في دراسة لـ«الأونروا» و«الأميركية»
النازحون الفلسطينيون من سوريا: الكبار يجوعون لإطعام الأطفال
مادونا سمعان
أطلقت «وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين» (الأونروا) بالتعاون مع «الجامعة الأميركية في بيروت» دراسة حول أوضاع اللاجئين الفلسطينيين الذين نزحوا من سوريا إلى لبنان، أظهرت أن أعدادهم لم تتبدّل منذ اتخاذ الحكومة اللبنانية إجراءاتها الصارمة في ما خصّ النزوح من سوريا في العام 2014. ورجّحت أن نحو 16 ألف عائلة تعيش في لبنان، عاينت الدراسة أكثر من 12 ألف منها، كاشفة أنها لم تجد أثراً لنحو 3 آلاف عائلة. ما يعني أن نتائجها تتناول حياة ومعيشة نحو 44 ألف نازح فلسطيني من سوريا.
وتشير الدراسة إلى أن نزوح الفلسطينيين من سوريا إلى لبنان بدأ مع بداية الحرب السورية في العام 2011، لكنّه تضاعف خلال النصف الثاني من العام 2012. وقد بلغ ذروته في الأشهر الأولى من العام 2013، حيث وصل نصف عدد العائلات الفلسطينية من سوريا، لتستقرّ أعدادهم بعد الإجراءات الحكومية في العام 2014.
وكشفت عن أرقام موجعة تخصّ العمل والغذاء والإيواء والتعليم والصحّة. وأبرز ما توصّلت إليه، أن أكثر من نصف العائلات النازحة ليس لديها أي عنصر عامل في لبنان. وأن 8 في المئة فقط من الذين يعملون لديهم عمل ثابت أو دائم. ولأن متوسط مصروف الفرد منها من الطعام هو 85 دولاراً في الشهر، تجد معظم العائلات نفسها مضطرة إلى الاستدانة بالإضافة إلى اتكالها على تقديمات الوكالة. ولهذه الأسباب، غالباً ما تكون وجبات الفلسطينيين النازحين خالية من البروتينات وغيرها من المكوّنات الغذائية الضرورية للإنسان. حتى أن نصف العائلات لم تستهلك الفاكهة أو اللحوم لفترات طويلة، وواحدة من كل خمس عائلات لم تستهلك أياً من مشتقات الحليب، على الأقل في الفترة التي سبقت الدراسة.
وأظهرت الدراسة أن نحو 90 في المئة من العائلات تواجه صعوبة في تأمين الطعام الكافي أو الأموال لشرائه. وهي تجد نفسها مضطرة إلى اتخاذ سلسلة من الإجراءات، كتقليص عدد الوجبات اليومية أو الحصّة الغذائية، أو قضاء الراشدين يوماً كاملاً من دون طعام لتوفيره للأطفال.
في المقابل يدفع الفلسطينيون «أموالاً باهظة» قياساً بأوضاعهم المادية، مقابل استئجار غرف وخيم غير مجهّزة بأدنى مستلزمات الحياة. ويبلغ متوسط إيجار الغرف أو المنازل الصغيرة 257 دولاراً، و157 دولاراً للخيمة، وذلك شهرياً. وهي غالباً ما تفتقد إلى الكهرباء أو الغاز، وتفتقر إلى أدنى وسائل الحماية. كما أن ثلث العائلات تجد نفسها من دون مياه صالحة للشرب أو للطبخ.
إلى هذا تصل نسبة التسرّب المدرسي بين الفلسطينيين النازحين، الذين تبلغ أعمارهم بين 6 و18 سنة، ما يفوق الـ 40 في المئة، حتى أن أكثر من 8 في المئة لم يدخل إلى المدرسة يوماً. وقد تبيّن بحسب الدراسة أن التسرّب يبدأ منذ بلوغ الأطفال 12 سنة.
أما بالنسبة للصحة، فإن لدى نصف العائلات فرداً على الأقل يعاني من مرض مزمن، ولدى واحدة من كل عشر عائلات فرد معوّق جسدياً أو نفسياً.
ووفق الدراسة، يتوزّع الفلسطينيون النازحون على المناطق اللبنانية كافة، علماً أن صيدا تستضيف الحصّة الأكبر منهم، أي نحو 33 في المئة. وهم يتوزّعون في بيروت بين المخيمات وخارجها، بينما تعيش معظم العائلات النازحة الى الشمال في المخيمات حصراً. أما في البقاع فإن أكثر من 89 في المئة من الفلسطينيين النازحين يعيشون خارج المخيمات.
واللافت أن نحو 60 في المئة من عموم العائلات تعيش مع عائلة أو أكثر سواء كان ذلك في مخيم أو خارجه.
وكشفت الدراسة أن نسبة كبيرة من هؤلاء النازحين هم من الأطفال دون الخامسة عشرة من العمر وأن ثلث العائلات ترأسها نساء، ما يعني أن نسبة كبيرة تعتمد على الدعم المقدّم من «الأونروا».
وفي ما خصّ الوضع القانوني، فإن 3 في المئة من الفلسطينيين دخلوا بطريقة غير شرعية إلى لبنان. لكنّ نحو نصف الفلسطينيين كانوا قد فقدوا شرعية إقامتهم مع حلول صيف العام 2014. وذلك لعدم تمكّنهم من دفع الرسوم المتوجّبة لإقامتهم في لبنان والتي تبلغ 200 دولار للفرد الواحد، سنوياً. وفعلياً لم يتمكّن أكثر من 10 في المئة منهم من دفع تلك الرسوم، ما جعل أكثر من 75 في المئة منهم يلتزمون مناطق إقامتهم.
No comments:
Post a Comment