نساءٌ يعترضن على قانون العنف الأسري
طرابلس | «لا لانتهاك خصوصية الأسرة، لا لقانون العنف الأسري». هذا الشعار كان أحد الشعارات الكثيرة التي رُفعت أمس في طرابلس، خلال اعتصام نظمته الهيئة النسائية الإسلامية في الشمال التابعة لدار الفتوى، اعتراضاً منها على مواد موجودة في مشروع قانون مناهضة العنف الأسري الذي تناقشه اللجان النيابية حالياً.
الاعتصام لم يكن حاشداً، على عكس الآمال التي علقها عليه منظموه؛ ذلك أن الباحة التي تقع على مقربة من جامع الصديق وسرايا طرابلس، بالكاد تجمّع فيها عشرات النساء والفتيات، فضلاً عن مجموعة قليلة من الشبان ورجال الدين، الأمر الذي فسره البعض بأن المدعوين لم يلبوا كما يجب، ولأن خطباء المساجد «لم يدعوا للمشاركة فيه، نظراً إلى غياب التنسيق بين المنظمين والخطباء، على ما يبدو».
لكن ذلك لم يمنع رئيسة الهيئة النسائية الإسلامية مها الفوال، من القول لـ«الأخبار» إن «هذا أول تحرّك جماهيري نقوم به. أما قيامنا بتحرك آخر، فإنه ينتظر نتيجة التحركات التي تقوم بها الجهة المقابلة المؤيدة لمشروع القانون، وتحركات النواب في المجلس النيابي، وبعدها نقرر ماذا نفعل».
وكشفت الفوال أنه «خلال جولتنا الأخيرة التي قمنا بها على النواب والفاعليات، في طرابلس وخارجها، وعدنا الجميع بأنه سيضع في الاعتبار أغلب التحفظات التي وضعناها على مشروع القانون، لذلك نحن مستبشرون خيراً».
وعن تعليقها على التظاهرة التي ستنظمها «حملة تشريع حماية النساء من العنف الأسري» عند العاشرة من صباح غد في بيروت، من أمام وزارة الداخلية في الصنائع باتجاه ساحة رياض الصلح في وسط العاصمة، رأت الفوال أن «هذا التحرك كما هو واضح، يهدف إلى الضغط على المجلس النيابي لإقرار مشروع قانون العنف الأسري في أسرع وقت، لأنهم يرون أن المجلس النيابي يؤخر إقرار المشروع مرة بعد مرة، وهم يطالبون بضرورة إقراره سريعاً».
هذان التحركان، اعتصام أمس وتظاهرة الغد، دفعا الفوال إلى الاعتراف بأنّ «هناك وجهتي نظر متعارضتين حيال كيفية التعاطي مع القانون: فريق يريد إقرار المشروع كما هو، بينما نحن نريد، إذا أُقر المشروع، أن يراعي تحفظاتنا عليه، وبعض الأمور التي تسبب حساسية بالنسبة إلينا».
بناءً على ذلك، تمنت الفوال على النواب «أن يسمعونا ويسمعوا الفريق الآخر أيضاً، ويروا في النهاية ما فيه مصلحة الأسرة؛ لأن الأمر ليس شخصياً، بل قضية عامة تعني الجميع، وإذا كان فريق يرى أنه حريص على الأسرة، فنحن نعتقد أنه في تحفظاتنا على مشروع القانون وفي طلبنا إدخال تعديلات عليه تتناسب مع مجتمعنا، محافظة على الأسرة أيضاً».
وأبدت الفوال انفتاحها على الفريق المؤيد لمشروع القانون، واستعدادها للالتقاء به ومناقشته، لافتة إلى أن «بعضهم اتصل بنا أمس، بعدما رأوا أننا تحركنا، وطلبوا أن نجتمع ونعقد جلسات وحوارات، فقلنا لهم إننا جاهزون لذلك، لكن لم نحدد الموعد بعد، إلا أنه سيكون قريباً».
«النقاش في مشروع القانون المذكور سيأخذ وقتاً طويلاً»، على حد تعبير رئيس لجنة حقوق الإنسان في نقابة محامي طرابلس فهد المقدم، الذي شارك في الاعتصام، وهو أوضح لـ«الأخبار» أن «الجمود السياسي في البلاد هذه الأيام، لجهة عدم تأليف الحكومة وعدم انعقاد مجلس النواب، سيجعل القوانين المطروحة للبحث في اللجان النيابية تأخذ وقتها قبل أن تُقَرّ في اللجان أولاً، وفي الهيئة العامة للمجلس ثانياً»، مشيراً إلى أنه «في ظل هذه الأجواء السياسية السائدة، «ما حدا فاضي» لقضايا كهذه حالياً».
المحاكم الشرعية
في كلمة ألقتها في خلال الاعتصام، رأت الفوال أنه «نجتمع اليوم لنرفع صوتنا عالياً ضد قانون العنف الأسري، لا لأننا ضد العنف، بل لأننا نختلف مع المقاربة التي اعتمدها قانون العنف الأسري»، اعتباراً من أن «منطلق مشروع القانون قائم على الفردية وتهميش دور الدين والأخلاق، ولأنه استخدم ألفاظاً وتعابير مبهمة، وفيه تجاوز لمصالح سائر أفراد الأسرة، ولأن تطبيقه بكل بنوده سينعكس سلباً على المرأة بالدرجة الأولى، ولأن الأهل لا يرضون بتفلُّت الأبناء، ذكوراً كانوا أو إناثاً».
ودعت الفوال إلى «إقامة دورات توجيهية للمقبلين على الزواج، وتوسيع صلاحيات المحاكم الشرعية، بحيث تتمكن من بتّ قضايا العنف الأسري، والاستعاضة عن الوحدة المزمع إنشاؤها في القوى الأمنية، بوحدة اجتماعية متخصصة».
No comments:
Post a Comment