"سعادة السماء" تبرئ مدمني الأرض
المستقبل - الاربعاء 25 أيار 2011 - العدد 4007 - تحقيقات - صفحة 9
كارلا خطّار فوق نهر ابراهيم، وتحديدا في بلدة المعيصرة، وعلى مساحة أرض تقدر بـ 52 الف متر مربع بسط الاب مجدي العلاوي مشروع مركز يؤوي فيه الشباب الذين يريدون التخلص من ادمانهم على كل انواع المخدرات، واضاف اليه حب الوالد وحنان العائلة المتراصة. "جمعية سعادة السماء" اسم اختاره الاب مجدي للجمعية التي أسسها في 17 شباط 2008 ليكون لائقا بالفرح الذي يلقاه الشاب المدمن تحت جناحيه وبالصداقة التي يتعرف اليها من خلال شباب "مربين" كانوا مدمنين وسبقوه الى تلقي العلاج. والمدمن ليس مرغما على دخول المركز فذلك يكون بقرار منه ينم عن جهوزية تامة لبدء العلاج وقناعة باستكماله خلال سنة كاملة، لا يستخدم فيها المتخصصون في العلاج اي نوع من الادوية التي حصرها الأب مجدي فقط بالصداقة والحب والثقة وكل ذلك يتوّجه الايمان بالله. وبتاريخ 26 حزيران 2008، يوم افتتح الاب مجدي الجمعية بعد حصوله على علم وخبر من الدولة اللبنانية كان اكيدا من انه سيساعد عدداً كبيراً من الشباب على التخلّص من إدمانهم، وحتى اليوم بلغوا 27 شاباً. لكن ما لم يدركه أن طلباته المتكرّرة للحاجات الملحّة التي من واجب الدولة تأمينها لن تلقى ترحيباً من الوزارات المعنية بتأمين الكهرباء والمياه وخطوط الهاتف الثابت وإصلاح البنى التحتية، فما كان منه إلا ان زار رئيس الجمهورية الرئيس ميشال سليمان الأسبوع الماضي طلباً للدعم، وفي خلال 24 ساعة بدأت الوزارات بتنفيذ الكشوفات اللازمة لسد النقص في "قرية الاب مجدي". "أبونا مجدي من هون" يقول أحد العمال في قرية المعيصرة مشيرا الى طريق منحدر فرعي طويل عريض ومتعرّج، مكسوّ بكل احجام البحص.. وتدل آثار عجلات السيارات باتجاه واحد مباشر الى قرية كبيرة يكلّلها القرميد الاحمر ويحيط بها الى اليمين جبل مدروز بالاشجار واشخاص جفصين للسيدة العذراء وبعض القديسين وصلبان خشبية والى الشمال واد عميق كأنهما يجسدان مجد الانسان الشامخ كما الجبال مقابل انحدار الإنسان الذي يختار ان يكون في عمق الهوّة رافضاً النظر الى أعلى. وناحية الجبل العالي تقبع كنيسة قديمة مبنية من الحجر الكبير وعلى حافة الوادي كنيسة اخرى جديدة لم ينته بناؤها بعد وبينهما منازل خشب واراض تراب فيها ممرات صخر وشجيرات صنوبر وزيتون. زيارة الغرباء للقرية غير مألوفة للشباب المدمنين الذين يقطنون فيها، فهم اعتادوا ان يقصدهم المتخصصون في علاجهم والمتطوعين من الشباب والفتيات للعمل معهم، كما اعتادوا ان يلازمهم "ابوهم" مجدي الذي يتحدث معهم بكثير من الحنان قائلا "شو بدك يا ابني؟" ولا يفارق القرية الا عند الحاجة لزيارة زوجته واولاده الاربعة. في شباط 2008 باع منزله الكائن في منطقة عمشيت من اجل ان يؤسس المركز.. والجمعية "البدائية" كانت عبارة عن خيمة في المكان نفسه عاش فيها 11 شابا تخرج منهم 6، اثنان يعملان في الامم المتحدة والآخرون يتابعون دراستهم في فرنسا. ومنذ ان اعلن رسميا عن تأسيس المركز قدم الى المكتب 215 مدمنا، واظب 27 منهم على إتمام مدة العلاج وعادوا الى حياتهم الطبيعية اما الباقون فدخلوا المركز ولم يكملوا العلاج. ويلازم الاب مجدي كل شاب يختار ان يتعالج، في لحظات حياته الدقيقة والحرجة فيعلمه كيفية الاعتناء بالارض وزراعتها وبناء المنازل الخشب والباطون ويعرفه على الله لينقله من حالة الضياع الى الايمان بالخلاص من خلال الصلاة. [حوار مع "الموجوع" عائلة الاب مجدي تكبر سنة بعد سنة، فيها يولد الانسان من جديد متسلحاً بالثقة بالنفس، جاعلاً القوانين والخطوط الحمراء درعا له وناقلا شهادته الى العالم كلّه ليتمثل به المدمنون.. برنامج علاج الشاب المدمن وطريقة دخوله المركز حددا بان يقضي سنة كاملة يخصص الشهران الاخيران منها للعمل الاجتماعي المجاني، يليهما 5 ايام من الرياضة الروحية قبل ان يتخرج ويفرح اهله بعودته الى المنزل معافى ومتجددا بالايمان. ولا يقصد المركز سوى الشاب الذي ادمن لسنوات طويلة ولم يلق في حياته الحنان والحب فيجد اهله ضرورة للاتصال بالمكتب لإدخاله الى المركز او قد ينبذونه بعدما يسأموا من اقناعه بضرورة الانضباط تحت سقف القانون، فلا يكون امامه سوى المكوث في الشارع الا في حال كان متهما بعملية "من العيار الثقيل" فيرمى في السجن. وفي كل الاحوال، عليه ان يكون مقتنعا بتغيير حياته لينخرط في مجتمع لا زال حتى اليوم يشير الى المدمن المعافى على انه مريض، فيما يرفض الاب مجدي هذه الصفة مشددا على ان المدمن ليس بمريض بل هو مجروح وموجوع ويحتاج الى اهتمام، مؤكدا ان كل الشباب الذين قرروا الاقلاع عن الادمان لم يفعلوا ذلك حبا بانفسهم او رحمة بما يحل بهم بل لأنهم لا يريدون ان يعذبوا اهلهم ويشعرونهم بالذل. الحوار هو النقطة الاساس التي يرتكز عليها العلاج. يبدأ مع الشباب المدمنين الذين يلقون في السجن وهذه مهمة الاخت امل من راهبات القديسة تيريزيا، التي تقابلهم وبعد جلسات عدة معهم تلمس استعدادهم للتخلص من الادمان، فتسألهم رأيهم في علاج فاعل وفي حال قبولهم يصدر القاضي على الفور قرارا بإخلاء سبيل السجين الذي يحوّل مباشرة الى الجمعية. كذلك الحوار هو نقطة الالتقاء الأولى بين الشاب المدمن ومكتب تلقي الاتصالات، في حال اتصل الشاب او اهله على الرقم 01-256256.. وفورا يكون الاب مجدي حاضرا لاستقباله بغض النظر عن الطائفة التي ينتمي اليها، فالكل سواسية في العناية والحب والايمان، والكل يتشارك الصلاة بحسب ديانته، في الانجيل ام في القرآن، الا ان الصلاة للعذراء مريم توحّدهم في الرحمة وتخفّف من آلامهم. [.. على درب الجلجلة يصل المدمن عادة الى المركز "مخروم" اي منهك القوى، فيستقبله الجميع ويساعده الاب مجدي في أخذ حمام بارد كل 10 دقائق ويتداور الشباب بالجلوس على رجليه حتى يفقد الاحساس بألم جسمه الذي يطلب المخدرات ويشعر بالتنميل التام. في الواقع فإن الحالات الصعبة تتوجه الى المركز، خصوصا وان وزارة الصحة لم تقدم سوى سريرين للمدمنين في كل لبنان في دير الصليب، اما في حال اختار الاهل ادخال ابنهم الى المستشفى فيتكلفون ما يعادل 5 آلاف دولار لعلاجه.. الا ان الوضع مختلف في المركز حيث العلاج مجاني وعاطفي، فيبقى الجميع ساهرا على الضيف الجديد الذي لا ينام سوى ساعة عند طلوع الصباح، ويبقى على هذه الحال مدة 40 يوماً، وهي الفترة التحضيرية ليسأله الاب مجدي بعدها ان كان لا يمانع البقاء لاكمال العلاج. يعلق قائلاً" من وعده والداه بالثروة والسيارات والمبالغ المالية يغادر المركز اما من هو غير موعود بأي ثروة، ولا امل له في العودة الى الحياة الطبيعية في الخارج فيجد في البقاء هنا ثروة نفسية ودينية لا تعوض". عندما يكون على الشاب اتخاذ القرار الحاسم بالمغادرة او البقاء يخيره الاب مجدي بين البوابة السوداء التي، اذا تجاوزها عاد الى حياته السابقة وخسر الايام التي تحمل فيها اوجاعه، وبين البقاء لتحقيق الخلاص فإذا اختار ان يبقى سيتحمل العذاب حتى يتلذذ بالقيامة بعد سنة. ولهذا الشاب تكرس المجموعة وقتها فيقيمون قداسا له يتخلله اعتذار لوالديه وعادة ما يكون الموقف مؤثرا فيقبل الاهل اعتذارات الابن ويسامحونه ويتبادلون القبلات، ثم يغسل الاب مجدي رجليه، ويختار من المدمنين المتعافين عرابا له فيلبسه ثوبا ابيض وحذاء ليبدأ درب الجلجلة . [برنامج العلاج ينطلق العلاج عن طريق الحوار الاجتماعي في الشهر الثالث، حيث يزور الأهل ابنهم في المركز ويتحدثون عن طفولته ومراهقته وذلك بمشاركة معالج اجتماعي لكشف الثغرات في العلاقة العائلية، وبقدر ما يكون الحوار صريحاً بقدر ما تكون الجلسات قليلة وسريعة. في الشهر الرابع يرقى المتعاطي الى رتبة "ملاك" بعد ان يكون نفذ ما هو مطلوب منه كي يغيّر حياته ويقوي نقاط ضعفه فيكون من واجباته الصوم مرة في الاسبوع، بالمقابل يحقّ له كل يوم احد التحدّث مدة 7 دقائق مع أهله على الهاتف. وفي الشهر الخامس يختبر نفسه خارج المركز حيث يسمح له بزيارة أولى الى منزل والديه يرافقه مربي، اي شاب معافى من الادمان، فيحسّ كأنه ولد من جديد خصوصا حين يستقبله اهله الذين كانوا نبذوه في فترة من حياته، وقد حصل مرارا ان واجه الاب مجدي رفض الاهل استقبال ابنهم لكنه اقنعهم مشبها الشاب العائد الى المنزل بالابن الضال. ومن "ملاك" الى "رئيس الملائكة" يتحول الشاب في الشهر الثامن حيث يبلغ الجزء الاخير من درب الجلجلة، ويفرض عليه ان يصوم يومي الأربعاء والجمعة كما يحق له زيارة منزل أهله مدة 24 ساعة. وتكبر مسؤولياته في الشهر العاشر ليصبح "مسؤول بيت" فيحق له بـ 6 سجائر في اليوم، في المقابل عليه ان يمضي 5 ايام في الخدمة الاجتماعية ويجول يومي السبت والاحد في السجون والمنازل والمدارس ليساعد اشخاصا يعانون من الادمان بالاضافة الى خدمة المسنين في دار "نور السما" المخصصة لهم، كما يحضر العابا وغداء للاطفال. وفي الشهر الاخير من نهاية عام العلاج يكون على الشاب ان يتابع رياضة روحية مدة 5 ايام ثم يتخرج في الاحد الاخير من الشهر، ويقدم له الاب مجدي قنديل الامل ليكون نورا له يضيء دربه في الحياة فيكون شهادة للعالم اجمع. اما الاهل فطيلة هذه المدة يبقون على اتصال مع بعضهم من خلال ناد تابع للجمعية يلتقون فيه يوم الخميس من كل أسبوع فيتبادلون الخبرات في كيفية التصرف مع ابنائهم. [أسرار العلاج.. طيلة مدة العلاج يكون من واجب الشباب تنفيذ المهمّات التي تطلب منهم وهي تهدف الى علاجهم بحيث ينشغلون في تمرين جسدهم على العمل في البناء وزراعة الأرض، كما ينمون فكرهم في تقديم أفكار خلاقة في البناء والتزيين ومختلف الأعمال التي تخوّلهم نيل جوائز وتحقيق هوايات معينة كممارسة أنواع من الرياضات او تنظيم الرحلات. ولا يقتصر العلاج على العمل إذ ان للصلاة والمحبة الدور الأهم في تعريف الشاب المدمن على الله ومن خلاله على تأدية أعمال الخير والابتعاد عن الخطيئة والأعمال المشينة. وينظم الأب مجدي برنامجاً من القداديس والصلوات والاعترافات وجلسات حوار يشترك فيها مع الشباب. أما ترفيهياً، فعلى مجموعة الشباب أن تقدم يوم الجمعة مشروعاً فنياً ملائماً لسهرة السبت تتخلّلها مسابقات وجوائز تعرض على الأب ومساعده إبراهيم بانتظار موافقتهما عليها، ولا يستثني الأب مجدي نوع الموسيقى التي يسمعها الشباب خلال السهرة من العلاج، بحيث تكون الأغنيات منتقاة بطريقة دقيقة. وفي إطار العلاج من الإدمان، جهد الاب مجدي ليشتري معدّات عيادة اسنان لمعالجة الشباب وقد تطوع أطباء لعلاج كل من يحتاج الى ذلك. كما انه يسعى دائما الى تحفيز الناس الميسورين على مساعدة ماديا وهو يكافئهم بتقديم صلاة عن نيتهم. فخلال جلسات الصلاة اليومية في الكنيسة الصغيرة في المركز يطلب الاب مجدي من الشباب ان يصلوا لكل من يساعدهم، والمساعدات لا تختصر على الماديات بل تتعدّاها لتشمل كافة الميادين ومنها توقيع اتفاقية مع معهد دومبوسكو الذي قدم للشباب فرصة لدراسة الاختصاص الذي يرغبون به. [تقصير الوزارات لطالما سعى الاب مجدي الى الطلب من بعض الوزارات تنفيذ بعض الاعمال الضرورية والاساسية للقرية التي أسسها ، فقصد مرات عدة وزارة الطاقة والمياه لاستجرار المياه والكهرباء الى المركز، وقصد وزارة الأشغال العامة من اجل فلش الإسفلت على الطريق المؤدي الى المركز بالاضافة الى مطالبته وزارة الاتصالات بتوصيل شبكات للهاتف الثابت لتلبية الحاجات الملحة للمركز، الا ان مساعيه باءت بالفشل وحصرت ردود الوزارات بوعود متكررة لم تلق السبيل الى التحقق. غير ان اهمال الوزارات المذكورة القيام بواجباتها لم يفشل مشروعه حيث تمكن من تأمين مولدات كهربائية تعمل منذ الصباح الباكر حتى الحادية عشرة ليلا. ولحل مسألة الاتصالات سمح للشباب المربين الذي تخطوا مرحلة العلاج باستخدام الهواتف الجوالة وهم يتولون مساعدته على احضار المياه عندما تتطلب الحاجة اليها. ويبدو ان هذه المشاكل سلكت الاسبوع الماضي الطريق الصحيح نحو الحل بعدما زار الاب مجدي رئيس الجمهوية ميشال سليمان الذي وعده بتلبية حاجاته، ولم تمر 24 ساعة حتى بدأ تحرك الوزارات للكشف على مكان المركز بعد تنسيق كامل مع المعنيين في القصر الجمهوري. ["ايدي" و"زوزو" يشهدان.. عقبات عديدة واجهها الاب مجدي منذ العام 2008 حتى اليوم، ذللها من دون ان تترك اي أثر على طريقة العلاج. فكل همه ان يتعافى الشباب وان يعتبرهم المجتمع اشخاصا عاديين، وقد لمس كثيرون ممن تعافوا نظرة المجتمع اللبناني السلبية اليهم، فيتساءلون عمّا يعملون بعد خروجهم متعافين من المركز حيث لا يقبل اي مكتب ان يوظفهم. لكن الاب مجدي وجد الحل لهذه المشكلة ايضا فطلب من المتعافين ان يعملوا في المركز ويساعدوا الشباب الجدد مقابل أجر شهري يكفيهم. وهذه هي حال "إيدي" الشاب المربي الذي يبلغ اليوم 26 عاما من العمر. فبعد 11 عاما من الادمان على الهيرويين ودخوله سجن روميه، تمكن من التعافي وقرر البقاء في المركز ليحمل شهادته الى كل شاب مدمن ويشجعه على اكمال العلاج. . اختار ان يلازم المركز لما اكسبه مبادىء ومفاهيم جديدة وعلمه ان لا يتخطى الخطوط الحمر، فالتأهيل درع زرع الثقة في علاقته مع اهله، لكن نظرة المجتمع "السطحي" اليه بقيت غصة في قلبه. يخبر "ايدي" ان اخيه وصديقه اللذين تعافيا من الادمان قاداه الى الاب مجدي، ويقول" لم أتردد في دخول المركز من اجل امي التي لم تفقد الامل يوما في الصلاة والطلب الى الله بأن يشفيني ويساعدني. كنت اسخر منها الى ان تعرفت الى الاب مجدي الذي يستقبل الشباب ويعالجهم من دون اي مقابل." ويتابع" في هذا المركز رأيت اشياء لم اكن اراها في الخارج، وشعرت بأحاسيس جديدة لم اكن اعرف اصلا أنها موجودة. هنا تعرفت الى الله واكتشفت المحبة، وجدت الى جانبي اخوة واصدقاء لم يفارقوني لحظة بل احاطوا بي وانا كنت بأمس الحاجة اليهم. لا انكر اني عانيت لأتقبلتهم في البداية، لكن حشريتي حملتني الى التعرّف على الله وكانت الصلاة الطريق الى خلاصي. وجدت الإجابات على كل تساؤلاتي الحياتية في الانجيل، واكتشفت ان المخدرات مادة شيطانية. وبعد خروجي من المركز تعرّضت لتجارب عديدة كان بإمكانها ان تعيدني من جديد الى الادمان لكنني انتصرت واخترت ان الازم المركز ليستفيد الآخرون من تجربتي." اما زوزو الذي يبلغ 27 سنة فلم يتبق له سوى 3 اشهر لانهاء علاجه وله قصة مختلفة عن "ايدي" الذي لم يفكر في مغادرة المركز. زوزو اتى الى المركز "مخروم"، ولم يكن مقتنعا ابدا بملازمته للعلاج، خيرني الاب مجدي بين البوابة السوداء الخارجية والرب. توجهت مرتين الى البوابة وكدت اخرج مغادرا الى غير عودة، وفي كل مرة كان الشباب يتبعوني ويقنعوني بالعودة مؤكدين انهم وجدوا الراحة النفسية والجسدية والروحية وكنت أعود أدراجي معهم الى الاب مجدي.. لم اكن اعرف انهم أحبوني بسرعة وخافوا علي من العودة الى الادمان، حينها اقتنعت بالبقاء دونما تردّد فحظيت بإخوة لي فيما لم أتعرف الى اي صديق حقيقي في عالم المخدرات حيث المصلحة الشخصية هي الغالبة. زوزو يتعرض حالياً لتجارب عديدة تتمثل في لقائه شباب كان يتعامل معهم في الحي حيث يسكن أهله، يحاولون إلقاء التحية عليه فيكمل طريقه متجاهلاً تحيتهم "ما بفتحلون باب حتى للسلام". تعيش "جمعية سعادة السماء" حركة ونشاطاً تزيدهما حيوية وانفتاحاً الزيارات التي تقوم بها جمعيات عربية واجنبية دينية واجتماعية للتدرب على كيفية علاج الشباب المدمن على المخدرات. وفي الاطار نفسه قدم 140 شاباً وفتاة من ستوكهولم و4 كهنة من الاقباط الاورثوذكس. كما ان وسائل اعلام اوروبية وغربية حضرت خصيصاً الى المركز لتصوير برامج عن العلاج من دون ادوية، ما شجع اوستراليا على تقديم 560 الف متر مربع من الارض للجمعية لتقيم عليها مركزاً مماثلاً. كل ذلك يقول الاب مجدي بفضل الله وقوة الايمان متمنياً ان يتضامن المجتمع مع الشباب المتعافين ويفتح لهم مجالات عمل مناسبة ليكونوا اعضاء فاعلين فيه. ومن اجل ذلك يردّد بصحبة "اولاده" الصلاة ويجدّد الطلبات في كل مرة ساعياً الى إضفاء الثقة في أنفسهم وحب المشاركة خاتماً "الرزمة المتراصّة لا تتفكك وهي الأقرب دائماً الى الله." |
No comments:
Post a Comment