إدانة واسعة لتعذيب موقوفين: لنقل إدارة السجون إلى وزارة العدل
أثار شريط التعذيب الذي يظهر رجال أمن يتعرضون لنزلاء في سجن رومية المركزي اللبناني بالضرب المبرح كان سجل قبل شهرين خلال حركة الشغب التي حصلت في السجن، ردود فعل أمس، مستنكرة ومطالبة بمحاسبة المرتكبين وبنقل إدارة السجون من سلطة وزارة الداخلية إلى وزارة العدل والإسراع في البت بملفات الموقوفين الإسلاميين.
وناشد عضو كتلة «المستقبل» النيابية سمير الجسر رئيس المجلس النيابي نبيه بري أن «يدرج اقتراحه المتعلق بتحريم التعذيب واعتباره من تشريع الضرورة». وقال: «سبق لنا أن راجعنا المسؤولين من كل الأسلاك المعنية بالتحقيق وكذلك المواقع السياسية المعنية بما كان ينقله إلينا بعض أهالي الموقوفين والسجناء وكنا نجيب بأن في الأمر مخالفة، لكن ما شاهدناه عبر الأفلام المعروضة لا يخرج من كونه نزراً بسيطاً من التعذيب الذي يمارس على الموقوفين أثناء التحقيق معهم كما نقل إلينا أهالي الموقوفين أو سجناء خرجوا إلى الحرية».
ودعا النائب مروان حمادة إلى «تشكيل لجنة تحقيق برلمانية تضع يدها على الحادثة التي اشمأزت لها النفوس، ليتخطى عملها التحقيق في أوضاع كل السجون اللبنانية، بما فيها سجون وزارة الدفاع والأمن العام وغيرها من السجون الرسمية وغير الرسمية، الحزبية وغير الحزبية، التي حولت لبنان بكل أسف إلى نقيض ما عملنا من أجله على مدى عقود»، داعياً إلى «فتح النقاش الحكومي والنيابي على موضوع تصرفات المحكمة العسكرية، وفي الأصل علة وجود هذه المحكمة وصلاحياتها في الشأن المدني، وكذلك استهداف الأجهزة الأمنية من دون تمييز، وبحجة وبلا حجة، فئات لبنانية وغير لبنانية، مقيمة أو نازحة قسراً إلى لبنان».
وذكر رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع في تغريدة على «تويتر» بـ«أن المحرك الأول لثورة الأرز كان كرامة الإنسان، لذلك أستنكر أشد الاستنكار ما حصل في سجن رومية، وأطالب بتحقيقات شفافة كاملة لتحديد المسؤوليات واتخاذ الإجراءات اللازمة لعدم حصول تصرفات كهذه مجدداً مهما تكن الظروف».
ودعا رئيس لجنة حقوق الإنسان النيابية ميشال موسى إلى «المضي في التحقيقات لتحديد المسؤوليات وإدانة المرتكبين». واقترح «انعقاد البرلمان في جلسة استثنائية لمناقشة وإقرار اقتراح الهيئة الوطنية لمناهضة التعذيب».
الجماعة الاسلامية
وقال نائب «الجماعة الإسلامية» عماد الحوت: «كنا نبهنا لوقوع هذا الأمر بعد تنفيذ الخطة الأمنية في سجن رومية، وأعلن وقتها وزير الداخلية أن تحقيقاً دقيقاً حصل وتمت معاقبة عسكريين مسؤولين عن ما اسماه «استخدام مفرط للقوة»، وإذ بالرأي العام يكتشف اليوم أن الممارسات التي حذرنا منها حصلت بالفعل، والتحقيق الأول لم يكن بالجدية المطلوبة ما يحمل المسؤول عن ذلك مسؤولية مباشرة».
وطالب الحوت رئيس الحكومة بدعوة الحكومة إلى اجتماع عاجل لمناقشة الموضوع واتخاذ الإجراءات المناسبة لوقف ممارسات التعذيب في مختلف السجون اللبنانية، ووقف التوقيفات بالشبهة أو بوثائق الاتصال. وأكد «الثقة بقوى الأمن الداخلي ومساعدتها على تطهير نفسها من العناصر التي تعمل على إشعال الفتنة».
كما طالب بـ «تشكيل لجنة نيابية لزيارة السجون والتحقيق بممارسات التعذيب». ودعا «وزير العدل والقضاء إلى إنهاء ملفات الموقوفين الإسلاميين والمبادرة خلال شهر رمضان إلى إطلاق سراح من لم يثبت عليه أي تورط فعلي في أي عمل إرهابي».
وطالب بـ»منظومة عادلة، فلا يتم مثلا إطلاق سراح خاطفين لضابط سوري لاجئ إلى الأراضي اللبنانية واعتقال آخرين لأنهم معارضون للنظام السوري أو تعذيب معتقلين بناء لآرائهم السياسية».
ورأى عضو كتلة «المستقبل» النيابية نضال طعمة أن «السجون للإصلاح، وليست مكاناً للعقاب التحطيمي، وما جرى ويجري وسيجري في سجن رومية من مؤشرات الخطورة تحتاج لوضع حد لها بأسرع ما يمكن. ومع مطالبتنا بأن يتحمل المسؤولون عن الحادثة مسؤولياتهم حيال إهانة المساجين، وأن ينالوا العقوبات المناسبة تأديبياً، نحذر من الاستغلال السياسي للحادثة، وتسجيل النقاط على حساب الناس».
ودعا النائب مروان فارس الحكومة «إلى الاجتماع فوراً وتقديم استقالتها وإن كانت هناك صعوبة في ذلك، فلا بد من المحاسبة القاسية للمسؤولين عن الإجرام في سجن رومية».
وفي دار الإفتاء في صيدا، عقد اجتماع موسع لمفتي صيدا وأقضيتها الشيخ سليم سوسان ووفد كبير من «هيئة علماء المسلمين» في لبنان. واستنكروا «الممارسات اللاأخلاقية واللادينية التي أوردها شريط التعذيب»، داعين إلى محاسبة المرتكبين. وشددوا على أن «إنهاء ملف الموقوفين الإسلاميين أمر ضروري».
واستنكر الرئيس السابق لبلدية صيدا عبد الرحمن البزري «أعمال التعذيب التي تسيء إلى الحكومة وكل الإدارات الأمنية المسؤولة عن سلامة الموقوفين ومتابعة التحقيق معهم»، آملاً أن ينجز وزير الداخلية «التحقيقات التي وعد بها، ويحاسب المسؤولين».
وسأل نقيب المحامين جورج جريج في مؤتمر صحافي: «هل نحن أمام سجن أبو غريب اللبناني؟ إنها أسوأ فضيحة انتهاكات أخلاقية وإنسانية وجسدية ونفسية، وقد أقول طائفية ومذهبية، والمتورطون عناصر أمنية رسمية ممن يفترض بهم الحفاظ على القانون وحماية المواطن، حراً كان أم سجيناً».
واستغرب «توقيت نشر فيديو التعذيب في سجن رومية مع بداية شهر رمضان الفضيل»، وقال: «هل نحن أمام محاولة جديدة لإثارة النعرات والعصبيات وتأليب الرأي العام؟ إذا كان وزير الداخلية على علم بالحادثة منذ شهرين، التاريخ المفترض لهذه الأحداث، ولم يتصرف فتلك مصيبة، وإذا كان آخر من يعلم فالمصيبة أعظم، وفي الحالتين لا نقبل باسم حقوق الإنسان والعدالة، إلا بأن يأخذ التحقيق مجراه، والمطلوب تحقيق قضائي شفاف، وعدم الاكتفاء بتدابير مسلكية بحجة عدم تعريض المؤسسة».
ودعا «مجلس الوزراء إلى الانعقاد فوراً من دون انتظار نتائج المعالجة السياسية، بكامل أعضائه وإلا بمن حضر، واتخاذ الإجراءات الكفيلة بوقف هذه الممارسات الشنيعة». وطالب بـ»تنفيذ قانون نقل مديرية السجون من سلطة وزارة الداخلية إلى سلطة وزارة العدل، وتفعيل آلية تسريع محاكمة الموقوفين الإسلاميين مع التشديد على ضرورة إنزال أقصى العقوبات القانونية بمن تثبت بحقه تهمة الإرهاب».
كما عقد نقيب محامي طرابلس فهد المقدم مؤتمراً صحافياً واستنكر «الأعمال الوحشية». وطالب «بإجراء التحقيقات مع المسؤولين والمنفذين والإسراع إلى محاكمتهم وإصدار الأحكام المشددة بحقهم، وتأمين أماكن للتوقيف وسجون تراعي الحقوق القانونية للمسجونين». وقال إن مجلس النقابة قرر «الطلب من النيابة العامة التمييزية ملاحقة الفاعلين وتوقيفهم وإنزال أشد العقوبات بهم».
ودانت مفوضية العدل في الحزب «التقدمي الاشتراكي» الممارسات «اللاأخلاقية الحاصلة بحق سجناء في رومية، والتي شكلت خرقاً غير مسبوق لشرعة حقوق الإنسان، وكنا اعتقدنا أنها ولت مع نظام أمني مخابراتي بائد». وطالبت القضاء بإنهاء ملف محاكمة الموقوفين الإسلاميين «الذي يمثل دون أدنى شك انتهاكاً فاضحاً لحقوق الإنسان ولقيم العدالة».
No comments:
Post a Comment