Al Shark - Karami - March 12, 2011

كرامـي: نأسف لانحدار لغة التخاطب إلى حدّ السقوط في همجية العصبيات

لليوم الثاني على التوالي، استمرت ردود الفعل المستنكرة والتحركات الاحتجاجية على ما جاء على لسان رئيس حزب «التوحيد اللبناني» الوزير السابق وئام وهاب في حديث أدلى به يوم الاثنين لإحدى محطات التلفزة، انتقد فيه النظام السعودي مشبها المرأة السعودية بـ «كيس النفايات».

وهاب

واستدراكا عقد وهاب (امس) مؤتمرا صحافيا اعتذر خلاله من كل «امرأة محجبة حتى في السعودية ومن والدته التي كانت محجبة وتوفيت وهي محجبة وهي اغلى انسانة على قلبي».

وقال: «تحيتي للمرأة المحجبة التي خرجت الشهداء والابطال في جنوب لبنان وفلسطين والعراق وكم نفتخر بكثيرات من النسوة المحجبات وعلى رأسهم تحية الى السيدة الفاضلة، وانحني امامها وهي والدة الحاج عماد مغنية. وهدفنا من الكلام كان الاشارة الى الظلم اللاحق بالمرأة السعودية .

اعتصام طرابلس

واعتراضا على مواقف وهاب، نفذ حشد كبير من أبناء مدينة طرابلس امس، إعتصاما في ساحة النور إحتجاجا على تصريحات وهاب، شارك فيه عبد الإله ميقاتي ممثلا الرئيس المكلف نجيب ميقاتي والنائب خالد ضاهر، بالإضافة الى فاعليات سياسية وإجتماعية. ورفع المعتصمون لافتات تطالب بمحاسبة وهاب أمام القضاء المختص، مردّدين هتافات تندد بـ»التطاول على الرموز الاسلامية والدينية».

وحذّر المعتصمون من «يقف وراءه ومن يحميه»، مؤكدين أن «الردود الشعبية لن تتوقف قبل معاقبته على كلامه المشين في حق المسلمين والمسيحيين وجميع اللبنانيين».

وكانت كلمة لعبد الإله لفت فيها الى «استنكار الرئيس المكلّف لما صدر عن وهاب ومتابعته الموضوع على أعلى المستويات».

بدوره، أكد النائب ضاهر أن «تطاول وهاب على المرأة المسلمة لا يمكن السكوت عنه»، مشيرا الى سعي هذا الأخير «الدائم لزرع الفتنة بين اللبنانيين، وهو متخصص بهذا النوع».

وألقيت في المناسبة كلمات عدّة لكل من المشايخ ارسلان ملص، سالم الرفاعي، زياد علوكه وبلال بارود أجمعت على ضرورة «وضع حدّ لتصرفات وهاب المتكررة في كل مناسبة».

الطلاب المسلمون

وأطلقت رابطة «الطلاب المسلمين» مسيرةً طلابية احتجاجية على مواقف وهاب، فخرج الطلاب من حرم كليات الجامعة اللبنانية «الهندسة، إدارة الأعمال، العلوم الاجتماعية، الحقوق، الآداب، العلوم والعلوم السياسية» في تظاهرة جابت الشوارع العامة في محيط حرم هذه الكليات، نددوا خلالها «بوئام وهاب الذي وصلت سفاهته للتعدي على حرمات المسلمين وشعائرهم»، مطالبين من يحميه من الأحزاب والشخصيات السياسية والطائفية في لبنان «بنزع هذا الغطاء عنه لأن كل من لا يزال يعتبره بوقاً يستخدم لنشر السفاهة خدمة لمشروعه السياسي، موافق ضمنياً أو متواطئ معه في تعرضه للحجاب والشعائر الإسلامية».

عكار العتيقة

بدورهم، دعوا أهالي عكار العتيقة في بيان اليوم، الدروز والمرجعيات الدينية الى «التبرؤ من وئام وهاب»، مطالبين «بإتخاذ التدابير الصارمة في حقه، كي لا يصار الى التطاول على الشعائر الاسلامية من أي كان». كما ناشدوا المرجعيات السياسية «التنبه الى ما يثير النعرات الطائفية والمذهبية، ويشعل نار الفتنة».

عائلات الطريق الجديدة

كذلك طالب «تجمع عائلات الطريق الجديدة» في بيان امس، النيابة العامة «بالتحرك» والمرجعيات الاسلامية في لبنان «بتقديم دعوى قضائية في حق القيادي في «8 آذار» وئام وهاب على ما قاله من تجريح وتهجم واحتقار بحق حجاب المرأة المسلمة، انطلاقا من المرأة السعودية»، معتبرا أن «هذا الكلام المنحط يحاسب عليه القانون في مواده التي تعاقب بالحبس لكل من يسيء الى العلاقات الخارجية للبنان وأيضا من يثير الفتنة و النعرات الطائفية والمذهبية».

ولم تقتصر ردود الفعل المستهجنة والرافضة على تحركات شعبية بل طاولت الطبقة السياسية التي دانت بشدّة «كلام وهاب»، آسفة «للإنحدار الذي وصلت إليه لغة التخاطب السياسي في لبنان».

كرامي

وقال الرئيس عمر كرامي في بيان صدر عن مكتبه الاعلامي: «نأسف لإنحدار لغة التخاطب في لبنان إلى حدّ السقوط في همجية العصبيات الدينية والمذهبية العنصرية والعرقية على اختلافها، حتى ليعتقد المرء أن أدبيات الاختلاف بين اللبنانيين أعادت الى الحياة والتداول لغة القرون الوسطى. وما يؤلمني شخصيا أن يضطر الأستاذ وئام وهاب الى التعرض للحرمات والخصوصيات ذات البعد الديني في سياق دفاعه عن قضية محقة، فإذ به يسيء الى نفسه والى القضية قبل أن يسيء الى الآخرين وحسنا فعل بإعتذاره».

ارسلان

من جهته، استنكر رئيس «الحزب الديموقراطي اللبناني» النائب طلال ارسلان في بيان امس،  «أي تصرف غير مسؤول يتعرض للتقاليد الدينية»، مشددا على «إحترام خصوصيات المذاهب حفاظا على متانة المجتمع وصلابته وتحييد مسالك العبادة التي تصب لدى المصدر الواحد عن التجاذبات السياسية».

الجسر

كذلك، أسف النائب سمير الجسر «لتطاول وهاب على المحجبات والحجاب الذي هو رمز للعفة عند كل الاديان يتوج رؤوس الملتزمات بالعفة وطاعة الرحمن»، وقال: «لو نظر من حوله لوجد أن هذا التاج يزين رؤوس المؤمنات من كل الأديان بدءا من السيدات المسلمات المؤمنات، مرورا بالراهبات وانتهاءً بالشيخات العفيفات من سيدات بني معروف».

كبارة

وفي هذا الإطار، أكد النائب محمد كبارة، «ان اساءة وهاب إلى الحجاب الإسلامي إنما يسيء قبل كل شيء إلى نفسه والى أسياده الذين من واجبهم وضع حد لسفاهته، الكل تبرأ من كلامه حتى الذين كانوا يتحلقون حول مائدته ويتلذذون بأطباقه».

وقال: «لذلك سارعت مشيخة العقل، كما المجلس المذهبي الدرزي إلى استنكار كلامه ووصفه بالمسيء، ما يعكس حكمة الطائفة الدرزية الكريمة وحرصها المعهود على أدبيات التعامل مع الدول والأديان».

ورأى أن «المطلوب وضع حد لمثل هذا التطاول على الأديان والمعتقدات، ولا يجوز أن يستمر لا وهاب ولا غيره بالتعرض لتقاليد وعادات أية طائفة».

الحوت

أمّا النائب عماد الحوت فأكّد في حديث إذاعي، أن «ما جاء على لسان رئيس حزب التوحيد اللبناني انتهاك صريح وواضح ومباشر في حق عقيدة المسلمين وعبادتهم، ما يشكل نوعا من الإنحطاط في مستوى الخطاب السياسي وفي الأخلاقيات السياسية، ويجب إتخاذ الاجراءات حيال ذلك».

ودعا وهاب الى «الإعتذار علنا في مؤتمر صحافي» والوسيلة الإعلامية التي مر الكلام عبرها الى «إصدار تصريح واضح تتبرأ فيه من هذا الكلام».

زهرمان

وتعليقا على الموضوع، استغرب عضو كتلة «المستقبل» النائب خالد زهرمان، «مستوى الانحدار الأخلاقي والسفاهة وقلة الأدب الذي وصلت إليه الخطابات المنحطة لقوى الانقلابيين، في محاولة للتعمية على الخلافات الداخلية التي تعصف بهذه القوى غير القادرة على تشكيل حكومة بسبب الطمع والجشع على السلطة، فاتجهوا نحو التطاول على الشهداء والمس بالديانات والسخرية من الحجاب».

شيخ العقل

 وأصدر شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز نعيم حسن ومجلس ادارة المجلس المذهبي بيانا جاء فيه الآتي: «لم تكن طائفة الموحدين الدروز في يوم من الايام الا في موقع الحفاظ على الكرامات والاخلاق الانسانية والدينية وتأبى اخلاقهم وشهامتهم اي مس بالكرامات والحرمات، فكم بالحري المس بصورة المحصنات المؤمنات اللواتي هن في وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم بالدعوة لصونهن وحفظهن من كل سوء»، معتبرا خلاف ذلك من «الموبقات».

وأضاف: «في هذا المجال، نؤكد الرفض القاطع والشاجب والأسف والادانة لكل ما من شأنه ان يثير اي حساسية او يتعرض لكرامة وخصوصية اي معتقد ديني او غيره، ولهذا نستنكر اي تصريح صدر بأي شكل من الاشكال ومن اي موقع أتى يشكل اساءة في مضمونه لمبادىء وقيم طائفة الموحدين الدروز قبل غيرها من الطوائف».

وتابع: «نكرر ما تضمنته نداءاتنا المتواترة من الحث على التحلي بآداب الحوار واستخدام اللغة التي تدعو الى احترام قائلها والنأي عن التطاول على ما يمس مشاعر المؤمنين وتجنب خلط الهزل السياسي بالولوج الرخيص الى ما يستثير حفيظة المتمسكين بمسالكهم وسماتهم الاخلاقية وأرفعها لديهم ما هو أمر بمعروف ونهي عن منكر، الامر الذي من شأنه الدفع الى مزيد من التوتر واستثارة عوامل الفتنة».

الجوزو

وانتقد مفتي جبل لبنان الشيخ محمد علي الجوزو «هجوم وهاب على الحجاب الاسلامي»، سائلا: «لماذا هذا الانحدار والانهيار؟ هل هذا يدخل في جملة الدفاع عن السلاح؟ أين المجلس الوطني للاعلام؟ هل اصبح شاهد زور على مايجري والى اين يأخذون لبنان؟ هل هذا هو لبنان الحضارة ولبنان الثقافة ولبنان العلم؟ هل اصبح مكبا للنفايات؟ واصبحت شاشات التلفزة فيه تستخدم ألفاظا «كأكياس الزبالة» وغير ذلك؟».

 الميس

كما لفت مفتي البقاع الشيخ خليل الميس الى أن «هذا الكلام لا يليق بطائفة وهاب ولا حتى بالجهة التي يتكلم باسمها»، مشيرا الى أن «هذا الأخير من خلال ما جاء على لسانه، عزل نفسه عن طائفته الكريمة اولاً وعن الشرفاء في هذا الوطن».

وأكد أن «تطاوله على الدين من جنس تطاوله على السياسة، وينبغي ان يوضع له حد في هذه السفاهة غير المعهودة لا من الجاهلية ولا لمن سبقه في تاريخنا المعاصر او القديم»، وقال: «لا بد من محاكمة مثل هذا الانسان على أسلوبه غير اللائق ليس على الصعيد الديني لأنه لا يفقه بالشريعة الاسلامية وإلا لكنا طالبنا بإقامة الحد عليه».

واستنكارا للكلام الذي اطلقه وهاب نفذت عشرات الطالبات والمعلمات المحجبات والمنقبات في مركز المفتي جلال الدين الثقافي في صيدا اعتصاما امام مقر المركز، رفعن خلاله لافتات تندد بكلام وهاب وتدعو الى محاكمته.. وجاء في بعض هذه اللافتات «الاناء بما فيه ينضح .. ليحاكم وهاب رمز التطرف