ناضلت المرأة العربية على مدى أكثر من خمسين عام لتنال حقوقها وتحسن أوضاعها لتدخل مجالات كانت ممنوعة من دخولها ولترتقي إلى المناصب الإدارية والسياسية بعد ما كان محرّم عليها ذلك· وعلى الرغم من التفاوت في الأرقام التي تظهر نسب مشاركة المرأة بين دولة وأخرى، إلا أنها ما زالت بحاجة إلى المزيد من الحركات النضالية في ظلّ عصر العولمة لتستطيع مقاومة الصورة النمطية الذكورية التي لا تزل تشكل حجر عثرة في مسيرة تقدمها في الوطن العربي·
وبمناسبة يوم المرأة العربية، التقت <اللواء> رئيسة <المجلس النسائي اللبناني> الدكتورة أمان كبارة شعراني ومسؤولة الوحدة القانونية في حملة <جنسيتي حق لي ولأسرتي> كريمة شبو للإطلاع منهنّ على أوضاع وإنجازات المرأة العربية، وخصوصاً المرأة اللبنانية التي ما تزال مشاركتها هزيلة في العمل السياسي، وتتعرض للعنف من قبل الرجل بغياب القوانين التي تحميها، بالإضافة إلى حؤول القوانين من منحها الجنسية لأولادها إن كانت متزوجة من أجنبي· واقع المرأة العربية: إنجازات تخرقها المعاناة تستذكر رئيسة <المجلس النسائي اللبناني> الدكتورة أمان كبارة شعراني ما قدمته الحركات النسائية في البلدان العربية على مدى 50 عاماً بغية تحسين أوضاع المرأة على الصعيد الأهلي والحكومي لتنال العديد من حقوقها في عدد من البلدان العربية، مؤكدةً على أن <العمل لن يتوقف اليوم بل هو مسار متواصل يواجه اليوم تحديات وصعوبات العولمة الفتّاكة التي <تعرض قوميتنا العربية ونسيج ثقافتنا للتمزيق، إذ أننا نعيش اليوم تحولات متسارعة على الصعيد السياسي والعلمي والتكنولوجي>، متسائلة:>أين موقع المرأة العربية في كل هذه التحولات وماذا استطاعت أن تقدم على صعيد هذه المجالات؟> وتشدد شعراني على أنه وخلال الـ 15 سنة الماضية استطاعت المرأة العربية أن تحرز تطوراً هاماً على صعيد التشريعات القانونية، مشاركتها في العمل السياسي والبرامج الخدماتية، بالإضافة إلى أنها أثبتت كفاءتها في مجال الصحة والتعلم، معتبرةً أن نضال هذه الحركات المستمر أنتج تحديث في القوانين المختصة بشؤونها إن فيما يتعلق بموضوع إعطاء الجنسية لأولادها، أو إقرار الكوتا النسائية،أو سن القوانين التي تجرّم العنف ضد المرأة أو الإتجار بها، لافتةً إلى أن هذا التحديث في القوانين هو تطور بحد ذاته حصل في الكثير من البلدان العربية كتونس، الجزائر، المغرب، الدول الخليجية وغيرها· وفي مجال مشاركة المرأة في العمل السياسي، تعدد شعراني للإنجازات التي حققتها المرأة على هذا الصعيد، فالمرأة دخلت الحكومات في كل من: مصر، البحرين، الأردن ودخلت أيضاً مجال الشورى في بعض الدول، ونالت في الكويت حقها بالمشاركة في الإنتخابات الأخيرة كناخبة وكمرشحة، كما قامت المغرب بإصدار مدونة تحمي المرأة وحقوقها الأسرية· وعلى الرغم من كل هذه الإنجازات التي أنتجتها الحركات النسائية على مدى كل تلك السنوات إلا أن واقع المرأة العربية لا يزال بحاجة إلى حركة نضالية مستمرة إذ أن المرأة تعاني من عدة نواحي، بحسب شعراني التي ترى أن الصورة النمطية الذكورية لا تزال سارية المفعول مما يمنع المرأة من لعب الأدوار القيادية في عدد من المجالات، ومنها السياسية والإقتصادية بالتفاوت بالأرقام بين دولة وأخرى، موضحةً أن الفقر هو من العوامل الرئيسية الذي يوقف المرأة عن التقدم ويرفع من نسب الجهل والأمية، بالإضافة إلى مشكلة البطالة التي تحول بين المرأة وسوق العمل وإن دخلت إليه فإن أجرها يبقى منخفضاً عن الأجر الذي يتقاضاه الرجل· وتلفت شعراني في سياق حديثها عن معاناة المرأة العربية لتشير إلى مشكلة المرأة العاملة التي تعاني أعباءً من خلال جمعها لعملها داخل المنزل وخارجها، وخاصةً المرأة الريفية التي لا تتقاضى دخلاً مادياً لقاء عملها المضني· وإذ تشير إلى تدني مستوى مشاركة المرأة في العمل السياسي في أغلب الدول العربية، ترى أن الإضطرابات السياسية في عدد من هذه الدول كما الإعتداءات الإسرائيلية تؤثر على وضعها وعدم تقدمها في هذا المجال، بالإضافة إلى أنها تشارك بالإنتفاضات (كما حصل في تونس)، ولكن عندما تتبلور هذه الحركات إلى حكومات فإن المرأة تظل مهمشة· وتثني شعراني على إشراك المرأة بالإعلام غير أنها تعود لتؤكد أن موقعها لا يتجاوز <الناقلة للأخبار>(أي مراسلة) ولم تصل إلى موقع المحللة أو المناصب القيادية في مجال التخطيط الإعلامي· وتتوقف عند مسألة استغلال الإعلام التجاري، وخاصةً القنوات الفضائية العربية، لجسد المرأة التي لا تحرّك ساكناً وإنما ترضخ لهذا الإستغلال الذي يحوّلها إلى ضحية الإعلام الأولى في الإستهلاك التجاري ويؤطر تفكيرها لجهة صب اهتمامها على اللباس والماكياج وعمليات التجميل··· دون الإهتمام بتوسيع آفاق فكرها وتنمية مهاراتها ومداركها واطلاعها العلمي أو تحسين طريقة تربية أولادها، وذلك من خلال تركيز وسائل الإعلام على برامج الترفيه والتسلية والإستثارة الغرائزية· وتوضح شعراني إلى أن البيئة العالمية تمر بتطورات سريعة ويجب على المرأة مواكبتها من خلال التزوّد بالعلم والمعرفة للمحافظة على المكونات البيئية واستخدامها لحاجاتها، معتبرةً أن المرأة العربية لا تزال تعاني من عدم الوعي في قضية التعامل مع البيئة وحمايتها إذ لا يزال هناك عدد كبير من النساء اللواتي يحتجن إلى التوعية في ترشيد استخدام المياه لعدم هدرها· وبعد عرض شعراني لواقع المرأة العربية تخلص إلى أن الحل يكمن في أهمية متابعة النضال كما قيام المرأة بتقييم لسلوكها وسلوك الرجل والمؤسسات تجاهها، فالإحترام الشكلي من قبل الرجل للمرأة لا يكفي لأنه لا يحترم قدراتها ويدعمها للوصول إلى مراكز القرار وإنما يقف حجر عثرة في مسيرة تقدمها بفعل سيطرة النمطية الذكورية على المجتمعات العربية· وتؤكد على أن <مستقبل المرأة العربية يتيح لها إذا أرادت أن تحقق الطموحات التي نسعى إليها لتكون مواطنة فاعلة>، مشترطةً لتحقيق ذلك عقد اتفاق بين المرأة والرجل على قواعد أساسية أهمها المساواة في الحقوق والأدوار بينهما بغية تحقيق التغيير المنشود وتحديث القوانين المعنية بذلك·وتشدد شعراني على أهمية تغيير الانماط الثقافية البالية التي تصف المرأة بأنها <شر> أو <تتمتع بنصف حق> أو اعتبارها فرداً مكملاً غير أساسي في المجتمع، مؤكدةً على أهمية تعليم المرأة وتثقيفها سياسياً واجتماعياً وترسيخ لمفاهيم الديمقراطية والإحترام داخلها من أجل تنمية قدراتها لتربية جيلٍ نخبوي، متسائلة:>هل باستطاعة المرأة الضعيفة أن تمدّ أولادها بالقيادة والشجاعة والإحترام الذي تفتقده؟> المرأة اللبنانية في العمل السياسي: تاءٌ مكسورة على الرغم من أن النساء اللبنانيات يشكلن أكثر من نصف الشعب اللبناني، غير أن مشاركتهن في العمل السياسي لا تزال ترزح تحت عنوان الناخبات وليس المرشحات إذ كشفت الإنتخابات النيابية والبلدية التي حصلت خلال السنتين الماضيتين عن واقع المرأة <المخيِّب> في العمل السياسي، فنسبة النساء في مجلس النواب هي حوالى 3 في المئة أي 4 من أصل 128 نائباً، ولم تتجاوز هذه النسبة في الحكومة الأخيرة أكثر من 6,6% يمثلنَ وزيرتين من أصل 30 ، بالإضافة إلى أن نسبتهن في المجالس البلدية والإختيارية وفي المناصب العليا في الإدارات العامة لا تتعدى الـ 10%· هذه الأرقام التي تعكس الواقع الحقيقي لمشاركة المرأة في العمل السياسي ليست ناتجة عن رفض المرأة في الإنخراط بالعمل السياسي فحسب، وإنما هي نتيجة طبيعية لعوائق جمة تعاني منها المرأة في هذا المجال، أهمها عوائق قانونية ودستورية واجتماعية واقتصادية تدفع باتجاه إبقاء المرأة خارج مركز القرار· شعراني التي تؤكد على هذه العوائق، توضح بأن المرأة لا تُختار للمشاركة في العمل السياسي على أساس كفاءتها وإنما لانتمائها إلى حزب معين إذ يرضون الأحزاب والزعماء بتعيينها· وتتحدث شعراني عن الوعود التي يطلقها السياسيين عند كل استحقاق وفي كل الإجتماعات مع الحركات النسائية والتي دائماً ما تنتهي بنكث تلك الوعود فيبقى تمثيل المرأة في المجالس النيابية والوزارية كما هو بفعل توزيع الحصص على أساس الطائفية والمذهبية والمناطقية· هذا العتب على السياسيين لا يلغي لدى شعراني العتب الأكبر على المرأة غير المتحمسة إلى دخول هذا المعترك، فهي في بعض الأحيان تؤطر المشاركة في العمل السياسي باكتفائها بممارسة بعض الأعمال الإجتماعية أو تنتهج منطق <ما بخصني بالخارج بل عليّ بأسرتي>، وهنا تعتبر الشعراني أن الخارج التي تبتعد عنه المرأة هو المجتمع بحد ذاته الذي ينعكس على أسرتها، داعيةً النساء إلى عدم استبعاد أنفسهن من المشاركة الفعلية في اتخاذ القرارات إن كان في الأسرة أو في المؤسسات لكي لا تبقى المرأة مستسلمة لوضعها كـ <تابعة> بل هي مواطنة يتوجب عليها إدراك العلاقة بينها وبين الشأن العام بغية خدمة المجتمع بكلّ أبعاده· وفي هذا الإطار، قام <مركز الإحصاء والتوثيق> بدراسة حول مشاركة المرأة في الانتخابات البلدية والاختيارية ضمن حملة أطلقها <المجلس النسائي اللبناني> بالتنسيق مع وزارة الداخلية والبلديات وبدعم من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP)، وذلك لتحديد المشكلات ذات الصلة بالعوائق الحائلة دون مشاركة العنصر النسائي في الانتخابات البلدية والآراء حول الكوتا النسائية والمقترحات لتفعيل مشاركة المرأة في العمل البلدي· وتشير هذه الدراسة إلى إيجابية رمزية وإن لم تكن كافية على المستوى العملي سيّما في بلدٍ مثل لبنان وهو الذي يُعدّ من البلدان الأكثر انفتاحاً في العالم العربي، فتؤكد الإحصاءات إلى ارتفاع في نسبة التمثيل النسائي في المجالس البلدية والاختيارية من 2،2% في العام 2004 إلى 4،7% للعام 2010>، وتعزو شعراني أسباب هذا الإرتفاع إلى الحركة القانونية والسياسية التي قامت بها الجمعيات النسائية للضغط على الدولة وتوعية النساء على أهمية مشاركتهن· وتلفت الدراسة إلى العوامل الفاعلة أو المعوّقة لتحديد المشاركة النسائية في العمل السياسي على صعيد المجالس المحلية، فتحدد العوامل الدستورية والقانونية من خلال عدم الاحترام الكامل لما ورد في المواثيق الدولية، والتعدّد التشريعي في قوانين الأحوال الشخصية، وافتقار قوانين الانتخابات الى المساواة في الفرص المتاحة أمام المرشحين، ومنع المتزوجة من الترشّح في بلدتها· كما تشير الدراسة في هذا الإطار إلى العوامل الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي تحددها بالعقلية الذكورية التي تستصعب رؤية المرأة في المواقع القيادية وعقلية الحماية التي تؤمنها العائلة، كما ان استخدام المرأة لعائلة الزوج تقع ضمن الموروثات والسلوكيات المجتمعية وإن لم تكن مفروضة بموجب القانون، فيما ساهمت الحرب في انتشار النظرة السلبية الى العمل السياسي والحزبي· ولأن إدراج الكوتا النسائية كبند مُلزم من شأنه تفعيل مشاركة المرأة في العمل السياسي، تلفت إليه الدراسة للتأكيد على أنه يشجّع النساء المترّددات على الترشح ويساهم أيضاً بكسر العادات والتقاليد التي ترتكز على الذهنية الذكورية السائدة في العائلة والمجتمع والتركيبة السياسية وفي مراكز صنع القرار، غير أن ما يشكل المفارقة هو ما دلّت عليه الدراسة في <الجهل الكبير لماهية الكوتا النسائية في كل المناطق، وعلى المستويات كافة حتى في بعض الهيئات النسائية>· وفي ختام الدراسة، يخلص القيمون إلى مجموعة من التوصيات العملانية لتفعيل التمثيل النسائي في هذا المجال، فطرحت حلول تتعلق بتحديث وتطوير القوانين، ضرورة إدراج بند إلزامية التعليم لمجمل الفئات المجتمعية، إلغاء كلّ بند يتضمن تمييزاً ضد المرأة في القوانين المرعية الإجراء بهدف تحرير المرأة من القيود التشريعية، إضافة إلى تطوير النظام السياسي الإقطاعي القائم على الطائفية· كما تؤكد الدراسة على ضرورة اعتماد النظام النسبي في الانتخابات لأنه يزيد من فرص نجاح المرشحات النساء، معتبرةً <أن التغيير البنيوي للحالة المجتمعية يبدأ بالقانون الملزم أولاً كمرحلة تحضيرية، ومن هنا ضرورة العمل على إلزامية الكوتا النسائية حتى داخل الأحزاب عبر مطالبة القيادات الحزبية بالكوتا النسائية في مراكز القرار>· وتشدد على ضرورة دعم الحركات المطلبية في هذا الاتجاه وممارسة الضغوط على مراكز القرار في الدولة بهدف تفعيل وجود المرأة داخل الإدارات، بالإضافة إلى القيام بحملات تثقيفية وورش عمل ودراسات مكثّفة متعلقة بالكوتا·> العنف والقوانين المغيَّبة قوانين، مواثيق، مؤتمرات، اتفاقيات··· كلها صدرت لحماية المرأة من العنف الجسدي والمعنوي الذي تتعرض له وعلى الرغم من توقيع بعض الدول العربية على بعض من هذه الإتفاقيات، غير أن التواقيع لم تزل حبراً على ورق، ولم تسنّ التشريعات التي تحدّ من الممارســـات المجحفة بحق النساء والتي تصل في كثير من الأحيان إلى القتل· وإذا اتخذنا سوريا مثالاً لواقع الدول العربية، فيتضح أن العنف ضد المرأة لا ينحصر بأحكام أو تشريعات خاصة، بل يُترك للقاضي بحسب قانون العقوبات السوري العام، أن يقدر عقوبة من يضرب أي شخص آخر، حتى زوجته أو ابنته، بحسب درجة الإيذاء وضمن المواد التي تنظم عقوبة الإيذاء في شكل عام من دون ربطه بالعنف ضد المرأة أو ما ينتجه من آثارٍ سلبية على الأسرة· وفي 17 كانون الأول 1999، أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 25 تشرين الثاني <اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة>، وهو من ضمن سلسلة الأيام الستة عشر المخصصة لحقوق الإنسان ومكافحة التمييز ضد الجنس· وتعرف الوثيقة الصادرة عن المؤتمر العالمي الرابع للمرأة في بكين 1995 CEDAW العنف ضد النساء بأنه: <كل عنف مرتبط بنوع الجنس، يؤدي على الأرجح إلى وقوع ضرر جسدي أو جنسي أو نفسي أو معاناة للمرأة، بما في ذلك التهديد بمثل تلك الأفعال، والحرمان من الحرية قسراً أو تعسفاً، سواء حدث ذلك في مكان عام أو في الحياة الخاصة>· تلتقي شعراني مع كريمة شبو في تأكيدهن على أن مشروع قانون حماية النساء من العنف الأسري هو خطوة مهمة وإنجاز بحد ذاته يحسّن من وضع المرأة، غير أنهن كما باقي النساء اللبنانيات، ينتظرن خروجه كقانون بعض التصويت عليه في مجلس النواب· هذا التأكيد لا يلتقي مع درجة الأمل التي تتمتع بها كل من شبو وشعراني التي تتحدث من خلال تجاربها، إلى عدم إستجابة النواب للحركات النسائية <فهم يقرون بدعمهم للمشروع بالكلام وليس بالفعل>· وتلفت إلى أن المرأة اللبنانية تتعرض كما المرأة العربية لكافة أنواع العنف، نافيةً وجود أرقام وإحصاءات دقيقة لأن النساء المعنفات لا يلجئنَ إلى الجهات المختصة خوفاً على أنفسهن وأسماء عائلتهن· وتعزو أسباب هذا العنف إلى عدم إنتهاج مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة إذ ينظر لها على أنها تابعة وليست مشاركة، رافضةً ما يشاع عن أن الأديان السماوية تحث على هذا النوع من الممارسات تجاه المرأة، فتشدد على أن <الأديان لا تظلم الإنسان وإنما التحريف الحاصل بنصوصها والتوجيه الخاطئ وتجميدها من التطوير، كلها عوامل أوصلتنا إلى هذا الحائط المسدود>، معتبرةً أن قانون العقوبات المدني الذي يحكم في مسائل الزنى وجرائم الشرف وغيرها هو قانونٌ ظالم يمارس العنف ضد المرأة دون وجه حق وإنما متذرعين بالأديان التي لا تجيز العنف والظلم الواقعين على المرأة· شعراني لا تحصر العنف بالعنف الجسدي بل تتعداه للحديث عما تتعرض له النساء اللبنانيات من العنف الذي ينتج عن الطلاق والذي يشرعه القانون المعني، فتلفت إلى أن نسب الطلاق تعدّت الـ 33%، مححدة الآثار الناجمة عنه كالعنف الممارس على المرأة في موضوع الحضانة وحرمانها من أولادها· وتؤكد شعراني أن العنف ضد المرأة المتزوجة يؤثر بشكل مباشر على أولادها جسدياً ونفسياً، لافتةً إلى أن المطالبة بتغيير القانون يهدف إلى حماية المرأة من العنف وأيضاً حماية أولادها· حلم سميرة وأخريات في <الإستئناف>: حلم سميرة سويدان، اللبنانية المتزوجة من أجنبي هو حلم غالبية اللبنانيات المتزوجات من أجنبي، اللواتي ينتظرنَ ثغرة تشق <الجليد> القانوني في تغيير الواقع الذي يمنع اللبنانيات من منح جنسياتهن لأولادهن وأزواجهن· حلم سميرة الذي تحقق في محكمة التمييز مع القاضي جون قزي الذي أعطاها الحق بمنح الجنسية لأولادها سرعان ما تبدد، لتسترجعه محكمة الإستئناف لإعادة النظر في الحكم الذي أثار عاصفة من ردود الفعل السياسية التي وضعته في سياق توطين الفلسطينيين في لبنان وبالتالي الإخلال بالتوازن الطائفي القائم بين المسلمين والمسيحيين· سميرة التي قبّلت الأرض حينما صدر القرار لا تزال مشبّعة بالأمل في أن يصدر القرار لصالحها، فهي <صاحبة الحق> هي وأولادها الذين ولدوا وترعرعوا في لبنان، على الرغم من انهم يحملون الجنسية المصرية من والدهم الذي توفي في العام 1994· في حديثها لـ اللواء>، تصف سميرة نفسها بـ <الوسيلة> التي تريد تحسين وضع هذه الشريحة من اللبنانيات، فهي تشير إلى أنها بدأت هذا الطريق وعلى النساء الأخريات استكمال المسيرة بغية نيل حقوقهن وحقوق أولادهنّ·وتلفت سميرة إلى المأساة التي يعيشها أولادها من جراء تجديد إقامتهم كل سنة وإن عجزت عن إنجاز هذا الإجراء القانوني فإن أولادها يتعرضون للترحيل إلى مصر، مشيرةً بلوعة <ضيّعوني وضيّعوا أولادي>· وفي هذا السياق، تؤكد كريمة شبو أن إعطاء المرأة الجنسية لزوجها وأولادها عليه الكثير من علامات الإستفهام والخطوط الحمراء، متوقفة عند العديد من القوانين البالية والمجحفة بحق المرأة، وأبرزها ما ينص عليه القانون المعمول به حالياً حول الجنسية والصادر عام 1925 أي قبل 18سنة من استقلال لبنان، على أنه <يعد لبنانياً كل شخص مولود من أب لبناني>، متسائلة: <لماذا يجيز القانون للأجنبية التي تقترن بلبناني بحمل الجنسية اللبنانية ومنحها لأولادها الأجانب، بينما لا يحق للمرأة اللبنانية ذلك؟> وتؤكد شبو على أن القرار الذي أصدره القاضي قزي كان إنجازاً على الصعيد القانوني، داعيةً إلى أن يأخذ المشرّعون اللبنانيون المواثيق الدولية المعنية بعين الإعتبار، <فنحن لا نطالب بشيء خارج عن القانون وإنما نحن نناضل لنيل حقوقنا الأساسية>· بدورها، تشير شعراني إلى وجود 73000متضرر جراء منع اللبنانية من منح جنسيتها لزوجها وأولادها، شاكرةً القاضي قزي الذي استغلّ الفرصة لتحقيق العدالة وإحقاق الحق، لافتةً إلى الضغط الذي تعرض له إثر إصدار هذا الحكم نقل من منصبه إلى منصب آخر لمنع أي قاضٍ آخر من إتخاذ هكذا قرارات، وموضحةً إلى أن هذه القضية لا تزال بعيدة عن التغيير المنشود لأنها مرتبطة بالذهنية والنمطية الذكورية السائدة والتي تعتبر المرأة تابعة للرجل· تحقيق: لينا فخرالدين
|
No comments:
Post a Comment