فايز كرم تراجع أمام المحكمة العسكرية عن إفادته :
تعرّضتُ للضغط في «فرع المعلومات» وهدّدوني بتعذيب عائلتي أمامي
جانب أساسي من توقيفي سببه خلاف شخصي مع العقيد وسام الحسن
تعرّضتُ للضغط في «فرع المعلومات» وهدّدوني بتعذيب عائلتي أمامي
جانب أساسي من توقيفي سببه خلاف شخصي مع العقيد وسام الحسن
مثل امس العميد المتقاعد فايز نجيب كرم المدعى عليه بجرم التعامل مع اسرائيل والموقوف في هذه القضية منذ 11 آب الماضي، أمام المحكمة العسكرية الدائمة.
والتأمت برئاسة العميد الركن نزار خليل والمستشارة المدنية القاضي ليلى رعيدي، في حضور ممثل النيابة العامة العسكرية القاضي سامي صادر. وحضر وكلاء الدفاع رشاد سلامة وسندريللا مرهج والياس كعدي وعائلة كرم وأعضاء «تكتل التغيير والإصلاح» النواب غسان مخيبر، حكمت ديب، نبيل نقولا، ناجي غاريوس، ميشال حلو وعدد من القياديين والأنصار في «التيار الوطني الحر».
بدأت الجلسة بإحضار كرم، ثم نودي على المتهم الياس كرم، المدعى عليه بدوره بجرم التعامل مع إسرائيل، وهو فار، فقررت المحكمة محاكمته غيابيا. ثم أعلن العميد خليل أن المحكمة ردت الدفوع الشكلية التي كان قد تقدم بها كرم بواسطة محاميه لعدم قانونيتها.
وتحفظ وكلاء الدفاع عن عدم الرد على كل النقاط القانونية المثارة من الدفوع الشكلية. ولكن الدفاع لم يستخدم حقه في تمييز قرار رد الدفوع الشكلية، فبدأ العميد خليل استجواب كرم، بعدما تليت التهم الموجهة إليه وخلاصتها أنه أقدم في تاريخ لم يمر عليه الزمن على التعامل مع العدو الإسرائيلي من خلال الاتصال بأحد جواسيسه وقبول مبالغ مالية مقابل معلومات.
} الإستجواب }
سئل كرم هل يؤيد إفادته التي وقعها في فرع المعلومات، فأجاب بأنه لا يؤيدها قطعا. والسبب «أن ما ذكر فيها عن شخص إسرائيلي إسمه رافي هو غير صحيح، ورافي ليس موجودا». وقال: «إنني أقسم بشرفي العسكري أنني لم أستخدم مرة في التحقيق كلمة تجنيد. وقد أتى التحقيق الأولي معي تحت الضغط، وتعرضت للضرب على وجهي. وقلت للمحققين إنني لا أتحمل الضغط لأنني خضعت لجراحة في القلب».
سئل عما إذا كان طلب طبيبا شرعيا لمعاينته من آثار الضرب، فأجاب بأنهم طلبوا ألف دولار لهذه المعاينة، ثم تم الاكتفاء بخمسمئة دولار، وأتى الطبيب في تاريخ 9-9-2010، أي بعد شهر من تعرضه للضرب.
وإذ لفت القاضي إلى أنه كان عليه أن يطلب طبيبا عند قاضي التحقيق العسكري الأول، إذ لا تكون قد زالت آثار الضرب في سبعة أيام، قال كرم: «إن آثار الضرب ظهرت نتيجة حاجتي إلى العملية التي خضعت لها في مستشفى أوتيل ديو. إذ كان أحد شرايين القلب مسدودا بشكل كلي. وما أزال بحاجة إلى جراحة ثانية لشرايين القلب نتيجة الضغط والتعذيب».
ثم سأله خليل إن كان قد تم إطلاعه على محضر التحقيق الأولي، فنفى. بعد ذلك، شرح كرم كيف تعرف إلى أحد الضباط الإسرائيليين الذي كان يدعى موسى أثناء حادثة على أحد حواجز القوات الإسرائيلية خلال احتلالها الجنوب عام 1982، وأكد ردا على الأسئلة التي وجهت إليه أنه أطلع رؤساءه على هذه الحادثة التي لم يكن لها ملاحق إضافية.
وردا على الأسئلة عن كيفية توجهه إلى فرنسا من طريق إسرائيل عندما كان ملاحقا في عام 1992 من الأجهزة الأمنية بتهمة قيامه بأعمال تخريبية، أوضح أنه كان موجودا في إهدن عندما صدرت في حقه آنذاك مذكرة التوقيف. فدعاه أحد أصدقائه خوسيه عفيف إلى منزله في بكاسين حيث بقي نحو شهر، ولم يكن يستطيع أن يتنقل نتيجة وضع اسمه على الحدود اللبنانية-السورية. فعرض عليه صديقه عفيف أن يساعده المدعو «علوش» الذي تبين بعد ذلك أنه الياس كرم، ووظيفته ضابط أمن في ميليشيا أنطوان لحد.
وتابع كرم أنه انتقل بعد فترة قصيرة بسيارة «علوش» إلى إسرائيل حيث اقتاده شخصان إلى أحد الفنادق وطرحا عليه بعض الأسئلة عن أسباب هروبه وتركه للجيش اللبناني، قبل أن ينتقل في مساء اليوم نفسه عبر سفينة إلى قبرص ومنها إلى فرنسا. ونفى كرم أن يكون قد طلب من «علوش» أن يخبر الضابط الإسرائيلي موسى بأنه هارب من السوريين، مؤكدا أنه لم ير الياس كرم إلا مرة واحدة عندما نقله بسيارته إلى إسرائيل، كما أنه لم يلتق موسى في الثمانينات إلا مرة أو مرتين بشكل عرضي وليس في اجتماعات خاصة.
} لم أتلق اي اتصال من اسرائىلي عام 2006 }
ثم سئل كرم عن الفترة الممتدة بين العامين 1992 و2005 التي قضاها في فرنسا، فأوضح أنه كان مسؤولا عن مكتب العماد ميشال عون، وعن كل الإتصالات التي ترد إليه من أوروبا والولايات المتحدة وأستراليا ونيوزيلندا.
وعن عودته إلى لبنان ووسائل الإتصالات التي كان يستخدمها، أوضح أنه يملك خطين خليويين لبنانيين وخطا فرنسيا، وجهاز «نوكيا». وهل استعمل خطوطا نمسوية وبلجيكية وألمانية، رد بالإيجاب، نافيا أن تكون هذه الخطوط لإسرائيليين، ومشيرا إلى أن أحدها يعود إلى شريك لبناني له في فرنسا ينسق معه في موضوع تهريب الضرائب يدعى جو حداد، وآخر لعميد سوري من المخابرات صديق له يدعى عدنان بلول.
ونفى أن يكون قد تلقى اتصالا عام 2006 من شخص إسرائيلي يدعى رافي، مشيرا إلى أنه التقى في هذا الوقت في فرنسا في الشانزيلزيه صحافيا أجرى معه مقابلة وحوارا سياسيا.
وعندما سئل عن اسم هذا الصحافي، قال إنه لا يعرف، مضيفا أن المحقق أصر على أن يحدد إسما، فقال إن اسمه رافي، وهو أول اسم خطر على باله وهو لأحد أقربائه.
وذكره القاضي بأنه كان قد أعلن في إفادته أن الذي التقاه في هذا اللقاء الذي لا ينكره هو شخص إسرائيلي. فاجاب كرم: «أنفي ذلك نفيا قاطعا». كما نفى أن يكون قد تسلم من هذا الشخص أي خط دولي، مكررا أن الخط الدولي الذي يستعمله في لبنان هو للمدعو جو حداد المقيم في فرنسا.
وقال: «إن هناك تجنيا علي بصورة شخصية، وتوقيفي من جهاز المعلومات هو بهدف إدانتي سياسيا وإدانة العماد عون».
سئل: لم لم يختاروا غيرك؟ أجاب: «لأنني كنت مسؤولا عن مكتب العماد عون في باريس».
ونفى «قطعا» ما ورد في إفادته أنه تسلم أربعة عشر ألف أورو، داعيا إلى مقابلة قاضي التحقيق. ثم استفسره العميد خليل عن الرسائل الهاتفية القصيرة التي قال التحقيق الأولي إن كرم وجهها إلى أصدقائه الإسرائيليين كي يشاهدوا مقابلته على شاشة المنار في العاشرة والنصف ليل 23 آذار، وأشار خليل إلى أن هذه الرسائل أرسلت من خط إسرائيلي لأنه خط مشبوه.
فأجاب كرم بأنه لو كان الخط إسرائيليا لم يكن ليوجه رسائل من خلاله، مضيفا أنه وجه هذه الرسائل إلى جو حداد، وليس إلى رافي كما ذكر التحقيق. وقال: «إنني أنقض كل التحقيق الأولي الذي حصل معي تحت الضغط. وقسما بالله، إنني لم أعرف أن علوش يدعى الياس كرم إلا في التحقيق. لم أره إلا مرة واحدة عندما أخذني من بكاسين إلى إسرائيل. وإذا رأيته اليوم، لن أتعرف اليه بالتأكيد».
} أريد أن احفظ حقي في الشكوى }
وتابع: «تمت إدانتي قبل التحقيق وقبل المحاكمة. وتم التشهير بي وتشويه صورتي. أريد أن أحفظ حقي في الشكوي في ما بعد». وأضاف أنه عندما كان يخضع للتحقيق في فرع المعلومات، أتى أحدهم إليه وطلب منه أن يجاري المحققين. ثم انفرد به رئيس قسم التحقيق وطلب منه معلومات عن عدد من الأشخاص من بينهم العماد عون والنائب سيمون أبي رميا. وتركزت أسئلته على من كان يلتقي العماد عون من الإسرائيليين، ومن هم موفدوه إلى الولايات المتحدة، ومن كان يتعامل مع المخابرات الفرنسية، ومن أين يأتي بمصادر المال.
فلاحظ العميد خليل أن كل هذا غير مذكور في المحضر. وسأله مجددا عن الضابط الإسرائيلي رافي وما إذا طلب منه معلومات عن «التيار الوطني الحر». فأجاب كرم: «قسما بالله لا وجود لرافي».
سئل: كيف عرف المحققون أنك التقيت كلا من الشيخ نعيم قاسم والسيد غالب أبو زينب لو لم تعترف بذلك؟ أجاب: «لا أحد يعرف إلا زوجتي فحوى لقائي مع الشيخ نعيم قاسم الذي تم قبل الإنتخابات النيابية عام 2009. وقد أبلغته آنذاك نيتي الإنسحاب من الإنتخابات النيابية كرمى لشهداء الجيش والمقاومة. أنا لم أتحدث في حياتي مع الإسرائيليين. فهل سأقول لهم فحوى لقائي مع الشيخ نعيم قاسم؟»
ثم سئل عن الديبلوماسي الإسرائيلي الذي ورد في التحقيق أن له مركزا مرموقا في السفارة الإسرائيلية، فأجاب بأنه يعرف ديبلوماسيا بريطانيا يدعى جوليان، وكان مسؤولا عن قوات التحالف في العراق إلتقاه مرتين في شأن إرسال ضباط متقاعدين إلى العراق. فإذا كان هذا الديبلوماسي إسرائيليا، لا شأن لي بذلك».
بعد ذلك، تناول التحقيق الرسائل التي وجهها في بداية توقيفه إلى عائلته والتي أقر فيها بأنه تعامل مع إسرائيل. فقال «إن المحقق أملى علي معظم ما ورد في الرسائل، ولا سيما حديثي عن السقوط. وهي العبارة التي استخدمها العماد عون عندما أدلى بتعليقه الأول على توقيفي. فكيف أستخدم العبارة نفسها وأنا موجود في زنزانة تحت الأرض لا أشاهد أي وسيلة إعلامية؟».
وأضاف إن قوله في الرسائل إنه استحصل من الإسرائيليين على المال في باريس تم تحت الإكراه والضغط والتعذيب. وسأله القاضي: هل تحدد شخصا لنأتي به ليؤكد أقوالك؟ فأجاب: «نعم، المحقق».
} تعرضتُ للتشهير }
ونفى كرم أن يكون قد طرح على العماد عون في حرب تموز مساعدة إسرائيلية لإيقاف الحرب، قائلا: «لم يحصل ذلك إطلاقا. هذا الحدث لم يتم. لم أطرح هذا الموضوع مع الجنرال عون». وتابع كرم: «فقدت من وزني في الشهر الأول من توقيفي عشرة كيلوغرامات. وعندما كنت لدى فرع المعلومات، كانوا يحققون معي بصورة مستديمة. وقلت آنذاك إن واجب القضاء أن يحميني وليس أن يؤمن لي العدالة فقط. أنا تعرضت للتشهير، وإن لم يتم الإقرار بذلك، أكون مظلوما بشدة».
سئل عن الفترة التي تعرض فيها للضرب، فقال إنها كانت 11 يوما، موضحا أنه لم يتعرض للضرب بشكل مستمر ولكنه كان تحت الضغط الشديد، حتى إنهم هددوني بأنهم سيأتون بزوجتي وولدي ويعذبونهم أمامي».
ثم طرح ممثل النيابة العامة العسكرية والدفاع عددا من الأسئلة، وأوضح كرم في أجوبته أن جانبا أساسيا من توقيفه سببه خلاف شخصي مع العقيد وسام الحسن يعود إلى تبلغ كرم من اللواء الشهيد فرنسوا الحاج أن فرع المعلومات ورّط الجيش اللبناني في معركة نهر البارد مما أدى إلى مقتل 17 ضابطا وعسكريا. وان العملية لم تنته، وسيقتل أحد قادة الأفواج، كما نقل العميد كرم عن اللواء الشهيد. وتابع كرم أنه أطلع العقيد الحسن على هذا الكلام. فبات يعلم أنني أعلم. وهذه الواقعة أساسية في الأسباب التي أدت إلى توقيفي».
كما أشار إلى أنه تعرض للتهديد من فرع المعلومات كي لا يغير إفادته الأولية، وأنه خضع لآلة كشف الكذب من دون أن يذكر ذلك في محضر التحقيق الذي لم يشر أيضا إلى أنه أدخل إلى مستشفى ضهر الباشق لإصابته بتسمم بعد العملية التي خضع لها في أوتيل ديو.
في الختام، رفع العميد خليل الجلسة إلى الحادي والعشرين من نيسان المقبل، على أن يتم استدعاء عدد من الشهود من بينهم سكرتيرة العميد كرم ماتيلدا متى التي وجهت الرسائل الهاتفية القصيرة إلى أصدقاء العميد كرم قبل ظهوره على تلفزيون «المنار»، والمحقق في فرع المعلومات، والطبيب الشرعي الذي كشف على المدعى عليه في فرع المعلومات وقبض 500 دولار، فضلا عن الإستحصال على التقرير الطبي المتعلق بحال التسمم من مستشفى ضهر الباشق، كما سطرت المحكمة كتابا لوزارة الإتصالات للاطلاع على تفاصيل الإتصالات التي كان المدعى عليه يقوم بها من رقميه الخليويين اللبنانيين.
ووعد القاضي محامي المدعى عليه رشاد سلامه بالنظر في ما إذا كان يمكن جعل الجلسة المقبلة جلسة استماع ومرافعة في الوقت عينه.
No comments:
Post a Comment