بان يجدد للمؤتمرين دعمه المحكمة لكشف الحقيقة وإنهاء الهروب من القصاص
مؤتمر "العدالة الجنائية الدولية" لثورة قانونية وتشديد على حق العدالة والأمن
المستقبل - الجمعة 27 أيار 2011 - العدد 4008 - شؤون لبنانية - صفحة 10
سارة الشل بدأت الجولة القانونية العربية، وانطلقت المحاكمات، فالقانون لا بد أن يأخذ مجراه. من هنا، كانت ضرورة تنظيم الحدث، خصوصاً مع ما يصيب العالم العربي من "خضّات أمنية" واحتجاجات تتنقل بين دولة وأخرى، من دون أن تلقى من يُحاسب ويُراقب، أو يُعاقب ويُحاكم. لكن لنعد قليلاً إلى الوراء. إلى 14 شباط 2005: اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري. يجمع كثيرون على أنها جريمة العصر. عملية إرهابية أو جريمة ضد الإنسانية، اختلفت التعريفات والنتيجة واحدة: ضرورة قيام محكمة ترعى إعادة الأمن والاستقرار، انطلاقاً من مبدأ العدالة التي تحمي حقوق المواطنين داخل المجتمع. "ثورة" قانونية أنتجت ثمارها مع محكمة شكّلت بادرة خير وثقة نحو مجتمع عادل. ولم يكن توقيت المؤتمر اليوم، بالتزامن مع موجة الثورات العربية، إلا استمراراً للمطالبة والتمسك بحق الشعوب في العدالة والحرية والمساواة، حتى لا يفلت المجرم من العقاب. مؤتمر العدالة الجنائية الدولية من المحاكم الخاصة إلى المحكمة الجنائية الدولية إلى المحكمة الخاصة بلبنان، تطوّر المقاضاة الجنائية الدولية، عنوان انطلقت منه الجلسات القانونية التي نظمتها الهيئة العلمية لنشر الثقافة القانونية في العالم العربي، ومنظمة "عدل بلا حدود"، بالتعاون مع المحكمة الخاصة بلبنان في فندق البستان في بيت مري أمس، بحضور كل من ممثل قائد الجيش العقيد نبيل عبدالله، وزير الداخلية والبلديات ممثلاً بالسيد مكرم عواس، نقيبة المحامين في بيروت أمل حداد، الوزيرين السابقين رئيس مجلس الخدمة المدنية خالد قباني ومحمد شطح، ممثل النائب سامي الجميل ملكار خوري، إضافة الى حشد من فاعليات قضائية وقانونية واجتماعية. البرنامج ينقسم بين أيامه الثلاث، في 26، 27، و28 أيار إلى جلسات صباحية ومسائية، تتناول أهم الإنجازات القانونية في سجلات المحاكم الجنائية، انطلاقاً من يوغسلافيا، رواندا، كمبوديا، السودان وغيرها.. خبرات قانونية وعمليات تطوير القوانين الدولية والقوانين الخاصة والمحلية مهمّة يأمل المشاركون في هذا الحدث القانوني تحقيقها. ويبقى الهدف الأساس هو العمل على نشر الثقافة القانونية في العالم العربي، خصوصاً بعد سلسلة الثورات التي اجتاحت دوله وأدّت في بعض حالاتها إلى الحديث عن الاستعانة بالمحاكم الدولية، كما هي الحال بالنسبة إلى الحديث عن فرض عقوبات على الرئيس الليبي معمر القذافي والرئيس السوري بشار الأسد، في حال عدم التعاون مع مجلس الأمن الذي يُطالب بوقف العنف ضد المحتجين في البلدين، كما يشرح أعضاء من الفريق القانوني بين الحضور. "علينا" بأحرف كبيرة إلى جانبها خط أحمر مستقيم، توسطت الجملة الجازمة بضرورة الانطلاق نحو مجتمع أكثر عدالة. أتت العبارة على ملف يتناول الحدث "من أجل مجتمع أكثر عدالة علينا إنهاء الانفلات من العقاب". سلامة استهل برنامج اليوم الأول بكلمات الترحيب والافتتاح، ليمهّد رئيس الجلسة أستاذ القانون الدولي في جامعة القاهرة أيمن سلامة لمفهوم العدالة الجنائية الدولية وأهميتها، كونها الغاية التي يسعى إليها أي نظام. وأشار في حديثه إلى ما يحدث أخيراً في الدول العربية وما يترتب على الجسم القانوني العمل عليه، من أجل نشر الثقافة القانونية في هذه المجتمعات. وهو أهدى هذا الجهد إلى جميع ضحايا حقوق الإنسان وأرواح جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية.. من مفهوم الثأر إلى العقوبة، يقول الرئيس السابق لمجلس القضاء الأعلى اللبناني وعضو المجلس الدستوري أنطوان خير، إنها الأهم في تاريخ تطور القوانين الإنسانية. هو طرح تساؤلاً حول كيفية الدفاع عن إنسان "أنت مؤمن بأنه مجرم؟"، ليستشهد بعدها بالكثير من الدول التي أصبحت جائرة بأحكامها وحكامها باتوا مجرمي حرب. "عندها ظهرت المحكمة الدولية لتحقق ما يصبو إليه الناس، لذلك قامت المطالبة بمؤسسات دولية تقوم بالمهمة". وتناول خير في كلمته مختلف المحاكمات، التي تقر بهم المحاكم الجنائية الدولية وهي جرائم الإرهاب، جرائم ضد الإنسانية، والإبادة الجماعية، لينتقل بعدها إلى المحكمة الخاصة بلبنان والتي تم وصفها بـ"جريمة تتصل بالإرهاب الدولي" من قبل الأمم المتحدة وعليه كانت ضرورة قيامها. الداية من جانبه، بدأ نقيب المحامين في طرابلس بسام الداية كلمته بالإشارة إلى أهمية هذا المؤتمر "حتى لا يُقال إن العدالة الجنائية الدولية ليست لنا بل علينا، وإنها عدالة المنتصرين على المهزومين، كما تردد بعد الحرب العالمية الثانية، وأن ما يسيرها الانتقائية البغيضة التي يتناقض وجودها جوهرياً مع مسعى العدالة ومقاصده، كان هذا المؤتمر بعنوانه العريض ليناقش تلك الموضوعات بعد أن برزت الحاجة الماسة لمعاقبة الإفلات من العقاب على المستوى العالمي". وأكد الداية على وجوب معاقبة مرتكبي الجرائم الأفظع من خلال محاكم دولية، تستند إلى مبدأ التكامل مع المحاكم الوطنية وتسمى بمحاكم "الملاذ الأخير". وتطرق إلى التطور الكبير الذي طرأ على فكرة العدالة الاجتماعية، حيث راح المجتمع الدولي ينزع إلى أن يكون حاضنة تحاول أن تنقي العدالة من شبهة نحو الدول للحد من الإفلات من العقاب، من دون تمييز بين لون أو جنس أو عرق أو دين، ومن دون تمييز بالأخص بين دول فوق القانون ودول تحت سلطة القانون، "إذ إنه لا بد من مساواة الجميع أمام القانون". كما أشار الداية إلى التجارب غير المشجعة ليعلن تفاؤله بالسعي الدؤوب من قبل المحاكم وقضاتها، رجال القانون والنقابات وهيئات الدفاع عن حقوق الإنسان، "للوصول إلى يوم تتخلص فيه فكرة العدالة نهائياً من إمكان التأثر بالمشهد السياسي السائد وبأسياد هذا المشهد ممن يمسكون أزمّة القرارات السياسية والاقتصادية". بالنسبة للنقيب، أضحت المحاكم الجنائية حقيقة لا يمكن تجاهلها، "ومن هنا أهمية المؤتمر والنقاش، لنؤكد من خلاله أن العدالة يجب أن تكون مستقلة، ولا تشوبها شائبة وأنها للشعوب، لخيرها وتقدمها، لأمنها بل إنها محكمة الشعوب لا محكمة الدول". وعبّر عن رغبة الشعوب في تعميم شعار جديد هو: العدل أساس السلام الدولي وليس فقط أساس الملك، خصوصاً وأن الضمير العام أصبح يرفض حسم فكرة الإرهاب القائمة على سحق إرادة الآخر بواسطة القوة الغاشمة. يقول: "وقد سطعت أمامنا منذ فترة وجيزة تلك المطالعة القانونية البليغة لرئيس المحكمة الدولية الخاصة بلبنان أنطونيو كاسيزي، عندما اعتبر جريمة الإرهاب توازي في نظره ونظر المجتمع الدولي جرائم الحرب، وأن الجريمة تكون إرهابية ومحط اهتمام المجتمع الدولي وإن لم تكن عابرة للدول". وانتقد الداية وقوف هذه العدالة برهبة أمام انتهاك إسرائيل في كثير من الأحيان لحقوق الإنسان والقرارات الدولية من خلال الاستيطان، الإبادة والاستعمال المفرط للإرهاب، وكيف تستطيع وهي الدولة الوحيدة في العالم التي تحتل أراضي العالم الإفلات من العقاب برغم جميع تلك الجرائم التي تدخل في اختصاص المحاكم الجنائية الدولية؟ ليجيب: "برأيي الحق يفرض المساواة، والقضية المحك الآن أمام المحكمة الجنائية الدولية، كيفية تعاطيها مع الملف الذي قُدم للمدعي العام لديها وسُجل في دائرته من خلال وزير العدل في حكومة فلسطين والذي ضمنه فظاعات وارتكابات إسرائيل". المهدي بدوره رئيس مجلس الدولة المصري سابقاً وقاضٍ سابق في المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة محمد أمين المهدي، لم تكن كلمته شبيهة بمثيلاتها. فهو بدأ بمجموعة اعتذارات دعت الحضور إلى التصفيق أكثر من مرة. هو كان مسؤولاً عن التأخير في بداية الجلسة، حيث لم يضبط ساعته بالتوقيت المحلي للعاصمة بيروت مما أدى إلى تأخره في الحضور. شكر في البداية منظمي المؤتمر، لينتقل بعدها إلى تناول ملمحين من الملامح الأساسية التي تُعتبر من القواسم المشتركة في القضاء الدولي، سواء كان قضاءً دولياً خاصاً، أو كان مختلطاً أو المحكمة الجنائية الدائمة. يقول: "هناك قاسمان مشتركان، الأول يتعلق بالاختصاص الموضوعي لكل من هذه المحاكم، هذه المحاكم تفرض ولايتها على أفعال يدخل في الفعل عنصر دولي يتحول فيه الفعل من مجرد فعل قد يكون من الملائم أو من المتعارف عليه في المحاكم الوطنية، إلى أن يكون فعلاً آثماً في وجهة نظر المجتمع الدولي". أما القاسم المشترك الآخر فهو طبيعة قضاة هذه المحكمة. يفسر بأن هذه المحكمة انسلخت وانفصلت عن الجهة التي أنشأتها. وختم المهدي مداخلته، بتفاءل تجاه المحكمة الجنائية الدولية الدائمة. بالنسبة له هي تكتسب كل يوم أنصاراً وانتشاراً، فقد تجاوزت الدول التي صدقت على نظام المحكمة المئة، ولعلها الآن 116 دولة، و"أرى وأشعر وأظن أن رياح التغيير في العالم العربي التي تذهب إلى طريق مجيد من الحرية، والحرية التي لا تعني انفلاتاً وإنما الحرية التي تعني التزاماً بقاعدة أساسية، هي احترام القانون وسيادة القانون، وأن لا أحد فوق القانون، وأعتقد أن الدول العربية التي لم تصدق حتى الآن على نظام المحكمة إنما هي في سبيلها إلى القيام بذلك"، مشيراً إلى أن مصر في طريقها للانضمام إلى نظام المحكمة الجنائية الدولية. عيّاط أما المستشار القانوني الرئيسي للمدعي العام بالمحكمة الجنائية الدولية لرواندا محمد عياط، فقد تناول في كلمته الترحيبية جمال لبنان وطبيعته الخلابة. فهو القادم للمرة الأولى إلى العاصمة بيروت اعتبر هبوط الطائرة في المطار حدثاً غير اعتيادي. وتحدث عن تجربته في المحكمة الجنائية الدولية بروندا (حوالي 14 سنة): "لن أنسى أبداً ما قاله نائب المدعي العام النقيب برنارد مونا في أحد الاجتماعات المتواترة. قال النقيب: هل تعلمون من أين تأتي أهمية العدالة الجنائية؟ طرح السؤال وأجاب عنه فوراً إننا في المحاكم الجنائية الدولية نساهم في صوغ وبلورة الضمير الحي للإنسانية". "هل هذا تصور مبالغ فيه؟ هل هذا تصور مثالي؟ هل هذا مجرد حلم؟" تساءل عياط، ثم أجاب: "قد يكون الأمر كذلك إلى حد ما. لأن عدالة الأرض مهما ارتقت لا تسلم من عيوب الإنسان وضعفه، لأن عدالة الإنسان عدالة نسبية ومتأثرة بمحيطها النسبي، ولأن المحيط الذي تتحرك فيه العدالة الجنائية الدولية معقد جداً وأعقد من أن تقوى العدالة بمفردها على تقويم اعوجاجه، ومع ذلك هناك نصيب من الصحة في مقولة النقيب برنارد مونا". وذكّر عياط الحضور بوضعية الحصاة الدقيقة، التي رغم هزالها ودقتها تفلح في شل دواليب آلة ضخمة وتوقفها عن العمل. وأشار "اقترفت مذابح ومجازر مراراً وتكراراً وقلنا مراراً وتكراراً "لا لهذا بعد اليوم". وجاء الغد أحياناً بما هو أفظع وأسوأ. وتكررت المذابح تلو المذابح رغم تصريحاتنا المحمومة والمتواترة". من هنا جاء تساؤله الآخر حول إمكانية توقف المحكمة الدولية في أن تكون تلك الحصاة الدقيقة أو على الأقل إحدى الحصوات التي تتوفق في شل حركة العنف والإرهاب، وكانت الإجابة باعتقاده ان هناك حيزاً من المبادرة لتصحيح المسار مهما اتسع الخوف على الواقع، "وتلك مسؤولية الجميع وعلى رأس الجميع نخبة المثقفين في كل مكان". شلبيان "السلام هو ذلك السلام المستدام الذي يتجاوز مجرد التوقيع على اتفاق، ويتطلب اتباع نهج طويل الأجل يتناول الأسباب الهيكلية لنشوب النزاع، ويعزز التنمية المستدامة، والحكم والسيادة واحترام حقوق الإنسان. أما العدل فيقصد به الخضوع للمساءلة والنزاهة في معرض حماية الحقوق ومناصرتها، ومنع الضرر والتعويض عنه"، بهذه الكلمات بدأت مديرة منظمة "عدل بلا حدود" المحامية بريجيت شلبيان حديثها، مستعيدة إعلان "نورمبرغ" بشأن السلام والعدالة، والذي عقد في ألمانيا في حزيران 2007. وفي السياق نفسه، تنبه شلبيان إلى أنه كثيراً ما تسعى الدول إلى إصدار العفو الصريح أو الضمني عن جرائم ارتكبت في السابق. إلا أنه ثبت أن قرارات العفو هذه لا تؤدي إلى إحلال السلام المأمول، بل إنها بمثابة رسالة خطيرة مفادها انه سيجري في المستقبل التسامح مع الانتهاكات. من هنا تنتقل شلبيان إلى مفهوم آخر. تقول: "يتردد كثيراً أن المحاكم الجنائية الدولية تعرقل صناعة السلام.. الا انه، وعكس ذلك، فإن العدالة الدولية تحفز الدول لإجراء إصلاحات قانونية على الصعيد الوطني، كما والسعي إلى وضع حد للإفلات من العقاب. والمبدأ واضح: لا سلام بدون عدالة، ولا يوجد أي تناقض بينهما". وتتابع: الأهم من كل ذلك هم الضحايا، وهم الدافع الرئيسي لتنفيذ العدالة وإنهاء الإفلات من العقاب. وتكمل شلبيان شرحها، فتنتقل إلى المحكمة الجنائية الدولية، "الملاذ الوحيد للدول العربية لتحقيق العدالة في ما يتعلق بالجرائم الخطيرة التي ارتكبت على أراضيها وبحق شعبها.. لذلك فإن منظمة "عدل بلا حدود" تحث لبنان كما والدول العربية إلى ضرورة الانضمام للمحكمة الجنائية الدولية عبر التصديق على نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية". وبالانتقال إلى لبنان، رأت شلبيان أن مسيرة إنهاء الإفلات من العقاب قد بدأت بإنشاء المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، وهي أول محكمة من نوعها ليس فقط في لبنان بل في المنطقة العربية. ودعت شلبيان مؤسسات المجتمع المدني كافة إلى مراقبة عمل هذه المحكمة عن قرب، والاطلاع على قراراتها، ومدى مطابقتها للقوانين وللمنظومة الدولية، كما ومطابقة الواقع على القانون وعلى ضوء ذلك تقييم عمل هذه المحكمة. كما حثّت المجتمع الحقوقي اللبناني، والسياسيين وأصحاب القرار، على ضرورة العمل على ضمان استقلالية الجهاز القضائي اللبناني وتطويره وتمكينه لإنهاء ثقافة الإفلات من العقاب. كافران رئيسة قسم التواصل الخارجي في المحكمة الخاصة بلبنان أولغا كافران استعانت بالتاريخ في بداية كلمتها، لتتحدث عن مدينة صغيرة في المانيا تدعى نورمبورغ. وفيها بدأت قصة العدالة، بعد الفظاعات الرهيبة التي ارتكبت خلال الحرب العالمية الثانية على يد المهزوم، عندما اختار المنتصرون، ليس الانتقام ولا الإذلال، لكن العدالة. ورغم أن بعض القادة في تلك المرحلة أصروا على أن يصار إلى إعدام المرتكبين فوراً، وأن لا يصار إلى محاسبتهم أمام محكمة القانون، لم يفلحوا في ذلك، فكان أن ولدت العدالة الدولية. وتابعت كافران سرد المراحل التاريخية على صعيد البحث عن العدالة الدولية، منذ أيام الحرب الباردة إلى نهاية القرن العشرين، وتحديداً في العام 1993، حيث قررت الأمم المتحدة للمرة الأولى في التاريخ، الرد على الفظاعات التي ارتكبت في حروب يوغوسلافيا السابقة من خلال إنشاء المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة. ثم في العام 1994، أنشأ مجلس الأمن الدولي المحكمة الجنائية الدولية لرواندا. وفي العام 1998، تم اعتماد النظام التأسيسي للمحكمة الجنائية الدولية. واستمر هذا التطور السريع مع تأسيس سلسلة من المحاكم الدولية والمختلطة، وصولاً إلى العام 2007، حيث أصدر مجلس الأمن الدولي قراراً بإنشاء المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، وهي المحكمة الدولية الأولى التي تنظر في قضية إرهابية، و"كما تعلمون، أضافت كافران، قبل عامين، في آذار 2009، فتحت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان أبوابها". المحكمة الدولية هي فرصة للبنان، تجزم كافران، قبل أن تطرح أسئلة تتبادر ربما الى عقول عدد من اللبنانيين: هل ستجلب العدالة لجميع اللبنانيين؟ كلا لن تفعل، تجيب بنفسها. هل ستعالج أسوأ الجرائم التي شهدها هذا البلد خلال أكثر من نصف قرن؟ كلا لن تفعل، توضح أيضا. لكنها، أي المحكمة، ستتحدى الهروب من القصاص. وستثبت أنه يمكن محاسبة أولئك الذين يرتكبون الجرائم، وهذا يمكن تحقيقه من خلال مسار قانوني عادل وشفاف، تقول كافران قبل أن تختم جازمة: "هذا المسار يحتاج إلى يقظتكم والتزامكم". الأحدب مقدمة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تقول: "ان تناسي حقوق الإنسان وازدراؤها قد أفضيا الى أعمال همجية آذت الضمير الإنساني. وكان غاية ما يرنو اليه عامة البشر انبثاق عالم يتمتع فيه الفرد بحرية القول والعقيدة ويتحرر من الفزع والفاقة"، بهذه المقدمة بدأ رئيس الهيئة العلمية لنشر الثقافة القانونية في العالم العربي المحامي في بيروت وباريس عبد الحميد الأحدب كلمته. هو تناول ما تتعرض له الشعوب الصغيرة من مذابح ومجازر الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية من أرمينيا الى بودابست في أوروبا الشرقية، الى دير ياسين، إلى أيلول الأسود وصبرا وشاتيلا، إلى حماه ومدرسة بحر البقر وقانا وغيرها، "دون أن يتوصل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان واتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية لحماية هذه الشعوب". هو شرح كيفية قيام العدالة الجنائية الدولية بحيث لا يكون هناك إفلات من العقاب، فأنشأت محكمة خاصة بجرائم يوغوسلافيا السابقة وبعدها رواندا حيث قتل 800 ألف مدني بريء، ثم محكمة كمبوديا. الأحدب تناول أيضاً قيام المحكمة الخاصة بلبنان التي أنشأت بعد اغتيال الرئيس الحريري ورفاقه، بعد أن اعتبر مجلس الأمن أن هذه الجريمة تشكل تهديداً للأمن والسلام الدوليين. وتحدث عن اتفاقية روما والدول التي صادقت عليها وبلغ عددها 114 دولة مقابل 35 دولة وقعت عليها دون أن تصادق عليها بعد، كما وقعت على اتفاقية روما 13 دولة عربية ووحدها الأردن من صادق عليها، أمّا لبنان فلم يوقع ولم يصادق. وتوجه الأحدب إلى كافة الدول العربية، التي تعصف بها رياح التغيير الشعبية المطالبة بالحرية والديموقراطية واعتبرها تخطو نحو تغيير تاريخ الاستبداد. وسجل الأحدب رأياً: "العالم العربي لم يدرك على المستوى الشعبي ان الانضمام إلى معاهدة روما هو الضمانة الحقيقية لحقوق الانسان العربي وحريته حيث يصبح قتل عشرة آلاف مدني جريمة إبادة جماعية تكون من اختصاص المحكمة الجنائية الدولية". واقترح أن تنطلق من هذا المؤتمر دعوة إلى الشعوب العربية لتطالب حكوماتها بالانضمام إلى الاتفاقية. رسالة كي مون رسالة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إلى مؤتمر العدالة الجنائية الدولية ألقاها أيمن سلامة. ذكر الأمين العام بالخطوة المهمة بالنسبة للعدالة الدولية خلال مؤتمر روما في العام 1998، والتي أدت إلى إنشاء المحكمة الجنائية الدولية التي حققت حلم القانونيين، والمدافعين عن السلام والناشطين في حقوق الإنسان. وتحدث كذلك عن قرار مجلس الأمن الدولي 1757، الذي تأسست بموجبه المحكمة الخاصة بلبنان. وهذه المحكمة مثل مثيلاتها في أماكن أخرى، لم تسلم من الجدال. وأمل أن يتمكن المؤتمر من رصد تطور العدالة الجنائية الدولية، للتمكن من الحصول على فرصة تعزيز مفهوم هذه المسائل التي لا بد أن تواجهها المحكمة الخاصة بلبنان وعناصرها. وختم: أدعم بشدة عمل المحكمة الخاصة بلبنان في جهودها لكشف الحقيقة وإحقاق العدالة وإنهاء الهروب من القصاص. مناقشات الجلسات التي توالت في ما بعد لم تخلُ من المهنية والحرفية في التعاطي مع المحاكم الخاصة، ليتم عرض أكثر من تجربة قانونية في هذا الإطار من مختلف الدول المشاركة، كمصر ولبنان والجزائر وانكلترا وغيرها... وتعاطيهم مع المحاكم الخاصة برواندا ويوغسلافيا وكمبوديا وغيرها، مع الإشارة إلى التجربة في لبنان عبر المحكمة الخاصة بلبنان. وجاءت الجلسة الأولى تحت عنوان إنشاء جهاز قضائي دولي: تأسيس، ومهام، وتنظيم الهيئات القضائية والمحاكم الدولية المختلطة، وكان رئيسها النقيب السابق لنقابة المحامين في بيروت ميشال ليان، أما الفريق المشارك فكان: رئيس قلم المحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا السابقة جون هوكينغ، بالإضافة إلى محمد عياط وتجربته في المحكمة الجنائية الدولية لرواندا، وعبد الحميد الأحدب وأستاذ سابق في القانون الإنسان الدولي في جامعة لندن خوار القرشي. وتم التداول في اتفاقية روما وأهمية الانضمام إليها من أجل التصدي للجرائم الخطيرة التي ارتكبت في دول كثيرة حول العالم. الجلسة الثانية تناولت القانون الموضوعي: القانون الإنساني الدولي، جريمة الإرهاب، أشكال المسؤولية. حيث عرفت المؤسسات القضائية المؤسسات القضائية الجنائية الدولية القانون الإنساني الدولي وجريمة الإرهاب بموجب القانون الدولي. وتطرق فريق هذا الجلسة إلى تعريف الإرهاب، وجرائم الإبادة الجماعية وتلك التي تصنّف ضد الإنسانية. كما تحدثوا عن أشكال المسؤولية التي ينبغي تطبيقها. وترأس الجلسة محام ممارس ودكتور في الحقوق هو غالب محمصاني، أما الفريق فتألف من قاض في المحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا السابقة ستيفان تراشسل، المحاضر في القانون الجنائي الدولي والقانون الإسلامي ومدير مساعد مركز القانون الدولي والقانون العام محمد عليوه بدار، مدير مكتب رئيس المحكمة الخاصة بلبنان غيدو أكوافيفا، والدكتور في القانون الدولي العام والأستاذ المحاضر في الجامعة اللبنانية فيليب فارس. أما الجلسة الثالثة والأخيرة فقد تحدثت عن تعقيدات عمليات التحقيق والادعاء الدولية، ليلقي الفريق المشارك في هذه الجلسة الضوء على بعض الدروس العملية المستفادة من التجارب الشخصية في تلك المحاكم، مثل نائب مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية لرواندا بونغاي مايولا، وكيل أول سابق للمدعي العام في المحكمة الخاصة لسيراليون، والرئيس السابق للتحقيقات في المحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا السابقة والمحكمة الدولية لرواندا نيكولاس كومجيانسيس هندريكس. وترأس هذه الجلسة أيمن سلامة، وتخللتها مشاركات عدة كما كل جلسة. |
No comments:
Post a Comment