The Lebanese Center for Human Rights (CLDH) is a local non-profit, non-partisan Lebanese human rights organization in Beirut that was established by the Franco-Lebanese Movement SOLIDA (Support for Lebanese Detained Arbitrarily) in 2006. SOLIDA has been active since 1996 in the struggle against arbitrary detention, enforced disappearance and the impunity of those perpetrating gross human violations.

Search This Blog

May 13, 2010

Annahar - Barbar Al Khazen women prison

الخميس 13 أيار 2010 - السنة 77 - العدد 24042
نهار الشباب

مقابلة وجهاً لوجه
"نهار الشباب" يطرق قلوب 4 من نزيلاته
سجن النساء تحوّل من زريبة الى "5 نجوم"
كان من المقرر زيارة سجن النساء في بيروت قبيل عيد الأم الفائت، والتحدث في هذه المناسبة الى عدد من الأمهات من دون التطرق الى الاسباب والظروف التي بسببها دخلن السجن.
وقبل ايام وافقت قيادة قوى الأمن الداخلي والنيابة العامة التمييزية مشكورتين على طلب "نهار الشباب" لإعداد هذا الموضوع، الذي يسلّط الضوء على اوضاع السجينات في لبنان لمعرفة كيف يعشن وماذا يفعلن وكيف يلتقين اولادهن، وخصوصاً ان تقارير المنظمات الانسانية والاجتماعية، اللبنانية والأجنبية، لا تتحدث بايجابية عن السجون عندنا، وابرزها ما يحصل في سجن رومية بسبب الاكتظاظ القائم واعمال الشغب المتواصلة والتي تحصل ما بين شهر وآخر، والتي تدل على حجم المأساة في السجون اللبنانية، ولا تنكر وزارتا الداخلية والعدل والسلطات المعنية هذا الأمر.
ليس كل شيء أسود في السجون، لان سجن بربر الخازن للنساء في العاصمة يقدم بارقة ضوء في عالم هذه الفئة المنسية في غياهب الغرف والظروف المأسوية التي يعيشها رواد هذه الاماكن، سواء كانوا من الذكور ام من الاناث.
قبل ظهر الاربعاء الاخير من نيسان الفائت دخلت الى سجن النساء في بيروت، بتسهيل من مديرته ملاك مراد وآمره الملازم الأول ادي قهوجي.
في الثامنة صباحاً يفتح الباب الرئيسي لهذا السجن وتقوم بعده الحارسات بتفقد السجينات وعددهن نحو 55 يبدأن نهارهن بارتشاف القهوة وتبادل القصص والاحاديث.
ومنذ لحظة اجتيازك الامتار الاولى المؤدية الى غرف السجن تلفتك الجدران النظيفة، وبعض الرسوم والصور وأكثرها يتناول علاقة الأم بأولادها.
وثمة مكتب للحركة الاجتماعية حيث ينشط أفرادها المتطوعون في الوقوف الى جانب السجينات، ويعاونهم طبيب اختصاصي في علم النفس يقدم النصائح اللازمة والمطلوبة ويساعد المحكومات قدر الإمكان على الخروج من ازماتهن والاسباب التي أوصلتهن الى السجن.
وتقوم شابات في الحركة بتعليم السجينات عبر دورات تدريب على اعمال الحياكة والخياطة والتطريز، فضلاً عن دورات لتعليم الكومبيوتر ومحو الأمية.
اثناء تجوالي في السجن لفتتني سجينة وهي تتربع فوق سريرها، والى جانبها مجموعة من الكتب والمراجع إذ بدت وكأنها تعدّ بحثاً جامعياً، فيما كانت جارتها الفيليبينية منهمكة في تسريح شعرها وتمترست رفيقتها الاثيوبية عند النافذة الصغيرة لمعرفة المهمة التي حضرنا من أجلها.
ويصل الطعام المعد لهن في مطبخ سجن رومية، ويسمح لهن باعداد الاطباق التي يريدونها في يوم واحد من الاسبوع في مطبخ يقع في جوار غرفهن، التي بدت عليها مظاهر الترتيب، على عكس الصور المنقولة عن سجون الرجال.
كل واحدة في هذا المكان لها قصتها. اكثر اللبنانيات على تواصل مع عائلاتهن، اما الاسيويات والافريقيات فلا سفارة ولا قنصلية تسأل عنهن ولا من يحزنون. وبالأذن منهن فان "شركة الحيوانات" في عدد من البلدان الاوروبية تهتم بالكلاب والهررة الشاردة في الشوارع اكثر بدرجات من العناية بهذه الفئة من النزيلات في سجون دول العالم الثالث، وما اكثرها، وبغض النظر عن الجرائم التي ارتكبتها.
في كانون الثاني 2004 "تسلّلت" مع وفد رسمي الى هذا السجن (أُبدل مكانه) وكانت تقطن فيه 50 سجينة وكتبت انذاك انه لا يصلح حتى لتربية الطيور، وطلبت الاذن من جمعيات الرفق بالحيوان. ووصف رئيس لجنة الصحة في مجلس النواب عاطف مجدلاني هذا السجن في تلك الزيارة بـ"زريبة" بربر الخازن. كانت السجينات، ومنهن حوامل، في هذا المكان لا يشاهدن الشمس ولا يتمتعن حتى بتنشق الهواء النظيف والروائح المنبعثة تخيم على الاجواء.
حالياً تغيرت الصورة في هذا السجن الذي استضافت اروقته حفلة موسيقية.
"نهار الشباب" التقى اربع نزيلات في سجن النساء ومواصفاته "5 نجوم" مقارنة بالسجون اللبنانية الاخرى بسبب توافر المياه الساخنة في الحمامات المشتركة، فضلاً عن وجود اجهزة التلفزيون والراديو ليواكبن من خلالها ما يحصل في خارج "جمهوريتهن" هذه من أخبار وتطورات.
لم تفشِ كل واحدة منهن بالطبع عن الفعل الذي ارتكبته، ما عدا واحدة سورية.
وتركّز محور اللقاء معهن على علاقاتهن مع اولادهن الذين يدفعون بدورهم في المنزل والمدرسة والمجتمع ضريبة وجود امهاتهم في السجن بفعل عملية قتل او اتجار بالمخدرات او السرقة.
التقاهن "نهار الشباب" وعاد بالشهادات الآتية بعد رحلة 45 دقيقة في ربوع هذا السجن.
رويدا: ترافقني صورة حفيدتي
حضرت رويدا وهي في أوائل العقد الخامس باناقة لافتة، ولا يشعر من يلتقيها بأنها تعيش في السجن منذ خمسة أعوام. وللوهلة الاولى تظن ان هذه السيدة تستعد للتوجه الى أحد المطاعم لتناول الغداء مع صديقاتها.
هي أم لأربعة أولاد كبيرهم في الـ27 وأصغرهم في الـ 16.
تتحدث بطلاقة وتبدو كأنها معلمة في مدرسة تشرح دروساً في التربية تتناول فيها علاقة الأم بأولادها وبناء أسرة صالحة.
وعند ذكر عيد الأم تغسل الدموع وجهها، وتعود الى آخر لقاء جمعها مع أولادها قبل أن تدخل السجن.
ويقدم لها عسكري في هذه الاثناء كان معنا في الغرفة مناديل ورقية، ثم تواصل الحديث عن الشوق الذي يحرق قلبها ويغمرها لتحضن فلذات أكبادها. وتعيش ابنتها المتزوجة خارج لبنان، وعندما تحضر الى بيروت تقصد والدتها في السجن برفقة طفلتها.
آخر جملة سمعتها من آخر حبة في عنقود عائلتها: "ماما أنا اشتقت اليك حتى لو تلقيت منك ضرباً على يدي".
تمضي أوقاتها في السجن في أعمال الحياكة والتطريز على القماش. واشترت قبل عيد الأم الاخير "منشفة" لأحد أولادها ليأخذها معه الى البحر. ورسمت عليها شعار برج الحوت.
تدير باتقان ماكينة الخياطة في السجن، وتدرب رفيقاتها، وتُحصّل مبلغاً من المال جراء هذا العمل.
وتضع رويدا فوق سريرها صورة حفيدتها التي تعيش مع أسرتها في السعودية ولا يتجاوز عمرها الشهور الاربعة. وتقول "عندما أتذكر أولادي أشعر وكأن أحدهم يعمل على خنقي بسبب الاوضاع النفسية القاسية التي تلازمني".
وعند حلول ساعات الليل واطفاء الانوار في غرف السجن "تحضن" رويدا قوارير العطور التي جلبها لها أولادها.
ومتى ستخرجين من السجن؟ تجيب بحروف تخرج بصعوبة من شفتيها: "ربما بعد أسبوع وربما أكثر، لا أعرف لا أعرف".
راغدة: همّي علامات ابني
دخلت راغدة السجن قبل خمسة اشهر وانضمت الى العشرات من المتهمات والمحكومات بأعمال القتل والسرقة وشبكات الدعارة.
وهي تحافظ على رشاقتها وجسمها المعتدل من خلال قيامها بالحركات الرياضية.
وتروي انها لا تتحمل النظر كثيرا في صورة ابنها (11 سنة) وابنتها (7 سنين) وتراهما كل اسبوعين وفي العطل المدرسية بواسطة اختها او عن طريق شقيقة زوجها.
وخاطبها نجلها في آخر لقاء وعمل على التخفيف من اوجاعها: "ماما لا تقلقي وثمة محام سيتابع ملف قضيتك على امل ان تعودي الينا في المنزل".
وتسأله والدته في كل زيارة عن آخر نتائجه في مواد الدراسة، وخصوصا في الرياضيات، وابلغها ان العلامة الاخيرة التي نالها كانت 16 على 20.
ولم تستوعب شقيقته لماذا والدتها موجودة في هذا المكان ولا تتحدث اليها بشيء لأنها مصدومة من هذه الاجواء والمشاهد في السجن.
نجحت راغدة في اجتياز دورة الكومبيوتر وتصفيف الشعر، وهي تشاهد البرامج التلفزيونية في ساعات الفجر.
وتردد "انا حياتي مدمرة من دون العيش مع اولادي، ماذا تنتظرون مني على رغم المعاملة الجيدة التي نتلقاها هنا من ادارة السجن والمشرفين على حياتنا اليومية".
ميادة: صورة أولادي لا تغيب عني
بعكس بقية السجينات اللواتي لم يكشفن اسماء عائلاتهن، سارعت ميادة الى ذكر اسم عائلتها وهي من بلدة بقاعية.
وعندما انتهرها العسكري: "ألم نتفق على عدم التطرق الى الاسماء". أجابته "لا مشكلة لدي".
تتحدث ميادة بطلاقة ايضاً، ولم ينقصها الا سؤال كاتب هذه السطور عن أحوال أسرته. وهي أم لثلاثة صبيان أكبرهم في السابعة، واشترت لهم كمية من الشوكولا عندما قاموا بزيارتها في آخر مرة برفقة جدهم. وتتحدث اليهم بالهاتف من مكتب في السجن عندما تسمح لها الادارة.
وهي تهوى المشاركة في الاعمال اليدوية التدريبية في السجن لأنها مشغولة بالتفكير بأولادها "أنا أم وهؤلاء نازلين من قلبي وهم لا يغيبون عن رأسي".
وعندما طلبت من والدها ان يجلب لها صور أولادها في الزيارة المقبلة، رد عليها: "لشو الصور، غداً تخرجين من السجن وتعودين الى منزلك لتواصلي حياتك معهم".
عزيزة: قتلت زوجي بفخر!
اما قصة عزيزة فهي تختلف عن سائر السجينات. هي سورية (52 سنة) وتبدو في العقد السادس، وامضت في ربوع سجن طرابلس للنساء 11 عاما ثم نقلت الى "مقرها" الحالي، وستخرج بعد شهرين ونصف شهر. وتعد الايام بالدقائق والثواني.
وتروي انها دخلت السجن "بكل فخر واعتزاز" لأنها ساهمت في قتل زوجها عندما حاول اغتصاب ابنتها وهو في حالة سكر شديد وهي ام لعشرة اولاد يعيشون في حلب، ويقيم احدهم في بيروت ويتحدثون اليها عبر الهاتف ويرسلون اليها مبالغ من المال.
وأعدت وهي في سجن طرابلس فستان خطوبة ابنتها الصغرى، واشترت لها القماش المطلوب.
تكتفي عزيزة بهذه الكلمات القليلة وهي على أحر من الجمر لتخرج من السجن "لأحضن احفادي الخمسة وبقية اولادي وأعود الى سوريا بعد مشواري الشاق في لبنان".


رضوان عقيل
(radwan.aakil@annahar.com.lb)

No comments:

Post a Comment

Archives