سجن زحلة: مبنى حديث ومشاكل قديمة
لم يمنع تحسّن أوضاع السجناء في زحلة، بعد نقلهم من السرايا إلى سجن حديث، حصول إشكالات وتجاوزات يفتعلها البعض من حين إلى آخر... وتستمرّ معاناة السجناء وذويهم والحرس على حدّ سواء
نقولا أبورجيلي
«صار الواحد بيستحلي يفوت على الحبس بزحلة» يقول بسام ممازحاً. السجين السابق أخلي سبيله أخيراً، بعدما أمضى بين جدران سجن زحلة بضعة أشهر تنفيذاً لحكم قضائي صدر في حقه بجرم شيك من دون مؤونة. يشبّه بسّام المبنى الجديد للسجن بـ«فندق 5 نجوم»، هذا الوصف ليس من بنات أفكار السجين السابق كما يقول لـ«الأخبار»، بل عبارة تتردد على ألسنة عدد من السجناء، الذين رحّلوا من سجن إلى آخر، لتنفيذ أحكام قضائيّة تمتدّ إلى فترات طويلة، من بينهم محكومون وموقوفون كانوا قد نقلوا أواخر شهر آذار 2010، من مبنى سجن زحلة القديم الى السجن الجديد بعد يوم على افتتاحه.
يستغرب بسام لجوء بعض السجناء الى إثارة الإشكالات والتجاوزات، «رغم المواصفات الجيّدة والمقبولة التي ينفرد فيها السجن الجديد، بالمقارنة مع باقي السجون اللبنانيّة». هذه المقارنة هي محور أحاديث عدد من السجناء القدامى «صحيح أن السجن هو سجن في نهاية المطاف حتى لو كان من ذهب، لكن هناك فرق بين أن يُعاقب المحكوم في مكان يليق به بما هو إنسان مهما كانت تهمته، وبين حبسه في أمكنة تفتقر الى أدنى المواصفات الصحيّة والبيئيّة». روى السجناء السابقون لـ«الأخبار» بعضاً من مشاهداتهم داخل جدران سجن زحلة، من مشاكل وصدامات وصفوها بـ«البديهيّة»، التي تحصل عادةً بين مجموعة أشخاص، ينتمي كل منهم الى بيئة اجتماعيّة تختلف عن غيرها بالعادات والتقاليد، فرضت عليهم الظروف العيش تحت سقف واحد لفترات طويلة، فضلاً عن الأزمات النفسيّة التي يعانيها البعض، والتي تصل الى حدّ تشطيب أجسادهم بأية آلة حادة تصل الى متناول أيديهم، مما يستدعي تدخل إدارة السجن التي تسارع الى معالجة كل حالة بحسب خطورتها، إما بتضميد الجروح الطفيفة بواسطة طاقم التمريض داخل السجن، أو بنقل الحالات المستعصية الى أقرب مستشفى. أضف الى ذلك خلافات فرديّة محدودة، تقتصر على تبادل الشتائم والتقاذف بالأحذية وأواني الطعام. تعالج تلك الإشكالات بمعظمها داخل جدران الغرفة الواحدة، من السجناء أنفسهم، وأخرى تتطور بحيث لا يمكن تطويقها، وتستدعي تدخل السجّانين لكبح جماح مفتعليها.
شطارات التهريب
أما بشأن تهريب المخدرات والحبوب المهدّئة الى داخل سجن زحلة، فيلفت السجناء السابقون إلى «شائعات» عن أن «فلاناً» تمكّن من الاستحصال على حبوب مهدّئة «بمساعدة أحد الحراس». وبالنسبة إلى إدخال الهواتف الخلويّة الى داخل أسوار السجن، يؤكد السجناء أن هذا الأمر أصبح الشغل الشاغل لإدارة السجن، بعدما نجح البعض في إدخال هواتف نقّالة الى أقربائهم، وأن أكثر ما يكشف أمر هؤلاء، هو السماح لزملائهم بإجراء مكالمات خلويّة، إما لرابط صداقة يجمع بينهم، أو لقاء بدلات ماليّة كل بحسب وضعه المادي.
وقال مسؤول أمني لـ«الأخبار» إن إدخال الهواتف النقّالة يحصل من خلال إخفائها ضمن أمتعة يجلبها أقرباء السجناء خلال الزيارات الأسبوعيّة، لافتاً الى ضبط العديد منها، آخرها ما حصل قبل أسبوع، حين صادر أحد الضباط جهازين بداخلهما شريحتان صالحتان للاستعمال. وكان قد سبق ذلك عثور أحد الحراس مطلع الشهر الماضي على جهاز آخر رقيق الحجم وضّب داخل لوح خشبي، وهو من بين عدة ألواح أدخلت الى السجن بغرض تصنيع خزانة خشبيّة، زعم أحد السجناء حاجته إليها. أما بالنسبة إلى «تشريج» الشرائح، فقد لفت المسؤول الى سهولة ذلك من خلال إرسال «الوحدات» عبر الشبكة من دون الحاجة إلى تسريب بطاقات التعبئة الى داخل السجن، مشيراً الى أن تفاقم هذه الظاهرة في الآونة الأخيرة، دفع بإدارة السجن الى التشدّد في تفتيش الأمتعة والمأكولات في أوقات الزيارات، إضافة الى إجراء تفتيشات دوريّة ومفاجئة في أوقات متفاوتة على مدار اليوم. يُذكر أن سجن زحلة يضمّ حالياً نحو 430 سجيناً، وهو العدد الأقصى لقدرته على الاستيعاب، وفقاً للتصميم الذي أنشئ على أساسه.
إخفاقات أميرية واهتمام قضائي
لم يخف أحد المسؤولين الأمنيين استياءه من وضع السجن، محمّلاً مسؤوليّة ما يجري من خروقات من حين الى آخر بهذا الخصوص، لبعض العناصر الذين يتجاهلون واجباتهم المهنيّة، من خلال إمعانهم بتسهيل إدخال الممنوعات الى داخل أسوار السجن، إما لأغراض ماديّة، أو لصداقات وقرابة عائليّة تربطهم ببعض السجناء وذويهم، مستغرباً تمادي هؤلاء في مخالفة القوانين المتّبعة في نظام السجون. هذا في الداخل، أما عند المدخل الرئيس، فلا يزال زوار السجن، يشكون من عدم استحداث باحة انتظار خارجيّة مسقوفة، تقيهم أمطار الشتاء والشمس الحارقة صيفاً.
يستحوذ سجن زحلة على اهتمام النائب العام الاستئنافي في البقاع القاضي فريد كلّاس، الذي يتفقّد السجن في كل فترة للوقوف على حقيقة الأمور التي تحصل بداخله، مستمعاً الى مطالب الإدارة والسجناء، بغية المساعدة على معالجة جميع المشاكل التي تعترض سير الأعمال فيه. يبقى السؤال، هل يشرّع استخدام الهواتف الخلويّة داخل سجن زحلة، مع وجود جميع مستلزمات التسلية من أجهزة تلفزيونيّة وصحف ومجلات سياسيّة وفنيّة، فضلاً عن مختلف وسائل التدفئة والتبريد، والمياه الساخنة للاغتسال في حمّامات حديثة المعدّات، وغرف يتوزع فيها السجناء بانتظام بعيداً عن الاكتظاظ؟
قضية إجراء المكالمات الهاتفيّة الخلويّة من داخل سجن زحلة خرجت الى الإعلام بعدما عقد مراسل وكالة الصحافة الفرنسيّة حكمت شريف مؤتمراً صحافياً في بلدته عين بورضاي، جنوب بعلبك قبل نحو أسبوعين، انتقد خلاله فرع المعلومات في زحلة، الذي كان قد أوقفه مع عدد من الأشخاص لمدة تجاوزت 24 ساعة، وذلك على خلفيّة تواصلهم هاتفياً مع نزيل في سجن زحلة يعاني مرض السكري كما صرح شريف، موضحاً أمام وسائل الإعلام، أن دوره بهذا الشأن، اقتصر على تأمين الدواء للمريض لا أكثر ولا أقل، مطالباً بمحاسبة المقصّرين في ضبط دخول الهواتف الخلويّة الى السجون، بدلاً من اتخاذ إجراءات تعسفيّة بحق الصحافيين وأقرباء السجناء وأصدقائهم.
شطارات التهريب
أما بشأن تهريب المخدرات والحبوب المهدّئة الى داخل سجن زحلة، فيلفت السجناء السابقون إلى «شائعات» عن أن «فلاناً» تمكّن من الاستحصال على حبوب مهدّئة «بمساعدة أحد الحراس». وبالنسبة إلى إدخال الهواتف الخلويّة الى داخل أسوار السجن، يؤكد السجناء أن هذا الأمر أصبح الشغل الشاغل لإدارة السجن، بعدما نجح البعض في إدخال هواتف نقّالة الى أقربائهم، وأن أكثر ما يكشف أمر هؤلاء، هو السماح لزملائهم بإجراء مكالمات خلويّة، إما لرابط صداقة يجمع بينهم، أو لقاء بدلات ماليّة كل بحسب وضعه المادي.
وقال مسؤول أمني لـ«الأخبار» إن إدخال الهواتف النقّالة يحصل من خلال إخفائها ضمن أمتعة يجلبها أقرباء السجناء خلال الزيارات الأسبوعيّة، لافتاً الى ضبط العديد منها، آخرها ما حصل قبل أسبوع، حين صادر أحد الضباط جهازين بداخلهما شريحتان صالحتان للاستعمال. وكان قد سبق ذلك عثور أحد الحراس مطلع الشهر الماضي على جهاز آخر رقيق الحجم وضّب داخل لوح خشبي، وهو من بين عدة ألواح أدخلت الى السجن بغرض تصنيع خزانة خشبيّة، زعم أحد السجناء حاجته إليها. أما بالنسبة إلى «تشريج» الشرائح، فقد لفت المسؤول الى سهولة ذلك من خلال إرسال «الوحدات» عبر الشبكة من دون الحاجة إلى تسريب بطاقات التعبئة الى داخل السجن، مشيراً الى أن تفاقم هذه الظاهرة في الآونة الأخيرة، دفع بإدارة السجن الى التشدّد في تفتيش الأمتعة والمأكولات في أوقات الزيارات، إضافة الى إجراء تفتيشات دوريّة ومفاجئة في أوقات متفاوتة على مدار اليوم. يُذكر أن سجن زحلة يضمّ حالياً نحو 430 سجيناً، وهو العدد الأقصى لقدرته على الاستيعاب، وفقاً للتصميم الذي أنشئ على أساسه.
إخفاقات أميرية واهتمام قضائي
لم يخف أحد المسؤولين الأمنيين استياءه من وضع السجن، محمّلاً مسؤوليّة ما يجري من خروقات من حين الى آخر بهذا الخصوص، لبعض العناصر الذين يتجاهلون واجباتهم المهنيّة، من خلال إمعانهم بتسهيل إدخال الممنوعات الى داخل أسوار السجن، إما لأغراض ماديّة، أو لصداقات وقرابة عائليّة تربطهم ببعض السجناء وذويهم، مستغرباً تمادي هؤلاء في مخالفة القوانين المتّبعة في نظام السجون. هذا في الداخل، أما عند المدخل الرئيس، فلا يزال زوار السجن، يشكون من عدم استحداث باحة انتظار خارجيّة مسقوفة، تقيهم أمطار الشتاء والشمس الحارقة صيفاً.
يستحوذ سجن زحلة على اهتمام النائب العام الاستئنافي في البقاع القاضي فريد كلّاس، الذي يتفقّد السجن في كل فترة للوقوف على حقيقة الأمور التي تحصل بداخله، مستمعاً الى مطالب الإدارة والسجناء، بغية المساعدة على معالجة جميع المشاكل التي تعترض سير الأعمال فيه. يبقى السؤال، هل يشرّع استخدام الهواتف الخلويّة داخل سجن زحلة، مع وجود جميع مستلزمات التسلية من أجهزة تلفزيونيّة وصحف ومجلات سياسيّة وفنيّة، فضلاً عن مختلف وسائل التدفئة والتبريد، والمياه الساخنة للاغتسال في حمّامات حديثة المعدّات، وغرف يتوزع فيها السجناء بانتظام بعيداً عن الاكتظاظ؟
قضية إجراء المكالمات الهاتفيّة الخلويّة من داخل سجن زحلة خرجت الى الإعلام بعدما عقد مراسل وكالة الصحافة الفرنسيّة حكمت شريف مؤتمراً صحافياً في بلدته عين بورضاي، جنوب بعلبك قبل نحو أسبوعين، انتقد خلاله فرع المعلومات في زحلة، الذي كان قد أوقفه مع عدد من الأشخاص لمدة تجاوزت 24 ساعة، وذلك على خلفيّة تواصلهم هاتفياً مع نزيل في سجن زحلة يعاني مرض السكري كما صرح شريف، موضحاً أمام وسائل الإعلام، أن دوره بهذا الشأن، اقتصر على تأمين الدواء للمريض لا أكثر ولا أقل، مطالباً بمحاسبة المقصّرين في ضبط دخول الهواتف الخلويّة الى السجون، بدلاً من اتخاذ إجراءات تعسفيّة بحق الصحافيين وأقرباء السجناء وأصدقائهم.
المشهد قبل عام
انتظر السجناء طويلاً حتى أُنهيت أعمال السجن الجديد في زحلة. في نهاية شهر نيسان الماضي، نُقل النزلاء إلى السجن الجديد. وبعدما أمضوا الليلة الأولى فيه، نقل عنهم الأهالي والزوار ارتياحاً حينها للمبنى الجديد، وبخاصة مقارنةً بأحوال المبنى القديم. وفي هذا الإطار يُذكر أن السجناء الذين كانوا يُنقلون من سجون مختلفة إلى زحلة ـــــ المبنى القديم، كانوا يثيرون الشغب، أو يشطّبون أنفسهم احتجاجاً على عملية نقلهم، وللمطالبة بمغادرة سجن زحلة.
أما بعد الانتقال إلى المبنى الجديد، فقد نُقل عن السجناء، في الأيام الأولى، ارتياحهم للوضع. ولفت زوار حينها إلى أن المقابلات أو المواجهات مع المساجين صارت تجري في غرفة مستطيلة «من خلال فاصل مصنوع من الزجاج والحديد، ويجري الحديث بواسطة جهاز إنترفون»، كما أنّ سائقي التاكسي بدأوا ينقلون كلاماً كهذا سمعوه من ركاب كانوا يقلّونهم إلى السجن في موعد الزيارات الأسبوعية، حيث كان الأهالي يعبّرون عن ارتياحهم لمسار الأمور داخل أسوار المكان المستحدَث في حينها.
أما بعد الانتقال إلى المبنى الجديد، فقد نُقل عن السجناء، في الأيام الأولى، ارتياحهم للوضع. ولفت زوار حينها إلى أن المقابلات أو المواجهات مع المساجين صارت تجري في غرفة مستطيلة «من خلال فاصل مصنوع من الزجاج والحديد، ويجري الحديث بواسطة جهاز إنترفون»، كما أنّ سائقي التاكسي بدأوا ينقلون كلاماً كهذا سمعوه من ركاب كانوا يقلّونهم إلى السجن في موعد الزيارات الأسبوعية، حيث كان الأهالي يعبّرون عن ارتياحهم لمسار الأمور داخل أسوار المكان المستحدَث في حينها.
No comments:
Post a Comment