مجلس الوزراء يستبق خطر تسلّل «داعش» عبر الحدود
درباس لـ«المستقبل»: لن ننام على حرير أو نسمح باستغلال النازحين
فاطمة حوحو
من المقرر ان يبحث مجلس الوزراء في جلسته المقبلة موضوع النازحين السوريين وأزمة المخيمات العشوائية وخطر تسلّل «داعش» عبر الحدود، بعد ورود تقارير امنية تؤشر الى هذا الامر، والتوافق على ضرورة ضبط الحوار داخل مجلس الوزراء حول هذا الموضوع وعدم اثارة الغبار حوله، من اجل العمل بما يحفظ امن لبنان واستقراره وبما يؤمن التزامات لبنان الدولية من دون ان يترك مفاعيل سلبية على بنيته السياسية والديموغرافية. وعلى الرغم من التباينات في وجهات النظر بين وزير الخارجية جبران باسيل ووزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس، لا سيما لجهة التنسيق مع النظام السوري لإعادة النازحين السوريين واقامة مخيمات عند الحدود داخل الاراضي السورية، فان ذلك لا يفسد للود قضية كما يقولون اذ يتوقع ان تكون الامور اوضح في اجتماع الحكومة المقبل بما يؤمن الخروج بتوافق حول الموضوع وفقاً للمصلحة اللبنانية أولاً وأخيراً.
وفي هذا المجال يوضح الوزير درباس في حديث الى «المستقبل» أن «مجلس الوزراء اتفق على بنود محددة، أولها عدم استقبال أي نازح إلا إذا جاء من مناطق محاذية للحدود مع لبنان ويوجد فيها قتال وهو أمر لا خلاف عليه، وثانيها أن كل سوري يذهب إلى سوريا يسقط عن نفسه صفة النزوح وفقاً للمادة الأولى من معاهدة جنيف 1951 وثالثها تكليفي بالتدقيق بحالات بعض السوريين وما إذا كانت صفة النزوح تنطبق عليهم أم لا، وهذا لا يعني عدم استقبال أي سوري له مواصفات الدخول إلى لبنان، ونحن أبلغنا مفوضية النازحين في الأمم المتحدة بهذا الموضوع، أما في ما يتعلق بموضوع المخيمات، فقد اتفقنا على البحث في إمكانية إقامة مخيمات داخل سوريا، وبأي حال فإن من يريد العودة من النازحين نسهل له الأمر، والسفير السوري عندما التقى وزير الخارجية اللبنانية تحدث عن استقبالهم في بلادهم، ولذلك نحن مستعدون لتسهيل الإجراءات مثل إلغاء بعض الرسوم والمخالفات، لكن المشكلة ليست بأولئك بل بالذين لا يريدون العودة وبعضهم يتواجد في مخيمات عشوائية لا رقابة لنا عليها، وقد اتفقنا في مجلس الوزراء على إقامة مراكز استقبال في المناطق الفاصلة بين الحدود اللبنانية والسورية وبصراحة لم نجد تجاوباً من قبل المجتمع الدولي ولكن عندما اجتمعت لجنة الأزمة الوزارية مع المفوض السامي لشؤون اللاجئين في العالم أنطونيو غوتيريس، قال إن هذه الأرض أرضكم ونحن لا نستطيع منعكم من ذلك، ولكن نحن نرى ما إذا كانت ظروفنا تسمح بمساعدتكم، إدارياً أو مالياً، وعلينا تنفيذ الفكرة وضبط اللجوء من خلال هذا التدبير».
وعن إعلان الوزير باسيل رفضه إقامة مخيمات داخل الأراضي اللبنانية، يوضح أنه «لم يتم الاتفاق عليها في مجلس الوزراء وليست من ضمن القرارات المتخذة داخل مجلس الوزراء»، لافتاً إلى «عدم بحث الأمور المختلف عليها في غير مكانها».
ويشير بخصوص المخيمات العشوائية لا سيما في عكار الى أنه «منذ خمسة أشهر بينما كانت الحكومة تستعد للانطلاق، أقيمت مخيمات إغاثة بعضها يتلقى مساعدات من قطر وآخر من هيئات خيرية من دول عربية مختلفة، لم نكن كحكومة على إطلاع عليه، وبصراحة فإن وزير الداخلية أعطى تعليمات صارمة للمحافظين بعدم إقامة مخيمات في المناطق الآهلة، فأي مخيم يقام في المناطق البعيدة يجب التشاور مع الجهات الأمنية ومع وزير الشؤون الاجتماعية من اجل اقامته». ويوضح: «بالأمس أبلغت مجلس الوزراء بالآتي، أعطوني توجيهات لمعرفة كيفية التعاطي مع هذه المخيمات، فأنا لن أجتهد في هذا الموضوع وليس لي الإمكانية الموضوعية لذلك، فليس لدي أموال ولا قرار سياسي، وأنا كوزير أبلغت مفوضية اللاجئين بضرورة عدم تسجيل نازحين من المناطق السورية البعيدة عن الحدود ومن المناطق التي لا يوجد فيها قتال وان كانت حدودية مثل القلمون، وشطب كل مسافر عن السجلات، وأكدت الاستعداد لإقامة مخيمات داخل الأراضي السورية على أن تتوفر فيها ثلاثة شروط، الأول تأمين غطاء دولي لأن بعض السوريين يرفضون العودة، والثاني تأمين التمويل والثالث الإدارة الدولية، وهذا يمكن أن يحصل لكنه يحتاج إلى الكثير من العمل».
وبالنسبة الى خطر تغلغل «داعش» في مخيمات النازحين، يشير درباس إلى ما قاله وزير الداخلية في مجلس الوزراء عن أن خطر «داعش لن يأتي من أهل بكفيا أو سكان طريق الجديدة وإنما من الحدود»، ويقول: «حتى الآن لا أرى أن الوجود السوري تجاوز المستوى الإنساني، وتنظيم داعش جاء من خلال السياق وخارج التركيبة ولكن هذا يجب ألا يجعلنا ننام على حرير أبداً، بل يجب أن يكون حافزًا لنا لنبقى في أقصى درجات الحذر، لأنه يمكن بسهولة استغلال حالة البؤس التي يعيشها السوريون والبعض منهم مدرب في الجيش السوري للاستفادة منه، لقد تبين ان المجتمع اللبناني غير جاهز لاحتضان حالة داعش بدليل لم يجدوا لهم منازل فذهبوا إلى الفنادق، والأمر الثاني ان عناصر داعش قد تدخل بواسطة الوجود السوري غير المراقب وهو أمر غير صحي ولكن في الوقت نفسه لا بد من مقاربة هذا الموضوع بقرار من مجلس الوزراء لذلك عندما طرحت هذه الأمور بالأمس، تم الاتفاق على معالجة هذا الأمر في الجلسة المقبلة».
ويتطرق درباس إلى التنسيق بين الخارجية والسفير السوري، فيؤكد أن «لا أحد يحجر على وزير الخارجية أي نشاط فله حرية استقبال من يريد، ولكن نحن نتبع سياسة بعدم التدخل في الصراع السوري لأن ذلك سيؤدي إلى تفاوض مع كل المعارضات السورية. أما موضوع النازحين، فالتعاطي معه يتم عبر المنظمات الدولية».
ويوضح: هناك عبء كبير يتحمله لبنان، سياسياً وصحياً وأمنياً واجتماعياً واقتصادياً فلأول مرة كل اللبنانيين يتكلمون لغة واحدة وليسوا مختلفين، فلا يظن أحد أن هناك فرحة بأي تغيير ديموغرافي، بمعنى ان الطائفة السنية اصبحت زائد مليون ونصف المليون، بل بالعكس هناك تذمر لأن 85% من السوريين يجلسون على العمود الفقري اللبناني وينافسون اللبنانيين، لا أحد يشعر بالنشوة أو بقوة عصب نتيجة وجود النازحين السوريين، الشعب اللبناني يدرك أن لا مناص من ابتداع صيغة توافق لحل هذا الموضوع».
وعن مسؤولية المجتمع الدولي في الحد من عملية النزوح، يوضح درباس ان «الحكومة اللبنانية لم يعد لديها خطة للتعامل مع مشكلة النزوح وهذا ما كانت المنظمات الدولية تشكو منه، ولكن الآن المنظمات الدولية مرتاحة لخطة الحكومة وعلى سياسة «الابواب المفتوحة» نحن نقوم بواجبنا، ولكن عندما بدأنا وضع معايير احتجوا علينا، هم كجهات مانحة لم يقوموا بواجبهم تجاه المنح التي تأتي لمفوضية اللاجئين وليس للدولة اللبنانية، فـ53% فقط من المقرر من المساعدات وصل في العام 2013 ونحن في العام 2014 لم يصل سوى ما نسبته 27%، وعلى الرغم مما فعله لبنان، يخرج تقرير لمنظمة العفو الدولية يلقي باللوم على لبنان لأن هناك أماً فلسطينية رُفض دخولها إلى لبنان، وهنا لن أدخل في جدال ولكن هل اصدرت هذه المنظمة تقريراً عن مئات الغرقى في البحر من النازحين الذين يحاولون الهروب إلى أوروبا؟ هل يوجد دولة مثل لبنان فتحت أبوابها، دولة ضعيفة وفقيرة ودرجة الكثافة السكانية فيها أعلى درجة في المنطقة، يتفرج عليها العالم بينما يكتفون بارسال «الشاش والقطن» من أجل مسح الدماء التي لن تقف ولا يتصدى لوقف الدم، فهل يمكن أن يتحمل لبنان كل هذا اللوم؟».
وبالنسبة الى مسألة الخوف من توطين النازحين السوريين التي تتكرر على ألسنة باسيل ونواب «التغيير والإصلاح» يرى درباس أن «هذه الهواجس محقة، هناك حالة سورية لا يظهر أن هناك حلاً لها في الأفق، فالناس تتخوّف من التوطين، ولكن المقاربة والمقارنة بين النازح السوري والفلسطيني غير صحيحة، فالحالتان مختلفتان، ففي فلسطين هناك شعب سلبت أرضه بينما في سوريا بمجرد استتباب الوضع فهم سيعودون وربع الشعب اللبناني أو ثلثه سيذهب معهم حيث سيكون هناك ورشة كبرى للإعمار، المقارنة غير جائزة ولا يمكن أن أقول للمتوجس أن لا يتوجس ولا يخاف، لذلك عليّ احترام هذا التوجس وفي الوقت نفسه لا بد من معالجة بمقاربات تدريجية ليتم الكشف بالملموس وعبر تطور الأحداث يمكن أن أكون ما أتمسك به اليوم أغيره غداً».
وحول ما إذا كانت القرارات التي اتخذت سابقاً بالنسبة إلى إعادة من انتخب بشار الأسد إلى سوريا وأعدادهم يجيب درباس: «لا أعرف الأعداد تماماً، قيل إن هناك مئة ألف انتخبوا في السفارة، وزير الداخلية أشار أمس إلى أن عدد النازحين تناقص 50 ألفاً أي هناك 50 ألفاً عادوا إلى سوريا بعدما اتخذ هذا القرار».
No comments:
Post a Comment