الجمهورية
الاربعاء 1 شباط 2012 العدد – 275
تحقيقات
هذه حقيقة المعلومات الجديدة عن بطرس خوند
طوني عيسى
الأربعاء 01 شباط 2012
هل بدأت قضيّة بطرس خوند تنكشّف خيوطها، مع دخول الملفّ السوري الداخلي مراحل متقدّمة، على غرار الخيوط التي كشفها سقوط نظام العقيد معمّر القذافي في قضيّة اختفاء الإمام السيّد موسى الصدر؟
للمرّة الأولى منذ عشرين عاماً، يصدر عن حزب الكتائب ما يؤشّر إلى وجود معلومات جدّية عن بطرس خوند. وأوحى الرئيس أمين الجميّل، إلى حدّ معيّن ربّما، بأنّ خوند لا يزال على قيد الحياة، وأنّ جهوداً يجدر بذلها لتحريره وإعادته سالماً. وهذا الخبر بقي يتفاعل في الأوساط السياسية والحزبية، وفي عائلة خوند، لمعرفة حقيقة ما توافر في هذا الملف.
حقيقة المعلومات الجديدة التي تلقّاها حزب الكتائب حول خوند، وفقاً لمصادر وثيقة الصلة بالقيادة الكتائبية، هي الآتية:
يوم الأحد الفائت، اتّصل سياسيّون لبنانيّون على تماس مع أقطاب المعارضة السوريّة، وفي مقدّمهم رئيس المجلس الوطني برهان غليون، بالرئيس الجميّل، وأبلغوه بأنّ المعارضة السوريّة سيطرت تماماً على منطقة في ريف دمشق. ويقع في هذه المنطقة سجن كان فيه معتقلون سياسيّون سوريّون. وقد تمّ تحرير هؤلاء. وأحدهم أفاد بأنّه شاهَدَ بطرس خوند في السجن، قبيل خروجه منه.
وعلى الأثر، طلب الجميّل من هؤلاء السياسيّين اللبنانيّين أن يعملوا مع أصدقائهم السوريّين للتثبّت من دقّة هذه المعلومة. فإذا ما تبيّن أنّها صحيحة، نعمل على المبادرة إلى إطلاق خوند، خصوصاً أنّ الرسالة التي وجّهها المجلس الوطني إلى اللبنانيين قبل أيّام تتضمّن التزام الإفراج عن المعتقلين السياسيّين اللبنانيّين. وهذا هو تحديداً ما توافر للقيادة الحزبية من معطيات، وما دفعها إلى إبداء بعض الآمال، التي لا يجوز الاسترسال فيها، منعاً للوقوع في أوهام.
ولكن، من سخريات القدر، أنّ المعارضة في سوريا سبق لها أن أدّت هذه الخدمة منذ سنوات للبنان وحزب الكتائب، لكن الحزب رفضها وشنّ حملة لنقضها.
ففي تشرين الأوّل 2003، سلّم المعارض السوري نزار نيّوف البطريرك الماروني مار نصرالله بطرس صفير، الذي كان يعقد مؤتمراً صحافيّاً في باريس، قائمة بأسماء 33 معتقلاً لبنانيّاً في السجون السوريّة، بينهم خوند. لكنّ رئيس حزب الكتائب يومذاك كريم بقرادوني سارع الى القول: إنّ لا علاقة لسوريا باختفاء خوند، وهو ليس في سجونها، ومكان وجوده مجهول.
وفي أيّار 2005، أي بعد خروج سوريا عسكريّاً من لبنان، أعلنت منظمة حقوقية سورية تابعت ملفّ المعتقلين اللبنانيّين في سجون سوريا، وهي "المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة" أنّها تمتلك وثائق تُثْبِت، من خلال المناقلات للمعتقلين والفحوص الطبّية وسواها، وجود عدد من المعتقلين اللبنانيّين على قيد الحياة في السجون السوريّة، وبينهم خوند.
وتحدّثت المنظمة عن وثيقة تعود إلى 10 نيسان 1996، هي عبارة عن أمر عسكري وقّعه رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية يومذاك العماد علي دوبا، ويقضي بنقل بطرس خوند إلى سجن تدمر المركزي. وهو كان خُطف في 15 أيلول 1992، ووصل إلى سوريا في 2 تشرين الأوّل من العام نفسه. وبعد عام من هذا التاريخ، تمّ تسليمه إلى جهاز الاستخبارات الجوّية، وهي تولّت نقله إلى معتقل خان أبو الشامات التابع لها، في شمال شرق دمشق. وقالت المنظمة إنّها لا تستطيع تسليم السلطات اللبنانيّة نُسَخاً عمّا تملكه من وثائق حول خوند ومعتقلين لبنانيّين آخرين، لأنّ هذه السلطات ما زالت "مخترقة" سوريّاً، وأنّ الذين تمكّنوا من تسريب
هذه الوثائق هم عناصر استخباريّة سوريّة ما زالت في العمل، وقد يشكّل وصول الوثائق إلى أجهزتها خطراً على سلامة هذه العناصر.
الخطف والسيناريوهات
وتتضارب المعلومات عن ظروف اختفاء خوند في العام 1992 وتفاصيله العملانيّة. لكن العديد من المصادر تتقاطع معلوماته على "السيناريو" الآتي:
في ذروة التوتّر بين القيادة السوريّة والدكتور سمير جعجع، قرّرت هذه القيادة ضرب "القوّات اللبنانية" والكوادر المتعاطفة مع جعجع في الكتائب والأحزاب المسيحية الأخرى. فكلّفت قيادة منطقة بيروت في المخابرات السوريّة مُهمّة خطف خوند، الذي كان يومذاك عضواً في المكتب السياسي الكتائبي والمسؤول السابق للقوى النظاميّة في الحزب. وثمّة من يتحدّث عن إفادة الأجهزة السوريّة من الرصد والمعلومات التي قدّمتها عناصر حزبية في "المناطق الشرقيّة" عن تحرّكات خوند في الأيّام الأخيرة قبل العملية. فيما تولّت التنفيذ العملاني مجموعة تردّد أنّ فيها عناصر حزبيّة لبنانية، من خارج "المناطق الشرقية".
وفي ما جرى تداوله عن تفاصيل العملية من مصادر مختلفة، أنّ سيارة "فان – فولكسفاكن" وأخرى BMW انطلقتا، بعد اجتماع تحضيري للمجموعة المنفّذة، نحو منزل خوند. وترقّبت هذه المجموعة خروجه لاختطافه. ومن هناك، جرى نقله إلى مقرّ للاستخبارات. ثمّ اقتيد عبر طريق المتن الأعلى – ضهر البيدر – شتورا إلى سوريا.
هذه التفاصيل بقيت في إطار المتداول. وتقتضي الموضوعيّة الأخذ بها في شكل مبدئيّ، لأنّ إثباتها كلّياً يستلزم اكتمال العناصر المدعّمة بالوقائع والأدلّة. وإذ يربط العديد من المصادر بين خطف خوند واختفاء الديبلوماسيّين الأربعة في لبنان، خلال الاجتياح الإسرائيلي في العام 1982، فإنّ زوجته جانيت أكّدت أنّها قابلت الأمين العام لـ"حزب الله" السيّد حسن نصرالله في العام 1995، وسألته عن هذا الأمر، فأوضح لها أن لا علاقة للإيرانيّين بالملف، وأنّ خوند ليس موجوداً لا عند "حزب الله" ولا في إيران. وفي الوقت عينه، نقلت السيّدة خوند عن معتقلين لبنانيّين، كانوا في السجون السوريّة في فترات معيّنة، تأكيدهم أنّهم شاهدوه هناك.
واليوم، ثمّة مرحلة جديدة يدخلها ملفّ المعتقلين اللبنانيين في السجون السوريّة، في ضوء ما يفرزه الواقع السوري الداخلي من تطوّرات. وهذه مرحلة مليئة بالترقّب في أوساط ذوي المعتقلين، وبينهم "عميدهم" بطرس خوند، وفيها تختلط الآمال بالآلام، وليس سهلاً تقدير المدّة التي ما زال يستغرقها هذا العذاب المستمرّ من عام إلى عام. 
http://www.aljoumhouria.com/articles/view/25873/237
No comments:
Post a Comment