المستقبل - الاربعاء 1 شباط 2012 - العدد 4244 -
طرابلس ـ علاء بشير
أخذت مشكلة اللاجئين السوريين، الفارين من بطش النظام السوري، الى كل مناطق الشمال اللبناني بما فيها مدينة طرابلس، ترخي بثقلها على الجمعيات الانسانية التي بادرت الى تقديم المعونة قبل نحو عشرة أشهر لعائلات معدودة، فاذا بها تصبح اليوم أمام أزمة انسانية كبرى، من جراء الارتفاع الكبير في اعداد الوافدين بشكل يومي، في ظل غياب المؤسسات الرسمية كليا عن الرعاية والمتابعة، بسبب نأي الحكومة بكافة أعضائها عن كل ما يجري، حتى لو كان من باب الواجب الديني أو الانساني والاخلاقي.
الجمعيات والمنظمات المواكبة لقضية اللاجئين سجلت في احصاء لها منتصف الشهر الماضي، ما يقارب 6300 لاجئ الى الشمال. في حين أشارت المعلومات الى أن الحدود الشمالية اللبنانية السورية شهدت خلال الاسبوع الماضي نزوحا بشكل جماعي من جراء ارتفاع وتيرة القتل وارتكاب المجازر بعد قرار النظام باعتماد الحسم العسكري كخيار وحيد مهما بلغ عدد الضحايا. الامر الذي ضاعف اعداد اللاجئين السوريين الى الشمال في خلال الخمسة عشر يوما الماضية.
ووفقا للمتحدث الاعلامي باسم منسقية اللاجئين السوريين في لبنان، أحمد موسى، أنه "منذ قرار تجميد المراقبين العرب مهامهم في سوريا قبل نحو أسبوع وانسحابهم من البلدات والمناطق السورية كافة، رفع النظام الحاقد وتيرة اجرامه وراح ينكل بالعائلات ويرتكب المجازر تلو المجازر، الامر الذي حدا الكثير من العائلات على الفرار من آلة الموت باتجاه مناطق آمنة الى الشمال اللبناني، ما رفع أعداد اللاجئين وزاد حجم المشكلة، ولاسيما ان الكثير من العائلات ترفض تسجيل أسمائها، خوفا من بعض الجهات الرسمية المحلية المتحالفة مع النظام السوري".
وناشد موسى الهيئات والمنظمات الدولية المعنية بحقوق الانسان أن تبادر سريعا الى مواكبة هذه القضية التي تشكل عبئا كبيرا على أصحابها، لتشارك في ايجاد الحلول أو المساعدة على الاقل لتخفيف أوجاع الناس وآلامهم.
يتوزع اللاجئون السوريون الى فئات عدة:
أولا: السوريون الميسورون ماديا والذين سارعوا إلى استئجار شقق وشاليهات في مناطق ومنتجعات ويمضون هذه الفترة من دون التعاطي مع أي جهة أو جمعية إغاثة. والكثير منهم ألحقوا أولادهم في مدارس خاصة، الامر الذي سبب بعض الضغط على هذه المدارس.
ثانيا: النازحون الذين دخلوا في الأشهر الأولى من الأزمة، ومنهم من جاء الى طرابلس إما للعمل أو للاقامة عند أقارب له. ومعظم هؤلاء يعانون أوضاعا مأسوية، ويعيشون على ما يصلهم من فتات المساعدات.
ثالثا: النازحون الذين استأجروا منازل متواضعة قبل أشهر في مناطق شعبية لفترات محددة، وكانوا بداية يعتمدون على مدخراتهم، ولم يتمكنوا من مواجهة صعوبات الحياة، ما اضطرهم الى اللجوء إلى جمعيات كمكتب الشؤون الاجتماعية التابع للجماعة الاسلامية وجمعية البشائر وجمعية الارشاد الخيرية والجمعية الطبية الاسلامية.
رابعا: النازحون حديثا خلال الاسبوعين الماضيين والذين ما برحوا يفتشون عن أماكن اقامة لهم.
يمكن اذاً القول، إن قضية اللاجئين في الشمال، تكاد تصل إلى حدود الأزمة الإنسانية. اذ تشير المعلومات إلى أن الأمور بدأت تخرج عن السيطرة، وهو ما أكده أحد المشرفين على ايواء اللاجئين السوريين في باب التبانة، الشيخ مازن المحمد. فقد شدد على أن القضية تحتاج الى ميزانية دولة، مستغربا غياب الحكومة عن معالجة هذا الواقع.
وقال: تقدمنا باقتراح لاستئجار بناية عند مدخل مدينة الميناء يتم فيها استيعاب اعداد القادمين تباعا وتوفير ما أمكن من المستلزمات الحياتية واليومية لهم. الا أن هناك من يعمل على العرقلة ويترك الامور لتتفاقم. نحن من جهتنا نقف الى جانب اخوتنا ونحاول قدر امكانياتنا أن نوفر لهم مستلزمات الحياة اليومية. الا ان القضية كبيرة وتحتاج الى معالجة رسمية او على مستوى المنظمات الدولية.
وبادر وفد من علماء الجماعة الاسلامية قبل يومين، الى تقديم بعض المساعدات، من خلال مكتب الشؤون الاجتماعية التابع لها، وتجمع أبناء طرابلس والشمال الذي قدم رئيسه عبد الحميد عجم مساعدات عينية ومواد غذائية (حليب وحفاضات للاطفال وثياب). الا انها كلها تبقى قاصرة عن معالجة المشكلة التي تزداد حدة وتفاقما يوما بعد يوم، في ظل غياب تام للحكومة حتى عن ممارسة الدور الانساني لها لدى الاشقاء الوافدين من سوريا هربا من جور نظامها.
No comments:
Post a Comment