النازحون: فيلم «الحدود» واقعاً
وسام عبدالله
تصل إلى الحدود اللبنانية عبر نقطة المصنع. الساعة تشير إلى الخامسة صباحاً، والبرد يحيط بالمسافرين من كل جانب. حولك مواطنون سوريون ينتظرون حظهم في السماح بدخولهم إلى الاراضي اللبنانية. رجل يفترش الأرض بردائه الخفيف، يأخذ قسطاً من النوم. ربما يحلمُ بأن ختم العبور قد أصبح على بطاقته، أو ربما يحلم بأنه يعود إلى بيته في سوريا. إلى جانبه عشرات الجالسين من نساء وأطفال في برد تشرين الثاني، ينظرون إلى داخل قاعة العبور، ينتظرون إن كان لهم نصيب في تخطي الحدود.
لسان حال المواطنين العابرين واحد، لقد تأخرت الحكومة اللبنانية في اتخاذ الإجراء بعد ثلاث سنوات ونصف سنة من الأزمة في بلادهم. يتساءلون لماذا لم تقم الحكومة بتلك الإجراءات منذ اللحظة الأولى لدخول السوريين إلى لبنان كنازحين؟ فمنذ البداية فتحت المعابر الحدودية الرسمية بالكامل وحضرت المنظمات الدولية لتسجيل أعداد الوافدين.
على الحدود وصلت التعليمات من وزارة الداخلية اللبنانية في منع دخول النازحين، لكن ما هو المعيار لمنعهم؟ ما هو معيار التعامل مع عائلة يسمح للأم وابنتها بالدخول ويرفض الأب، ومن ثم بعد ساعة واحدة يعود للسماح للأب بالدخول؟ وأي معيار لرفض دخول سائق حافلة والسماح بدخول كامل ركابها؟
يقول أحد العابرين السوريين: «نفهم ونقدر المأزق الذي وقع به لبنان نتيجة الأعداد الكبيرة في بلد صغير ونحن مع أي قانون يحمي لبنان، لكن أين هي المعايير في قرار المنع والسماح بالدخول، إنها لا تطبق تطبيقا صحيحا». مواطن آخر يصرخ وهو خارجٌ من دون السماح له بالدخول: «يجب أن يتعلموا أن الدنيا دولاب ولن تبقى هذه الحال إلى الأبد».
يعيدك مشهد المواطنين الجالسين على الأرض، تعود مشاهد من فيلم «الحدود» من كتابة الراحل محمد الماغوط وتمثيل دريد لحام ورغدة ورشيد عساف وغيرهم، حيث يتحدث الفيلم عن سائق تاكسي تضيع أوراقه فيضطر للبقاء بين حدود بلدين هما في حالة صراع وحرب، ربما الأيام جعلت من صفحات الماغوط حقيقة، فأصبح للكثير من السوريين الامكانية في كتابة فيلم يتحدث به عن التجربة التي عاشها بين مختلف حدود العالم.
No comments:
Post a Comment