The Lebanese Center for Human Rights (CLDH) is a local non-profit, non-partisan Lebanese human rights organization in Beirut that was established by the Franco-Lebanese Movement SOLIDA (Support for Lebanese Detained Arbitrarily) in 2006. SOLIDA has been active since 1996 in the struggle against arbitrary detention, enforced disappearance and the impunity of those perpetrating gross human violations.

Search This Blog

February 3, 2011

Assafir - Resolution of the charge sheet of STL - February 03,2011



العناصر المكونة للقرار الاتهامي في المحكمة الخاصة بلبنان
فادي فاضل
تنصّ المادة 68 من قواعد الإجراءات والإثبات في فقراتها (باء) و(دال) و(واو) و(طاء) على ما يلي:
(باء) إذا مكّن التحقيق المدعي العام من الإقتناع بوجود أدلة كافية تظهر أن مشتبهاً به ارتكب جريمة من شأنها أن تدخل ضمن اختصاص المحكمة، يحيل قرار الاتهام إلى قاضي الإجراءات التمهيدية لتصديقه ويرفقه بالعناصر المؤيدة.
(دال) يتضمن قرار الاتهام اسم المشتبه به والمعلومات الشخصية عنه وسرداً موجزاً لوقائع القضية والجريمة المنسوبة إلى المتهم.
(واو) يدقق قاضي الإجراءات التمهيدية في كل تهمة من التهم الواردة في قرار الاتهام وفي العناصر المؤيدة التي قدمها المدعي العام ليقرر إذا كان هناك بصورة أولية أدلة كافية لملاحقة المشتبه به.
(طاء) يجوز لقاضي الإجراءات التمهيدية، نتيجة التدقيق في الطلب المشار إليه في الفقرة (واو):
(1) أن يطلب من المدعي العام أو أن يسمح له بتقديم عناصر إضافية مؤيدة لإحدى التهم أو لجميعها؛
(2) ...
(3) أن يصدّق تهمة أو أكثر من التهم؛
(4) أو أن يردّ تهمة أو أكثر من التهم؛
على أن يعلل قاضي الإجراءات التمهيدية قراره.
فماذا نستخلص من الإعتبارات الواردة أعلاه؟
1- يكتسب القرار الاتهامي الذي يُعتبَر منطلقاً أساسياً للبحث عن «مرتكب محتمل للعمل الإرهابي» صفة أساسية في الإجراءات الجزائية للمحكمة الخاصة بلبنان، حيث يتم اتخاذ عدد من القرارات إنطلاقاً من التدقيق فيه، سواء على صعيد سير الإجراءات القضائية، والإعلان عن القرار الاتهامي وحتى الرجوع عنه وتبليغه للمشتبه به. وبحسب المواثيق التأسيسية للمحكمة الخاصة بلبنان، يُنظّم بحق الشخص التي تقع عليه الإدانة قرار اتهامي يصادق عليه القاضي. وإثر مراجعته، في حال تبيّن للقاضي أن المدعي العام قد حدّد فعلياً أنه على أساس القرائن (وهو ما يُعرَف بالإنكليزية بـ«دعوى ظاهرة الوجاهة») لا بدّ من إجراء ملاحقة، يقوم بتصديق قرار الاتهام، على ألا يقبل قراره أي طعن أو استئناف(1). وتُعرَّف القرائن بأنها عناصر أو أدلة كافية للإثبات المعقول بأن مشتبهاً به قد ارتكب جرماً يدخل ضمن اختصاص المحكمة (2). إشارة إلى أن نطاق الدليل الظاهر (وهو مفهوم غريب على الكثير من الأنظمة القانونية) يتفاوت بشكل ملحوظ بين حالة وأخرى. فعلى الصعيد الدولي، قد يبدو الدليل الظاهر غير كافٍ للوهلة الأولى. فيعتبر أحد القضاة السابقين لدى المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة، السيد ماك دونالد، لمناسبة صدور قرار تصديق أن الدليل الظاهر الذي تشير إليه قواعد الإجراءات والإثبات يؤسس لـ«قرينة تقوم على عناصر موثوقة كانت لتشكل قاعدة صلبة للغاية لإثبات إدانة المتهَم، في حال تعذر على جهة الدفاع التقدم بعناصر مضادة صحيحة»(3). قد يشكل هذا التفسير للدليل الظاهر المستوحى بقوة من باقي المعنى الذي تحمله هذه العبارة في بعض القوانين الوطنية مفاجأة إذا ما جرى استخدامه في إطار المحاكم الجنائية الدولية. فعند تطبيق هذا التفسير بالحرف، قد يوحي بأنه على الدفاع أن يأتي بالضرورة عند المحاكمة بالأدلة المعاكسة لتلك التي تؤكد التهم - لأنه لم يتمكن بعد من دحض ادّعاءات الاتهام -، باعتبار أنها قد اعتُبرت كافية لإثبات إدانته لدى التصديق.
إلا أننا نلحظ برضى أنه في الأحكام التي جرى إصدارها، تجاهلت غرف الدرجة الأولى في المحاكم الجنائية الدولية عمداً قرينة الاتهام التي كان من الممكن إثباتها لدى تصديق قرار الإتهام. وقد تحقق القضاة خلال المحاكمة مما إذا كان المدعي العام قد أثبت التهم، خلال جلسة الاستماع، بغضّ النظر عن أي شك معقول، من دون الإشارة إلى عملية إعادة النظر التي تجري لدى تصديق القرار. وبغياب هكذا إثبات، أُعلنت براءة المتهمين»(4).
2- تقديم المدعي العام لقرار الاتهام
يتعين على القاضي تصديق أو رد قرار الاتهام. ويوفر اجتهاد المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة بعض الإشارات إلى عملية التقديم هذه. وتتلاقى هذه المادة مع «المرحلة المتوسطة» (التقديم للمحاكمة) الخاصة بنظام القانون العام Common Law بالنسبة إلى الجرائم الخطيرة والمزدوجة التي تهدف إلى إحالة المتهَم أمام المحكمة القضائية المختصة؛ ويتعين على المدعي العام إرسال ملفه إلى القاضي الذي يدفعه للمحاكمة، في حال لم تتمّ منازعته؛ غير أنه بإمكان المتهَم إرسال كتاب إلى القاضي لطلب وقف الإجراء مما يحتّم على القاضي التدقيق في الأدلة الواردة في الملف قبل أن يتخذ قراره النهائي التي يجوز للمدعي العام منازعتها فيما بعد. ولا يلحظ نظام المحكمة الخاصة بلبنان أي مادة تسمح للمتهَم بالطلب إلى قاضي الإجراءات التمهيدية إعادة النظر في قراره. كثيرة هي أحكام الإجتهاد التي تحدد هذه النقطة: فالحكم الصادر في 5 تشرين الأول/أكتوبر 1999 عن غرفة الدرجة الأولى للمحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة ينص على أنه كيما «يتمكن المتهَم من تحضير دفاعه، على القرار الاتهامي أن يحدد له بوضوح طبيعة مسؤوليته المفترضة، أي الصفة التي بموجبها يُشتبه بمسؤوليته عن اقتراف الجريمة المنسوبة إليه والوقائع المادية التي يُستند إليها لإثبات مسؤوليته الخاصة. ولا يجوز للقرار الإتهامي أن يسمح ببقاء أي شك يحوم حول ما يدّعي أن المتهَم قد قام به خلال فترة محددة، ولا حول شريكه (أو شركائه) أو الضحية (أو الضحايا) أو دافع (أو دوافع) الجريمة، كما عليه أن يورد مختلف أفعال المتهَم التي تشكل جريمة (أو جرائم) واقعة عليه وتحديد أي شخص آخر قد يكون متورطاً أو متضرراً بما يكفي من الوضوح، عند الإقتضاء». ولا يتعين على المدعي العام إثبات الوقائع التي يدّعيها قرار الإتهام قبل المحاكمة، بل مجرّد إثبات وجود قرائن ضدّ المتهَم وتزويد هذا الأخير بالمعلومات الكافية لجهة طبيعة ملف الاتهام.
ويوضح الحكم الصادر في 5 تشرين الأول/أكتوبر 1999 أنه يجوز للقرار الاتهامي وحده أن يقدم قرائن تبرر اللجوء إلى الملاحقات. وتُعتبَر المحكمة مختصة إذا ذكر قرار الإتهام ما يكفي من الوقائع المادية التي تسمح بإثبات قرائن بحق المتهَم تبرر اللجوء إلى الملاحقات المتصلة بالإدعاء أو الإدعاءات الموجهة ضده. إن اختصاص المحكمة لا يرتبط بمعرفة ما إذا كانت العناصر التي يوفرها المدعي العام إلى قاضي الإجراءات التمهيدية تدعم الادعاء المذكور. وليس في قواعد المحكمة أي مادة تجيز للمحكمة الإبتدائية إعادة النظر بقرار قاضي الإجراءات التمهيدية(5).
ويوضح قرار آخر مؤرخ في 2 أيار/مايو 1999 أنه حيث يثبت أنه يقتضي إجراء ملاحقة في ضوء الوقائع المادية المذكورة والأدلة الداعمة، يجب التصديق على القرار الإتهامي.
ويأتي قرار صادر عن المحكمة الابتدائية في المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة بتاريخ 10 شباط/فبراير 2000 وقرار آخر صادر عن محكمة الاستئناف في 21 تموز/يوليو 2000 لتأكيد ما يلي على صعيد العناصر المكونة للقرار الاتهامي: «يتضمن قرار الاتهام اسم المشتبه به والمعلومات الشخصية عنه وسرداً موجزاً لوقائع القضية والتوصيف الذي تكتسبه». والقرار الصادر بتاريخ 10 شباط/فبراير 2000 ينص بالفعل على أنه: 1) ليس من الضروري أن يتضمن القرار الاتهامي أكثر من سرد موجز لوقائع القضية والتوصيف الذي تكتسبه. ولكن يتعين على الجهة المدعية أن توفر، قدر المستطاع، المعلومات حول مكان وتاريخ وقوع الجرائم المزعومة وهوية الضحايا والمتواطئين المحتملين، بالإضافة إلى الوسائل المستخدمة لاقتراف هذه الجرائم. 2) إن الشكل الذي اتخذته المشاركة المزعومة للمتهَم في جريمة هو تأكيد مهم يجدر عرضه بوضوح في القرار الاتهامي بهدف توضيحه وتوضيح فرضية جهة الاتهام.
ختاماً، لا بدّ من التذكير باعتبارين أساسيين:
- لا يُعتبَر قاضي الإجراءات التمهيدية ذات اختصاص للنظر في جوهر القضية. فهو ليس بصدد قضية يتعين عليه البتّ فيها. ويجوز له بصورة أولية التدقيق بمدى كفاية الأدلة لكي يتقرر إحالة القضية أو عدم إحالتها على المحاكمة أمام المحكمة.
- إن المدعي العام ليس قاضياً ولا جزءاً من السلطة العدلية في المحكمة الخاصة بلبنان، باعتبار أنه أحد فرقاء المحاكمة. ما يعني أن القرار الاتهامي لا يُعتبَر حكماً، بل يختزل وجهة نظر المدعي العام الذي يشكل أحد أطراف القضية. وعليه، يحتفظ المتهَم بقرينة البراءة حتى صدور الحكم النهائي. وقد تمّ التذكير مؤخراً بهذه الناحية بشدة، على صعيد القانون الداخلي، من جانب المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، في حكم مولين الصادر في 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2010، حيث اعتبرت المحكمة أن المدعي العام «ليس قاضياً ولا سلطة عدلية يخولها القانون ممارسة وظائف قضائية»، إذ «لا تتوافر فيه ضمانات الاستقلالية تجاه الأفرقاء». وترى المحكمة أن المدعي العام ليس سلطة قضائية، لأنه جهة ادعاء في الملاحقة الجنائية، وهو تالياً وبالضرورة طرف في القضية.
لا بدّ إذاً من التذكير بمسألة بديهية يبدو أن الرأي العام اللبناني لا يراها من هذا المنظار وهو أن القرار الاتهامي هو بداية العملية القضائية وليس نهايتَها.

([) أستاذ جامعي في القانون الدولي ـ نائب الرئيس للعلاقات الدولية والشؤون الأكاديمية - أمين عام الجامعة الأنطونيّة

الهوامش
(1) النظام الأساسي للمحكمة الخاصة بلبنان، المادة 18، الفقرة الأولى. يُراجَع في هذا الخصوص قضية بردانين، IT 699-36، قرار حول الاستئناف التمهيدي للقرار حول طلب ردّ قرار الإتهام المقدَم بموجب الحكم 72 المؤرخ 16 تشرين الثاني/نوفمبر 1999 وقضية كوفاشيفيش، دعوى رقم IT-97-24، قرار حول طلب جهة الدفاع بردّ قرار الإتهام المعدَّل الذي تمّ تصديقه في 3 تموز/يوليو 1998.
(2) المادة 68 من قواعد الإجراءات والإثبات.
(3) راجع دعوى رقم IT-95-14-1 في المحكمة الدولية ليوغوسلافيا السابقة، تصديق قرار الإتهام المؤرخ في 20 تشرين الثاني/نوفمبر 1995، القاضي ماك دونالد.
(4) آن ماري لاروزا، المحاكم الجنائية الدولية ـ إجراءات وإثبات، PUF 2003، ص.99.
(5) المدعي العام ضدّ رادوسلاف بردانين – قضية رقم IT-99-36-PT غرفة الدرجة الأولى: «قرار حول طلب ردّ قرار الإتهام»- 5 تشرين الأول/أكتوبر 1999.

(مقتطفات من محاضرة ألقيت في محكمة العدل الدولية في لاهاي بتاريخ 2 شباط 2011 - مؤتمر الهيئة العلمية لنشر الثقافة القانونية في العالم العربي)

No comments:

Post a Comment

Archives