The Lebanese Center for Human Rights (CLDH) is a local non-profit, non-partisan Lebanese human rights organization in Beirut that was established by the Franco-Lebanese Movement SOLIDA (Support for Lebanese Detained Arbitrarily) in 2006. SOLIDA has been active since 1996 in the struggle against arbitrary detention, enforced disappearance and the impunity of those perpetrating gross human violations.

Search This Blog

June 20, 2015

Al-Balad - World Refugee Day, June 20, 2015



سقف الباطون صار حلما للاجئ السوري في اليوم العالمي للاجئين




سنة رابعة من اللجوء السوري الى لبنان، لم تجعل هؤلاء يعتادون على الحياة القاسية التي دفعوا اليها تحت قسوة المعارك التي دارت في بلادهم. بل تردت أحوالهم كثيرا مع الايام، حتى افتقدت الطبقة المتوسطة، إمتيازاتها بسقف يُؤويها خارج المخيمات التي آوت القسم الأكبر من اللاجئين السوريين الى لبنان.
لم تكن زيارة زياد، رب العائلة المؤلفة من ستة أشخاص، في خيمته التي أنشأها في محلة الدلهمية قبل أشهر، سوى نموذج عن الحاجات المتزايدة التي أرادت جمعية MEDAIR إبرازها، لمناسبة اليوم العالمي للاجئ الذي حل أمس.
عندما جاء زياد قبل ثلاثة أعوام الى لبنان مع زوجته واولاده الاربعة، ظن حينها انها مسألة أسابيع او أشهر كحد أقصى ويعود خلالها الى بيته الذي هجره في القلمون الشرقي. إستأجر بيتا في المدينة الصناعية في زحلة، ودفع أجرته مما ادخره طوال سنوات عمله كموظف في القطاع الرسمي. الا انه بعد ثمانية شهور تدهورت أحواله المادية وعائلته، فإنتقلوا الى مسكن أقل كلفة في محلة الدلهمية، وبقي يدفع أجرته الشهرية 250 دولارا الى ان أعدم سبيلا لتأمين المبلغ. 

بيع مقتنياتنا 
يروي زياد الذي صار اليوم مسؤولا عن 6 أفراد بعد ان أصبح جدا لحفيدة أولى، انه بعد ان سجل في مفوضية اللاجئين للاستفادة من المعونات التي تقدمها، فصل في الشهر التالي، بحجة ان اولاده شباب وانه يسكن في بيت وليس في خيمة. "سلمنا امرنا لله وانفقنا مما اتينا به من سورية، ولكن لاحقا اجبرنا على بيع مقتنيات بيتنا في سورية لنتمكن من العيش في لبنان. الى ان ساءت أحوالنا كثيرا في الاشهر الأخيرة، واضطررنا للإنتقال للعيش في خيمة".
وصل زياد وعائلته عبر المعابر غير الشرعية من منطقة عرسال. خوفه على عائلته، وابنيه الأكبرين عدي ومحمد ألزمه على ذلك، فهو لا يخفي في البداية انه كان من المتحمسين للثورة السورية على النظام، ترك عمله في القطاع الرسمي، وكذلك تخلفت ابنته عفراء التي كانت طالبة هندسة زراعية في السنة الثانية ليشاركا في العصيان المدني بوجه النظام. ولكن المال لعب دوره كما يقول، و"ساهم في إنشقاقات بصفوف المعارضين، الى ان تحولت الثورة الى معارك عسكرية، عندها أراد اولادي الشباب ان ينخرطوا بها ولكني رفضت ان يرفعوا السلاح في وجه عسكري ربما يكون قد الزم على خوض المعارك الى جانب النظام". 

احتدام المعارك 
قلق الوالدة على ابنائها، وخوفها من اعتقالهم من منزلهم جعلاها تعقد العزم مع زوجها على ضرورة المغادرة. وبالفعل وصلوا الى لبنان وسكنوا موقتا في المدينة الصناعية، من دون ان يحاولوا حتى تسجيل أسمائهم كلاجئين في المفوضية العليا للامم المتحدة، ظنا منهم ان العودة ستكون قريبة. ولكن بعد ثلاثة أشهر احتدمت المعارك في مناطقهم، ولما شعروا ان اقامتهم قد تكون اطول مما ظنوا، تسجلوا في الـ UNHCR من دون ان يستفيدوا من خدماتها سوى لشهر واحد. 
حاول زياد وابناه محمد وعدي ان يؤمنوا كفاية عائلتهم من خلال العمل كـ"عتالة". مثل كثيرين غيرهم اهتدوا الى مستديرة زحلة، حيث يتجمع عشرات الشباب السوريين صباح كل يوم، أملا في ان يأتي من يستخدمهم، معتمدين على ان تأتي رزقتهم من عند الله.
ولكن مع تدهور حالهم الإقتصادية، وخصوصا بسبب غلاء المعيشة في لبنان، حزموا أمتعتهم ليعودوا الى بيتهم في القلمون الشرقي، فغادروا لبنان كما دخلوه عبر الطرقات غير الشرعية، ليصدموا هناك بحقيقة ان منزلهم لم يعد قائما في مكانه. راحت جدران البيت، بعد ان كانوا قد باعوا اثاثه ليقتاتوا من ثمنه. وصار خيارهم الوحيد العودة الى لبنان، بعد أن كانوا قد نزلوا عند ضيوف لهم استضافوهم ريثما زوجوا ابنتهم الى قريبها مهندس الميكانيك. 
مع إبنة حامل عادوا الى لبنان، ولكن عبر معبره الشرعي في منطقة المصنع هذه المرة. لم تكن الرحلة سهلة، يقول الوالد "دفعنا مالا كثيرا على الحواجز السورية لنمرر محمد وعدي، ونحول دون توقيفهما" ولكن عندما وصلا الى لبنان كان مستحيلا عبورهما شرعيا كباقي أفراد العائلة، فتقاضى سائق سيارة لبناني 500 دولار وادخلهما سالمين الى لبنان، الذي بات حبسهما الجديد. 

اقامة موقتة؟ 
ينتهي حدود عالم محمد وعدي عند مستديرة اوتوستراد زحلة، اي على بعد كيلومترات قليلة من مكان سكنهما الحالي في الدلهمية، الى حيث يتوجهان بحثا عن رزقهما يوميا، مزودين بوصية والدهما في ان يبتعدا عن المشاكل ويحاولا الا يتسببا لنفسيهما بالملاحقة، خصوصا ان اقامتهما في لبنان لم تعد شرعية منذ هجرتهما الثانية الى لبنان. ولكن منذ أشهر لم يعد لعدي ومحمد سقف باطون يؤويهما بعد عودتهما من يوم مضن يكاد لا يوفر ما يكفيهما من قوت يومي. 
لم تعد إمكانيات العائلة تكفي لدفع أجرة البيت شهريا. فوجد زياد الذي لا يزال يعتبر ان اقامته في لبنان موقتة، انه صار لزاما على عائلته الإنتقال للعيش في خيمة، بعد ان كان يعتبر في بداية لجوئه الى لبنان انه من المستحيل ان يسكن في هذه الخيم.
الى أقرب تجمع للاجئين السوريين انتقل عندما ضاق به العيش، قرب نهر الليطاني الذي تفوح منه روائح المجارير والنفايات النتنة. استأجر بلاطة بسعر مليون ليرة سنويا، واقام خيمته في بيئة لا تشبهه حتى لو كان المقيمون في المخيم من أبناء بلده. ولكن عندما هدمت العواصف الثلجية خيمته في فصل الشتاء، اعتبرها نعمة. بذلك لم يعد ملزما على ارضاء شاويش المخيم الذي يفرض على كل النساء المقيمين فيه العمل في الارض. تصالح زياد مع رغباته. هو لا يريد لزوجته وابنته ان يعملا. "نحن مثقفون" كما يقول، "ابنتي كانت ستصبح مهندسة وانا موظف في الدولة، واعتدت ان اعمل لأعيل عائلتي". 
مدت عائلة لبنانية يد العون لزياد واستضافته لاسابيع قبل ان تؤجره قطعة من أرض بـ500 الف ليرة سنويا لاقامة خيمة عليها. وحينها فقط شعر زياد ان صار له حق في الاستفادة من الخدمات التي تقدمها الجهات الداعمة للاجئين. MEDAIR كانت اول من مد يد العون، وقدمت لزياد كل عدة اقامة غرفة تؤويه مع عائلته، لتتعرف اليه لاحقا جمعية ميرسي كور التي قدمت له تجهيزات حمام ووعدته بتجهيز الخيمة بخزان مياه ومستلزماته لاحقا. 

دوائر النفوس 
لا يعترض زياد على صغر مساحة المكان، "فنحن هنا موقتا فقط " وكل أمله بأن "نعيّد في سورية". وعليه يرفض زياد ان يطلق عليه اسم لاجئ. ولكنه يخاف من ان يتحول كما الفلسطينيين الذين بقوا يقولون ان هجرتهم موقتة حتى طالت لعقود. وليس ذلك فقط مصدر خوف زياد، وانما قلقه كبير على مستقبل اولاده، وحفيدته شام، ابنة الاشهر الثلاثة التي لم يتسن لها رؤية والدها الممنوع من اجتياز الحدود على بعد كيلومترات في الاراضي السورية، وهي بالتالي لا وجود لها في سجلات دوائر النفوس في سورية. 
ولكن خوف زياد الأكبر يبقى من الغد بعد ان رأى أصدقاء له وجيرانا يسكنون في نفس المبنى الذي سكن فيه بلبنان، ينتقلون واحدا تلو الآخر الى الخيم، فيما عادت ثلاث عائلات الى سورية، بعد ان فضلت الموت تحت الرصاص على الموت جوعا وذلا في منفاها القسري. 
قصة زياد ليست سوى واحدة من عشرات القصص التي يمكنها ان تتكرر في البقاع، مع عائلات سورية كانت تقيم في المنازل، واضطرت للإنتقال الى خيمة، مع ما يحمله ذلك من وجع لا يخفيه هؤلاء بإبتسامة الأمل التي يرسمونها لعودة قريبة الى بيوتهم.
والى ان يتحقق حلم هؤلاء بالعودة، تؤكد المسؤولة الاعلامية في جمعية MEDAIR هبة فارس انه بعد اربع سنوات من هروب السوريين من بلدهم، المأساة تكبر في الدول المضيفة، ولا سيما في لبنان، وما زالت هناك حاجة يومية لتأمين المأوى للكثيرين. علما ان الحاجة أكبر عند من يسكنون المنازل. وتبدي فارس تأييدها لما يلفت اليه زياد في ان معظم تجمعات الخيم كانت موجودة قبل الازمة السورية وكبر حجمها مع استقدام العمال في الاراضي الزراعية والورش لعائلاتهم، ولكن قسما كبيرا من اللاجئين سكنوا ايضا في المنازل، وهؤلاء هم الطبقة الاكثر حاجة للمساعدة لأن وضعها احيانا اصعب ممن يعيشون في الخيم. فيما مشكلة المفوضية الأكبر ان التمويل يصل للمخيمات، وهو تمويل ضئيل جدا.

No comments:

Post a Comment

Archives