آخر جلسات العهد: تنظيم النزوح وتأجيل ملفّ الجامعة اللبنانية
ودَّع قصر بعبدا أمس جلسات مجلس الوزراء التي يرأسُها رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان. ففي آخر عهده أبى سليمان إلّا أن يلتئم المجلس في القصر الجمهوري، ليُقرّ بعض البنود الخاصة بتنظيم النزوح السوري إلى لبنان، لكن من دون أن ينجح في بَتّ ملفّ الجامعة اللبنانية.
أبدى سليمان أسفَه لعدم «انتخاب رئيس جديد في موعد الاستحقاق الدستوري»، مشدّداً على «ضرورة انتخابه سريعاً، باعتبار أنّه رأس الدولة ورمز وحدة الوطن وحامي الدستور»، معتبراً في بداية الجلسة أنّه «من ضمن موقعه وخبرته يستطيع أن يكون في تصرّف الجميع للمساعدة في موضوع رئاسة الجمهورية والاتفاق على شخص لهذا الموقع».
من جهته، اعتبر رئيس الحكومة تمّام سلام أنّ «عهد الرئيس سليمان مليء بالاحداث والإنجازات والمواقف الوطنية، إضافةً الى القرارات المُتّزنة والمتوازنة»، مؤكّداً أنّ «حكومة المصلحة الوطنية مؤتمَنة دستورياً على الوطن بالنيابة عن فخامتكم، وبالوكالة عن رئاسة الجمهورية»، آملاً «إكمال مسيرة الرئيس سليمان لتسليم الأمانة ويكون الوطن وأبناؤه بخير».
وقد قدّم سلام درعاً تذكارية إلى سليمان، قائلاً: «بإسم زملائي الوزراء أتمنّى أن تتقبلوا منّا هذه الهدية الرمزية التي تعبّر عن تقدير ومحبّة وزراء حكومة المصلحة الوطنية لفخامتكم».
وبعد انتهاء الجلسة، أعلن وزير الإعلام رمزي جريج عن «تأليف خليّة وزارة لمتابعة مختلف أوجه نزوح السوريين إلى لبنان، برئاسة رئيس الحكومة وعضوية وزراء: الخارجية والمغتربين، الداخلية والبلديات، والشؤون الاجتماعية، على أن تتّخذ اللجنة التوصيات اللازمة لمواجهة تدفّق النزوح بالتنسيق مع مختلف الإدارات المعنية، وخصوصاً لجهة:
- تكليف وزير الداخلية والبلديات العمل، بعد مناقشة كلّ الأطراف المعنية، على تنظيم عملية النزوح وفقاً للمعايير الدولية، وبغية تأمين عودتهم الآمنة إلى بلادهم.
- تكليف وزير الخارجية والمغتربين السعي إلى إقامة مخيّمات آمنة في سوريا أو في المنطقة الحدودية العازلة بين لبنان وسوريا بالتعاون بين سائر الجهات والهيئات المعنية، دوليّاً إقليمياً ومحلّياً.
- تكليف وزير الشؤون الاجتماعية تحديد وتنظيم العلاقة مع سائر المنظّمات المعنية دولياً، إقليمياً ومحلّياً، واتّخاذ الإجراءات المناسبة للحَدّ من تدفّق أعداد النازحين، وتأمين حاجاتهم المُلحّة، فضلاً عن تعزيز قدرات المجتمعات المحلّية المضيفة للنازحين.
وعن عدم بَتّ ملفّ الجامعة اللبنانية، اعتبر جريج أنّ «هذا الموضوع طُرح من خارج جدول الأعمال، ويلزمُه مزيد من البحث والدرس، ويمكن البَتّ به في جلسات مقبلة لمجلس الوزراء».
مأدبة عشاء
وبعد الجلسة، أقام رئيس الجمهورية والسيّدة الأولى وفاء سليمان مأدبة عشاء على شرف سلام والوزراء وعقيلاتهم، في قاعة 25 أيار، تحدّث في مستهلّها سليمان عن إنجازات هذه الحكومة، وقال إنّها «تمكّنت وبسرعة قياسية، من تحقيق إنجازات كثيرة، ولا تزال هناك أمور أكثر يمكنها القيام بها»، معتبراً أنّ «تركيبتها المتوازنة مفيدة للغاية، وقد أثبَتت فاعليتها بتسيير عجلة الدولة وشؤون المواطنين. ولا أبغي تعداد أسماء الوزراء، كلّ على حِدة، إلّا أنّني أشكر لهم جميعاً التعاون والكلمات الجميلة واللطيفة التي تكلّموا بها وجهاً لوجه، في هذه الجلسة وغيرها». وحيّا سلام «الذي كنت دوماً أرى فيه الصفات الوطنية واللبنانية الصرفة والشجاعة. وقد اختبرتُ، مع الوقت، عصاميتَه وصموده وصبره، وحكمه النزيه والمتجرّد. وهو أدّى في هذه الحكومة خطوات جيّدة، وسريعاً. وإنّني مسرور لذلك، وهذا ما كنت أريده. ولولا هذه التركيبة بكاملها، لما كان باستطاعتنا التنفيذ».
وشدّد على أنّ «الاستقرار الأمني هو في أفضل حالاته منذ عشرات الأعوام، على رغم المصائب التي نعاني منها، وقد حصلت التعيينات بشكل عظيم وفقاً للآلية التي وضعناها والتزمناها، وكان للوزير محمد فنيش اليد الطولى في وضعها. وقد أعطت هذه الآلية دوراً أساسياً للمرأة اللبنانية، حيث تمّ في هذه الفترة تعيين 11 سيّدة في أعلى المسؤوليات، وهو أمر في غاية الاهمّية. وتمّ تعيين محافظين ومجلس أعلى للجمارك وغيرهم، وذلك في سرعة قياسية. إذاً ما بين الوضع الأمني المستقر وتسيير عجلة الدولة، نحن قادرون على السير في الاتّجاه الصحيح».
وأشار سليمان إلى أنّه عبَّر عن هذه التجربة في المختارة، حيث «شدّدتُ على أنّ التعاون بين رئيسي الجمهورية والحكومة ضمن السلطة الإجرائية كان انطلاقاً من مبدأ تعاون الأقوياء. وأنّني أذكر هنا بالخير سائر رؤساء الحكومات الذين تعاونتُ معهم، حيث اكتشفتُ أنّه في التعاون الجدّي والجيّد بين الرئيسين يتعزّز موقع رئاسة الجمهورية، وليس العكس. وشعرتُ بأنّ رؤساء الحكومات من الرئيس فؤاد السنيورة وسعد الحريري ونجيب ميقاتي الذي لعب دوراً مهمّاً في تلك الفترة، وصولاً الى الرئيس سلام، كانت لديهم الرغبة بتعزيز دور رئيس الجمهورية وتقويته وفتح الصلاحيات أمامه وليس العكس».
وأكّد سليمان أنّ «العمل الوطني لا يتوقف، أمّا العمل السياسي الانتخابي فربّما. وهدفي هو العمل الوطني وليس الانتخابي. لقد أعطاني الوطن كثيراً، ومن ذلك أجمل ما يحبّ اللبناني والمارونيّ خصوصاً: قيادة الجيش ورئاسة الجمهورية»، مشيراً إلى «أنّني لم أتمكّن من إعطاء الوطن بمقدار ما أعطاني، وآمل أن أتمكّن من العطاء وأكون بتصرّفكم، متمنّياً لكم ألف خير».
No comments:
Post a Comment