما انسحبَ المتظاهرون من الساحة، وأعلنَت قوى الأمن أنّه «منذ بداية التظاهرة دأب بعض المشاغبين على استفزاز عناصر مكافحة الشغب ومحاولة إزالة العوائق الحديدية والإسمنتية وقطع الشريط الشائك، ورشقوهم بالحجارة وعبوات المياه والمواد الصلبة، فلم يبادروا بأيّة ردّة فعل تجاه هؤلاء المشاغبين. وهذا ما شاهده المواطنون مباشرةً على شاشات التلفزة.


وبعد تدمير المشاغبين الحاجزَ الأمني وتخطّيه واحتكاكهم بالعناصر والتعرّض المباشر لهم وسقوط إصابات في صفوف هذه العناصر، وللحيلولة دون خرق صفوف عناصر مكافحة الشغب للوصول إلى ساحة النجمة ممّا قد يؤدّي إلى ما لا تُحمَد عقباه، اضطرّت قوى الأمن إلى إستعمال وسائل مكافحة الشغب من خراطيم المياه والقنابل المسيلة للدموع التي تُستخدَم في أرقى الدوَل الديموقراطية حفاظاً على السلامة العامة ومنعاً لتفاقم الأمور»، لافتةً إلى أنّها «منعت محاولة مشاغبين اقتحامَ فندق «لو غراي» بعد تحطيم باب مدخله ومناشدة مسؤولين فيه».


إختلطت مياه الأمطار بالنفايات، وخراطيم المياه بالقنايل المسيلة للدموع، والحجارة بدماء القوى الأمنية، والشغَب بأمنيات لبنانيين يتوقون إلى التغيير، لكنّهم لم يصلوا بعد إلى الطريق الصحيح، كلّ ذلك يجعل المشهد سوداوياً في بلدٍ كان ليله مضيئاً، لكن بات النهار والليل ظلاميّين نتيجة عجز الطبقة السياسية والغرق في دوّامة من الفراغ والصراع غير المشروع على السلطة وليس على خدمة المواطنين.

No comments:

Post a Comment

Archives